Wednesday, September 16, 2020

شفافية النظام القانوني مهمة للمستثمر



عدة عوامل تساهم في تدهور الصنعة القانونية في مصر، منها ما يتعلق بالاتكال على أهل الثقة بدلاًمن أهل الخبرة، ومنها ما يتعلق بعدم توفر الأدوات التي تمكن أهل الخبرة من القيام بواجبهم. فلا يوجد قاعدة بيانات معتبرة تتضمن الوثائق القانونية التي تعد جزءا من الدومين العام سواء الاحكام القضائية (كلها وليس عينة مختارة من أحكام المحاكم العليا) والتشريعات (بدرجاته المختلفة) والمذكرات ذات الصلة، الخ 

المقال التالي كان متاحاً على موقع جريدة الأهرام ثم اختفى، رغم أنه مجرد مذكرة ايضاحية لقانون ألغى وحل محله قانون جديد. أما القانون الجديد، فقد عانيت شخصياً على مدار عام كامل للإطلاع على مضابط جلسات مجلس الشعب الخاصة بمناقشة القانون. فالبرلمان يحيلك الي دار الكتب والوثائق القومية التي بدورها تتحجج بأن عطل فني في دولاب المحفوظات الذي يحتوى على هذا الملف يحول دون الوصول إلي. زرت دار الكتب خمس مرات على مدار ١٢ شهر، واسمع نفس الرد. 

اهل القانون هم بمثابة فريق استطلاع يعتمد عليه المستثمر قبل الدخول في نشاط اقتصادي معين. وعجزهم عن القيام بعملهم يعني عجزهم عن طمأنة المستثمر. قطعاً عندما يسمع اي مستثمر اجنبي يطلب المشورة القانونية بخصوص مسألة في هذا القانون هذا الرد وهو يفكر في الاستثمار في مصر، سيهرب قبل فوات الأوان. والمستثمر الوطني عندما يجد غموضاً في الاطار القانوني الحاكم لقطاع اقتصادي معين، سيهرب بدوره منه قبل فوات الأوان. بعضهم سيعتبر أن هذا الغموض مقصود ومتعمد لمساعدة فئة ما على السيطرة على هذا الاقطاع الاقتصادي ومنع اي منافسة من غيرهم. والبعض قد يرى أن هذا الغموض اهمال يكشف عدم وجود ارادة جادة في حماية الحقوق وانفاذ الالتزامات. نحن بحاجة لتنظيم البيت من الداخل قبل فوات الأوان

على الهامش
في حكم للمحكمة الدستورية العليا
حكمت فيه بعدم دستورية نص تقوم هيئة البريد مقتضاه بمعاقبة من لديه دفترين للتوفير فتستولي لنفسها على أرباح دفتر التوفير الثاني بما يعد مصادرة للملكية الخاصة وينتهك الحق في الادخار
وقالت في حكمها
وإذ كان نماء الأموال التي استولت عليها الهيئة القومية للبريد نتج عن مشاق تكبدها أصحابها مع صبرهم على لأواء العيش، وبالتالي فإنه يتمحض عدواناً جلياً على ملكيتهم الخاصة ومصادرة لها ومساساً بحريتهم في اختيار الطريق الأفضل -وفق تقديرهم- لاستثمار أموالهم، وهو ما يناقض إحدى مكونات الحرية الشخصية التي اعتبرها الدستور حقاً طبيعياً لا يقبل التنازل، كما يمثل انصرافاً عن مفهوم الادخار الذى اعتبره الدستور تكليفاً وطنياً يستوجب الحماية والتشجيع، ويحول بذلك دون تراكم رؤوس الأموال رغم مسيس الحاجة إليها لبناء القاعدة النقدية اللازمة للتطور الاقتصادي المنشود

القضية رقم 105 لسنة 24 ق " دستورية " جلسة 7 / 3 / 2004  باسم الشعب  المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 7 مارس سنة 2004 م ، الموافق 16 من المحرم سنة 1425 ه  برئاسة السيد المستشار / ممدوح مرعى              رئيس المحكمة  وبحضور السادة المستشارين : ماهر البحيري وعدلي محمود منصور وعلى عوض محمد صالح وعبد الوهاب عبد الرازق ومحمد عبد العزيز الشناوي والدكتور عادل عمر شريف .  وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما            رئيس هيئة المفوضين  وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن                        أمين السر  أصدرت الحكم الآتى  فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 105 لسنة 24 قضائية " دستورية "




قضايا و اراء

42007‏السنة 126-العدد2001ديسمبر10‏25 من رمضـان 1422 هــالأثنين

مذكرة حول قانون‏1949‏ ببراءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية
كتب المذكرة الايضاحية عام‏1949‏ المفكر القانوني الراحل
بقلم : د‏.‏ عبدالرازق السنهوري


دعت ضرورات النهوض بالصناعة والتجارة إلي تنظيم حماية الملكية الصناعية‏,‏ فأخذت الدول قبيل القرن التاسع عشر تضع النظم وتسن القوانين التي تكفل تحقيق الحماية علي الوجه الأكمل للعناصرالثلاثة الرئيسية للملكية الصناعية‏,‏ وهي العلامات التجارية وبراءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية‏.‏
ولم يقتصر نشاط الدول في هذه الناحية علي التشريعات الداخلية بل أدي التطور الاقتصادي والتنافس التجاري إلي تنظيم دولي للملكية الصناعية فوضعت اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية‏(‏ في‏20‏ مارس سنة‏1883)‏ ثم عدلت في مؤتمرات بروكسل في‏14‏ ديسمبر سنة‏1900‏ وواشنطن في‏2‏ يونيو سنة‏1911‏ ولاهاي في‏6‏ نوفمبر سنة‏1925‏ ولندن في‏2‏ يونيو سنة‏1934‏ كما أنشيء في برن المكتب الدولي لحماية الملكية الصناعية‏.‏

وظلت مصر منذ بدء حركة التقنين الحديث فيها بمعزل عن تلك الحركة العالمية فخلا التشريع المصري من النصوص المنظمة لهذا النوع من الملكية وكل ما هناك ان المجموعة المدنية الأهلية‏(1883)‏ قد نصت في المادة‏12‏ منها علي أن‏(‏ يكون الحكم فيما يتعلق بحقوق المصانع في ملكية مصنوعاته علي حسب القانون المخصوص بذلك ولا مقابل لهذا النص في المجموعة المدنية المختلطة‏(1875).‏ وكذلك نص قانون العقوبات المصري علي الجزاءات الخاصة بهذا الشأن في المواد‏348‏ و‏349‏ و‏350‏ ولما كان القانون المشار إليه في المادة‏12‏ لم يصدر بعد فقد ظلت النصوص الجنائية معطلة‏.‏
وإزاء هذا النقص في التشريع لم يكن بد من أن يرجع القضاء المختلط الي مباديء العدالة والقانون الطبيعي لتقرير حق المخترع وتحديد نطاقه معتمدا علي المباديء المسلمة في القانون المقارن والاتفاقيات الدولية‏.‏

ووضع في المحاكم المختلطة نظام اداري لتسجيل الاختراعات بطريق الإيداع في قلم الكتاب بغية الوصول الي نوع ولو كان يسيرا من الحماية قائم علي أساس من القانون الطبيعي‏.‏
ولما كان هذا النظام يقصر عن تحقيق حماية الملكية الصناعية بالأوضاع المألوفة فقد أخذت مصر تساير الحركة العالمية وأصدرت القانون رقم‏57‏ لسنة‏1939‏ الخاص بالعلامات والبيانات التجارية‏,‏ ولا يزال مع هذه الخطوة نقص في التشريع المصري فيما يختص بالملكية الصناعية ينبغي سده بحماية الاختراعات والرسوم والنماذج الصناعية‏.‏ ومتي تم لمصر ذلك أمكنها أن تنضم الي الاتفاقية الدولية لحماية الملكية الصناعية‏,‏ وأن تشترك تبعا لذلك في المكتب الدولي ببرن‏.‏

والدول في صدد الملكية الصناعية فريقان‏:‏ فريق يجتمع في تشريع واحد بين عناصر الملكية الصناعية‏(‏ والعلامات التجارية وبراءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية‏)‏ وفريق يوزعها بين تشريعين او اكثر تبعا للظروف المتصلة بالنهضة الاقتصادية والتجارية والصناعية او وفقا لتطور حركة التشريع‏.‏ وقد جمعت الاتفاقية الدولية بين جميع عناصر الملكية الصناعية‏.‏
أما مصر فقد بدأت في سنة‏1939‏ بتشريع مستقل للعلامات والبيانات التجارية‏.‏ وقد رئي في التشريع المرافق لجمع في قانون واحد بين العنصرين الباقيين وهما الاختراعات والرسوم والنماذج الصناعية لما بينهما من علاقة تسوغ هذا الجمع لأن كلا من العنصرين ان هو الا نتاج فكري يستخدم في الصناعة‏,‏ اذ تقوم براءات الاختراع لحماية الصناعة في ذاتها كما يقوم نظام تسجيل الرسوم والنماذج الصناعية لحماية الفن التطبيقي في الصناعة‏,‏ ومناط الحماية بالنسبة إلي كل منهما هو عنصر الابتكار والجدة‏.‏

وقد روعيت في المشروع المرافق أحكام الاتفاقية الدولية للملكية الصناعية باعتبارها نمطا يحتذي وحدا أدني يجب التزامه في التشريع الداخلي حتي إذا ما انضمت مصر الي الاتفاقية كان تشريعها متسقا وأحكام الاتفاقية المذكورة‏.‏
كذلك أخذ المشروع بالمباديء المقررة في التشريعات الحديثة وخاصة التشريع السويسري‏(1907)‏ والتشريع الإيطالي‏(1934)‏ والتشريع الألماني‏(‏ سنة‏1936)‏ والتشريع الفنلندي‏(‏ سنة‏1943)‏ ولم يغفل مع ذلك مراعاة ظروف البيئة ومسايرة أحوال النهضة الصناعية في مصر‏.‏

وهناك نظامان رئيسيان فيما يتعلق ببراءات الاختراع‏:‏ أحدهما النظام الفرنسي وهو يقوم علي حرية منح البراءة بمجرد الايداع دون فحص او معارضة والثاني النظام الإنجليزي وهو يقوم علي منح البراءة بعد الفحص الدقيق للتحقق من توافر العناصرالموضوعية التي يستلزمها القانون في الاختراع مع فتح باب المعارضة‏.‏
وبين هذين النظامين نظم وسطي تتدرج من النظام الفرنسي الي النظام الانجليزي منها التشريع السويسري والتشريع البولوني اللذان أخذا بنظام الإيداع بشروط خاصة‏,‏ والتشريع المجري والتشريع اليوغسلافي اللذان زادا عن التشريعين المشار إليهما فتح باب المعارضة للغير قبل منح براءة الاختراع‏,‏ وتشريع كندا وتشريع الولايات المتحدة الأمريكية وقد أخذ بنظام الفحص للتحقق من توافر عنصر الجدة مع عدم جواز المعارضة وهما يقتربان من النظام الانجليزي واخيرا التشريع الألماني الذي ساير النظام الانجليزي في الأخذ بنظام الفحص للتحقق من توافر عنصر الجدة مع فتح باب المعارضة للغير قبل إصدار البراءة‏.‏

وفي الأخذ بالنظام الفرنسي عيب جوهري اذ انه يمنح براءات الاختراع بمجرد الايداع مما يؤدي الي منح براءات عن اشياء لا تعتبر اختراعا بالمعني يستاهل من المشروع الحماية القانونية ولا وجود لهذا العيب في النظام الإنجليزي إذ هو يقتضي لمنح البراءة فحصا سابقا وتحقيقا دقيقا تقوم عليهما أداة حكومية تتوافر لديها الوسائل الفنية اللازمة ولها تقاليدها وخبرتها في مختلف العلوم والفنون‏.‏
لذلك أخذ الفكر التشريعي في البلاد المختلفة يعدل عن نظام الإيداع البسيط وينزع نحو الأخذ بنظام الفحص السابق‏.‏

وإذا كان من غير الملائم أن تأخذ مصر وهي في إبان نهضتها الصناعية بالنظام الفرنسي الذي بدأت الدول تعدل عنه كما انه ليس من الميسور عملا أن تبدأ بالأخذ بالنظام الانجليزي‏(‏ وها هي إيطاليا بعد أن عدلت نظامها في سنة‏1934‏ من الإيداع إلي الفحص السابق لم تتمكن من تطبيق النظام الأخير جملة واضطرت إلي تأجيل تنفيذه‏)‏ اذا كان ذلك كذلك فقد رئي اتباع طريق وسط لهذا آثر المشروع أن يحتذي المشرع في الأخذ بطريقة الإيداع المقيد بشروط خاصة ولكنه زاد عليها فتح باب المعارضة للغير كما هو الشأن في قوانين المجر ويوغسلافيا وجنوب إفريقيا‏,‏ وبذلك يمكن تحقيق بعض نتائج نظام الفحص الكامل وقد توخي المشروع أن يكون بالأداة الحكومية القائمة علي تنفيذه لجنة تفصل في المنازعات المتعلقة ببراءة الاختراع مع إجازة الطعن أحيانا في قراراتها أمام القضاء‏.‏
والنظام المقترح يؤدي الي تدريب الأداة الحكومية وتكوين نواة من الفنيين تمكن في المستقبل من الأخذ بالنظام الإنجليزي المعتبر في المجال الدولي نظاما نموذجيا‏.‏

أما فيما يتعلق بالرسوم والنماذج فإن سائر الدول ما عدا انجلترا تكتفي بمجرد الإيداع لدي الأداة الحكومية المختصة دون إجراء أي فحص سابق‏.‏ وقد ساير المشروع في حماية الرسوم والنماذج الصناعية هذا الاتجاه التشريعي العام فأخذ بنظام الإيداع البسيط إذ مهما تكن أهمية الرسم أو النموذج في المجال الصناعي فإنها لا ترقي إلي درجة براءات الاختراع في الأهمية‏.‏

والمشروع يتضمن ثلاثة أبواب‏:‏ الباب الأول وهو خاص ببراءات الاختراع والباب الثاني‏:‏ بالرسوم والنماذج الصناعية‏,‏ والباب الثالث‏:‏ في الأحكام المشتركة‏.‏