Wednesday, August 26, 2020

معاقبة الناخبين والحقوقيين وافلات المغتصبين والقاذفين



أربع وقائع بينهم رابط
الأولى عن معاقبة الناخبين لعدم ممارستهم "حق الانتخاب" في انتخابات مجلس الشيوخ
الثانية عن معاقبة حقوقي لممارسته لحقه في التعبير عن رأيه الذي يتعلق بأداء سلطة عامة
الثالثة عن هروب سبعة من تسع متهمين في قضية اغتصاب بالفيرمونت على مدار الشهر الماضي
الرابعة عن قضية سب وقذف موظف عام لم يتم التحقيق الجاد فيها على مدار أكثر من عامين

العلاقة بينهم أن العدالة الجنائية في مصر بحاجة إلي إصلاح جذري
ما هي أولويات مرفق العدالة
وهل التحديات التي يواجهها هذا المرفق تتعلق بالأدوات التي يستخدمها والحاجة الي التكنولوجيا
أم تتعلق بأشخاصه والحاجة الي التقييم والتقويم وتحسين الأداء
كيف آل بنا الحال إلي هذا الوضع المهترئ
الجهات المفترض بها إنفاذ القانون ونشر الوعي الصحيح به في المجتمع
تعمل بلا كلل على زيادة الجهل وقتل الوعي القانوني
فهل وصل بنا الجهل إلي أن نعتقد فعلاً أن امتناع شخص عن ممارسة حق له هو بمثابة جريمة
أو ممارسة شخص آخر لحقه في التعبير عن رأيه يصل إلي حد اعتباره من أشد الجرائم جسامة وعقوبة
أو منظومة العدالة الجنائية التي انتفضت لجريمة تنمر بشخص لم تلحظ تداول تفاصيل جريمة اغتصاب لمدة شهر
أو أن هذه المنظومة التي تدرك أهمية كل دقيقة في الاثبات وبناء الأدلة لم تلحظ هدر الوقت وأثره في ضياع الحقوق المؤتمنة عليها أمام الله

الواقعة الأولى

No photo description available.





قرر مجلس إدارة الهيئة الوطنية للانتخابات برئاسة المستشار لاشين إبراهيم نائب رئيس محكمة النقض، اليوم الأربعاء، إحالة جميع الناخبين الذين تخلفوا عن التصويت في الجولة الأولى من انتخابات مجلس الشيوخ،إلى النيابة العامة لاتخاذ شؤونها.
وعقد مجلس إدارة الهيئة الوطنية للانتخابات برئاسة المستشار لاشين، اليوم الأربعاء، اجتماعا لبحث آليات تطبيق أحكام قانون مباشرة الحقوق السياسية على كل ناخب تخلف عن أداء الواجب الوطني والإدلاء بصوته في انتخابات مجلس الشيوخ 2020، وانتهى المجلس إلى إعداد كشوفا بأسماء كل ناخب يحق له الإدلاء بصوته وتخلف عن هذا الحق.
وأكد مجلس إدارة الهيئة الوطنية أن الدولة المصرية وفرت كل الإمكانيات والتجهيزات اللازمة لنزول الناخبين من أجل ممارسة حقهم السياسي في التصويت بالجولة الأولى من انتخابات مجلس الشيوخ، واتخذت الهيئة الوطنية للانتخابات كل الإجراءات الاحترازية التي من شأنها حماية أطراف العملية الانتخابية والناخبين من جائحة كورونا، واستعدت اللجان لاستقبالهم، ونبهت مرارا وتكرارا بضرورة النزول إلا أن البعض تقاعس عن أداء دوره وواجبه الوطني في المشاركة وهو ما انتهى إليه مجلس إدارة الهيئة بإحالة جميع من تخلفوا عن الاقتراع بتحويلها إلى النيابة العامة لاتخاذ ما يلزم في هذا الشأن.
وبتطبيق مقتضي المادة 57 من قانون مباشرة الحقوق السياسية الصادر برقم 45 لسنة 2014 وتعديلاته بمعاقبه الناخب المتخلف عن الإدلاء بصوته بغرامة لا تجاوز 500 جنيه.




الواقعة الثانية

الحكم على بهي الدين حسن بالسجن 15عاماً: مزيد من استهداف الحقوقيين مصر القاهرة العربي الجديد 25 اغسطس   اتهم حسن بـ"نشر أخبار كاذبة والتحريض ضد الدولة

عقدت الجلسة برئاسة المستشار محمد السعيد الشربيني، وعضوية المستشارين وجدي عبد المنعم والدكتور على عمارة.

" () قضت الدائرة 5 إرهاب، المنعقدة بطرة، جنوبي القاهرة، بالسجن المشدد 15 عاماً غيابياً، على الحقوقي البارز بهي الدين حسن، رئيس مركز القاهرة لحقوق الإنسان -منظمة مجتمع مدني مصرية تعمل من فرنسا نظرًا للتضييقات الأمنية على المجتمع المدني في مصر- لاتهامه بنشر أخبار كاذبة والتحريض ضد الدولة، وإهانة القضاء. ووجهت النيابة العامة إلى حسن، فى القضية رقم 5370 لسنة 2020 جنايات الدقي، المقيدة 91 لسنة 2020 حصر أمن دولة، تهمة "قيامه بإنشاء حساب على مواقع التواصل الاجتماعي، وإذاعة وبث أخبار كاذبة من خلاله، والتحريض على العنف، وإهانة السلطة القضائية". وفي 19 سبتمبر/أيلول 2019، أصدرت إحدى المحاكم المصرية حكمًا غيابيًا على بهي الدين حسن بالسجن 3 سنوات وغرامة 20 ألف جنيه، في القضية رقم 5530 لسنة 2019 جنح عابدين، عقابًا له على رأي أبداه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، انتقد فيه تخلي النائب العام عن دوره كوكيل عن المجتمع، وانحياز النيابة العامة للأجهزة الأمنية في مواجهة المواطنين، وذلك في سياق تضامن حسن مع الأديب المصري علاء الأسواني بعد الاعتداء السافر على حقوقه كمواطن مصري بمطار القاهرة الدولي في مارس/آذار 2018. عصام العريان-مصطفى الشيمي/الأناضول مصر مصر: مطالبة بتحقيق دولي في وفاة العريان ومعتقلين بأماكن الاحتجاز كانت النيابة قد اتهمت حسن بـأنه أذاع "عمدًا أخبارا من شأنها تكدير الأمن العام وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة، ونشر عبارات من شأنها الانتقاص من السلطة القضائية والحط من قدرها، والادعاء كذبًا بتخلي النائب العام عن دوره في حماية المجتمع والتصدي لخرق القانون"، وذلك بسبب تغريدة كان نصها: "لم تعد مهمة النائب العام في مصر هي وقف انتهاكات الداخلية.. بل صار دوره هو إضفاء الصفة القانونية والقضائية على هذه الجرائم، ولقد تخلى عن دوره كنائب عام يحمي المجتمع ليصير حاميا للاعتداء المنظم اليومي عليه"، مرفقة بها تفاصيل توقيف الأسواني في مطار القاهرة وتفتيشه وحاسبه الشخصي، ومصادرة رواية "الغريب" للأديب العالمي ألبير كامو الحاصل على جائزة نوبل، دون سند قانوني لذلك. في الأثناء، أصدر مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، بيانًا علّق فيه على الحكم الصادر غيابيًا بحق مديره بهي الدين حسن، وأعلن من خلاله أن "التهديدات الأمنية وأدواتها القضائية لن تثني الحقوقيين عن مواصلة دورهم في حماية حقوق المصريين". ودان مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الحكم الغيابي الصادر اليوم، واعتبره "خطوة تصعيدية تستهدف الانتقام من بهي الدين حسن، بسبب نشاطه الحقوقي، وإرهابه لإثنائه عن مواصلة دفاعه الممتد لأكثر من ثلاثة عقود عن حقوق المصريين الفردية والجماعية". وأضاف المركز: "يأتي ذلك التطور في سياق حملة أشمل تتواصل منذ 6 سنوات تستهدف الانتقام من الحقوقيين المصريين بالداخل والخارج، وترهيبهم لإثنائهم عن فضح الجرائم الجسيمة لحقوق الإنسان في مصر". وتستهدف السلطات المصرية الحقوقيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وأصحاب منظمات المجتمع المدني منذ الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو/تموز 2013. وجاءت عقوبة الحبس في صدارة الانتهاكات التي تعرض لها المدافعون عن حقوق الإنسان، سواء باستمرار حبسهم من العام السابق، أو إدانتهم بأحكام سجن، أو انضمام أسماء جديدة لمدافعين لقائمة سجناء الرأي. وكذلك، توسعت السلطات المصرية في إصدار قرارات المنع من السفر لعدد من رموز المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر، وتم تسجيل 93 حالة منع من السفر لمدافعين عن حقوق الإنسان عام 2019 فقط في القضية السياسية المعروفة بـ"خلية الأمل"، أبرزهم المحامي الحقوقي زياد العليمي، والصحافيان هشام فؤاد وحسام مؤنس، والخبير الاقتصادي عمر الشنيطي، والحقوقي حسن بربري، وآخرون. كما أن المنع من التصرف في الأموال كان أحد طرق النظام للضغط على العاملين بالمجال الحقوقي، وهو نهج مستمر ويزداد الممنوعون من التصرف في أموالهم.

وافتتح «الشربينى» جلسة النطق بالحكم قائلًا: «بسم الله الذي خلق الوجود فأحكمه، ووهب الإنسان عقلا فعلمه وفهمه، وبسط الأرض للخلائق كل يبتغي مطلبه، وأنشئ بحكمته وقدرته ميزان لا تجهل الأناسي من ذلك مقصده ميزان عدل بين يدي عزته يوم القيامة لا تخفي عنه خافية وميزان صدق في الدنيا»، مشيرًا إلى أن «رؤوس الفتنة ما تركت مؤسسة من مؤسسات مصر الوطنية إلا وتناولتها بألسنة من جهنم، وهي تحاول الآن أن تنال من قضاء مصر، وتحاول أن تطعن العدالة بقصد الإخلال بالأمن العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر وما ذلك إلا وهم وسراب يحسبه الجاهل نصرا وما الله بغافل عما يعمل الظالمون».  وأضاف: «أفلا يعلموا أن القاضي لسان حرية الشعوب ومنشأ استقلالها القاضي نفسه أبية وسيف الحق بتار وملجأ أمن لأهل الله وأهل المظالم.. أيها القضاة أنكم نسيج مصر الحارس الأمين ..أما أولئك الذين تركوا وطنهم مصر وراءهم وابتاعوا لأنفسهم مكانات في السفه والجهالة واتخذوا من أعداء وطنهم عضدا فكانوا ليس إلا مطي لمأربهم لتقويض الأمن والاستقرار في مصر، ولكن هيهات من الاستقواء بالخارج وبالكيانات المناوئة للوطن واتخاذ منصاتهم منابرهم يبثون منها أفكارهم الخبيثة وهو شكل من أشكال الخيانة العظمى».



الواقعة الثالثة

 النيابة عن «قضية الفيرمونت»: 7 من أصل 9 متهمين هربوا خارج البلاد قبل تقديم البلاغ كتابة مدى مصر 26 أغسطس 

أعلنت النيابة العامة هروب سبعة من المتهمين في واقعة «التعدي على فتاة»، المعروفة بـ«اغتصاب الفيرمونت» خارج مصر، واستمرار ملاحقة اثنين آخرين، أحدهما متهم في قضية مماثلة اطلعت النيابة على تسجيل مصور لها، وذلك في بيان نشرته صفحتها على فيسبوك قبل قليل، مؤكدة أنها تتخذ الإجراءات القضائية اللازمة لملاحقة الهاربين دوليًا.  وغادر المتهمون البلاد عبر مطار القاهرة، في أيام متفاوتة أواخر يوليو الماضي، أي قبل أيام من تقدم المجني عليها ببلاغ رسمي إلى المجلس القومي للمرأة، ومباشرة النيابة تحقيقاتها في القضية، والتي بدأت في 4 أغسطس الجاري، بحسب البيان، فيما أشارت النيابة إلى إنها أدرجت من توفرت بياناتهم من المتهمين على قوائم المنع من السفر وترقب الوصول بمجرد تلقيها البلاغ، ثم أدرجت الباقين عند توفر بياناتهم.  النيابة اعتبرت أن نشر صور وأسماء المتهمين عبر شبكات التواصل الاجتماعي كان السبب في تحذيرهم ودفعهم للهروب قبل مباشرة التحقيقات، مطالبةً بـ«ضرورة الالتزام بالإبلاغ عن الشكاوى والوقائع وتقديمها مع الأدلة عليها إلى النيابة العامة وسائر أجهزة الأمن ومؤسسات الدولة المختصة»، و«تجنب تداولها بمواقع التواصل لمن لا علم لهم ولا اختصاص، بما يؤثر سلبًا في سلامة التحقيقات والأدلة فيها».  وعلى الرغم من هذا، أشارت النيابة إلى أنها تنظر ما يستوجب التحقيق في الوقائع التي يُروج لها على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث تتخذ بصددها «الإجراءات القانونية المقررة دون المساس بالحريات من غير دلائل، وبعد توافر القدر اللازم من المعلومات التي تتيح البدء في تلك الإجراءات».  كانت القضية ظهرت إلى العلن أواخر الشهر الماضي، عبر صفحة «شرطة الاعتداءات» Assault Police، والتي كانت قد تبنت سابقًا حملة ضد أحمد بسام زكي، المحبوس حاليًا لاتهامه بالتحرش والاعتداء الجنسي بعشرات النساء. وطلبت الصفحة شهادات أخرى ومعلومات من الشهود عن «قضية الفيرمونت»، لكنها اضطرت للغلق تمامًا بعد تهديدات بالقتل تلقاها القائمين عليها، قبل أن تظهر صفحات أخرى داعمة للقضية تحاول نشر ما يُعرف من معلومات، مثل صفحة «مغتصبون»، و«Cat Calls of Cairo».  وبحسب الشهادة التي نشرتها صفحة Gang Rapists of Cairo، إحدى الصفحات الرئيسية التي تتبنى هذه الحملة، قام ستة أشخاص، على الأقل، في 2014، بتخدير الناجية باستخدام مخدر GHB وخطفوها إلى غرفة بالفندق وتناوبوا على اغتصابها، وحفروا الحروف الأولى من أسمائهم على جسدها، ثم صوروا الواقعة، وتداولوها فيما بينهم وبين معارفهم كنوع من التباهي.  وأشارت الصفحة إلى شهادات بأن هذه الحادثة قد لا تكون الوحيدة، وطلبت ممن لديه معلومات أو فيديو الجريمة أن يتقدم به إلى النيابة كدليل إدانة للمغتصبين، وأن يتم التوقف عن تداوله حماية لحقوق الناجية.  وأصدر المجلس القومي للمرأة بيانًا في 29 يوليو الماضي، قال فيه إنه تابع التهديدات التي تلقاها مسؤولو هذه الصفحات، مطالبًا من تلقى تهديدًا بإبلاغ المجلس أو النيابة.  فيما أصدر فندق «فيرمونت نايل سيتي» بيانًا في 31 يوليو، قال فيه إنهم يتابعون ما يتم تداوله عن «واقعة قد تكون وقعت بالفندق»، وإن الفندق تواصل مع المجموعات المسؤولة عن تداول هذه الأخبار لتقديم الدعم والمساعدة، وإنهم مستعدون للتعاون مع السلطات في حال فتح تحقيق رسمي.


الواقعة الرابعة
منذ تقديم بلاغ في يونيو ٢٠١٨ الي مكتب النائب العام بخصوص واقعة سب وقذف حاول الصحفي من خلالها نشر شائعة تتعلق بموظف عام وتتعلق بعمله، إلا أنه بعد مرور ما يزيد عن العامين وحتى اليوم لم تتخذ النيابة العامة إجراء جاد، بل إجراءات استعلام عن موقع الكتروني واستعلام عن مقر الصحيفة وجلسة غير رسمية مع الصحفي المتهم





أخيراً - نختم برسالة وردت في  مقال للدكتور عمرو الشوبكي تُعبر عن حالنا
لا بتخاف ولا تختشى 
عمرو الشوبكي الأربعاء 26-08-2020 01:33 18

  تعقيبًا على مقال الأسبوع الماضى «سلوك مواطن» تلقيت هذا التعليق المتميز من الأستاذ أحمد لطفى أحمد لطفى، كبير معلمى فيزياء الطيران، ومستشار الشركة البريطانية للطائرات العسكرية لشؤون التدريب الفنى- سابقًا- جاء فيه:  إن «الإنسان ابن نظامه»، يتأثّر بالنظامِ الاجتماعى والسياسى السائدِ فى بلده بحيثُ يصبح ابنًا «بـارًا» أو عاقًا له أو مُتمردًا عليه؟ ولكن كيف؟  الناس يا سيدى فى هذا العالم صنفان، الأولُ أكثرُ تحضرًا وتمدنا حتى إن مُجرد التفكير فى الغِشِّ أو المخالفة أمرٌ لا يَرِدُ فى الذهِن، هؤلاء نَصِفُهم بأنهم «ناس بتختشى»، أما الصنفُ الثانى فهو أقل من السابقِ فى التحضُّرِ، ولا مانع حقيقيًا لديه أو وازع قويًا عنده من أن يُقْدِم على الغِشِّ والخداعِ ويتخذ من الفهلوة سُلوكًا ومِنهجًا ويعتادُ المخالفة، إلا أن القانونَ الصارِمَ الرادِعَ يمنَعه من التعدِّى على الآخرين أو انتهاكِ حقوقِهم والتدليس عليهم، ابتداءً بالغِشِّ فى البيعِ والشراءِ، وليس انتهاءً بالغِشِّ فى الامتحاناتِ، فنقول عن هؤلاءِ «ناس بتخاف».  فى الدول التى نعتبِرُها الأكثر تحضُّرًا ونُطلِقُ عليها متقدمة، تهتمُ الأنظمةُ هناك بـ«زراعة الإنسان»- إن جاز التعبير- فتغرِسُ بُذورًا سليمة وجيدة فى تُربة المجتمع وترعاها بالتهذيبِ، أى التعليمُ والتثقيفُ ونشر الوعى، فتنمو وتُنْبِتُ مواطنين صالحين وجيدين وشُرفاء، ثم يتولى النظام إكمالَ العناية بها فينتِجَ منها «شتلات» جديدة تُثْمِرُ أجيالًا أخرى تحمل جيناتِ الأجيالِ الأولى وتورِثُها وهكذا، ومن هذه الأجيال القويّة العفيّة تتكون طبقاتُ المجتمع من القمةِ إلى القاعِ.  النتيجةُ المُؤكدةُ هنا أن مجتمعاتِ رَبَتّ أبناءَها على هذا النحوِ لابُد وأن تجِد لمواطنيها «كودًا أخلاقيًا» يُبعدُهم عن مُجردِ التفكيرِ فى غِشِّ الآخرين أو ارتكابِ أى مخالفةٍ مهما صغُرت، فاعتناءُ النظام بتربيةِ مواطنيه لا يختلف عن اعتناءِ الأبِ بتربية أولاده، فالشعوبُ تُربى كالأبناءِ لا فرق.  طبعًا لا يعنى ذلك أن البشرَ هناك ملائكةٌ، لكن القانون رادِعٌ ويُطبقُ بصَرامة على الغشاشين والمُخالفين والمجرمين، ولكن يبقى القانونُ الشخصى أو«الكود الأخلاقى» سابقًا دائمًا على القانونِ الوضعى، ولهذا قلنا عنهم «ناس بتختشى».  أما الناسُ الآخرون، الأقلُّ تقدمًا وتحضرًا فإن الأنظمةَ فى بُلدانِهم لم تعتنِ بتنشئتِهم بل قُل لم تُربِّهم من الأساس، ربما لانشغالها بأمورٍ تراها أكثر أهمية، فأنبتتْ زرعًا مختلفًا ألوانه وأشكاله، عُودُه واهِنٌ، وطعمُه كريِهٌ، فنشأت أجيالٌ مُخفِقةٌ أخلاقيًا، هشةٌ دينيًا، جاهلةٌ ثقافيًا وباهتةٌ فكريًا.  بيئةٌ كتلك ستُفرِزُ مواطنين بلا «كود أخلاقى» هنا يكونُ القانونُ الوضعى هو السَابِق، هذا إن تم تطبيقه، ولهذا نقولُ عن هؤلاءِ إنهم «ناس بتخاف».  ولأن القانونَ ليس حاضِرًا فى مجتمعاتنا بقوة، وإنما هو زائرٌ موسِمى عابر، لا يأتى إلا «بدعوةٍ خاصة»، فأصبح كثير منا ليس لهم «كود أخلاقى» يحميهم ذاتيًا، ولا قانونٌ وضعى يردَعُهم، يعنى: «ناس لا بتخاف ولا بتختشى»!
  amr.elshobaki@gmail.com