Thursday, August 22, 2019

القانون سلاح ذو حدين




الأصل أن القانون هو أداة حل المشكلات في المجتمع، فبدلاً من أن يقتتل الناس في الشوارع لإقتضاء حقوقهم، يقوم القضاء بهذا الدور وهو إعطاء كل ذي حق حقه. لو لم يوجد قضاء لديه القدرة على فهم المشكلة والبت فيها بجدوى وفعالية، فإن ما يصدر عنه ليس قانون يحل مشكلة في المجتمع ويحق الحق، بل مجرد قرار يضيّع الحقوق والحدود الفاصلة بينها ويخلق فوضى في المجتمع، فهو لم يفعل سوى أن صرف المتقاضين من أمامه بمشاكلهم ليبحثوا لها عن حل آخر على هواهم أو على هوى صاحب قرار آخر أكثر جدوى ونفوذ من القضاء 

لذا فإن مهمة القاضي لا يمكن اختزالها في مجرد تطبيق النصوص التشريعية، بل دوره هو تحقيق العدالة. والنصوص أداة مساعدة للقاضي، لكنها ليست نهاية المطاف، وعلى القاضي إلتزام بفهم المشكلة وفهم القانون والوصول لحل لها. القانون ليس نصاً وحيداً، بل شبكة ضخمة من النصوص تترابط فيما بينها، وتكمّل بعضها البعض. لو أن للقاضي نظرة قاصرة، لجهل أو لتقصير، استغلق عليه فهم المشكلة وفهم القانون. والقانون هنا لا يعني النصوص التشريعية، فهي لا تتجاوز كونها مجموعة تروس صغيرة في آلة ضخمة 

ولذا فإن مصلحة المجتمع تستوجب التأني في تعيين القضاة، وعدم اختيار من يستغلق فهمه للواقع وللقانون. فإن تم اختيار محدود الفهم رغم ذلك، لجهل أو لتقصير أو لمصلحة خاصة لصاحب القرار، فإن المختار يختزل عمله القضائي في تطبيق حرفي للنصوص التشريعية التي يستوعبها بدلاً من الابتكار لحل مشكلات المجتمع بنص وروح القانون. حينها يغيب عن القانون فعاليته، ويفقد القضاء رؤيته وبصره وبصيرته، وتصبح النصوص التشريعية والأحكام القضائية ساطور جزار يمزق لا مشرط جراح يعالج. ويصبح القانون هيكلاً أو شكلاً خالياً من المعنى أو الجوهر. فالقانون إن لم يهدف لتحقيق المصلحة العامة للمجتمع، أتجه نحو تحقيق المصلحة الخاصة لفئة معينة 

أتمنى أن تُعيد إدارة التفتيش القضائي تعريف دوره وتعريف أدوات قياس الفعالية القضائية في ضوء الواقع القانوني الذي نعيشه، فالواقعية القانونية هي ما تربط القانون بواقع المجتمع واحتياجاته