Thursday, August 22, 2019

انقضاء الحزب الوطني والواقعية القانونية




من أهم أهداف المدرسة القانونية الواقعية أو التحليل الواقعي للقانون هو تطبيق القانون نصاً وروحاً. ففعالية القانون تكمن في جدواه في حل مشكلات المجتمع. وحل هذه المشكلات يبدأ بوجود نص، ولكن الأمر لا يتوقف فقط عند وجود النص، بل تفسيره بما يحقق الهدف منه أو الجدوى، أي فهم روح القانون. ولعلنا ندقق النظر في رسالة القضاء للفاروق عمر بن الخطاب في قوله (الفهم الفهم). هذا هو جوهر الوظيفة القضائية: فهم الواقع (أو المشكلة الواقعية) وفهم النص (أو جدواه وروحه). وبدون هذا الفهم يصبح الأمر مجرد عملية روتينية للفصل في الأنزعة وليس قضاء، ويصبح الشخص القائم بذلك هو موظف وليس قاضي، ويصبح دوره هو تطبيق النص التشريعي، وليس فهم النص (التشريعي أو الدستوري أو القرآني بحسب فهمه للواقع المعروض عليه). إذن ليس كل أصدر حكماً في نزاع يٌعد قاضياً بحق، حتى وإن تولى ولاية القضاء، وفي هذا الصدد يمكن فهم حديث الرسول-ص- القضاة ثلاثة
القضاة ثلاثةٌ قاضيانِ في النارِ وقاضٍ في الجنةِ فأما الذي في الجنةِ فرجلٌ عرفَ الحقّ فقضَى بهِ فهو فِي الجنةِ ورجلٌ عرفَ الحقَ فلم يقضِ به وجارَ في الحُكمِ فهو في النارِ ورجل لم يَعرِفِ الحق فقضَى للناسِ على جهلٍ فهو للنارِ

تذكرت كل ذلك وأنا أطالع حكم المحكمة الإدارية العليا المصرية عام ٢٠١١ بانقضاء الحزب الوطني الديمقراطي أشارت فيه إلي الواقع القانوني الذي أستدعي منها إصدار حكمها، قالت فيه
وأيا كان الأمر فإن الواقع القانوني والفعلي يتحصل في أن السلطة التشريعية بمجلسيها كانت واقعة تحت الأغلبية المصطنعة للحزب المذكور عن طريق الانتخابات التي شابتها مخالفات جسمية علي مدار السنوات الماضية

حسناً فعلت المحكمة الموقرة، فهي قامت بفهم الواقع وفهم القانون، وطبقت القانون نصاً وروحاً، لحل مشكلة عويصة في المجتمع، وأعملت فهمها القضائي بإقتدار، ولم يستغلق عليها فهم الواقع والنص، والاأهم -فهم دورها القضائي






حكم المحكمة الإدارية العليا بحل الحزب الوطني ٢٠١١