Saturday, April 27, 2019

دعم الصادرات ودعم التعليم



هناك زيادة في قيمة الدعم المالي الموجه لزيادة الصادرات من ٤ مليار الي ٦ مليار في الميزانية الجديدة، بالرغم من أن هذا الدعم لم يسفر أصلاً عن زيادة الصادرات. من الأفضل توجيه هذا الدعم نحو البرامج التعليمية التي يمكن تسويقها في الداخل والخارج،  أي في مخرجات لها جاذبية في سوق العمل المحلي والدولي





Saturday, April 20, 2019

الدفع بعدم دستورية تعديلات الدستور




المقال التالي يهدف إلي استخدام ادوات التحليل الواقعي للقانون لتقييم موقف المدعين في دعوى تم رفعها بشأن التعديلات الدستورية محل استفتاء الناخبين المصريين عليها في ابريل ٢٠١٩

 كنت أتمنى أن يدفع أحدهم بعدم الدستورية أثناء نظر مجلس الدولة للدعاوى المتعلقة بالاستفتاء والتي أنتهت بحكم المحكمة الإدارية العليا بعدم القبول. النزاع لم يقتصر فقط على ما اعتبرته المحكمة عمل تنفيذي (دعوة الناخبين) ولكنه يمتد إلي العمل التشريعي الصادر من البرلمان والذي تقوم بشأنه عدة شبهات قوية في مخالفة الدستور. هناك شبهة تتعلق بما رددته المادة ٢٢٦ من الدستور من عدم جواز تعديل المواد المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية ما لم يكن التعديل متعلقاً بالمزيد من الضمانات. وهناك شبهة قوية تتعلق بما رددته المادة ١٥٧ -والتي تتعلق بمبدأ يتعلق بالاستفتاء وهو التصويت على الموضوعات -عند تعددها- كل على حدة، -هامش أ- ولا يغير من هذا الحكم الدستوري كونه ورد في مادة تتعلق بدعوة رئيس الجمهورية الناخبين للإستفتاء. فلا يقال هنا ان ذلك الحكم غير منصوص عليه في المادة ٢٢٦ المتعلقة بتعديل الدستور، والرد على ذلك هو أن هذه الضمانة الدستورية مقررة لتبين إرادة الناخبين التي يتم التعبير عنها من خلال التصويت في الاستفتاء أياً كان موضوع هذا الاستفتاء، خاصة في ضوء المادة ٢٢٧ والتي تقرر مبدأ هام هو أن مواد الدستور تكمل بعضها البعض، فتنص على أن "يشكل الدستور بديباجته و جميع نصوصه نسيجاً مترابطاً، وكلاً لا يتجزأ، وتتكامل أحكامه فى وحدة عضوية متماسكة." ومن ناحية ثالثة -،هي ليست الأخيرة- هناك شبهة قوية في مخالفة الدستور لمبدأ دستوري مستقر في أحكام القضاء الدستوري المصري والمقارن وهو سمو الجهة التأسيسية على سلطات الحكم، فالجهة التأسيسية للدستور تعلو السلطتين التشريعية والتنفيذية وهما من خلقها وينبثقان عنها ويلتزمان دوماً بالقيود التي فرضتها- خاصة في الحالات التي لا تتم فيها الأعمال المصاحبة للاستفتاء على نحو واف ونزيه. ولعل ما قررته المحكمة العليا السويسرية - كما أوضح لنا الدكتور محمد عبد العال عضو هيئة التدريس بحقوق الاسكندرية والحاصل على الدكتوراه في القانون من الولايات المتحدة الأمريكية- في شهر ابريل ٢٠١٩ ما يؤكد ذلك. حيث  قضت ببطلان نتيجة الاستفتاء الشعبى بخصوص التعديل الدستورى المتعلق بالمساواة فى الضرائب بين المتزوجين وغيرهم من المتساكنين. المحكمة أبطلت الاستفتاء على سند من أن الشعب السويسرى لم يتم إعلامه بفحوى التعديلات بشكل واف ونزيه






ولعل في مقال الدكتور خالد فهمي استاذ التاريخ بالجامعة الأمريكية ما يفيد المهتمين بالتحليل الواقعي لنصوص الدستور المتعلقة بنظام الحكم على مدار عدة حقب زمنية، لذا اقتبس المقال كاملاً فيما يلي

Khaled Fahmy19 April 2019 at 3:52 PMليه لازم ننزل ونصوت بـ "لا" في الاستفتاء؟
التعديلات الدستورية اللي هنستفتي عليها الأسبوع الجاي من أخطر التعديلات اللي مرت علينا طول تاريخنا الدستوري.
اللي يقرأ نصوص دساتيرنا من أول دستور ٢٣ مش هيتعب في اكتشاف إن دساتيرنا كلها كانت بتوضح وتوسع من صلاحيات الدولة، ورئيس الدولة تحديدا، سواء كان ملك أو رئيس جمهورية، أكتر من كونها بتحمي المواطن أو بتدافع عن حقوقه.
لكن كله كوم، والتعديلات المطروحة علينا دا الوقت كوم تاني.
التعديلات في جوهرها بتتعلق بثلاث حاجات:
١. تمديد مدة رئاسة السيسي علشان يفضل في الحكم لسنة ٢٠٣٠ (المادة ١٤٠ و٢٤١ مكرر) وإعطاؤه حق تعيين ثلث أعضاء مجلس الشيوخ الجديد (مادة ٢٥٠)
٢. السماح للقوات المسلحة بالتدخل في السياسة (يعني القيام بانقلاب عسكري) بدعوى "صون الدستور والديمقراطية والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها" (المادة ٢٠٠)
٣. القضاء على استقلال القضاء، ودا عن طريق إعطاء السيسي حق تعيين رؤساء الجهات القضائية (مادة ١٨٥)، وحق تعيين رئيس المحكمة الدستورية (مادة ١٩٣) وحق تعيين النائب العام (مادة ١٨٩) وتقليص دور مجلس الدولة في مراجعة القوانين (مادة ١٩٠).
الملاحظ في التعديلات دي إنها ما بتخصناش، إحنا كشعب. ما فيش كلام عن حقنا في التعليم ولا الصحة ولا الحياة الكريمة ولا الخصوصية ولا حقنا في حكم نفسنا بنفسنا (اللهم إلا مادة ١٠٢ المتعلقة بكوتة المرأة في مجلس النواب).
إحنا كشعب مش معنيين بالتعديلات دي. ولا التعديلات دي تخصنا أصلا.
دي تعديلات في طبيعة علاقة أجهزة الدولة بعضها ببعض، وخاصة علاقة مؤسسة الرئاسة بالجيش.
دي علاقة قديمة ومأزومة ولها تاريخ طويل يبدأ من أول ما ضباط يوليو قاموا بانقلابهم سنة ١٩٥٢.
مهم إننا نتعرف على ملامح الأزمة التاريخية دي من غير دخول في تفاصيل.
باختصار، عبد الناصر وزمايله من الضباط الأحرار وقعوا في حيص بيص بعد ما نجحوا في انقلابهم ليلة ٢٣ يوليو. التخلص من الملك سهل. والقضاء على الوفد برضه سهل. حتى التخلص من الإنجليز ومن الإخوان كان سهل.
المشكلة الأكبر كانت الجيش اللي هم نفسهم جم منه. السؤال الصعب كان: إزاي نضمن، بعد نجاحنا في الانقلاب، إن الجيش ما ينقلبش علينا إحنا؟ دا ما كانش سؤال نظري، إنما كان سؤال ملح. سوريا اتعمل فيها ثلاث انقلابات في سنة واحدة، سنة ١٩٤٩، يعني قبل انقلاب يوليو بثلاث سنين بس. (وبالتالي فشعار "علشان ما نبقاش زي سوريا" شعار قديم وله تاريخ طويل).
الحل كان "تأمين الجيش"، يعني منع الجيش من إنه ينقلب على ضباط الانقلاب. ودا تم عن طريق إحالة عدد كبير من كبار الضباط للتقاعد، والقبض على كتير غيرهم، وأهم من دا ودا، تسليم الجيش لواحد منهم، علشان "يأمنه". وطبعا والواحد دا كان عبد الحكيم عامر، الضابط الإمعة اللي عبد الناصر صمم على ترقيته أربع رتب دفعة واحدة علشان يبقى قائد الجيش.
والنتيجة؟ النتيجة كانت إن عبد الحكيم حول الجيش لعزبة ليه ولأصحابه، وأسس فيه قاعدة لشعبيته ولمعارفه، وكون "دولة داخل الدولة" باستخدام مصطلحات وقتها، ومنع عبد الناصر ومؤسسة الرئاسة من التحكم في الجيش. وفضل الحال على ما هو عليه من سيطرة عبد الحكيم على الجيش وسيطرة عبد الناصر على الرئاسة لحد ما البلد اتقسمت اتنين: عبد الناصر عنده الشارع، وعبد الحكيم عنده الجيش. عبد الناصر رئيس الجمهورية، وعبد الحكيم رئيس الجمهورية بشَرطة. وطلعت النكتة الشهيرة إن ج. ع. م. اللي هو الاسم المختصر للجمهورية العربية المتحدة، هو في الحقيقة اختصار لـ "جمال، عبد الحكيم، مناصفة".
التناحر دا بين مؤسسة الرئاسة ومؤسسة الجيش أدى لمحاولة كل مؤسسة منهم إنها تنشئ أجهزة أمنية واستخباراتية خاصة بيها، وكل جهاز يتجسس على التاني. فالمخابرات الحربية بتاعت عبد الحكيم تتجسس على عبد الناصر، فيقوم عبد الناصر بتأسيس مكتب الرئيس للمعلومات والتنظيم الطليعي في الاتحاد الاشتراكي علشان يتجسس على عبد الحكيم.
والنتيجة؟
كارثة ٦٧.
بعد الكارثة دي، الرئاسة أخيرا عرفت تهزم الجيش، وعرفت تفرض سيطرتها عليه. أخيرا تمكن عبد الناصر من التخلص من المشير ورجالة المشير، وعرف يعين رجالته هو في الرتب العليا في الجيش، وأصبح الجيش تابع للرئاسة مش خارج عن سيطرتها. وبدأ النظام من وقتها في الاعتماد على الداخلية لحمايته من الشعب. فمش صدفة إن عبد الناصر أسس قوات الأمن المركزي اللي هي جزء من الشرطة سنة ١٩٦٨ لما نزلت المظاهرات تهتف ضده بعد الأحكام المخففة بتاعت محكمة الطيران.
السادات كمل اعتماده على الشرطة لحماية نظامه، وكان من أهم علامات الاعتماد دا تعيين ممدوح سالم، وزير الداخلية السابق، رئيس وزرا سنة ١٩٧٥.
ولكن الأهم هو نجاح السادات في إقصاء الجيش من أي دور أساسي في الحكم، حتى بعد انتصار أكتوبر. فكل قادة أكتوبر اتمنعوا من استثمار انتصارهم العسكري وتحويله للعمل السياسي. مين مننا يقدر يذكر اسم أي قائد من قادة العبور عرف يبني لنفسه كارير سياسي اعتمادا على سجله العسكري؟ محمد صادق؟ إسماعيل علي؟ كمال حسن علي؟ الجمسي؟ الشاذلي؟
وعلشان يضمن ولاء ضباط الجيش ليه أنشأ السادات سنة ١٩٧٩ جهاز الخدمة الوطنية للقوات المسلحة اللي سمح للجيش إنه ينشئ شركات خاصة بيه معفاة من الضرايب ومن الرقابة البرلمانية أو الإدارية أو الصحافية، بدعوى تعزيز الاكتفاء الذاتي للجيش، وإنما في الحقيقة علشان يعطى لضباط الجيش مزايا ووظايف بعد ما يتحالوا ع المعاش.
لما تولى مبارك الحكم بعد اغتيال السادات فضلت العلاقة المأزومة دي بين الرئاسة والجيش من أهم ملامح رئاسته العقيمة الل امتدت تلاتين سنة. العلاقة المأزومة دي ناس كتيرة عبرت هنا باستخدام مصطلح "علاقة الرئيس بالمشير"، واللي كان أهم فصل من فصولها علاقة مبارك بعبد الحليم أبو غزالة، واللي انتهت بعزل الرئيس للمشير سنة ١٩٨٩
بعد مؤسسة الرئاسة ما نجحت في القضاء على المشير أبو غزالة نجح مبارك أخيرا في إقامة سلام بارد مع مؤسسة الجيش عن طريق ثلاث وسائل: ١. تعيين المشير طنطاوي كوزير دفاع مضمون ومطيع؛ ٢. توسيع صلاحيات جهاز الخدمة الوطنية لضمان ولاء ضباط الجيش؛ ٣. توسيع صلاحيات الداخلية وأمن الدولة تحديدا تحت رئاسة حبيب العادلي علشان تكون قطب مناوئ للجيش. لكن فضل الجيش مُستَبعد من مركز الحكم.
كل دا واحنا قاعدين.
إحنا، كشعب، ما لناش لا في الثور ولا في الطحين. أسياد البلد بيتخانقوا فيما بينهم على مين ياخد إيه. الجيش عرف يبنى امبراطورية اقتصادية بعرقه (مش بدمه)، والشرطة توسعت في سيطرتها علشان عارفة إن أمن النظام مرتبط بيها هي.
لحد ما وقعت الواقعة.
في ٢٥ يناير ٢٠١١، بعد ستين سنة من بداية الصراع بين الرئاسة والجيش والداخلية، أسياد البلد فجأة انزعجوا لدخول عنصر رابع: الشعب.
الناس لما نزلت في ٢٠١١ أسياد البلد اتخضوا، واعتبروا إن ثورة يناير شكلت تهديد وجودي ليهم أكتر من التهديد اللي شكلته إسرائيل سنة ٦٧.
"انتم مين؟" دا كان لسان حال أسياد البلد لما شافوا الجماهير في الشوارع والميادين. "إيه اللي وداهم هناك؟"
الناس لما نزلت عرفت تزعزع ركنين من الأركان الثلاثة بتاعت دولة يوليو العقيمة: الداخلية يوم ٢٨ يناير، والرئاسة يوم ١١ فبراير.
لكن الركن الثالث استعصى عليهم. الجيش فضل رابض في الدرة لحد يوليو ٢٠١٣ لما لقى فرصة ذهبية لاستعادة مكانته المميزة اللي فقدها في ٦٧.
لكن المرة دي الغرض مش إنشاء دولة داخل الدولة، إنما السيطرة على الدولة بكل مفاصلها.
دا الوقت الجيش مسيطر على الرئاسة، والداخلية بقت تابعة وخاضعة ليه.
المشكلة في حاجتين: القضاء اللي ممكن يعك الطبخة ويغير من موازين القوى، ولو بشكل طفيف.
وشوية الميت مليون مصري اللي تجرأوا وطالبوا بإن يكون ليهم صوت في إدارة البلد، قال إيه بدعوى إنهم مواطنين وأصحاب البلد الحقيقيين.
من هنا ممكن نفهم هدف التعديلات الدستورية دي. الغرض أعمق وأخطر من السيسي. الغرض هو التخلص من رواسب الفكرة الجمهورية برمتها.
دولة يوليو، زي ما اتقال كتير، كانت من يومها جمهورية بلا جمهور.
لكن من حين لآخر الجمهور دا بيحاول يثبت وجوده ويعمل راسه براس أسياد البلد. حصل دا في ١٩٦٨، وفي ١٩٧٢، وفي ١٩٧٧، وفي ١٩٨٦، وفي ٢٠١١.
وبالتالي لازم نحط حد لمحاولات الحثالة دي إنها تهدد استقرار البلد. لازم حل حاسم يغير من طبيعة النظام الجمهوري كله.
شبه الدولة دي اللي بتفتح المجال للناس إنها تتعالى على أسيادها لازم تتحول لدولة لها سيادة وهيبة.
وعلشان دا يحصل لازم الرئاسة والجيش والداخلية ينصهروا في بوتقة واحدة بشكل يوحد طوايف الدولة ويقويها.
ولازم القضاء يلزم مكانه.
وقتها الميت مليون مصري ممكن يتحكموا ويتقمعوا زي العبيد.
لكن فيه مشكلة صغيرة.
علشان التعديلات دي تتم، لازم نطلب من العبيد دول إنهم ينزلوا الشارع، يمكن لآخر مرة في حياتهم، علشان يعطونا الحق في التخلص منهم.
الصحافة كممناها. والبرلمان وضبناه. النقابات أممناها. الجامعات ضيعناها. جمعيات حقوق الإنسان نسفناها.
فاضل بس القضاء اللي ممكن الناس تحتمي بيه. وفاضل كمان الضوء الأخضر اللي لازم نعطيه للجيش علشان يتدخل في السياسة زي ما هو عاوز.
هو دا الهدف من التعديلات الدستورية.
علشان كده تحديدا لازم ننزل ونقول لأ، بكل قوة وبأكبر عدد. لأن ببساطة التعديلات دي معناها إننا نبقى عبيد بلا دية.


انتهي اقتباس مقال الدكتور خالد فهمي

قد تتفق أو تختلف معه فيما أنتهى إليه. لكن الهدف ليس الإتفاق أو الإختلاف في النتائج ولكن تتبع التحليل التاريخي لظاهرة قانونية -وهو مهم لأغراض التحليل الواقعي للقانون- انعكست على شكل نظام الحكم الذي قررته عدة وثائق دستورية خضعت لعدة تعديلات، وقد سبق لي محاولة توضيح ذلك فيما يخص المركز الدستوري للرئيس -هامش رقم١- او مؤسسة الرئاسة كما يوضح دكتور خالد فهمي، وكذلك المحكمة الدستورية العليا- هامش رقم ٢- والتي يقع عليها واجب وطني في تقييم ما يجري تقييم قانوني علمي للمصلحة العامة التي تسعى إليها الدولة- هامش رقم ٣- في ظل مبدأ خضوع الدولة للقانون الأسمي وهو الدستور


هامش أ- قارن بما يراه الأستاذ بهاء أبو شقة -عضو اللجنة التأسيسية ٢٠١٢، عضو مجلس النواب و رئيس اللجنه التشريعيه - في حواره في  حلقة يوم 16 فبراير 2019 من برنامج على مسئوليتي- الدقيقة ثلاثون، حيث يرى سيادته أنه لا يوجد سوابق في مصر ولا في باقي دول العالم ولا سند قانوني يستدعي الاستفتاء - على كل مادة على حدة. متاح على الرابط التالي
https://www.youtube.com/watch?v=_nwTbCESTeA

هامش رقم ١- دكتور أدهم حشيش، دور الرئيس المصري القادم، مدونة ديوان العدالة للدكتور أدهم حشيش، فبراير ٢٠١٤، متاح في الرابط التالي
https://adhamhashish.blogspot.com/2014/02/blog-post.html

هامش رقم ٢- دكتور أدهم حشيش، المحكمة الدستورية قاضي السياسات، مدونة ديوان العدالة للدكتور أدهم حشيش، ٦ فبراير ٢٠١١، متاح في الرابط التالي 
https://adhamhashish.blogspot.com/2011/02/blog-post.html

هامش رقم ٣- دكتور أدهم حشيش، لمصلحة من تعمل الدولة، مدونة ديوان العدالة للدكتور أدهم حشيش، ١٧ ابريل ٢٠١٩، متاح في الرابط التالي
https://adhamhashish.blogspot.com/2019/04/blog-post_17.html



طريقة الإشارة المرجعية لهذا المقال
دكتور أدهم حشيش، الدفع بعدم دستورية تعديلات الدستور، مدونة ديوان العدالة للدكتور أدهم حشيش، ٢٠ ابريل ٢٠١٩، متاح في الرابط التالي
https://adhamhashish.blogspot.com/2019/04/blog-post_20.html

Friday, April 19, 2019

عدلي منصور حذرنا من جماعات المصالح



بدأت عملية الاستفتاء على التعديلات الدستورية في خارج مصر اليوم الجمعة بعد أن قضت المحكمة الإدارية العليا المصرية بعدم قبول الدعوى المشار إليها أدناه -ودعاوى أخرى- لإنتفاء القرار الإداري واعتبرت أن قرار دعوة الناخبين للاستفتاء ليس قراراً ادراياً بل هو عمل تنظيمي. تذكرت خطاب الرئيس القاضي عدلي منصور عند تسليمه السلطة إلي الرئيس السيسي، حيث جاء في خطابه

اولا- لا إحتكار ولا مساومة
 لَنِ تَرَى مِصرُ احْتِكَاراً لِلوَطنِ أو الدِّينِ بَعدَ الْيَومِ .. واعْلَمُوا أَيضاً أنَّهُ لَنْ يُسَاوِمَ أَحَدٌ الشَّعبَ مَرَّةً أُخرَى عَلَى الْخُبزِ مُقَابِلَ الْكَرَامَةِ .. ولا عَلَى الْأَمْنِ مُقَابِلَ الْحُرِّيـَّةِ.. فَسَيَأتِي الْخُبزُ بِكَرامَةٍ مَا دُمْنَا اهْتَدَينَا بِالْعَمَلِ سَبِيلاً .. فِي وَطنٍ خَيرَاتُهُ بَاتَتْ لِأَبنَائِهِ.. وسَيَأتِي الْأَمْنُ مَا دَامَتْ الْحُرِّيـَّةُ الْمَسئولَةُ ضَامِنَةً لَهُ ولِبَقَائِهِ بِفَضلِ غِيرَةِ ووَطَنِيَّةِ الْمِصرِيين

ثانيا- الحذر من جماعات المصالح
الَّتِي تَوَدُّ أنْ تَستَغِلَّ الْمُناخَ السِّياسِيَّ الْجَديدَ لِطَمْسِ الْحَقائقِ.. وغَسْلِ السُّمعَةِ .. وخَلْقِ عَالَمٍ مِنَ الاِسْتِفادَةِ الْجَشِعَةِ.. يُمَكِّنُ هَذِه الْفِئاتِ مِنِ اسْتِعادَةِ أَيَّامٍ مَضَتْ.. يَوَدُّ الشَّعبُ الْمِصرِيُّ ألَّا تَعودَ أبدا



المقال التالي منشور بخصوص الدعوى المعروضة على المحكمة الإدارية العليا
رقم ٦٨٠٢ لسنة ٦٥ قضائية

عاجل - "مد فترة الرئاسة وسريانها بأثر رجعي عصف بمبدأ سيادة الشعب وسيادة الدستور" من نص عريضة دعوى تطالب بوقف الاستفتاء
- التعديلات الدستورية تمثل آثاما سياسية ودستورية لا يمكن أن تكون محلا للاستفتاء

- مد فترة الرئاسة وسريانها بأثر رجعي عصف بمبدأ سيادة الشعب وسيادة الدستور

- التعديلات تعرض القضاء لمحنة شديدة الوطأة عندما تنشق الصفوف وتتنافس لتقدم قرابين الطاعة والولاء

- مجلس النواب تقتصر سلطته على تعديل الفرعيات ولا ترقي إلي الاجتراء علي سيادة الشعب بتقويض أسس الدستور

قدم الدكتور محمد نور فرحات وعصام الإسلامبولي المحاميان بالنقض والإدارية العليا والدستورية العليا كوكلاء عن الدكتورعبد الجليل مصطفي، والدكتورة كريمة الحفناوى، وأحمد فتحي السيد، والدكتور زهدي الشامي طعنا أمام المحكمة الإدارية العليا يطالب بوقف الاستفتاء وطلب الطاعنون أن يجري التصويت على التعديلات الدستورية المقترحة مادة مادة وليس جملة واحدة .

وقال نص الطعن إن الدستور ليس مطية تعدل نصوصه وفق الهوى والغرض ولغير صالح الشعب. وأن التعديلات التي سيستفتي الشعب عليها ليست مجرد تعديلات للدستور تجري وفق ضوابطه،  بل هي انقلاب علي الدستور يقوض أسسه وأهدافه ومراميه مما يمثل انتهاكا  له، وحنثا بالقسم الذي أقسمه نواب الشعب علي احترامه. واعتبر التعديلات آثاما سياسية ودستورية لا يمكن أن تكون محلا للاستفتاء.

واوضح الطعن أن التعديلات عصفت بمبدأ سيادة الشعب وسيادة الدستور. وأن تطبيق التعديل بمد مدة الرئاسة إلي ست سنوات على واقعة قانونية منقضية بأثر رجعي غير جائز، لأن الأثر الرجعي للتشريع يجب ألا يمس مراكز قانونية اكتملت قبل نفاذ النص التشريعي. وأن المركز القانوني للرئيس المنتخب قد اكتمل فعلا واستقر بإعلان نتيجة انتخابات 2018. ويصبح مد الولاية إلي ست سنوات اعتداء علي نص دستور نافذ وعلي إرادة الناخبين التي اتجهت لانتخاب الرئيس سنوات أربع سنوات فقط.

وأضاف الطعن: لو أجيزت هذه التعديلات تتيح للرئيس أن يترشح بعد انتهاء ولايته الحالية التي امتدت بموجب نص المادة 241 مكرر إلى ست سنوات،  لولاية ثالثة مدتها ست سنوات أيضا. وهذا مخالف لصريح النصوص الحاكمة للتعديلات التي تحظر تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب الرئيس ( مادة 226)

كما أن التعديلات بخصوص القضاء تستهدف إعطاء غطاء دستوري للقانون رقم 13 لسنة 2017 المطعون فيه بعدم الدستورية، والطعن متداول أمام المحكمة الدستورية العليا، بما يمثل تدخلا سافرا في شئون العدالة،وهو مايعد جريمة وفقا لنص المادة لا تسقط بالتقادم وفقا لنص المادة 189 من الدستور، كما أن الاختيار الذي سيتم على أساسه تعيين رؤساء الجهات والهيئات القضائية سيترتب عليه أن المؤسسة القضائية العريقة التي تباشر سلطتها كواحدة من السلطات الثلاث المنبثقة من سيادة الشعب، سوف تتعرض لمحنة شديدة الوطأة عندما تنشق الصفوف وتتنافس لتقدم قرابين الطاعة والولاء لمن يملك الاختيار لأن القضاة بشر وليسوا ملائكة معصومين ، فيكون الثمن انهيار هذا الكيان بكل ما فيه .

وقالت صحيفة الطعن أنه إن كان لمجلس النواب أن يطلب ويقترح تعديل الدستور ويطلب استفتاء الشعب علي ذلك ، فإنه وباعتباره كيانا أنشأه الدستور ذاته يجب أن تقتصر سلطته في التعديل علي الفرعيات والجزئيات التي لا ترقي إلي مرتبة الاجتراء علي سيادة الشعب بتقويض أسس الدستور كما ارتأته السلطة التأسيسية الأصلية التي وضعت الدستور ووافق عليه الشعب .والقول بغير ذلك يسلمنا إلي نتيجة تأباها دولة المشروعية وسيادة القانون وسيادة الشعب ، وهو أن تتغول السلطة المتفرعة عن الدستور ( البرلمان ) علي الدستور ذاته الذي هو أساس وجودها ومنشؤها  .

واستنكرت صحيفة الطعن قيام واضعي مقترح التعديلات الدستورية بجعل الجيش طرفا في المعادلة السياسية وما يتبع ذلك من آثار مدمرة علي مجمل الحياة السياسية والدستورية المصرية

وهذا نص الطعن

تقرير طعن

أنه في يوم الخميس الموافق 18 / 4 /2019

حضر أمامنا أنا / مراقب شئون المحكمة الإدارية العليا

الأستاذ / أشرف عز الدين محمود المحامي بالإدارية العليا عن الأستاذ/عصام عبد العزيز الإسلامبولي، والدكتور/ محمد نور فرحات وحامد متولي جبر المحامين بالنقض و الإدارية العليا والدستورية وكلاء عن الأستاذ الدكتور/عبد الجليل مصطفي البسيوني، والدكتورة / كريمة محمد الحفناوى، والسيد/ أحمد فتحي محمد السيد، والدكتور/ زهدي زكي الشامي

ومحلهم المختار مكتب الأستاذ/ عصام الإسلامبولي المحامى بالنقض عمارة ستراند 183 شارع التحرير- باب اللوق القاهرة

وقرر أنه يطعن علي القرار الصادر من رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات بدعوة الناخبين للاستفتاء علي التعديلات الدستورية رقم 26 لسنة 2019 و الصادر بتاريخ 17 إبريل 2019 وذلك أولا : فيما تضمنه من استفتاء الشعب علي بعض من نصوص هذه التعديلات

وهي علي سبيل الحصر:

١- المادة ١٤٠ فقرة أولى (مستبدلة): ينتخب رئيس الجمهورية لمدة ست سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه ، و لا يجوز أن يتولى الرئاسة لأكثر من مدتين رئاسيتين متتاليتين.

٢- المادة 241 مكررأ (مضافة):تنتهي مدة رئيس الجمهورية الحالي بانقضاء ست سنوات من تاريخ إعلان انتخابه رئيسا للجمهورية في عام 2018، و يجوز إعادة انتخابه لمرة تالية.

٣- المادة ١٨٥ (مستبدلة): تقوم كل جهة أو هيئة قضائية على شئونها ، و يؤخذ رأيها في مشروعات القوانين المنظمة لشئونها، وتكون لكل منها موازنة مستقلة، و يعين رئيس الجمهورية رؤساء الجهات والهيئات القضائية من بين أقدم سبعة من نوابهم ، و ذلك لمدة أربع سنوات أو للمدة الباقية حتى بلوغه سن التقاعد أيهما أقرب، و لمرة واحدة طوال مدة عمله ، و ذلك على النحو الذي ينظمه القانون . ويقوم على شئونها المشتركة مجلس أعلى للجهات و الهيئات القضائية يترأسه رئيس الجمهورية وعضوية رئيس المحكمة الدستورية العليا ورؤساء الجهات والهيئات القضائية ورئيس محكمة استئناف القاهرة , والنائب العام ,

ويكون للمجلس أمين عام , يصدر بتعينه قرار من رئيس الجمهورية للمدة التي يحددها القانون وبالتناوب بين الجهات أعضاء المجلس. ويحل محل رئيس الجمهورية عند غيابه من يفوضه من رؤساء الجهات والهيئات القضائية.ويختص المجلس بالنظر في شروط تعيين أعضاء الجهات و الهيئات القضائية، وترقيتهم وتأديبهم ، ويؤخذ رأيه في مشروعات القوانين المنظمة لشئون هذه الجهات والهيئاتوتصدر قراراته بموافقة أغلبية أعضائه علي أن يكون من بينهم رئيس المجلس.

٤- المادة ١٨٩ فقرة ثانية (مستبدلة)و يتولى النيابة العامة نائب عام يصدر بتعيينه قرار من رئيس الجمهورية من بين ثلاثة يرشحهم مجلس القضاء الأعلى من بين نواب رئيس محكمة النقض أو الرؤساء بمحاكم الاستئناف أو النواب العموم المساعدين ، و ذلك لمدة 4 سنوات ، أو للمدة الباقية حتى بلوغه سن التقاعد أيهما أقرب و لمرة واحدة طوال مدة عمله.

٥- المادة ١٩٠ (مستبدلة)مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة يختص دون غيره بالفصل في المنازعات الإدارية و منازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه ، كما يختص بالفصل في الدعاوي والطعون التأديبية، وقرارات مجلس التأديب , ويتولى الإفتاء في المسائل القانونية للجهات التي يحددها القانون , التي تحال له , ومراجعة مشروعات القوانين و القرارات ذات الصفة التشريعية ، ومراجعة مشروعات العقود التي يحددها ويحدد قيمتها القانون , وتكون الدولة أو أحدي الهيئات العامة طرفا فيها , ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى.

٦- المادة ١٩٣فقرة ثالثة (مستبدلة) : ويختار رئيس الجمهورية رئيس المحكمة الدستورية من بين أقدم خمسة نواب لرئيس المحكمة، و يعين رئيس الجمهورية نواب رئيس المحكمة من بين اثنين ترشح أحدهما الجمعية العامة للمحكمة، ويرشح الأخر رئيس للمحكمة . ويعين رئيس هيئة المفوضين و أعضاؤها بقرار من رئيس الجمهورية بناء على ترشيح رئيس المحكمة و بعد أخذ رأي الجمعية العامة للمحكمة و ذلك كله على النحو المبين بالقانون.

٧- المادة ٢٠٠ فقرة أولى (مستبدلة)القوات المسلحة ملك للشعب ، مهمتها حماية البلاد والحفاظ على أمنها و سلامة أراضيها وصون الدستور والديمقراطية، والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها ، ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد ، والدولة وحدها هي التي تنشئ هذه القوات، و يحظر على أي فرد أو هيئة أوجهة أو جماعة إنشاء تشكيلات أو فرق أوتنظيمات عسكرية أوشبه عسكرية.

8 ـ المادة 204 فقرة ثانية (مستبدلة) ولا يجوز محاكمة مدني أمام القضاء العسكري إلا في الجرائم تمثل اعتداء على المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة أو ما في حكمها والمنشآت التي تتولى حمايتها، أوالمناطق العسكرية أو الحدودية المقررة كذلك ، أو معداتها أو مركباتها أو أسلحتها أو ذخائرها أو وثائقها أو أسرارها العسكرية أو أموالها العامة أو المصانع الحربية أو الجرائم المتعلقة بالتجنيد، أو الجرائم التي تمثل اعتداء مباشرا على ضباطها أو أفرادها بسبب تأدية أعمال وظائفهم.

مدخل

نفتتح هذا الطعن بكلمات خالدة للعظيم الراحل رائد الفقه المصري الحديث الرئيس الثاني لمجلس الدولة الدكتور العلامة عبد الرزاق السنهوري في وصيته المنشورة بمجلة مجلس الدولة العدد الأول 1950 مرددا فيها ( لا غني لمجلس الدولة في مصر عن عنصر الزمن , فهو الذي يرسي الأسس , ويقر الدعائم , ويوطد الأركان , فلابد إذا من وقت يمر يحشد المجلس فيه قواه ويجند رجاله ويعد عدته وذلك للنضال عن : حق هذا الشعب النبيل في الدفاع عن حرياته العامة وعن حقوق أفراده وحق الإدارة في أن تكون إدارة قوية معتصمة بالقانون بعيدة عن الهوى .. وحق الوطن في أن تقوم نظمه ثابتة مستقرة ترتكز علي ركنين من القانون والعدالة ... وهو الذي يرسم بقضائه الحدود فيما يعمل وفيما يترك... قد يبطئ في سيره .. وقد يتعثر في خطاه .. وقد يرجع خطوة إلي الوراء وهو يتابع التقدم إلي الأمام .. ولكنه سيقوي  .. ويصلب عوده .. وسيواصل السير .. وسيصل إلي الغاية.)

ولما كان الطاعنون أبناء لهذا الوطن العظيم مصر لهم كل الحق أنيتمسكوا بحقوقهم وألا يتقاعسوا في الدفاع عنها , لأن ذلك هو حجر الزاوية في كل النظم الديمقراطية و هو ما حرص الدستور النص عليه في المادة 87 التي يجري نصها على النحو التالي " مشاركة المواطن في الحياة العامة واجب وطني ، و لكل مواطن حق الانتخاب و الترشح و إبداء الرأي في الاستفتاء ، و ينظم القانون مباشرة هذه الحقوق ، و يجوز الإعفاء من أداء هذا الواجب في حالات محددة يبينها القانون و تلتزم الدولة بإدراج اسم كل مواطن بقاعدة بيانات الناخبين دون طلب منه ، متى توافرت فيه شروط الناخب ، كما تلتزم بتنقية هذه القاعدة بصورة دورية وفقا للقانون . و تضمن الدولة سلامة إجراءات الاستفتاءات و الانتخابات و حيدتها و نزاهتها ، و يحظر استخدام المال العام و المصالح الحكومية و المرافق العامة و دور العبادة و مؤسسات قطاع الأعمال و الجمعيات و المؤسسات الأهلية في الأغراض السياسية أو الدعاية الانتخابية "

وانطلاقا من هذه المبادئ الخالدة كان هذا الطعنْ وهذه الدعوي.

أولا : أصدر المطعون ضده بصفته قراره بدعوة الناخبين للاستفتاء علي التعديلات الدستورية رقم 26 لسنة 2019 و الصادر بتاريخ 17 إبريل 2019 والموضح بتقرير الطعن المرفق والطاعنون يطعنون على هذا القرار وذلك فيما يتضمنه من استفتاء الشعب عل  بعض نصوص التعديلات وهي علي سبيل الحصر مايلي :-

١- المادة١٤٠فقرة أولى  بإطالةمدة الرئاسة لست سنوات بدلا من أربع.

٢- المادة 241 مكرر وهي مادة مستحدثة و التي تمد ولاية رئيس الجمهورية الحالي مدة سنتين إضافيتين على المدة التي تم انتخابه على أساسها و هي أربع سنوات .

٣- المادة ١٨٥ التي توسع سلطة رئيس الجمهورية في الاختيار بين المرشحين عند تعيين رؤساء الجهات والهيئات القضائية وتستحدث مجلسا أعلي للجهات والهيئات القضائية يرأسه رئيس الجمهورية.

٤-  المادة ١٨٩ فقرة ثانية التي توسع سلطة رئيس الجمهورية في اختيار وتعيين النائب العام .

٥-  المادة ١٩٠ التي تسلب اختصاص مجلس الدولة بمراجعةالعقود التي تبرمها الحكومة و يقصر مراجعة و صياغة مشروعات القوانين و القرارات التي تحال إليه فقط.

٦- المادة ١٩٣فقرة ثانية التي يوسع من سلطة رئيس الجمهورية في تعيين رئيس ونواب المحكمة الدستورية العليا ورئيس وأعضاء هيئة المفوضين بها.

٧- المادة ٢٠٠الفقرة الأولى التي توكل للقوات المسلحة مهام سياسية هي صون الديمقراطية والحفاظ علي المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها ومكتسبات الشعب وحريات الأفراد.

8 ـ المادة 204 فقرة 2 التي وسعت من جواز محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري.

ويطعن الطاعنون أيضا على إجراء التصويت على التعديلات جملة واحدة ويطلبون أن يجري التصويت مادة مادة .

ولما كان القرار الطعين قد صدر منعدما مخالفا للدستور والقانون فان الطاعنين يبادرون بالطعن عليه للأسباب التالية :

أولا: من حيث الشكل :

صدر القرار الطعين رقم 26 لسنة 2019 في 17/4/2019 , فبادر الطاعنون بالتظلم منه إلى الهيئة الوطنية للانتخابات ابتغاء تعديل القرار بقصر إجراء الاستفتاء علي بعض المواد غير المخالفة للدستور وعلي أن يكون إبداء الرأي في الاستفتاء علي كل مادة علي حدا حتى تكون إرادة الناخبين في التعبير عن إرادتهم لا تشوبها شائبة.

ثم بادر الطاعنون برفع طعنهم الماثل للمحكمة الإدارية العليا في الموعد القانوني وبالتالي يكون الطعن مقبول شكلا .

ثانيا: أسباب الطعن :من حيث الموضوع :

لما كانت المادة الثالثة من القانون رقم ١٩٨ لسنة ٢٠١٧  بشأن الهيئة الوطنية للانتخابات قد حددت اختصاصات الهيئة المذكورة بان نصت علي أن "تختص الهيئة دون غيرها بإدارة الاستفتاءات والانتخابات الرئاسية والنيابية والمحلية ...." كما تضمن البند الثالث من هذه المادة اختصاص الهيئة الوطنية للانتخابات بدعوة الناخبين للاستفتاءات والانتخابات وتحديد مواعيدها ووضع الجدول الزمني لكل منها وذلك بمراعاة الحالات المنصوص عليها في الدستور. وقد كان هذا الاختصاص نفاذا وإعمالا لما جاء في دستور 2014 في المواد 208 ،209، 210.

ومفاد هذه المواد مجتمعة أن نصوص الدستور القطعية الدلالة التي تفرض واجبات مباشرة أو تضع ضوايط محددة هي نصوص ذات تطبيق مباشر علي كل قرارات الهيئة الوطنية للانتخابات . فإذا حادت عنها كانت قراراتها باطلة دون حاجة للطعن عليها بعدم الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا لأنها تكون بذلك قرارات تفقد ركيزة المشروعية التي هي ركيزة حاكمة لكل أعمال وقرارات مؤسسات الدولة ،

ولما كانت المادة ١٢ من قانون الهيئة الوطنية للانتخابات تجيز لكل ذي شأن الطعن علي قرارات الهيئة خلال ثمان وأربعين ساعة من تاريخ إعلانها ، وتختص المحكمة الإدارية العليا بالفصل في الطعون علي قرارات الهيئة المتعلقة بالاستفتاءات والانتخابات  الرئاسية والنيابية ونتائجها ،

ولما كان قرار المطعون ضده الأول قد خالف نصوصا قطعية في الدستور مخالفة صريحة وانصب بذلك علي محل منعدم وهو التعديلات الدستورية ، لمخالفة التعديلات المقترحة نصوصا  صريحة وقاطعة في الدستور تحكم التعديلات من الناحيتين الإجرائية والموضوعية وذلك علي النحو التالي :

أولا : من المبادئ الدستورية الجوهرية التي هي قوام المجتمعات السياسية الديموقراطية التي تعلي مبدأ سيادة الدستور وقيم المشروعية ، إنه لا يجوز أن تطرح للاستفتاء الشعبي مسائل مخالفة للدستور . وهذا ما تبنته المادة ١٥٧من الدستور بقولها ( لرئيس الجمهورية أن يدعو الناخبين للاستفتاء في المسائل التي تتصل بمصالح البلاد العليا، وذلك فيما لا يخالف أحكام الدستور. وإذا اشتملت الدعوة للاستفتاء على أكثر من مسألة، وجب التصويت على كل واحدة منها.) ولا يقال لحصر نطاق هذه المادة أن الأحكام التي تضمنتها  قاصرة علي الاستفتاءات التي يدعو لها رئيس الجمهورية والتي تتصل بمصالح البلاد العليا . فمن غير المعقول أن يقيد المشرع الدستوري رئيس الجمهورية  في الاستفتاءات التي يدعو الشعب إليها بقيود تتحرر منها الاستفتاءات التي تدعو لها الهيئة الوطنية للانتخابات، إذ أن ما يقيد استفتاءات رئيس الجمهورية من ضوابط لابد وأن ينطبق علي الاستفتاءات الأخرى . فالمغايرة تخلو من المعني ويأباها المنطق القويم لتفسير النصوص تبعا للحكمة المتوخاة منها. ثم إن التعديلات الدستورية تعلو في مراتب المسائل التي ترتبط بمصالح البلاد العليا غيرها من المسائل ، وكيف لا والدستور هو الوثيقة القانونية الأساسية التي تعلو كافة القوانين والتي تنظم السلطات في الدولة والعلاقة فيما بينها وشكل نظام الحكم والحقوق والحريات العامة ، فهل هناك أمور تعلو في ارتباطها بمصالح البلاد العليا أمر الدستور؟ !! لما كان ذلك كذلك فمن المسلم به  إذن أن الهيئة الوطنية للانتخابات مقيدة في دعوتها للناخبين للاستفتاء بقيدين دستوريين : أولهما ألا يكن محل الاستفتاء أمرا مخالفا للدستور واقعا في حومة محظوراته ونواهيه ، وثانيهما أنه لا يجوز للهيئة أن تدعو المواطنين للتصويت جملة ومرة واحدة علي تعديل مجمل من النصوص الدستورية المتباينة المضمون. إذ يجب التصويت وفقا للمادة ١٥٧ من الدستور علي كل تعديل لنص بمفرده ، فقد تتجه إرادة الناخبين إلي الموافقة علي تعديل نص دون غيره ورفض تعديل نص آخر .

وإذ كان القرار المطعون فيه قد دعا الناخبين للاستفتاء علي التعديلات الدستورية مرة واحدة وعلي وجه الإجمال دون تفريدها فإنه يكون قد خالف الضابط الدستوري الوارد في المادة ١٥٧ من الدستور بضرورة الاستفتاء علي كل أمر بمفرده مع بيان مضمونه ويكون بذلك حري الإلغاء.

ثم أن القرار المطعون فيه قد دعا الناخبين للاستفتاء علي تعديلات مخالفة للضوابط الإجرائية والموضوعية لتعديل الدستور التي حددها الدستور ذاته ولنصوص حاكمة فيه ولمبادئ دستورية عامة ، الأمر الذي يجب معه القول أن التعديلات التي سيستفتي الشعب عليها ليست مجرد تعديلات للدستور تجري وفق ضوابطه،  بل هي انقلاب علي الدستور يقوض أسسه وأهدافه ومراميه  مما يمثل انتهاكا  له ، وحنثا بالقسم الذي أقسمه نواب الشعب علي احترامه . وهذه آثام سياسية ودستورية لا يمكن أن تكون محلا للاستفتاء.

هذا وإن كان من المسلم به أن نصوص الدستور ليست مقدسة لكنها قابلة للتعديل بتغيير الظروف، ولكنه من المسلم به أيضا، أن الدستور ليس مطية تعدل نصوصه وفق الهوى والغرض ولغير صالح الشعب . فاحترام الدستور وإعماله وتطبيقه واجب أولا قبل تعديله .

ومن المهم أن ننوه أن الحديث عن تعديل الدستور بدأ يتردد فى الدوائر الرسمية والإعلامية  فى وقت مبكر ولم يجف مداد الدستور بعد وتحديدا فى عام 2015 بواسطة ممثلي ما يسمي بائتلاف ( حب مصر) الذي تمكن من تشكيل أكثرية البرلمان . وكأن أكثرية نوابنا وهم يقسمون على الوفاء للدستور كانوا يضمرون الإطاحة به بعدما يتمكنون من أمر التشريع . وها هم يقدمون علي ذلك الآن رغم القيود التي يضعها الدستور علي تعديله .

ثانيا : مخالفة تعديلات المادة ١٤٠ الفقرة الأولى  من الدستور والحكم المستحدث في المادة ٢٤١ مكرر الذي يتيح للرئيس الحالي استثناء الترشح لولاية رئاسية ثالثة بعد إنهاء ولايته الحالية لصريح المادة ٢٢٦ من الدستور .

وبيان ذلك ما يلي :-

تنص المادة ١٤٠ من الدستور علي ما يلي :

ينتخب رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات ميلادية، تبدأٔ من اليوم التاليلانتهاء مدة سلفه، ولا يجوزإعادة انتخابه إلا مرة واحدة. ...

وتنص المادة ٢٢٦ من الدستور في عجزها علي ما يلي :

......... وفى جميع الأحوال، لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة إانتخاب رئيس الجمهورية، أو بمبادئ الحرية، أوالمساواة، ما لم يكن التعديل متعلقاً بالمزيد من الضمانات.

وينص تعديل المادة 140 علي ما يلي :" ينتخب رئيس الجمهورية لمدة ست سنوات ميلادية ، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه ، و لا يجوز أن يتولى الرئاسة لأكثر من مدتين رئاسيتين متتاليتين .

كما تنص المادة 241 مكرر المستحدثة بالتعديل علي ما يلي:" تنتهي مدة رئيس الجمهورية الحالي بانقضاء ست سنوات من تاريخ إعلان انتخابه رئيسا للجمهورية ، و يجوز  إعادة انتخابه لمرة تالية " .

وثابت أن التعديلات المطروحة علي الشعب للاستفتاء قد خالفت الضوابط والمحظورات التي وضعتها المادة ٢٢٦ من الدستور، بأن أطالت أمد مدة ولاية رئيس الجمهورية لتصبح ست سنوات بدلا  من أربع ،وبأن طبقت حكم إطالة مدة الرئاسة على الرئيس الحالي بأثر رجعي فأفردت حكما مستحدثا يمد مدة الرئيس الحالي دون انتخاب من الشعب سنتين إضافيتين  ، وبأن سمحت للرئيس الحالي أن يترشح دون غيره لولاية ثالثة ، وتبدو المخالفات الدستورية في هذه التعديلات من أكثر من وجه ،لقد تحايلت التعديلات علي النص الذي يحظر تعديل نصوص إعادة انتخاب الرئيس بأن أطالت مدة الولاية الواحدة إلى ست سنوات وطبقت ذلك على مدة الرئاسة الحالية بأثر رجعي . وسمحت للرئيس الحالي أن يترشح لولاية ثالثة  .

ووجه العوار في هذه النصوص أمور عدة. إنها قد عصفت بمبدأ سيادة الشعب وسيادة الدستور. فقد انتخب الشعب الرئيس الحالي سنة 2018 وفقا لنص يجعل مدة الولاية أريع سنوات فقط واتجهت إرادة الناخبين إلي انتخابه هذه المدة فقط .

ثم إن تطبيق التعديل بمد مدة الرئاسة إلي ست سنوات على واقعة قانونية منقضية بأثر رجعي غير جائز، لأن الأثر الرجعي للتشريع يجب ألا يمس مراكز قانونية اكتملت قبل نفاذ النص التشريعي. وقد اكتمل المركز القانوني للرئيس الحالي بإعلان نتيجة الانتخابات سنة 2018 . وهذا ينطوي علي مخالفة صريحة للمادة 247 من الدستور التي تنص علي أنه " يعمل بهذه الوثيقة الدستورية من تاريخ موافقة الشعب عليها " . أي أن المركز القانوني للرئيس المنتخب قد اكتمل فعلا واستقر بإعلان نتيجة الاستفتاء بفوزه بمنصب الرئيس كما حددت ولايته المادة 140 وهي أريع سنوات . ويصبح مد الولاية إلي ست سنوات اعتداء علي نص دستور نافذ وعلي إرادة الناخبين التي اتجهت لانتخاب الرئيس سنوات أربع فقط.

ثم إن الرئيس الحالي من حقه  لو أجيزت هذه التعديلات أن يترشح بعد انتهاء ولايته الحالية التي امتدت بموجب نص المادة 241 مكرر إلى ست سنوات،  لولاية ثالثة مدتها ست سنوات أيضا. وهذا مخالف لصريح النصوص الحاكمة للتعديلات التي تحظر تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب الرئيس ( مادة 226) ، ومخالف لمبدأ تداول السلطة  الذي هو أحد ركائز الدستور الحالي( المادة ٥) فأي عبث بالدستور أكثر من ذلك ؟ وهو عبث بالدستور لم تشهده مصر منذ عرفت الدساتير الحديثة .

٢- ولا يرد علي ذلك بالقول  أن إطالة المدد لا يتضمن مساسا بنصوص إعادة انتخاب الرئيس وأن ذلك لا يعد مخالفة دستورية  . فهذه الحجة منهارة لأن النص علي عدم جواز تعديل النصوص المتعلقة  بإعادة انتخاب الرئيس الوارد بالمادة ٢٢٦ يجب تفسيره بالتلازم مع حكم المادة ١٤٠ من الدستور التي جعلتمدة ولاية الرئيس ٤سنوات لا تجوز إعادتها إلا مرة واحدة .فالحظر ينصرف إلي تعديل أحكام إعادة انتخاب الرئيس خلافا لما نصت عليه المادة ١٤٠ من الدستور ، أي حظر انتخابه أكثر من أربع سنوات لولايتين متتاليتين . والقول بغير ذلك يخالف صريح نص الدستور وروحه ويمثل انحرافا في استعمال سلطة التشريع  .

ثم إن النص المعدل قد عدل من أحكام إعادة إنتخاب الرئيس بأن نص في المادة 140 المعدلة علي أنه لا يجوز للرئيس أن يتولي الرئاسة أكثر من مدتين رئاسيتين متتاليتين ( بإضافة كلمة متتاليتين)  في حين أن النص الحالي جري علي ( أنه لا يجوز إعادة انتخابه إلا مرة واحدة ) .ووجه المغايرة أن التعديل يجيز إعادة انتخاب الرئيس أكثر من مرة واحدة إذا حدث انقطاع في التتالي بين مدد الرئاسة . وهذا بدوره مخالف للحظر الوارد في المادة 226 .

***

ويجدر التنويه إلي  أنه إن كان لمجلس النواب أن يطلب ويقترح تعديل الدستور ويطلب استفتاء الشعب علي ذلك ، فإنه وباعتباره كيانا أنشأه الدستور ذاته يجب أن تقتصر سلطته في التعديل علي الفرعيات والجزئيات التي لا ترقي إلي مرتبة الاجتراء علي سيادة الشعب بتقويض أسس الدستور كما ارتأته السلطة التأسيسية الأصلية التي وضعت الدستور ووافق عليه الشعب .والقول بغير ذلك يسلمنا إلي نتيجة تأباها دولة المشروعية وسيادة القانون وسيادة الشعب ، وهو أن تتغول السلطة المتفرعة عن الدستور ( البرلمان ) علي الدستور ذاته الذي هو أساس وجودها ومنشؤها  .

ومن نافلة القول أن تحصين مواد بذاتها عن التعديل لضرورات ارتأتها هيئة التأسيس ، وأن وضع حدود زمنبة لمناصب السلطة وتأكيد تداول هذه المناصب ، كانت من الأمور التي حرصت عليها الجمعية التأسيسية التي وضعت الدستور بعد ثورة يناير ٢٠١١ التي قامت لتنهي عصور الاستبداد وتأبيد السلطة والتحلل من المشروعية ( راجع في التفرقة بين السلطة التأسيسية الأصلية والفرعية وضوابط تعديلات الدستور ، سامي جمال الدين ، القانون الدستوري والشرعية الدستورية وفقا لدستور ٢٠١٤، منشأة المعارف عام ٢٠١٤، ص٢٨٨)وأيضا رقابة التعديلات الدستورية، دراسة في بعض جوانبها النظرية والعملية ، للدكتور عبد الحفيظ علي الشيمي دار النهضة العربية الطبعة الأولي  ص 137 : 143 ، وأيضا فكرة تدرج القواعد الدستورية ،دراسة تحليلة نقدية ، للدكتور محمد فوزي نويجي دار النهضة العربية الطبعة الأولي  ص 226 وما بعدها ، وكذا الرقابة القضائية علي دستورية القوانين في ملامحها الرئيسية للمستشار الدكتور عوض المر ص 835 حتى 840 الناشر مركز رينيه جان دبوي للقانون والتنمية ، ويقرر الأخير "بأن التحلل من القيود التي فرضها الدستور في مجال تعديل الدستور علي سلطة اقتراح التعديل يمثل انقلابا من جهتها علي سند ولايتها وأنه يدخل في مجال التدليس علي الدستور عندما يكون تعديل الدستور انقضاضا علي أحكامه وإبدالها بغيرها".)

ثالثا :مخالفة تعديلات المواد ١٨٥ و١٨٩ فقرة ثانية و ١٩٠ و ١٩٣ فقرة ثالثة لمبدأ استقلال القضاء الذي نصت عليه دساتير مصر المتعاقبة وآخرها دستور سنة ٢٠١٤في المواد ١٨٤و ١٨٥و ١٨٦.

إن استقلال القضاء مؤداه لزوما أن تكون السلطة القضائية غير خاضعة لنفوذ سلطة أخري خاصة السلطة التنفيذية، أو تابعة لنفوذ المصالح السياسية .إن استقلال القضاء ليس ترفا وليس خيارا للحكام في المجتمعات الديمقراطية الحديثة،  بل هو حتمية حياة ووجود للمجتمع الحر،  بدونه تتغول السلطة التنفيذية علي حقوق وحريات الناس ويفقد المظلوم من يلوذ به ويثق في استقلاله ونزاهته .

إن إعطاء سلطة واسعة لرئيس السلطة التنفيذية في الاختيار بين عدد كبير من المرشحين لرئاسة الهيئات والجهات  القضائية يتصادم ويتعارض مع التزامات رئيس الجمهورية المبينة بالمادة ١٣٩ من دستور ٢٠١٤ التي أوجبت عليه أن يلتزم بأحكام الدستور ويباشر اختصاصاته علي النحو المبين فيه . فبموجب هذا التعديل يباشر رئيس الجمهورية اختصاصا لم يتقرر له بالمواد الدستورية التي حددت اختصاصاته ( المواد من ١٣٩- ١٦٢) وليس من بين اختصاصات الرئيس التي عددتها هذه المواد اختصاص بتعيين رؤساء الجهات والهيئات القضائية .هذا فضلا عن تعارضه وتصادمه مع ما يقرره الدستور ذاته من تجريم التدخل في شئون العدالة ومن أن كل جهة قضائية تقوم علي شئونها ومن أن القضاة غير قابلين للعزل ولا سلطان عليهم لغير القانون .فكيف لرئيس جهة قضائية يعينه رئيس الجمهورية اختيارا وتقديرا من بين عدد كبير من المرشحين للمنصب أن يفصل في منازعة يكون رئيس الجمهورية طرفا فيها. وما أكثر هذه المنازعات في ظل تحلل السلطة التنفيذية بل والسلطة التشريعية من مبدأ المشروعية.

إن هذا التعديل استهدف أمرين الأول : إعطاء غطاء دستوري للقانون رقم 13 لسنة 2017 المطعون فيه بعدم الدستورية ، والطعن متداول أمام المحكمة الدستورية العليا ، بما يمثل تدخلا سافرا في شئون العدالة،وهو مايعد جريمة وفقا لنص المادة لا تسقط بالتقادم وفقا لنص المادة 189 من الدستور .الثاني : أن الاختيار الذي سيتم على أساسه تعيين رؤساء الجهات والهيئات القضائية سيكون الفصل الأول والأخير فيه لتقارير الأجهزة التي ستقدم إلى المنوط به الاختيار. وسوف يترتب على هذا أن المؤسسة القضائية العريقة التي تباشر سلطتها كواحدة من السلطات الثلاث المنبثقة من سيادة الشعب، سوف تتعرض لمحنة شديدة الوطأة عندما تنشق الصفوف وتتنافس لتقدم قرابين الطاعة والولاء لمن يملك الاختيار لأن القضاة بشر وليسوا ملائكة معصومين ، فيكون الثمن انهيار هذا الكيان بكل ما فيه .

وقد حرصت الدساتير المتعاقبة جميعها منذ دستور 1923 حتى الدستور الساري في 18/1/2014 , على النص في صلبها على استقلال القضاء بتقرير عدة نصوص دستورية تؤكد ذلك ، قصدا من المشرع الدستوري بان يكون النص عليها في الدستور قيدا على المشرع العادي فيما يسنه من قواعد وإحكام وفي حدود ما أراده الدستور لكل منها من حيث إطلاقها أو جواز تنظيمها تشريعيا .

لقد كان من المأمول بعد قيام الشعب بثورتي الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو، وإقرار دستور عام 2014 الذي يؤسس لدولة سيادة القانون والمؤسسات، ويعلي مبدأ استقلال القضاء ، كان من المأمول أن يقوم المجلس التشريعي المنتخب بإصدار منظومة تشريعية حديثة ترسخ من استقلال القضاء وتحقق العدالة الناجزة، وتيسر إجراءات التقاضي للمواطنين وتصون أحكام القضاء وتضمن تنفيذها وعدم التحايل عليها ، كان من المأمول كل ذلك ، فإذا ببعض من أعضاء مجلس النواب يتقدمون باقتراح بتعديل طريقة اختيار رؤساء الجهات والهيئات القضائية جاعلاً سلطة الاختيار الحقيقية بيد رئيس الجمهورية (رأس السلطة التنفيذية)، بالمخالفة لما هو مستقر عليه في الأخذ بمعيار الأقدمية الذي أصبح عرفاً قضائياً مستقراً لا يثير أي خلافات في مسألة الاختيار،حيث صدر القانون مهدراً كل الضمانات والمبادئ الدستورية لاستقلال القضاء أخصها مبادئ: 1) سيادة القانون وخضوع كافة أجهزة الدولة له، 2) الفصل بين السلطات، 3) التوازن بين السلطات والرقابة المتبادلة بينها، 4) عدم التدخل في شئون العدالة أو القضايا، 5) إدارة كل جهة أو هيئة لشئونها 6) أخذ رأي الجهات والهيئات القضائية في مشروعات القوانين المتعلقة بها، 7) المساواة، 8) تكافؤ الفرص.

يضاف إلي  هذا أمر بالغ الخطورة. ذلك أن الدستور نص على تشكيل المحكمة الخاصة لمحاكمة رئيس الجمهورية    في المادة 159منه فيرأسها رئيس مجلس القضاء الأعلى، وعضوية أقدم نائب لرئيس المحكمة الدستورية العليا، وأقدم نائب لرئيس مجلس الدولة، وأقدم رئيسين بمحاكم الاستئناف، ويتولى الادعاء أمامها النائب العام. فكيف لرئيس الجمهورية أن يختار قضاته الذين قد يمثل أمامهم متهما ؟ !!! وهذا بلا ريب  يؤدي إلى إثارة الشكوك في حيدة ونزاهة هذه المحكمة، وقبل وبعد كل ذلك يشكل تدخلاً سافراً في شئون العدالة.

ثم إن مقترح تعديل المادة ١٨٩ بمنح سلطة لرئيس الجمهورية في تعيين النائب العام اختيارا من بين ثلاثة مرشحين يرشحهم مجلس القضاء الأعلى يعد انتهاكا لمبدأ استقلال القضاء بالاعتداء علي سلطة مجلس القضاء الأعلى في اختيار النائب العام،ويجعل هذه السلطة اختيارا وتقديرا لرئيس الجمهورية بما يمس استقلال المنصب وقد يؤثر علي حيدة قراراته وهو أمر غير مسبوق في الدساتير المصرية .

كما أن مقترح تعديل الفقرة الثالثة من المادة ١٩٣ من الدستور يفتح الباب واسعا للقضاء علي استقلالية المحكمة الدستورية العليا  وشل رقابتها علي دستورية القوانين بتمكين رئيس الجمهورية من تعيين رئيس المحكمة ونوابه متمتعا بسلطة واسعة في الاختيار بينهم دون أن يكون للجمعية العامة أي دور في الاختيار ، مما يجعل من رئيس المحكمة الدستورية العليا ونوابها خاضعين لرئيس الجمهورية بما يتنافي مع استقلال المحكمة وحيدتها ويعوقها تماما عن ممارسة دورها الحيوي الذي رسمه لها الدستور وقد كان هذا أحد أهم مكاسب ثورة 25 يناير و30يونيو عندما أصدر الأعلى للقوات المسلحة قرارا بقانون أعطى الجمعية العامة للمحكمة الدستورية الحق في اختيار رئيس المحكمة الدستورية العليا ثم.  تبني دستور 2014 هذا الحكم . ليأتي المقترح بالتعديل ليجهز علي أهم مظهر لاستقلال المحكمة .  هذا فضلا عن أن هذا المقترح بالتعديل يمس مراكز قانونية مستقرة مستمدة من الدستور.

وأخطر ما في الأمر أن هذا الاعتداء على استقلال القضاء يتم من خلال نصوص دستورية وليس مجرد قانون أو قرار بقانون أو قرار إداري فيتعذر إصلاحه إلا بتعديل دستوري .

وكل ما سبق ينطبق أيضا  علي إعادة الحياة لمجلس لا تعرفه غير النظم الشمولية يسمي المجلس الأعلى للهيئات القضائية يجتمع فيه القضاة مع غيرهم من غير القضاة من المشتغلين بالقانون تحت رئاسة رئيس السلطة التنفيذية . فأي عصف بمبدأ استقلال القضاء أكثر من ذلك ؟ وأي جنوح من مجلس النواب نحو استخدام التعديل الدستوري استخداما غير مشروع لتكريس دولة الرجل الواحد التي تخضع لإمرته ومشيئته كل مؤسسات الدولة بما فيها السلطة القضائية  . وهو نظام دفعت بسببه مصر أثمانا باهظة من انتكاساتها  وكرامة أبنائها  وحريتهم، وبسببه ثار المصريون ثورات تلو ثورات مطالبين بالحرية والعدل .

ثم إن سلب اختصاص مجلس الدولة بمراجعة عقود الحكومة قاطبة من شأنه أن يفتح الباب واسعا للفساد دون رقابة مسبقة مما يتصادم مع نص المادة ٢١٨ التي تلقي التزاما علي الدولة بمكافحة الفساد .

رابعا : إن ما نص عليه مقترح التعديل في نص المادة ٢٠٠ الفقرة الأولى بإضافة  مهمة سياسية لمهام القوات المسلحة العسكرية هي الحفاظ علي الدستور وعلي مدنية الدولة ومبادئ الديمقراطية هو إقحام للقوات المسلحة التي لها مكانة غالية في قلوب المصريين في أتون الصراعات السياسية التي يجب أن تكون بمنآي عنها في أي مجتمع ديمقراطي؟  إن لجيش مصر الوطني كل الحب والاحترام والتوقير في نفوس المصريين .فهو المحافظ علي وحدة تراب الوطن وحامي حماه .وهو الذي روي هذا التراب بدماء أبنائه وزاد عنه وحقق لمصر النصر في حرب الكرامة والشرف  سنة ١٩٧٣.فكيف لواضعي مقترح التعديلات الدستورية لا يقيمون لهذه المكانة الاعتبار كل الاعتبار ويحاولون أن يجعلوا من الجيش طرفا في المعادلة السياسية وما يتبع ذلك من آثار مدمرة علي مجمل الحياة السياسية والدستورية المصرية .إن  إعطاء القوات المسلحة مهمة الحفاظ علي الدستور يمثل مخالفة للنصوص الدستورية التي تنوط بالمحكمة الدستورية العليا وحدها دون غيرها مهمة الفصل في دستورية القوانين ، وتنوط بمجلس الدولة دون غيره مهمة الفصل في المنازعات الإدارية وتنوط بالقضاء  المستقل المتحرر من شبهة التأثر مهمة الفصل في المنازعات وبالبرلمان المنتخب مهمة التشريع .إن هذا التعديل يضع في يد القوات المسلحة اختصاصات السلطتين التشريعية والقضائية معا ، ويتعارض مع الثوابت التي استقرت عليها دساتير الدول الديمقراطية بل والدساتير المصرية منذ عرفت مصر الدساتير الحديثة من أن المهمة الوحيدة التي تتفرغ لها القوات المسلحة هي الحفاظ علي سلامة البلاد وأمنها ووحدة أراضيها وصد الاعتداءات علي ترابها.

خامسا : مادة 204 فقرة 2 التي وسعت من جواز محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري أمر يهدر كافة الضمانات في المثول أمام القاضي الطبيعي المختص على الرغم من أن المادة 204 كانت محال خلاف شديد تم الموافقة عليها بنصها الحالي نظرا للظروف التي كانت تمر بها البلاد وقت مناقشة الدستور وإقراره .

بشأن الطلب العاجل بوقف التنفيذ

فإن القرار الصادر بدعوة الناخبين للاستفتاء وتحديد مواعيد الاستفتاء للمصريين بالخارج وبالداخل فترة زمنية قصيرة ما بين صدور قرار الدعوة وإجراء الاستفتاء بالفعل مما يوفر شرط الاستعجال لاسيما وأن شرط الجدية قائم ومتحقق لمخالفة مبدأ المشروعية للقرار محل الطعن على النحو المبين سلفا .

لــذلــك

فان الطاعنين يطلبون بعد الإطلاع علي هذا تحديد أقرب جلسة عاجلة وسريعة ابتغاء الحكم :  أولا : قبول الطعن شكلا

ثانيا : في الطلب العاجل بوقف تنفيذ القرار الصادر بدعوة الناخبين للاستفتاء الذي سيجري أيام 19 , 20 , 21 من شهر إبريل خارج البلاد و 20 و 21 و 22 من شهر إبريل داخل البلاد فيما تضمنه من استفتاء الشعب علي تعديل المواد140 فقرة أولى (مستبدلة), والمادة 241 مكررا مضافة والمادة 185(مستبدلة) ,189/2 (مستبدلة),190 (مستبدلة),193/3 (مستبدلة) ،200/1 (مستبدلة)، 204 /2 (مستبدلة) باستبعادها من الاستفتاء وعلي أن يتم الاستفتاء فيما عدا ذلك لكل مادة علي حدا في عملية الاقتراع.

ثالثا: في موضوع الطعن بإلغاء القرار بدعوة الناخبين للاستفتاء فيما تضمنه من استفتاء الشعب علي تعديل المواد140 فقرة أولى (مستبدلة), والمادة 241 مكررا مضافة والمادة 185(مستبدلة) ,189/2 (مستبدلة),190 (مستبدلة),193/3 (مستبدلة) ،200/1 (مستبدلة)، 204 /2 (مستبدلة) باستبعادها من الاستفتاء وعلي أن يتم الاستفتاء فيما عدا ذلك لكل مادة علي حدا في عملية الاقتراع.وعلي أن يكون الحكم في خلال عشرة أيام من تاريخ قيد الطعن وأن يكون التنفيذ بموجب مسودة الحكم دون إعلان وذلك نفاذا لحكم المادة 13 من قانون الهيئة الوطنية للانتخابات رقم 198 لسنة 2017 .

مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.

وكلاء الطاعنين

د/ محمد نور فرحات

عصام عبد العزيز الإسلامبولي

حامد متولي جبر

المحامون بالنقض و الإدارية العليا و الدستورية                                    

Thursday, April 18, 2019

اقليم الحرير وجرائم المصلحة العامة الإقتصادية١


النقاط التالية تهدف لمساعدة الباحثين القانونيين الرامين إلي تقييم التنظيم القانوني المقترح لمشروع إقليم الحرير في الكويت


اولاً: فكرة تخصيص منطقة وتهيئة الظروف لها لتسريع عملية التنمية الإقتصادية فيها لتحقق نتائج أسرع من باقي مناطق الدولة هي فكرة ليست جديدة ولكنها فكرة جيدة إذا ما تم تنفيذها بطريقة صحيحة

ثانياً: تنفيذ الفكرة بطريقة صحيحة يعني استهداف المصلحة العامة -فقط دون المصالح الخاصة- وأن يتم ذلك بعد دراسة علمية وبخطوات محسوبة نحو تحقيق نتائج محددة

ثالثاً: النصوص الجزائية التي تحمي المصلحة العامة موزعة في مجموعة من القوانين وليست محصورة في قانون الجزاء فقط بل تجدها في القوانين الاقتصادية التي تهدف في مجملها لتحقيق المصلحة العامة

رابعاً: ما تم نشره عن مشروع اقليم الحرير يوضح أن الاهتمام بالفكرة في حد ذاتها - تخصيص منطقة لتسريع عملية التنمية الاقتصادية- أمر جيد إذا ما تم تنفيذه بطريقة صحيحة

خامساً: ما تم نشره عن التنظيم القانوني المقترح لأقليم الحرير فيما يتعلق بقانون الجزاء والقوانين الأخرى التي تتضمن نصوص جزائية تحمي المصلحة العامة الإقتصادية يوضح أن النقاط القانونية ذات الصلة بحاجة إلي إعادة نظر كيلا يتم تنفيذ الفكرة بطريقة غير صحيحة

النقاط التالية هي جزء من المقترح المنشور في جريدة القبس فيما يخص التنظيم القانوني لأقليم الحرير

قانون الجزاء
استثناءً من تطبيق احكام القانون رقم 16 لسنة 1960 بإصدار قانون الجزاء تلغي عقوبة الحبس المنصوص  عليها بالمواد 237 و240، على ان يتم الاكتفاء بالعقوبات المالية فقط، وذلك بشأن الجرائم التي تقع داخل حدود اقليم الحرير، على ألا يسري هذا النص على الجرائم المتعلقة بالشيكات ما لم يثبت بالكتابة ان اصدار الشيك كان مرتبطاً بالتزام تعاقدي يلتزم محافظو الاقليم بإعداد مقترح بالتعديلات البديلة للنصوص المستثناة المشار إليها بالفقرة السابقة، وعرضها على الوزير المختص لرفعها لمجلس الأمة وإصدار قانون بشأنها  في كل الأحوال يجب أن تتم مراعاة عادات وتقاليد وأعراف دول الأشخاص المقمين بالإقليم، وذلك فيما يتعلق بالأفعال الواقعة منهم، وكذلك القوانين التي يتم إصدارها للإقليم 
الجمارك
استثناءً من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن إصدار قانون الجمارك الموحد، تنظم اللائحة التنفيذية لهذا القانون الرسوم والإعفاءات الخاصة بالمنطقة الجمركية الواقعة في الإقليم 
الاستيراد والتصدير
استثناءً من أحكام القوانين المنظمة للاستيراد والتصدير، يكون لمؤسسة اقليم الحرير قواعد خاصة تنظم عمليات الاستيراد والتصدير داخل حدود الإقليم، وتضع اللائحة التنفيذية لهذا القانون كل القواعد اللازمة في هذا الشأن 
البورصة
استثناء من احكام القانون رقم 7 لسنة 2010 بانشاء هيئة اسواق المال وتعديلاته ولائحته التنفيذية، تضع اللائحة التنفيذية لهذا القانون القواعد اللازمة لانشاء بورصة خاصة باقليم الحرير  
المناقصات العامة
لا تسري أحكام القانون رقم 49 لسنة 2016 بشأن المناقصات العامة على عمليات شراء الأصناف والمقاولات والخدمات وكل العقود التي تبرمها المؤسسة وتضع اللائحة التنفيذية لهذا القانون الشروط والضوابط الخاصة بتنظيم التعاقدات التي تبرمها المؤسسة  
تأسيس الشركات
استثناءً من أحكام القانون رقم 1 لسنة 2016 بإصدار قانون الشركات وتعديلاته ولائحته التنفيذية والقانون 7 لسنة 2010 وتعديلاته ولائحته التنفيذية يجب على الشركات التي سوف تمارس أنشطتها أو بعضا من أنشطتها داخل إقليم الحرير، الحصول على موافقة مؤسسة الحرير على الترخيص، ولا يجوز لوزارة التجارة إنهاء إجراءات تأسيس الشركات المنشأة خصيصا لممارسة انشطة داخل اقليم الحرير إلا بعد الحصول على تلك الموافقة. وفي كل الاحوال لا يجوز لاي شخص طبيعي او اعتباري ممارسة اية انشطة داخل اقليم الحرير الا بعد الحصول على التراخيص والموافقات التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون

هناك ملاحظات عديدة تتعلق بالقوانين السابق ذكرها، لكن هناك أيضاً ملاحظات مهمة تتعلق بقوانين أخرى لم يتم ذكرها منها قانون المنافسة، وعدم ذكر ما يخصه يشكل ثغرة قانونية تضر ضرراً جسيماً بالمصلحة العامة الإقتصادية للدولة- هامش رقم ١. لابد من تحقيق التجانس بين مكونات النظام القانوني الواحد، ولابد من تحقيق التجانس داخل النظام القانوني لأقليم الدولة الواحدة


ليس من مصلحة الدولة أن يعيش الناس فيها كأنهم في جزر متفرقة، يستصغر أحدهم الآخر، وتنظر كل فئة إلى الأخرى بنظرة الشك والريبة، وضع خاطئ ستتربى عليه أجيال ستحطم بعضها وتفرط بأرضها...لا يوجد مجتمع يتكون من نسيج واحد ولكن تأتي قوانين الدولة العادلة وثقافتها الموجهة لتصهره في وطن واحد


هامش رقم ١- أسامه حسنين عبيد، السياسة الجنائية في مواجهة الممارسات الاحتكارية الضارة : دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، ٢٠١٦


الإشارة المرجعية لهذا المقال
د. أدهم أحمد حشيش، اقليم الحرير وجرائم المصلحة العامة الاقتصادية١، مدونة ديوان العدالة للدكتور أدهم حشيش، ١٩ ابريل ٢٠١٩، متاح في الرابط التالي
http://adhamhashish.blogspot.com/2019/04/blog-post_18.html

Wednesday, April 17, 2019

لمصلحة من تعمل الدولة





التعديلات الدستورية ذكرني بالمقال الذي قرأته للأستاذ سامي شرف في الأهرام يتناول فيه عبارات للرئيس جمال عبد الناصر قالها في جلسة مجلس الوزراء عام ١٩٦١ دعا فيها إلي تغيير مفهوم الدولة والإيمان بالفرد، مثيراً تساؤل هام: لمصلحة من يجب أن تعمل الدولة... لسيادة طبقة على طبقة أم لإقامة العدالة والمساواة، وموضحاً أن الدولة في مصر منذ القدم تحمي ثروات الفئة القليلة وهي السبب أن المواطن "متلبش"  ولذلك "لازم نهز الجهاز الحكومي هزاً". هذا هو كلام الرئيس عبد الناصر عام ١٩٦١ في محضر رسمي لإجتماع مجلس الوزراء، وهو مازال يصلح تفسيراً لما يجري في مصر. تضليل الوعي وتزييف الإرادة من خلال التضييق على المهتمين بالعمل العام في حياتهم الشخصية وفي عملهم العام. إعداد مشروع التعديلات الدستورية بإتباع المنهج العلمي كان يستدعي قياس الرأي العام وبالتالي وضع ضوابط للتعديلات وفقاً لما سيسفر عنه هذا القياس. ما الأساس القانوني الذي استند اليه من قام بحجب المواقع الالكترونية التي هدفت لرفض التعديلات الدستورية؟ الله اعلم. الدكتور محمد عبد العال فقيه القانون الدستوري بحقوق الاسكندرية والحاصل على الدكتوراه في القانون من الولايات المتحدة الأمريكية أوضح لنا أن
المحكمة العليا السويسرية، ولأول مرة فى تاريخ سويسرا، قضت ببطلان نتيجة الاستفتاء الشعبى بخصوص التعديل الدستورى المتعلق بالمساواة فى الضرائب بين المتزوجين وغيرهم من المتساكنين. المحكمة أبطلت الاستفتاء على سند من أن الشعب السويسرى لم يتم إعلامه بفحوى التعديلات بشكل واف ونزيه






ما نفعله بأنفسنا يجعلنا غنيمة سهلة للخارج سواء الحكومات أو الشركات الأجنبية

Monday, April 15, 2019

#الحرية_لأحمد_محيي


بغض النظر عن اتفاقك أو اختلافك مع الإدارة المصرية الحالية، لا يمكنك سوى الاتفاق مع كل دعوة تنادي بمنع تلفيق الاتهامات بالباطل والفجر في الخصومة


By : Mona Ahmed
فاكرين أحمد محيي اللي نزل ميدان التحرير ورفع ورقه مكتوب عليها ارحل ياسيسي وقالنا انا عملت ده عشانكم متنسونيش؟
هو دلوقتي إنضم لقضية رقم ١٧٣٩ لسنة ٢٠١٨ حصر أمن دولة عليا اللي فيها خالد بسيوني، خالد محمود، د.جمال عبدالفتاح بتهمة الإنضمام لجماعة إرهابية والتجمهر وقلب نظام الحكم
أحمد موجود دلوقتي في العقرب وممنوع من الزيارة ولما قابل الشباب اللي معاه في القضية يوم جلسة التجديد مطلبش حاجة غير ان الناس تعرف هو فين وتعرف ظروف حبسه وتكتب عنه
ياريت نفتكره ونتكلم عنه #الحرية_لأحمد_محيي

Saturday, April 13, 2019

price-gouging laws قوانين التحايل في الاسعار



موضوع المقال القصير التالي هو توجيه انتباه الباحثين القانونيين نحو البحث في الموضوع التالي: في الدول التي تتبني السوق الحر كنظام اقتصادي، هي يوجد في نظامها القانوني جرائم تتعلق بالتحايل في الأسعار؟ الإجابة هي نعم- والولايات المتحدة الأمريكية هي مثال جيد

أولاً: لمعرفة المزيد من التفاصيل عن المقصود بهذا المصطلح (التحايل في الأسعار)، يمكن الرجوع لصفحة ويكيبيديا الخاصة بالمصطلح الأصلي باللغة الإنجليزية كنقطة بداية- وفيها أن المقصود بالتحايل في الأسعار هو ما يقوم به البائع بزيادة السعر لمستوى أعلى بكثير مما يمكن اعتباره معقولاً أو عادلاً، بل يمكن اعتباره استغلالاً غير أخلاقياً-  هامش رقم ١

ثانياً: ترجمة هذا المصطلح إلي العربية بإعتباره (قوانين التحايل في الأسعار) له
 أصل في كتاب مايكل ساندل بعنوان (العدالة وما الجدير أن يعمل به)- هامش رقم ٢

ثالثاً: ابرز مثال للجريمة التي تتعلق بمخالفة هذه القوانين هي الموجودة في ولاية كاليفورنيا في عدة حالات منها حالة الطوارئ- هامش رقم ٣. وقد تم تعديل النص الخاص بها عام ٢٠١٨ نظراً لما كشف عنه قصورها عن مكافحة الممارسات غير السليمة في إيجار الأماكن عقب الحرائق البرية عام ٢٠١٧- ورغم قصور النص في صورته السابقة على التعديل ورغم عدم وجود آلية فعالة لمراقبة الأسعار، إلا أن هذا لم يمنع المسئولين عن إنفاذ القانون (المدعي العام في المقاطعة مثلاً) من تشكيل قوة عمل مهمتها تتبع التقارير الإخبارية والشكاوى الفردية، والتحقيق وتوجيه الإتهام عند ثبوت المخالفات- هامش رقم ٤





هامش رقم ١
Wikipedia, the free encyclopedia, Price gouging. 
Available at https://en.wikipedia.org/wiki/Price_gouging
"Price gouging is a term referring to when a seller spikes the prices of goods, services or commodities to a level much higher than is considered reasonable or fair, and is considered exploitative, potentially "to an unethical extent
هامش رقم ٢
مايكل ساندل، العدالة وما الجدير أن يعمل به، ترجمة مروان الرشيد، جداول للنشر، مؤمنون بلا حدود، ط ١، نوفمبر ٢٠١٥، ص ١٩- في حديثه عن حجج المعارضين والمدافعين عن قوانين التحايل في الأسعار- متاح في الرابط التالي
http://justicediwan.org/home/showonepage/251.html

هامش رقم ٣
Wikipedia, the free encyclopedia, Price gouging. 
Available at https://en.wikipedia.org/wiki/Price_gouging
As of January 2019, 34 states have laws against price-gouging. If you are concerned about price-gouging, you should refer to your individual state's law. Price-gouging is often defined in terms of the three criteria listed below:
  1. Period of emergency: The majority of laws apply only to price shifts during a declared state of emergency or disaster.
  2. Necessary items: Most laws apply exclusively to items essential to survival, such as food, water, and housing.
  3. Price ceilings: Laws limit the maximum price that can be charged for given goods.
هامش رقم ٤
California Penal Code, Section 396, cited in: Wikipedia, the free encyclopedia, Price gouging. 
Available at https://en.wikipedia.org/wiki/Price_gouging 
Even though California prohibits price hikes after an emergency is declared, the state, like many others, has virtually no price monitoring structure for oversight. Attorneys and law enforcement generally rely on news reports and word of mouth to learn about exploitative pricing practices. The District Attorney of Sonoma County has attempted to remedy this by creating its own task force focused on combatting and prosecuting price gouging.

Wednesday, April 10, 2019

انفصال القانون عن الواقع



هناك أمثلة عديدة في مجتمعاتنا العربية لحالات تنفصل فيها القاعدة القانونية عن الحكمة التشريعية المبتغاة أصلاً من القاعدة، وهناك أمثلة عديدة أخرى ينفصل فيها التطبيق الواقعي للقاعدة القانونية عن أي منطق قانوني او حكمة تشريعية تسعى القاعدة لتحقيقها

عقوبة مراقبة الشرطة مثلا 
أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية دراسة قانونية بعنوان: (محل السكن قسم الشرطة: الوضع تحت مراقبة الشرطة، قواعده وضوابطه ومدى توافقه مع معايير حقوق الإنسان).  تتعرض لتاريخ المراقبة الشرطية كعقوبة، والأطر القانونية المنظِّمة لها, كيف بدأت وتبدلت

جاء فيها
"لو كانت الأولوية لوزارة الداخلية، هي إعادة إدماج المحكوم عليهم في المجتمع، فإن ذلك لا يستوي مع التطبيق العملي لها والذي في حقيقة الأمر يضع عراقيل أمام المُراقب الذي يسعى إلى كسب عيشه بطريقة مشروعة

مثال آخر هو: الاختبار العملي للقيادة للحصول على رخصة قيادة السيارة مثلاً
لو لم تكن التعليمات واضحة- ما أمكن تقييم من يتم اختباره تقييماً صحيحاً- اركن غير اركن بالطول غير اركن بالعرض
ولو أنه سبق أن اجتاز هذا الاختبار في دولة أخرى فيمكن له -وفقاً للقانون- الحصول على رخصة بدلاً من رخصة دون أن يتطلب الأمر واسطة

Monday, April 1, 2019

الحماية الجنائية للنظام الجمهوري Criminal Protection of the Republic



 مجموعة الأفكار التالية تهدف إلي مساعدة الباحثين في هذا المجال في تتبع الموضوع في القانون بصفة عامة على أن يلي ذلك فيما بعد أفكار لتتبع الموضوع في القانون المقارن

أولاً: الحماية الجنائية للنظام الجمهوري هي فرع من أصل لابد من التطرق له ابتداء وهو الحماية القانونية لنظام الدولة الجمهوري

ثانياً: يتصل هذا الأصل اتصال وثيق بمفهوم الدولة والتي هي أيضاً فرع من أصل هو مفهوم الشعب ودور الفرد بإعتباره نواة هذا الأصل

ثالثاً: مفهوم الشعب ودور الفرد والوظيفة الأجتماعية للفرد ليس بأمر جامد تحدده نصوص قانونية جامدة بل أمر واقعي تحدده مجموعة من العوامل الواقعية

رابعاً: أدوات مدرسة التحليل الواقعي للقانون لها أهمية بالغة في التعرف على دور الفرد ومفهوم الشعب والحكومة خاصة في المجتمعات التي تتطور بزيادة الوعي فيها

خامساً: محضر اجتماع مجلس الوزراء وحديث الرئيس عبد الناصر فيه عن ضرورة تغيير مفهوم الدولة والإيمان بدور الفرد هو نقطة بداية يمكن لمدرسة التحليل الواقعي  للقانون دراستها

سادساً: ما قاله عبد الناصر من أن دور الدولة يجب أن يتغير وألا يكون دورها هو العمل لسيادة طبقة على طبقة بل لتحقيق العدالة والمساواة هو في صميمه يمس السياسة العامة القانونية والتي هي أحد أدوات الدولة 

سابعاً: ما سرده الدكتور حسام بدراوي عن الأيام الأخيرة في فترة الرئيس مبارك هو نقطة بداية مهمة أيضاً للتحليل الواقعي للقانون في مصر







سامى شرف يتذكر(1) كيف فكر عبد الناصر فى «حل جذرى» لإصلاح الجهاز الحكومى؟
الأهرام


إصلاح الجهاز الحكومى وكيفيته وفلسفته، هى تساؤلات مطروحة دائما على مائدة البحث فى مصر عبر العصور، فى الماضى والحاضر لأجل المستقبل، وفى هذه السطور التى نقدمها من واقع محضر اجتماع جلسة مجلس الوزراء يوم 29 أكتوبر عام 1961، تحدث الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر باستفاضة عن رؤيته للمسألة بالكامل،
قائلا إننا إذا عملنا - فى مسألة الإصلاح- على تعديل ما هو موجود، والبناء على أنقاضه، فكأننا لم نفعل شيئا، لكن لا بد من تغيير جذرى فى الجهاز الحكومى؛ تغيير يرتبط بالمفاهيم، وعلى رأسها مفهوم الدولة ذاتها، ودورها الذى يجب أن تقوم به، لا ما كانت تقوم به منذ القدم فى مصر.

............................................................

فى البداية قال جمال عبد الناصر: إننا لكى «نهز» جهاز الدولة لابد من أمرين. أولا : بحث مفهوم الدولة، وإلغاء كل ما كان فى الماضى فى هذا الشأن، وعمل شىء جديد يحقق الهدف الذى نعمل من أجله. وثانيا: بالنسبة للفرد لا بد أن نعطيه الفرصة الكاملة ليكون على قدم المساواة مع الباقين، فالفرد هو الموجود فى المجتمع، لن نستطيع أن نستورد أفرادا من الخارج للتطعيم، لأن هذا مجتمعنا ولا يصح أن نيأس منه ، لكن نحاول تطويره وهذه مسئوليتنا الأساسية باعتبارنا قيادة لهذا المجتمع.

وأوضح قائلا: لن يمكن تطوير هذا المجتمع إلا إذا آمنا بالفرد.. «أبو مخ قافل» رأيته فى الجيش، بعد ستين يوما من دخوله كان مثل «اللهلوبة». هذا الفرد كان يحضر من القرية إلى الوحدة «متلبش» لا يعرف كيف يسير، وبعد ثلاثة أشهر أصبح مثل «الجن» ونبيه. هذا الفرد كان لا يعرف القراءة والكتابة ولكنه يعمل فى أى سلاح.. «الفرد ده مش عبيط زى ما بيقولوا»، لكنه خبيث وعنده ملكة قوية، «طول النهار فى الغيط»، لم يجد الفرصة وعلينا أن نوجد له الفرصة.. هذا الفرد كان فى الجيش يحفظ كتاب ضرب النار وكان غيره من المتعلمين والمثقفين لا يستطيع ذلك.. «هو ده الفلاح والمواطن المصرى»! الذى لم نكتشفه حتى الآن.. لماذا؟! لسبب بسيط هو الدولة.

وتساءل الزعيم قائلا: ما هى الدولة؟.. الدولة هى عبارة عن سلطة أقامتها الفئة المتحكمة لتحمى مصالحها.. الدولة هى السبب فى أن المواطن «متلبش».. الدولة منذ القدم تعمل لصالح فئة قليلة، وتعامل هؤلاء الناس على أنهم عبيد!. وأضاف: عندما نقول إننا نحتاج لحل جذرى فى هذه العملية.. «حقيقى يجب هز الجهاز الحكومى هزا».. ما هو معنى الهز؟.. ليست لوائح أو قوانين أو علاوات للموظفين.. لكن الدولة منذ القدم كيف كانت تسير؟.. فى عهد المماليك كانت تخدم من يجمع الضرائب للسلطان.. إذن الدولة من الخديوى حتى الجندى وجدت لتحمى ملكية أصحاب الأملاك، وتحمى ثروات أصحاب الثروات، ومصالح أصحاب المصالح.. تحمى الفئة القليلة التى ملكت هذا البلد. لكن عندما نقول إننا نهز هذا الجهاز هزا يجب تغيير المفاهيم كلية.. اليوم البوليس يحمى أصحاب البيوت والأراضى.. «شيل» البوليس وقل: لن أحمى هؤلاء.. سوف تنقض فئة على المنازل وسيقوم الفلاح وأولاده ويستولون على قطعة أرض بالقوة ويقيم العدالة التى يراها. وقال إن الدولة منذ القدم تحمى الملاك من الذين لا يملكون، وتحمى أصحاب المصانع من العمال، وتحمى أصحاب الأرض من الفلاحين، ومازلنا نطبق مفهوم الدولة الذى ورثناه مهما غيرنا اللوائح والقوانين.. لا فائدة.. فمثلا الشخص الذى ارتكب جريمة قتل تكون عنده الفرصة للبراءة إذا كان يستطيع أن يدفع المال للمحامى، فيمكن أن يدافع عنه أحسن المحامين، لكن الشخص الذى لا نقود عنده وارتكب جريمة قتل ضاع فى هذا البلد.. لأن الدولة خلقت لتحمى أصحاب الأموال.

وأكد قائلا: لأجل أن نعيد بناء هذا المجتمع، يجب أن نبدأ بالدولة.. لمن تعمل الدولة؟.. هل تعمل على سيادة طبقة لطبقة؟.. أم لإقامة العدالة والمساواة؟.. الدولة حتى الآن تعمل لصالح طبقة.. نحن حتى الآن نعمل بقوانين إسماعيل صدقى وتوفيق نسيم وغيرهما.. هذه القوانين وضعت لصالح الطبقات التى كانت سائدة.. وإذا قلنا إننا نريد هز جهاز الدولة هزا، فإنه ليس بتغيير اللوائح والقوانين، بل بتحديد ما هو مفهوم الدولة.

وبكلمات حاسمة فى اجتماع الحكومة، قال جمال عبدالناصر: يلزم إلغاء الماضى، وأن نعمل شيئا جديدا لنحقق الهدف الذى نعمل من أجله، وأن يأخذ كل فرد فرصة كاملة ليكون على قدم المساواة مع الباقين.. ويعطى الفرصة المعنوية فى القرية ويكون له صوت وكلمة كأى فرد، وتكون له السلطة الأعلى، لأنه هذا الفلاح الآن إذا رأى ضابط النقطة أو عمدة القرية فإنه لا يستطيع مقابلته ويغيّر طريقه.

وأوضح قائلا: .... وإذا قلنا إصلاح الجهاز الحكومى.. من يصلحه؟ هل الموظفون؟.. إذا لم يأخذوا التوجيه الواضح الصريح منا، فستكون الدولة بذلك تخدم الفئة التى تكلمت عنها، فيجب أن يكون التغيير جذريا لإقامة مجتمع جديد، ولكن إذا عملنا على أنقاض وتعديل ما هو موجود فكأننا لم نعمل شيئا، ولم نستطع أن نعمل شيئا.. ماذا فعل سيكوتورى؟.. قال إن الدفاع عن الفرد حق.. لماذا هذا يستطيع أن يدفع للمحامى وذاك لا يستطيع؟.. قام بجمع المحامين فى غينيا وجعلهم تابعين للدولة ويتقاضون مرتبات من الدولة.. ونحن مسئولون كحكومة عن الدفاع عن هذا البلد.. لا أن يجد الغنى الفرصة للدفاع عن نفسه ولا يجدها الفقير.

ثم انتقل جمال عبد الناصر فى الاجتماع إلى التعليق على «الاتحاد القومى» فقال: المفهوم الجديد للاتحاد القومى اليوم غير مفهومه من سنة، قد يمثل الاتحاد القومى بعد عام حزبا.. هو حزب المؤمنين بالاشتراكية، أو حزب من عملت الاشتراكية من أجلهم.. مفهومى تغير عن الكلام الذى قلته منذ عام.. قلت إن الاتحاد القومى لا يمكن أن يكون حزبا.. نجمع الطبقات داخل الاتحاد القومى لتحل المتناقضات بالطرق السلمية، حيث لا مجال داخله لصراع الطبقات، وإنما تحل مشاكله بالطرق السلمية، ولكن يوجد مجال لحل المتناقضات بين الشعب.. بين الفلاحين.. بين العمال.. بين المثقفين.. مفهوم الاتحاد القومى الآن يختلف عن مفهومى له فى السنة الماضية، لأنى كنت أقول أن كل مواطن عضو فى الاتحاد القومى.. لكن الاتحاد القومى فى مفهومه الجديد هو حزب اشتراكى، بمعنى أنه لم يعد لجميع الطبقات، بل للفئات التى تحدد على أنها هى الشعب وهذا تغيير جذرى بالنسبة لفكرة الاتحاد القومى.


http://www.ahram.org.eg/NewsQ/594737.aspx


أسرار الساعات الأخيرة قبل التنحى


شهادة تاريخية يسجلها حسام بدراوى فى «رجل العاصفة» و «أروقة القصر»
 
يومان.. وطائرتان.. تفصل بين كل منهما 6 أعوام و41 يوما بالتمام.. جرت خلالها فى نهر الحياة المصرية مياه كثيرة ودماء وفيرة.. وتغير مسار التاريخ!.

11 فبراير 2011.. طائرة هليكوبتر تقلع من مقر قصر الحكم فى مصر الجديدة لتقل الرئيس - وقتها- محمد حسنى مبارك إلى شرم الشيخ.. قبل ساعات من إذاعة بيان «تخليه» عن الحكم.. فى مشهد أخير يعلن انتصار ثورة 25 يناير وتحقيق مطلبها الرئيسى المتمثل فى رحيل الرئيس.

24 مارس 2017.. طائرة هليكوبتر تقلع من مستشفى القوات المسلحة بالمعادى لتقل الرئيس الأسبق حسنى مبارك إلى منزله فى مصر الجديدة.. بعد أيام من صدور حكم النقض بتبرئته فى قضية قتل متظاهرى ثورة 25 يناير.. فى مشهد أخير يعلن براءته من دماء المتظاهرين.

6 أعوام و41 يوما بالتمام.. ما بين الخروج من قصر الحكم والعودة إلى المنزل الخاص.. غصنا خلالها وسط طوفان الحقائق والأكاذيب والشائعات.. الأحداث والتحليلات والترجيحات.. الفتن والمؤامرات والانقسامات.. حتى قاطع المرء أخاه على اختلاف فى الرأي!.

لذلك.. ولأجل النجاة من الطوفان.. فإننا نعلن هنا مسبقا أننا لم يحركنا إلى كتابة سطور هذه القصة؛ «قصة اشتباك»، سوى أمر واحد.. هو «المعلومات».. نبحث عنها وعن الحقيقة فى التاريخ.. من خلال الشهادات التاريخية المنسوبة لأصحابها.. التى تحتمل بالطبع ظهور شهادات أخرى مقابلة.. ذلك السبيل الذى ينبغى أن يضمنا جميعا لمعرفة حقيقة ما جري.. وهو أيضا السبيل الذى ينبغى ألا يغضب أحدا.. بل لعله ينطوى على تطبيق حرفى لما قاله الرئيس الأسبق حسنى مبارك بنفسه عن نفسه: «سيحكم التاريخ عليّ وعلى غيرى بما لنا أو علينا».. وها نحن نسعى إلى قطع خطوة على طريق وضع تصور حول حكم التاريخ.



نحن الآن أمام «شهادة تاريخية».. وردت فى كتاب صدر حديثا، هو كتاب «رجل العاصفة» للكاتب الصحفى والإعلامى الشاب أحمد مبارك، عن الدار المصرية اللبنانية، ويضم شهادة كاملة للدكتور حسام بدراوى آخر أمين عام للحزب الوطنى الديمقراطى السابق، والذى تم تعيينه فى منصبه عقب اندلاع ثورة 25 يناير، ثم استقال بعد 5 أيام فقط.. ونحن هنا بينما نكتب الآن هذه القصة؛ «قصة اشتباك»، فإننا ننقلها عن الكتاب وعن وثيقة أخرى (مرئية) لم تنل ما تستحق من اهتمام، وهى فيلم توثيقى باسم «أروقة القصر.. كيف تنحى مبارك؟» كتبه أيضا نفس مؤلف الكتاب أحمد مبارك وأخرجه أحمد فتحي.. والآن فهذه هى أبرز فصول القصة التاريخية.

تلك الأيام

عقب نجاح الثورة التونسية فى الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي، فى نهاية عام 2010، كان معظم المسئولين فى مصر يرددون عبارة «مصر مش زى تونس»، إلا أن الدكتور حسام بدراوى عضو لجنة السياسات فى الحزب الوطنى شعر بخطورة الموقف، فى ظل تأخر الإصلاحات التى سبق أن طالب بها فى اقتراحات مكتوبة للرئيس مبارك، وأعاد طرحها فى الغرف المغلقة والإعلام، حتى أصبح يعتبر أقرب رجال النظام إلى المعارضة، بما فى ذلك حركة «كفاية» نفسها، التى كان ضيفا على مائدتها فى سحور رمضاني، مؤمنا دوما بمبدأ «الإصلاح من الداخل». لذلك حاول بدراوى أن يفعل شيئا، قبل يوم 25 يناير، فطلب مقابلة الرئيس، لكن لم تتم الاستجابة له، فطلب مقابلة أمين لجنة السياسات جمال مبارك.

خلال اللقاء يوم 20 يناير 2011، قال حسام بدراوى لجمال مبارك: «يجب أن يستبق الرئيس التظاهرات بقرارات سياسية ترضى الناس.. ما رصدته خلال اتصالاتى وأسرتى وتلامذتى وأصدقائى وأصدقاء أبنائى يقول إن هناك حالة غضب كبيرة بين الناس والشباب.. الناس عايزة تغيير حقيقي».

رد جمال قائلا: «كلها 48 ساعة والناس حترجع لأعمالها وحياتها.. يمكن أنت تأثرت بكلام المعارضة أكثر من اللازم.. الناس فى الأطراف وفى الصعيد ماعندهمش الإحساس ده.. حصلت إنجازات كبيرة الناس حاسة بيها الفترة اللى فاتت. الوضع هنا مختلف عن تونس، الرئيس التونسى كانت قراراته خاطئة وتصرف بتسرع، والجيش شد الكوبس»!.

بدراوي: «يجب ألا ننسى أن الجيش فى الأساس يحمى الشرعية. وإذا شعرت القوات المسلحة بأن الشعب لا يريد النظام فستقف مع الشعب».

حدث شد وجذب خلال الحوار، وشعر بدراوى فى الختام بأن مسافة كبيرة تفصل بين ما يراه فى الشارع وما رآه من هدوء وثقة عند نجل الرئيس.. لذا فقد خرج من المقابلة وهو يكاد يرى بعينيه حجم الكارثة المقبلة!.

الحريق

لا أحد يمكنه أن يعرف بالتحديد طبيعة شعور رجل انحاز على مدى سنوات إلى خيار الإصلاح من الداخل، بينما يجد نفسه يجلس الآن وهو يتابع بعينين ذاهلتين ذلك «الداخل».. وهو يحترق!.

مساء الجمعة 28 يناير، كان حسام بدراوى يشاهد مع أسرته عبر الشاشات مبنى الحزب الوطنى وهو يحترق.. ربما دمعت عيناه فى تلك اللحظة أو شعر بتجمد الدماء فى عروقه أو انتفض شعر رأسه.. وهو يرى النار تأتى على المكان الذى يعرفه جيدا.. يعرف جنباته وطرقاته.. غرفه المغلقة كانت شاهدة على مناقشاته ومجادلاته.. وكل محاولاته الحثيثة لمنع الحريق.. لكن ها هو الحريق - أخيرا- قد وقع!.

عقارب الساعة تشير إلى الثامنة مساء الجمعة.. كان لا بد من عمل شيء.. أى شيء.. اتصل بدراوى بجمال مبارك.. وقال له: «فين الرئيس؟.. الأحداث تستدعى مواجهة الأمة.. لازم رئيس الجمهورية المنتخب يخرج يكلم الأمة ويعلن القرارات اللى اتكلمنا فيها.. الوضع لا يحتمل التأخير».

رد جمال: «حيطلع هيكلم الناس وحيعلن قرارات».

صباح السبت 29 يناير، حاول بدراوى الاتصال بالرئيس نفسه، لكنه لم يتمكن، فطلب من القصر الاتصال بجمال مبارك، ولم يتمكن أيضا، فطلب من سكرتارية الرئاسة الاتصال بحرم الرئيس سوزان مبارك.. وبالفعل - بعد دقائق- أعادت السكرتارية الاتصال به.. وكانت السيدة سوزان على الجانب الآخر من الهاتف.. ودار بينهما الحوار.

بدراوي: «اسمحى لى يا هانم.. جايز ما يكونش ده دوري.. لكن واجبى يحتم عليّ أن تنقلى رسالتى للرئيس.. المستشارون اللى حول الرئيس همّ اللى أوصلوا الأمور للنقطة دي.. أخبرى الرئيس أن الخروج يأتى بتغيير الدائرة اللى بتحيط بالرئيس.. وخطاب الرئيس أمس لن يكفى لحل الأزمة».

سوزان: «رأيك ايه؟».

بدراوي: «الرئيس لازم يأخذ موقفا سريعا ويعلن للناس عدم ترشحه مجددا هو أو جمال.. ويستجيب للناس فيما يتعلق بالتعديلات الدستورية».

سوزان: «إحنا مطروح أمامنا كل الحلول.. وإحنا يناقش كل الاحتمالات.. والرئيس حيأخذ القرار المناسب».

الكابوس.. والقرار

صباح الأربعاء 2 فبراير، كانت «موقعة الجمل» بالنسبة للدكتور حسام بدراوى بمثابة الكابوس.. فها هى أسوأ مخاوفه يراها تتحقق أمام عينيه.. فى لحظة تاريخية يقول إنها كانت من اللحظات الأكثر قسوة فى حياته.. شعر بالذنب كسياسى فشل أن يحمى بلاده من السقوط فى هذه الهوة السحيقة.

«أكنت مخطئا؟!».. سؤال وجهه الدكتور بدراوى إلى ذاته فى لحظة وقفة مع النفس حول الماضي.. لكن السؤال سرعان ما غدا لأجل المستقبل فأصبح: «هل هناك بيدى شيء يمكن من خلاله منع إراقة المزيد من الدماء؟!».. وجاءت الإجابة بالفعل بعد يومين.. فقد كان حسام بدراوى على موعد مع أصعب قرار يتخذه فى حياته.

وصل د.بدراوى إلى مقر رئاسة الجمهورية لمقابلة مبارك، بناء على طلب الأخير، وبمجرد وصوله أدخلوه فورا إلى مكتب الرئيس الذى كان يجلس فى انتظاره.

ويروى بدراوى المشهد كاملا بأدق التفاصيل - بالصوت والصورة- فى فيلم «أروقة القصر» فيقول إنه دخل القصر الجمهورى ثم توجه إلى مكتب الرئيس. انفتح الباب فوجد مبارك جالسا على مكتبه يرتدى قميصا وبنطلونا ورابطة عنق بلا جاكيت، وحوله صفوت الشريف وجمال مبارك وزكريا عزمي. وعندما دخل قام الرئيس من مكتبه للترحيب به، ونظر فى عينيه قائلا: «تلاقيك بتقول ما جابنيش وزير ولا سأل فيّ ودلوقتى عايزني؟».. فلم يرد بدراوى لكن مبارك واصل الكلام بتمكّن ووضوح - على حد وصف د.حسام- فقال: «على فكرة.. أنا فكّرت فيك قبل كده وزير صحة ووزير تعليم.. وفى اللحظة دى فكرت فيك رئيس وزراء.. لكن الظروف دلوقتى مختلفة.. اوعى تكون كنت بتزعل منى لما كنت بأقول كلام كده يمسّك فى الاجتماعات العامة.. لكن ما كنتش بأقول اسمك عشان ماحدش يؤذيك»!.

وواصل مبارك الكلام قائلا: «طبعا الموقف خطير.. وأنا عايزك تمسك أمانة الحزب وتبقى أنت الأمين العام.. وعايزك تبقى أمين السياسات.. وتتصرف كما تحب أن تتصرف.. أنا باسمعك وعارف آراءك.. وأنت صح.. أنت آراؤك كانت صح».

بدراوي: «لكن طبعا لا يمكن إدارة الحزب فى ظل وجود نفس هيئة المكتب.. لازم الهيئة كلها تستقيل».

مبارك: «كل الهيئة مستقيلة.. واعمل اللى أنت تراه صح.. اتصرف كما تريد».

بدراوي: «يعنى أنا لى يد مطلقة؟».

مبارك: «لك يد مطلقة».

بدراوي: «سيادة الرئيس.. عندى شرط».

مبارك: «إيه؟».

بدراوي: «فى المرحلة دى لو عايز أقابل سيادتك أدخل أقابلك وقت ما أحب.. لأن ما ينفعش توضع حدود أو دوائر حولك.. أنت بتكلفنى عشان أكون أمينا سياسيا وأنا حاقولك رأيى السياسى ورأى الناس والشباب.. وبالتالى لازم يكون لى صلة مباشرة بك».

مبارك: «أى وقت عايز تقابلنى تعال قابلني».

المواجهة

أربعة أيام قضاها بدراوى بين الشباب والقوى السياسية والإعلام.. وعقد اللقاءات والاجتماعات داخل القصر وخارجه.. حتى ظهرت له الحقيقة!.

أدرك حسام بدراوى أن أمامه فرصة أخيرة لإنقاذ الوضع قبل الانفجار، فقرر مواجهة الرئيس.. كان عليه - كما يقول المؤلف أحمد مبارك- أن يقول للرئيس بصراحة ما لم يستطع أحد أن يقوله له.. مدركا أن الحقيقة قد تكون مؤلمة لمن اعتاد سماع الأوهام .. فكيف لو كان الواهم هو رئيس الدولة؟!.. لكن الحقيقة هى أن هناك ثورة!.

يوم الأربعاء 9 فبراير، اتصل د.بدراوى بالنائب عمر سليمان وقال له: «آن الآوان ان تسمعوا رأيي.. أنا بقى لى 4 أيام باشتغل.. وعايز أقول لكم نتيجة اتصالاتى وقناعتى السياسية دلوقتي».. فأجاب سليمان بأنه فى انتظاره فى مكتبه بقصر الاتحادية.

وصل بدراوى فى الساعة العاشرة صباحا، وقال لنائب الرئيس: «أرى أنه حان الوقت ليسلم الرئيس سلطاته لنائب الرئيس، ويطلب تعديل مواد الدستور المحددة لمدد الرئاسة ومواد الشفافية والمساءلة، وأنه يطلب انتخابات مبكرة، وهو ما يجعل الناس تطمئن أن هناك نظاما جديدا سيأتى بإرادتهم».

وافق عمر سليمان دون مناقشة، وقال: «كل ما تقوله صحيح».

ردّ بدراوي: «خلاص.. أنا بصفتى الحالية هأدعو لاجتماع مع الرئيس.. حضرتك تحضره مع رئيس الوزراء ووزير الدفاع.. عشان أقول له هذا الكلام أمامكم».

سليمان: «أنا رجل عسكرى والرجل الثانى فى الحكم، وقد يُفهم كلامى أنى أريد الحصول على مكانه. أنا بمعرفتى بشخصية الرئيس، أُفضل أن تقول له هذا الكلام مباشرة، ولا أُفضل أن يكون هناك أحد موجودا غيركما، حتى تكون درجة التقبل أكبر».

وبالفعل.. تحرك حسام بدراوي، وكانت الرحلة القصيرة بين مكتبى نائب الرئيس والرئيس، لكنها - على حد قوله- أطول رحلة قام بها فى حياته.

يقول بدراوي: «توجهت إلى مكتب الرئيس وكل المستشارين فى الغرف المختلفة كانوا يترقبون. إيه ده؟. رايح يقابل الرئيس من غير ما يتفق مع أحد؟. سواء جمال أو د.زكريا أو الآخرين. أما كبير الياوران فقال لي: أرجوك يا دكتور لا تقف ولا تكلم أحدا. إدخل على طول. إحنا محتاجين إن الرئيس يسمع منك مباشرة».

دخل حسام بدراوى بالفعل مكتب الرئيس الذى انتقل من كرسيه وجلس بجواره فى صالون المكتب، ودار بينهما حوار تاريخى مهم، ننقله هنا بالنص من واقع شهادة د.بدراوى فى فيلم «أروقة القصر»:

مبارك: «عملت إيه وقابلت مين وإيه اللى بيجري؟».

بدراوي: «يا سيادة الرئيس.. المقابلات مع أعضاء الحزب أو لجانه لا قيمة لها الآن.. أنا جاى أقول لك وجهة نظري.. وأرجوك أن يتسع صدرك للى هاقوله».

مبارك: «تفضل».

بدراوي: «سيادة الرئيس.. إننى أرى شاوتشيسكو أمام عيني». (الرئيس الرومانى الأسبق الذى ثار عليه شعبه وأعدمه).

مبارك: «يعنى إيه؟!».

بدراوي: «إننى أرى سيناريو رومانيا أمامي».

مبارك: «تقصد إيه؟.. يعنى إيه؟.. حيموتوني؟!».

بدراوي: «احتمال كبير!».

مبارك: «أنا مستعد أموت عشان بلدي».

بدراوي: «..وسيادتك تموت ليه عشان بلدك وأنت تقدر تعيش عشان بلدك؟.. سيادتك خذ القرار الصحيح.. بالتنحى عن الحكم.. انقل الحكم بشكل شرعي.. أطلب التعديلات الدستورية اللى الناس عايزاها.. وهى مواد معروفة للجميع.. ويبقى أمامك قراران فقط بصفتك الرئيس.. أولا الدعوة للاستفتاء العام على التعديلات الدستورية.. وثانيا الدعوة لانتخابات مبكرة للرئاسة.. وبهذا تكون حققت وعدك.. ونقلت البلد فى إطار احترام هذه الثورة وهذا الشباب من غير ما يحصل فراغ سياسى ولا فوضي.. فنحقق الهدفين فى نفس الوقت».

مبارك: «أنا ما يهمنيش حاجة غير استقرار البلد.. لكن أنت عارف أنا لما استلمت البلد دى كانت إيه؟!.. ماكانش فيه بنية تحتية ولا مواصلات ولا صرف صحي».

بدراوي: «أيوه أنا عارف.. لكن فيه 45 مليون واحد فى الشعب المصرى اتولدوا بعد ذلك اليوم.. مش مهم بالنسبة لهم الأمور كانت إيه من 30 سنة.. المهم عندهم الأمور النهارده إيه.. وأنا باقول لسيادتك من خلال قعدتى مع الشباب إنه شباب محترم جدا.. دى مش ثورة جياع.. دى ثورة للرغبة فى التغيير».

مبارك: «أنا ماكنتش ناوى أرشح نفسي.. وكنت هاسيب الحكم».

بدراوي: «الناس مش مصدقة.. القناعة عند الناس إن ده مش حقيقة.. وبالتالى لازم سيادتك تطلع تقول الكلام ده بوضوح وتتنحى عن الحكم.. فاضل 6 أشهر.. ونسيب فرصة للمجتمع أنه يختار فى إطار من الشرعية».

مبارك: «لكن لازم أكلم القانونيين يشوفوا الكلام ده ممكن إزاي».

بدراوي: «يا فندم.. القانونيون بينظروا فى عينيك ويشوفوا إنت عايز إيه.. ويقولوا لك الحلول اللى بيظنوا أنك أنت عايزها.. ده مش قرار قانوني.. ده قرار سياسي.. والقرار السياسى سيادتك اللى تأخذه مش القانونيين».

مبارك: «أنت عارف دورى فى حرب أكتوبر وأنا عملت إيه؟».

بدراوي: «عارف.. عارف لأن عمرى 59 سنة.. لكن غيرى بيشوف اللحظة دي.. واللحظة دى عايزة هذا التغيير».

مبارك: «أنت شايف إن ده يحمى البلد؟».

بدراوي: «أيوه».

مبارك: «أنت عارف إن الولاد دول لو جاءوا هنا.. ممكن الحرس الجمهورى يضرب فى المليان؟!».

بدراوي: «عارف.. لكن ده يعطى شرعية تاريخية لأحداث مشابهة لما حدث فى رومانيا».

مبارك: «أنا مش عايز حد يموت».

بدراوي: «يا فندم.. خذ الإجراء الذى يمنع ذلك.. إدى الناس الثقة إن ده مش هيحصل».

مبارك: «طيب.. كلم أنت فتحى سرور.. وأنا هاستدعى النائب ووزير الدفاع.. وشوف إيه الإجراءات».

بدراوي: «حاضر».

المفاجأة

برغم ما بدا من أن الوطن أصبح يقف على بعد خطوة واحدة - قصيرة- من إدراك سفينة النجاة.. إلا أن رياح التطورات المتسارعة - فى اللحظات الأخيرة- جاءت بما لا تشتهى سفن حسام بدراوى أو عمر سليمان أو مختلف العقلاء فى هذا الوطن.

يواصل د.بدراوى قائلا:

«أخبرت النائب عمر سليمان الذى كان ينتظرنى فى مكتبه بما جري.. وبعدها تم استدعاؤه للقاء الرئيس.. جلست فى مكتب النائب واتصلت بالدكتور فتحى سرور والمستشار سرى صيام.. ولكن وقعت المفاجأة.. جاءنى أحد الموظفين فى القصر الجمهورى وطلب منى مغادرة القصر.. قلت له: أفندم؟!.. أنت بتطردني؟!.. قال لي: أنا لا أطردك لكن عندى أوامر بأنك لازم تمشى بعد انتهاء المقابلة وفقا لقواعد البروتوكول فى القصر!.. قلت له: روح قل للى قال لك كده إنى حافضحكم وأطلع أقدم استقالتى علنا وأقول إنكم ناس بتعملوا إجراءات ضد مصلحة البلد».

وقبل تحرك بدراوى للخروج من القصر، سحب ورقة من على مكتب نائب الرئيس، وكتب عليها عبارة: «لقد تم طردى من القصر الجمهوري». وسلمها لمدير مكتب عمر سليمان.

ويقول بدراوي: «بعد ربع ساعة من خروجي، جاءنى اتصال فى السيارة من جمال مبارك، وقال لي: أنت فين؟ إحنا بندور عليك!.. قلت له: أنتم طردتونى قاصدين متعمدين.. رد قائلا: ماحدش يقدر يطردك، خذ الدكتور زكريا معك.. وقال لى د.زكريا عزمي: يا دكتور حسام أنت أمين عام الحزب مين يقدر يطردك؟ ده أنت اللى تطردنا.. قلت له: كفاية بقي، أنا حاطلع أقدم استقالتى دلوقتى فى الإعلام وأقول إنكم أنتم السبب فى ذلك.. قال لي: خذ جمال كلمه.. جمال قال لي: أرجوك إرجع، سيادة الريس عايزك».

عاد حسام بدراوى مرة أخرى إلى القصر، وتوجه إلى مكتب الرئيس مباشرة، حيث كان مبارك يجلس إلى مكتبه وأمامه النائب عمر سليمان، بينما يجلس المستشارون على «كنبة» خلفية.. جلس بدراوى على المقعد المقابل لنائب الرئيس.. ودار الحوار.

مبارك لبدراوي: «خلاص أنا هاطلع النهاردة أقول بيان».

بدراوي: «سيادتك هتقول بيان واضح فيه انتقال السلطة؟».

مبارك: «أيوه ما أنا قلت لك إنى هاعمل كده».

بدراوي: «حضرتك قلت لى لكن الناس مش مصدقة.. يا فندم هذا هو محور خطاب سيادتك للناس دلوقتي.. إنهم يعرفوا إنك لم تعد تمارس سلطة الرئاسة».

مبارك: «هاطلع أقول ده بوضوح».

بدراوي: «..وأرجو أن يشمل الكلام إحالة كل المسئولين عن أحداث العنف والقتل.. ده ييجى منك.. عشان تريح الناس».

مبارك: «أيوه أيوه.. هاعمل كده».

خرج الدكتور حسام بدراوى من المقابلة، وبينما كان فى طريقه إلى سيارته للخروج، التقى به بعض صغار الموظفين فى القصر وقالوا له: «يا دكتور نرجوك ما تمشيش.. هايغيروا كلامه»!.. إلا أنه توجه إلى منزله وجلس فى انتظار خطاب الرئيس بالشكل الذى تم الاتفاق عليه.

ولكن كان بدراوى على موعد مع كبرى المفاجآت التى حملها إليه اتصال هاتفي تلقاه فى غضون الساعة السابعة من مساء ذلك اليوم؛ الأربعاء 9 فبراير، حيث قال له أحد موظفى القصر: «مش حيطلع يتكلم يا دكتور»!.

قبل الإقلاع

صباح الجمعة 11 فبراير - كما يقول المؤلف أحمد مبارك- انفجر البركان.. وبدأت المسيرات فى التحرك نحو القصر، ضمن ما عرف باسم «جمعة الزحف»، حيث تدفق الآلاف نحو منطقة مصر الجديدة التى تضم قصر الرئاسة ومقر إقامة الرئيس اللذين لا تزيد المسافة بينهما على 300 متر.. ظل مبارك على مدى سنوات حكمه الثلاثين يقطعها بأمان واطمئنان.. أما الآن فقد حوصرت المنطقة بالأسلاك الشائكة ومدرعات الحرس الجمهوري.. ووراء كل هذه التحصينات انكمش أفراد العائلة الحاكمة فى قلق وخوف من مصير مجهول.. بعد أن صارت الجماهير لا يفصلها عن القصر سوى جدار وعدة أمتار!.

وعند الظهر.. غادر مبارك القصر.. أقلعت طائرة أقلته إلى شرم الشيخ.. أما البيان الشهير الذى سمعه الملايين فكتبه - وفقا للكتاب- نائب الرئيس عمر سليمان فى مكتب وزير الدفاع.. وقرأه على مبارك فى اتصال هاتفى بعد أن وصل إلى شرم الشيخ.. وافق مبارك على البيان.. لكنه طلب من سليمان تأجيل إذاعته لحين مغادرة طائرة أخرى حملت نجليه علاء وجمال من مطار ألماظة الى شرم الشيخ. وعقب المكالمة، قام عمر سليمان فى الحال بتسجيل البيان فى مقر وزارة الدفاع، وتم إرساله إلى التليفزيون مع تعليمات بعدم إذاعته إلا بأمر من المجلس العسكري.

.. وعقب الهبوط

والآن.. وبعد هذه السنوات.. بعد المحاكمات والمرافعات.. المواجهات والتراشقات.. التصريحات والتحليلات.. أصدر القضاء حكمه النهائى البات ببراءة الرئيس الأسبق حسنى مبارك من دم المتظاهرين.. ولأنه لا بديل عن أن يكون الحكم هو عنوان الحقيقة.. وإلا تاه الناس فى غياهب القصاص الفردي.. فنكون وقتها فى غابة لا دولة.. لذا فقد كان من الطبيعى أن تعود طائرة جديدة لتقل مبارك من المستشفى لتهبط به مرة أخري.. ولكن أين هبطت؟!.. عاد مبارك إلى منزله.. ليقضى ما تبقى له من عمر.. ولم يعد إلى القصر.. فالحقيقة التى مازال كثيرون يتناسونها هو أن مبارك ونجليه قد أصبحوا - من الإقلاع حتى الهبوط- خارج القصر.. وبخلاف كونهم مواطنين لهم حقوق وعليهم واجبات إلا أنهم - على مستوى السياسة- قد أصبحوا فى نظرنا أيضا خارج العصر.. أما على مستوى التاريخ فالباب مفتوح للإدلاء بالشهادات أمام الكل.. ويوما ما ستظهر المعلومات وتتكشف الحقيقة.. لكن ما نرجوه حقا هو أننا - ونحن منشغلون بالتاريخ- ينبغى ألا ننسى أن الماضى الذى تصارعنا طويلا حوله كان هو السبب والأساس فى تأخر إدراك المستقبل.. تأخرنا 30 عاما أو أكثر.. فليتنا لا نكرر الأخطاء.. ليتنا لا نفعل!.

http://www.ahram.org.eg/NewsQ/594741.aspx