Thursday, June 18, 2009

مسئولية الشركة جنائيا: 1909-2008

-->
ادانت محكمة الدائرة الفيدرالية الثانية (يناير الماضي) شركة ايوانا للنقل البحري عن افعال اجرامية ارتكبها أفراد تابعين لها رغم محاولات عديدة لحث المحكمة لإعادة قراءة القاعدة المستقرة منذ فترة طويلة بشأن مسؤولية الشركة عن افعال موظفي الدرجات الادني. احدي سفن الشركة مخصصة لنقل الزيوت، و عليها -حسب القانون الامريكي- الاحتفاظ بسجل يوضح طريقة بيانات التخلص من البقايا الزيتية. تم اتهام الشركة و بعض أعضاء طاقم السفينة بتزوير السجل و التآمر للتلاعب به بغرض تضليل حرس الساحل و إعاقة العدالة

أقام الإدعاء حجته -ووافقته المحكمة- علي اساس ثبوت مسئولية الشركة عن أفعال تابعيها في الدرجات الوظيفية الأدني حتي لو كانت أفعالهم مخالفة صريحة لسياسة الشركة و ورغم نظام رقابة دقيق طالما ثبتت شروط المسئولية: (1) الفاعل تابع للشركة (2) الفعل في إطار عمله الوظيفي (3) الشركة هي المستفيدة من فعله.

ما قررته المحكمة لا يخرج عما قررته المحكمة العليا الأمريكية منذ ما يزيد علي قرن من الزمان. في 1909 جادلت احدي الشركات دستورية ما قرره الكونجرس من امتداد المسئولية الجنائية الناجمة عن مخالفة تعريفة النقل الي الشركات لو كان الفاعل يعمل لحسابها.

أخيراً، بدأ القضاء المصري في الإعتراف بالمسئولية الجنائية للشركات صراحة. في قضية أحتكار الأسمنت الشهيرة، قررت محكمة جنح اول مدينة نصر(قضية2900 لسنة 2008جلسة 25/8/2008) حسم المسألة بمناسبة ردها علي الدفع (بعدم دستورية م2/25 من القانون2005/3 بحجة إخلالها بمبدأ شخصية العقوبة). أوضحت المحكمة أن
"المشرع المصري سابقاً لم يأخذ بمبدأ المسئولية الجنائية للأشخاص الإعتباريين و ذلك لأن تلك الفكرة لم تكن مطروحة نظرياً وعملياً و بالتالي تشريعياً لعدم الحاجة إليها إذ كانت الدولة تملك كافة المشروعات الإقتصادية بكافة صورها و تديرها إدارة مباشرة علي نحو لا يتصور مخالفة هذه المشروعات التي تأخذ شكل الأشخاص الإعتباريين العامة السياسة الإقتصادية للدولة بما يتطلب تقرير عقوبة جنائية علي هذه الاشخاص اكتفاء بالجزاءات التأديبية أو عزل الممثل القانوني لها .... إلا أن اتجاه الدولة بعد ذلك للأخذ باقتصاديات السوق ... أن أصبح من الضرورة بمكان أن تمارس الدولة نوعاً من الرقابة علي هذه المشروعات ... وفقاً لذلك صدرت بعض التشريعات التي تأخذ بمسئولية الأشخاص الإعتباريين ... الامر الذي يؤكد أن المشرع المصري قد أخذ بمبدأ المسئولية الجنائية للأشخاص الإعتباريين..."