Sunday, October 6, 2019

الإدارية العليا والخطورة الإجرامية


ما المقصود بالخطورة الاجرامية عند المحكمة الإدارية العليا

في حكم لها عام ٢٠٠٣ انتهت المحكمة إلي أن الخطورة الاجرامية " لا تقف عند خطورة الشخص الإجرامية فقط والتي استوعبها الشرط الأول من المادة الثالثة من القرار الجمهوري رقم 286 لسنة 2001 المشار إليه, وإنما هي فيما ينتج عن الإفراج عن المحكوم عليه من آثار سلبية على الأمن العام والسلام الاجتماعي وما يثيره الإفراج عنه من فتنة أو نيل من الأثر الرادع للعقوبة أو تهييج للمشاعر أو ما يبعث الاضطرابات والقلاقل داخل الدولة وتهديد نسيجها الاجتماعي وبنيانها الاقتصادي" وأضافت أيضاً أن الطاعن أمامها قد استطاع أن " يهرب معظم الأموال التي حصل عليها من طريق الكسب غير المشروع إلى الخارج والتي عجزت أجهزة الأمن عن استرداد ما استلبه المدعي بالرغم من محبسه ويضحى بذلك متجافيا مع منطق الأمور وطبائع الأشياء القول بأن الإفراج عن المدعي لا ينال من الأمن العام". ما انتهت اليه المحكمة محل نظر 
فما انتهت إليه بحاجة إلي تدقيق للتفرقة بين الخطورة الاجرامية كمصطلح قانوني تترتب عليه نتائج معينة، والخطر على الأمن العام وهو مصطلح قانوني آخر تترتب عليه نتائج مختلفة، وإخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة كمصطلح قانوني ثالث له نتائج مختلفة تترتب عليه

وفيما يلي نقتبس جزءا من حكم المحكمة



المحكمة الإدارية العليا - الطعن رقم 10020 - لسنة 48 قضائية - تاريخ الجلسة 20-12-2003

مقتضى قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 286 لسنة 2001, العفو عن باقي العقوبة بالنسبة إلى بعض المحكوم عليهم بمناسبة الاحتفال بعيد القوات المسلحة الموافق السادس من أكتوبر عام 2001 ومن بين هؤلاء المحكوم عليهم بعقوبة سالبة للحرية متى كانوا قد أمضوا نصف مدة العقوبة حتى تاريخ السادس من أكتوبر عام 2001 وبشرط ألا تقل مدة التنفيذ عن ستة أشهر - استثنى القرار الجمهوري من هذا العفو المحكوم عليهم في جرائم معينة عددتها تفصيلا وحصرا المادة الثانية من هذا القرار - اشترط القرار الجمهوري للعفو عن المحكوم عليه شرطين يتعلق الأول بسلوك المحكوم عليه أثناء تنفيذ العقوبة بأن يكون سلوكا حميدا ترتب عليه تقويم شخصيته, والثاني بألا يكون في الإفراج عن المحكوم عليه خطر يهدد الأمن العام والسلام الاجتماعي, وذلك على النحو الذي تقدره جهة الأمن المختصة بما لها من سلطة تقديرية في هذا الشأن بوصفها القائمة على تحقيق الأمن العام والحفاظ على السلام الاجتماعي, فإذا ما قدرت الجهة المختصة - بناء على ما تجمع لديها من معلومات وبيانات - أن في الإفراج عن المحكوم عليه ما يتمخض عن مساس بالأمن العام والسلامة العامة أو ما يهدد السلام الاجتماعي - وعلى النحو الذي يضع القرار الجمهوري المشار إليه موضع التنفيذ القانوني السليم - كان من الواجب عليها ألا تفرج عن المحكوم عليه حتى لا يترتب على هذا الإفراج تكدير صفو الأمن العام, ويكون قرارها بالامتناع عن الإفراج عنه سليما وقائما على سببه الصحيح من الواقع والقانون - تطبيق.
...
...
...

وأضاف الحكم المطعون فيه أنه ولئن كانت الجناية التي أدين بسببها المدعي وهي جناية الكسب غير المشروع والتي عوقب بسببها بالسجن عشر سنوات استنادا إلى أحكام القانون رقم 62 لسنة 1975 في شأن الكسب غير المشروع غير واردة ضمن الجرائم المستثناة من العفو عن المحكوم عليهم فيها طبقا للقرار الجمهوري رقم 286 لسنة 2001 المشار إليه, فإن الجهة المختصة قد امتنعت عن الإفراج عن المدعي بالرغم من قضائه لنصف مدة العقوبة لخطورة الإفراج عنه للوظائف التي تقلدها سالفة الذكر وكان مسئولا عن أحد الجوانب الهامة في الاقتصاد المصري ويكون في الإفراج عنه تكدير صفو الأمن العام والسلام الاجتماعي وتقويض مصداقية الدولة في مكافحة الفساد والمفسدين, فضلا عن التأثير السلبي على الرأي العام الذي يتأبى ويتأذى من الإفراج عن المدعي أو عمن انتهك حرمة المال العام وهو القائم عليه والذي يتعين عليه أن يكون أمينا, وإذ انتهت الجهة الأمنية المختصة - بما لها من سلطة تقديرية في هذا الشأن - إلى أن الإفراج عن المدعي يعد مساسا بالأمن العام وتهديدا للسلام الاجتماعي والسكينة العامة, فإن قرارها بالامتناع عن الإفراج عن المدعي تطبيقا للقرار الجمهوري رقم 286 لسنة 2001 يكون قائما على سببه الصحيح ويضحى بمنأى عن الإلغاء مما يتعين معه رفض الدعوى, وأردفت محكمة أول درجة أنه لا ينال من ذلك ما أبداه المدعي من أنه مريض وأنه جاوز السبعين عاما وأن رئيس الجمهورية سبق أن كرمه عدة مرات مما تنتفي معه خطورته الإجرامية ويتعين الإفراج عنه لتوافر جميع الشروط المقررة للعفو عن باقي العقوبة المحكوم عليه بها, فإن ذلك مردود عليه حيث إن الخطورة الإجرامية لا تقف عند خطورة الشخص الإجرامية فقط والتي استوعبها الشرط الأول من المادة الثالثة من القرار الجمهوري رقم 286 لسنة 2001 المشار إليه, وإنما هي فيما ينتج عن الإفراج عن المحكوم عليه من آثار سلبية على الأمن العام والسلام الاجتماعي وما يثيره الإفراج عنه من فتنة أو نيل من الأثر الرادع للعقوبة أو تهييج للمشاعر أو ما يبعث الاضطرابات والقلاقل داخل الدولة وتهديد نسيجها الاجتماعي وبنيانها الاقتصادي لاسيما وأن المدعي من الذين استباحوا أموال الشعب الذي أودعهم ثقته فلم يراعوا الله فيها وجعلوها نهبا لأطماعهم وشهواتهم ويكون في الإفراج عنه ما يحرك جموع الجماهير انتصارا لمشاعرهم الغاضبة للمطالبة باستيفاء العقاب دون نقصان, خاصة وأن المدعي استطاع على النحو الوارد بالحكم الصادر في القضية رقم 7 لسنة 1996 جنايات كسب غير مشروع ص 1925 أن يهرب معظم الأموال التي حصل عليها من طريق الكسب غير المشروع إلى الخارج والتي عجزت أجهزة الأمن عن استرداد ما استلبه المدعي بالرغم من محبسه ويضحى بذلك متجافيا مع منطق الأمور وطبائع الأشياء القول بأن الإفراج عن المدعي لا ينال من الأمن العام, هذا مع التسليم بأن جريمة الكسب غير المشروع لم ترد ضمن الاستثناءات التي وردت حصرا في المادة الثانية من القرار رقم 286 لسنة 2001 المشار إليه, فإن عدم ورود هذه الجريمة ضمن الجرائم المستثناة لا يعد سببا كافيا بذاته للاستفادة من أحكام القرار رقم 286 لسنة 2001 لأنه قد تخلف في المدعي شرط ألا يكون في الإفراج عنه إخلال بالأمن العام على النحو الذي انتهت إليه الجهة الأمنية المختصة, كما أن ظروف المدعي الصحية لا تشفع له للإفراج عنه أمام هول الجريمة التي ارتكبها اغترافا من المال العام وتهريبه خارج البلاد على النحو المشار إليه آنفا.