Wednesday, October 23, 2019

المنطق القانوني



المنطق هو علم التفكير
وله قواعد يمكن من خلالها الحكم على الشخص إذا كان تفكيره سليم أم لا، أو بعبارة أخرى، هل منطقه سليم أم لا. وقد يصدر عن الشخص في حديثه عبارات أو جمل من أنواع عديدة: جمل استفهامية، وجمل أمرية، وجمل قولية. أي أن عبارات الشخص قد تكون أسئلة أو أوامر أو أقوال. والأقوال هي ما يهمنا، فهي ما يمكن قياسها من حيث منطقها، بمعنى هل هي أقوال صحيحة أم خاطئة من حيث مضمونها،  فهي ما يدور حوله العمل القانوني من حيث اثبات نصيبها من الصحة أو الخطأ من خلال الحجج القانونية

وعلى سبيل المثال
من الأقوال، أحمد طويل القامة
ومن الأسئلة، أين يسكن أحمد
ومن الأوامر، اعطني كتابك

والقول قد يكون جملة واحدة بسيطة أو عدة جمل معاً 
جملة قولية واحدة مثل: الشاهد الأول هو إبراهيم
أو عدة جمل قولية تحتاج كل منها لتقرير صحتها 
مثل: ذكر المحامي أن الشاهد سكت عدة دقائق بعد سماع سؤال القاضي ثم رد عليه بأنه لا يتذكر

وقد تتضمن الجملة القولية سؤالاً أو أمراً، لكنها تظل جملة قولية في مجملها
مثل: قال له القاضي ارفع صوتك كي أسمعك
ومثل: سأله القاضي بكم بعت منزلك

وفي مجال القانون هناك أقوال مرسلة وهناك أقوال مدعومة بحجج وأدلة، والنوع الثاني فقط هو الذي تترتب عليه آثار قانونية
 لذا من المهم معرفة كيف ندعم أقوالنا بحجج تدعمها، وهو ما يعرف ببناء الحجة، أي تحويل جملة قولية إلي حجة قانونية

فعبارة: تم ضبط المتهم متلبساً، هي مجرد قول يحتمل الصواب أو الخطأ، وتحديد صواب هذا القول أو خطأه يعتمد على مدى قوة الحجة التي تدعمه

فلا يكفي القول بأنه تم ضبط المتهم متلبساً
هذا مجرد قول مرسل
بل لابد من دعم هذا القول بحجة قانونية 

فنقول
تم ضبط المتهم متلبساً
حيث أن القانون في المادة رقم .. حدد حالات التللبس بأنها... و... و .... ، ما يهمنا هنا هو الحالة الثالثة
وحيث أن واقعة ضبط المتهم وفقاً لمحضر ضبطه هي.... وبالتالي يتوافر فيها شروط قيام الحالة الثالثة من التلبس

ومجرد ذكر حجة قانونية ليس دليلاً في حد ذاته على صحة القول
فقد لا يكون هناك صلة بين القول والحجة أو صلة ضعيفة للغاية، فيكون المنطق القانوني لهذا القول منعدم أو ضعيف، وبالتالي فإن القول يكون خاطئ وغير صحيح
 ومجرد زعم الشخص أنه دعم قوله بالحجج الكافية ليس دليلاً في حد ذاته على ذلك، فهذا الزعم هو مجرد قول يحتمل الصحة والصواب

ومجرد استناد القاضى في إصدار حكمه على تقرير فني معين وقيامه بالإشارة إلي النتيجة التي أنتهى هذا التقرير ليس كافياً في حد ذاته للقول بأن حكمه منطقياً، بل يجب أن يكون المنطق القانوني في حكمه مكتملاً دون حاجه للإستعانة بشئ خارج عنه

وتقرر محكمة النقض المصرية في هذا الصدد أن

الحكم يكون معيباً لقصوره إذا تساند في قضاءه بإدانة المتهم إلي الدليل المستمد من تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه ولم تحصل المحكمة من ذلك التقرير إلا نتيجته فحسب دون أسبابه ومقدماته التي تحمل تلك النتيجة في منطق سائغ واستدلال مقبول وعلى نحو لا يشوبه ثمة إجمال أو تعميم أو تجهيل أو إبهام لأن في ذلك ما ينبئ عن أنها لم تمحص ذلك الدليل التمحيص الكافي الذي يمكنها من التعرف على وجه الحقيقة ويعجز محكمة النقض عن مباشرة سلطتها على الحكم لمراقبة صحة تطبيق القانون، الأمر الذي يعيب الحكم المطعون فيه ولو تساندت المحكمة في قضائها إلي أدلة أخرى لأنها في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدتها بحيث إذا سقط احدها أو استبعد تعذر التعرف على أثر ذلك بالنسبة لتقديرها لسائر الأدلة الأخرى

نقض- رقم ٢٣٦٥ لسنة ٥١ ق- جلسة ٣ يناير ١٩٨٢