Saturday, September 28, 2019

الأمانة المهنية في العمل القضائي



هل للعمل القضائي ضوابط تحكمه ومنها الأمانة والحرفية المهنية؟ الإجابة هي نعم

العمل القضائي هو عمل رسمي تتولاه السلطة القضائية بمؤسساتها المختلفة التي تغطي مراحل عدة تبدأ بضبط واقعة قانونية ما، وتوضيح حكم القانون بشأنها

كل مرحلة من هذه المراحل تعتمد على ما قبلها من أعمال، وتعتبر حجر أساس لما بعدها من أعمال، ولابد أن تراعي جميعها ضوابط عديدة أهمها الأمانة المهنية، والحرفية المهنية، ويتفرع من ذلك نقاط عدة تتعلق بالنواحي الموضوعية والنواحي الشكلية للعمل القضائي، فبيانات الحكم القضائي مثلاً - ومنها أسماء مصدريه من القضاة- لها أهمية موضوعية وشكلية في ذات الوقت

وأعمال النيابة العامة أعمال قضائية، تخضع لذات الضوابط التي تخضع لها أعمال القضاة، سواء في النواح الموضوعية أو الشكلية

ولاحترام هذه الضوابط أهمية قصوى وأمر لازم لضمان إحترام العامة لأمانة وحرفية القائمين على العمل القضائي، ولضمان عدم اختلاط العمل القضائي بغيره من الأعمال، كالعمل السياسي مثلاً، فليس كل عمل سياسي يصلح ليكون مادة لتحقيق قضائي أو لإتهام جنائي، وهو ما ذكرته النيابة العامة ضمناً في بيانها الصادر عن النائب العام الجديد/ القاضى حمادة الصاوي، بشأن تحقيقات النيابة العامة الجارية

...
أمر النائب العام بإجراء تحقيقات موسعة في وقائع التحريض على التظاهرات بالميادين والطرق العامة بعدد من المحافظات وما تبعها من أحداث، لكشف حقيقة تنظيمها والمشاركة فيها


وفي هذا الإطار فقد استجوبت النيابة العامة عددا لا يتجاوز ألف متهم، من المشاركين في تلك التظاهرات في حضور محاميهم، كما بادرت بالتحفظ على تسجيلات آلات المراقبة الكائنة بنطاق أماكن تلك التظاهرات ومداخلها ومخارجها بمختلف المحافظات، كما أصدرت أمرها بفحص صفحات وحسابات المتهمين على مواقع التواصل الاجتماعي.


وأعترف بعض المتهمين بالاشتراك في تلك التظاهرات، كشفت اعترافاتهم أن أسباب مشاركتهم كانت مختلفة، سواء لسوء أحوال بعضهم الاقتصادية، أو عن طريق خداعهم من قبل صفحات أنشأت على مواقع التواصل الاجتماعى منسوبة لجهات حكومية ورسمية تدعو المواطنين للتظاهر، واكتشافهم بعد ضبطهم عدم صحة تلك الصفحات.
وتابعت "بينما أرجع عدد آخر اشتراكه فى المظاهرات لمناهضته النظام القائم بالبلاد، وتضمنت اعترافات بعض المتهمين لقائهم بعناصر مجهولة بميدان التحرير، تحرضهم على تصوير مشاهد من الميدان لبثها عبر قنوات فضائية مغرضة، لتحريض المواطنين على التظاهر، كما أفصحت اعترافات متهمين آخرين عن اشتراك عناصر مسجلة جنائية وأخرى موالية لجماعة الإخوان بتلك التظاهرات".
وقالت النيابة العامة إنها استمعت لدفاع المتهمين المنكرين، حيث بنى جانب كبير منهم دفاعه على تواجده بأماكن التظاهرات، لمعرفة الحقيقة بعدما تضاربت أنباء وسائل الإعلام المختلفة، وتباينت بشأن وجود تلك التظاهرات وكثافة المشاركين فيها، بينما قرر آخرون بانتشار شائعات تفيد تجمع جماهير النادي الأهلي بعدة مناطق للاحتفال بفوزه

وأردفت "كما قرر عدد من دفاع المتهمين أنهم كانوا موجودين ضمن تجمع جماهير النادى الأهلى بعدة مناطق للاحتفال بفوزه، فتوجهوا الى تلك المناطق، وفوجئوا بتظاهرات تردد هتافات عدائية وضبطوا على أثر تفريقها بينما قرر بعضهم بتواجدهم عرضا بأماكن التظاهرات".
وعلى صعيد آخر، أوضحت النيابة "قرر متهمون بحدوث أعمال عنف من قبل المتظاهرين، تمثلت فى إلقاء الحجارة والزجاج واطلاق الالعاب النارية على قوات الشرطة، وقوبلت بأقصى درجات ضبط النفس".
وتصفحت النيابة العامة ، وفقا للبيان، حسابات متهمين على مواقع التواصل الاجتماعى، وثبت من ذلك انتشار شائعات كاذبة على صفحات وهمية نسبت إلى بعض مؤسسات الدولة توحى بالدعوة للتظاهر بالشوارع والميادين، وتبين من فحص حسابات آخرى بنشر متهمين دعوات تحريضية للتظاهر متضمنة مواقع تجمعهم لحث غيرهم للانضمام اليهم.
وندبت النيابة العامة الخبراء المختصين بإدارة مكافحة جرائم الحاسب الآلى وشبكات المعلومات، لحصر الصفحات والحسابات المشار اليها على مواقع التواصل الاجتماعى، لتحديد مستخدميها والقائمين على إدارتها لاتخاذ الاجراءات القانونية ضدهم، وفقا لاحكام قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
وبالتزامن مع تحقيقات النيابة العامة أُلقي القبض على عناصر أجنبية بمحيط أماكن التظاهرات بمحافظة القاهرة، منهم فلسطيني اعترف بانضمامه لتنظيم الجهاد الاسلامي الفلسطيني، وآخر هولندي ضبط بحوزنه طائرة مسيرة لاسلكياً تطير على مسافات مرتفعة مزودة بآلة تصوير عالية الدقة لها القدرة على تتبع أهداف ثابتة ومتحركة وتصويرها. والنيابة العامة مستمرة في تحقيقاتها لكشف حقيقة تواجد المذكورين بالبلاد
وأضاف البيان، "النيابة العامة مازلت تستكمل إجراءات التحقيق وصولا للحقيقة وتحقيقا لدفاع المتهمين، ولذلك يعكف المحققون على مشاهدة تسجيلات آلات المراقبة والاطلاع على ما يرد من تقارير فنية، حتى يتسنى التصرف فى المتهمين، ليفرج عمن وضعوا أنفسهم بمواضع الشبهات غير قاصدين ارتكاب جرائم، ولينال كل مرتكب جريمة جزاءه العادل".
وتهيب النيابة العامة بالمواطنين الراغبين فى ممارسة حقهم فى التعبير عن الرأى بالتظاهر اتخاذ الإجراءات القانونية، بإخطار الجهات المعنية وتحديد عدد المشاركين فى التظاهرات، وأسبابها والالتزام بحدودها الزمنية والمكانية، حتى لا يسبب التظاهر قطعا للطرق العامة أو تعطيلا للمواصلات العامة، أو غلقا للمحال التجارية أو ترويعا للمواطنين.
وتابعت قائلة "فباحترام القوانين تقوم الحضارات وبغيره تهدم المؤسسات وتضيع الحقوق".

​وأتمت النيابة العامة قائلة "لما كانت تحقيقات النيابة العامة قد كشفت عن ضلوع بعض الجماعات المنظمة فى وضع مخطط يستهدف إشاعة الفوضى فى ربوع البلاد، من خلال الدعوة إلى استمرار التظاهرات للجنوح بها الى مسار غير سلمى ينطوى على أعمال عنف وتخريب، وفى هذا المقام تحذر النيابة العامة من الانخراط فى مخططات يستغل فيها المواطنون للإضرار بوطنهم وتثق فى وعيهم، كى لا تستخدمهم تلك الجماعات سلاحا ضد الوطن".
٢٦ - ٩ - ٢٠١٩