Monday, July 4, 2016

Restructuring Corporate Crimes جرائم الشركات وإعادة الهيكلة







مثلما لدى الكثير من المصريين ثقافة الكراكيب التي ينبغي تهذيبها واعادة انتاجها بصورة افضل، يوجد في نظامنا القانوني المصري بعض الكراكيب التي يجب علينا مراجعتها وإعادة تقديمها بصورة اكثر ملائمة لعصرنا الحالي. ولعل الجدل الدائر حول الحكم غير النهائي الصادر من محكمة القضاء الإداري الخاص بتيران وصنافير مثال جيد حيث تناول مسألة اعمال السيادة التي ينبغي حقيقة تقديمها بصورة اكثر واقعية عما جرت عليه الممارسات القضائية في الماضي. ويرى الكاتب محمد بصل ان الدائرة الاولى في القضاء الإداري تقود ثورة في نظرية اعمال السيادة. وأتمنى ان يبادر شراح القانون الي تقييم نظرية شبيهه تطورت في الولايات المتحدة الامريكية هي نظرية الاعمال السياسية

ومن المهم ايضا ان يتم تقييم النظام القانوني الخاص بالمسائلة عن الجرائم الإقتصادية والتصالح بشأنها مع المسئولين عنها. ولعل من المناسب مثلا تقييم اسباب عدم حماس شخص بقامة الدكتور كمال الجنزوري للمساهمة في اجراءات لكشف حقيقة صفقة "عز الدخيلة" . ولعل من المناسب أيضا التعرف على اسباب غموض تفاصيل صفقة حسن سالم مع الدولة واسباب وقف الدولة التصالح معه. اعادة تنظيم هذا الامر من الاهمية القصوى لما يمكنه ان يساهم في دعم الاستثمار في مصر. فالمستثمر لا يضره ان يتم محاسبته عن اخطاءه بقدر ما يضره عدم شفافية اجراءات محاسبته او عدم معرفته اصلا بوجه الخطأ في ممارساته الإقتصادية 

وكدارس للنظام القانوني لجرائم الشركات في الولايات المتحدة الامريكية، لا املك الا الاعجاب بهذا النظام الذي يتم فيه تسوية المسئولية عن جرائم الشركات بقيمة تصل الي ٢٤٦ مليار دولار  في مواجهة مجموعة شركات مجتمعة (خمسة شركات صانعة للسجائر عام ١٩٩٨) او بمبلغ قد يصل الي ٣٤ مليار دولار في مواجهة شركة واحدة منفردة (كما في حالة شركة بريتيش بتروليوم عن تسرب البترول في خليج المكسيك عام ٢٠١٠)، وفي احيان وصلت قيمة الغرامة الي ١٩٢٪ من الدخل السنوي للشركة (كما في حالة شركة تايمز وارنر عام ٢٠٠٥). ورغم شكوى الشركات وجدل الفقهاء، تستمر وزارة العدل الامريكية في التربص بالشركات وتستمر الشركات في ممارسة انشطتها

لدينا في مصر فرصة معقولة لتطوير نظام مشابه بشرط التنسيق بين الجهات المراقبة للشركات والنيابة العامة ووزارة العدل. ولعل المتابع لقضايا المنافسة غير المشروعة في مصر يلاحظ ان جهاز المنافسة قد احال الي النيابة العامة قضية الدواجن من فترة ليست قصيرة ومازالت القضية -وغيرها- لدى النيابة العامة بدون توضيح لسبب التاخر في حسمها. بدون تنسيق عال المستوى، تستمر مخالفة القانون وتستمر محاولات الدولة في رأب الضرر الناجم ويستمر المخطئ في الإفلات من المسئولية