Sunday, April 24, 2016

حدود التفويض الدستوري للشرطة

مع خروج بعض التصريحات عن مشروع القانون لتحسين الأداء الأمني، هناك امور ينبغي ان يتضمنها مشروع القانون إذا كان هدفه هو تحسين جوهر الأداء الأمني وليس شكله فقط. من المهم مثلا ان يعيد مشروع القانون تأكيد حدود التفويض الدستوري الممنوح للشرطة والطابع المدني للدور الذي تقوم به الشرطة والطابع التدريجي لإستخدامها للقوة لأداء هذا الدور

سمعنا وسنسمع كثيرا هتافات غاضبة تصدر تجاه افعال صادمة يفعلها افراد محسوبين على الداخلية، ومنها مثلا شعار "الداخلية بلطجية". مثل هذه الهتافات تصدر من كثيرين يرون ان افعال الشرطة اليوم لا تختلف كثيرا عن افعالها قبل 25 يناير. اكثر من ذلك، هناك مواقف للداخلية تستدعي لأذهان الناس ما جرى من "زوار الفجر" في عهد مضى. لابد ان يتضمن مشروع القانون ما يؤكد ان استخدام القوة من وزارة الداخلية لا يتم إلا بحساب، وان من ابناء الشرطة اناس مهمتهم الاولى والاخيرة هي وضع قواعد استخدام القوة والسهر للتأكد من الإلتزام بها ومحاسبة من يتجاوزها

الشعب فوض الشرطة في الدستور لإستخدام القوة عند الضرورة. اي تجاوز لحدود هذا التفويض الدستوري هو استخدام غير قانوني للقوة.، وهو ما يقصده بالضبط الهاتفون بأن "الداخلية بلطجية". والمقصود بالقوة هنا هو كافة صور القوة في اطارها القانوني

  وبداهة يخرج من المفهوم القانوني للقوة استخدام المسجلين خطر والبلطجية، لأن هذا الاستخدام يضع شرفاء الشرطة في كفة واحدة مع البلطجية في اعين المواطنين. وبداهة يخرج منها استخدام الشائعات وتسريب المكالمات التليفونية وتسريب معلومات خاصة لأنها بمثابة امانة وتسريبها هو بمثابة خيانة للأمانة، وبداهة يخرج منها اساليب الاكراه والعقاب والتهديد التي تصاحب عمليات الاستيقاف والتفتيش والضبط والاحضار والقبض والاحتجاز، كأن يتم احتجاز شخص ايام عديدة بدون ان يعلم اهله جهه وسبب احتجازه وبدون السماح له بالتداوي من امراضه  او بدون السماح له بدخول امتحاناته. وبداهة يخرج منها ما تقوم به الشرطة من اعمال الضبطية القضائية وتزعم اعلاميا حصولها على الموافقة اللازمة من الجهات القضائية رغم عدم حدوث ذلك في الواقع

اتمنى ان يتناول مشروع القانون كافة ما سبق، وان يستحدث منصب النائب العام المساعد لشئون الحقوق والحريات الاساسية، ليمثل رقابة خارجية جنبا الي جنب مع الراقبة الذاتية التي يباشرها مفتشي الداخلية، وان يستحدث نظاما لتعويض ضحايا الشرطة من ميزانية الجهة الشرطية التي اخطأت، كقسم الشرطة او مديرية الامن. والله اعلم