Thursday, April 14, 2016

تيران وادارة العقول المصرية




ما يجري في مصر ليس جدلا عقيما سواء كان يخص الجزيرتين اوالطالب الإيطالي. ما يجري في مصر له مؤشرات إيجابيه (مثلا الإهتمام العام بمسائل الامن القومي)  وله مؤشرات سلبية (مثلا لدينا أزمة ثقة وأزمة معلومات وأزمة مجتمع مدني وأزمة إدارة العقول او العقل الجمعي المصري). أتمنى أن يدرك صانع القرار المصري معنى إدارة العقول في الدولة كيلا يكون المفكر مصدر قلق في المجتمع كما كان في فترة ما من التاريخ الأمريكي أشار إليها الأستاذ هيكل في كتابه (زيارة جديدة للتاريخ)

حوار الرئيس مع بعض ممثلي المجتمع المصري له ابعاده الإيجابية وله ايضا ابعاده السلبية

من الايجابيات مثلا عبارة السيسي "لن نفرط في حقوقنا ولن نعتدي او نطمع في حقوق غيرنا". اعتقد انها عبارة قاطعة لوصف الموقف الرسمي وامر إيجابي لتوضيح اساس مهم لعلاقات مصرية دولية معتدلة ومتوازنة ولعل الاشارة الي قبرص وليبيا اكدت ذلك... ومن الايجابيات ايضا اشارته الي ان اغلب القانونيين الامر واضح لهم، واعتقده يقصد ان القانون -بخلاف السياسة مثلا- المسائل قاطعة فيه. اعتقد ان جانب كبير من ازمة المجتمع ان القانون وسيادته في أزمة وهما من الامور التي تحتاج عناية قصوى من صانع القرار. هناك شعور عام ان القانون ليس عادل وتطبيقه يتم بإنتقائية. هناك تساؤل حقيقي هل النيابة العامة خصم شريف فعلا؟ لن أتطرق إلي هذا الأمر لأنه يحتاج تفصيل واجب... ومن الايجابيات ايضا إشارته اننا في غنى عن إدارة ازمة مع السعودية الشقيقة، فالأزمة كانت لتستمر طوال الثلاثة اشهر الماضية وضررها اكثر من نفعها


من السلبيات، طلبه ان نكف عن الجدل بشأن الجزيرتين ونترك الأمر للبرلمان .. ومنها ان ازمة الطالب الإيطالي تفاقمت لاننا فعلنا ذلك بأنفسنا... ومنها، ان محاولات طمس الحقائق وتزييف الوعي ستنتهي بنا الي الانتحار القومي . وما اعتقده هو ان امام البرلمان الكثير ليفعله ليكسب ثقة العامة وخاصة ممثلي المجتمع المدني، وحتى يحدث ذلك فليس من المعقول ان يطلب الرئيس من المجتمع المدني ان يثق في مؤسسة امامها الكثير لتفعله لتبني هذه الثقة. وما اعتقده هو ان ازمة الطالب الإيطالي تفاقمت بسبب مسلك جهات رسمية في الدولة خاصة وزارة الداخلية والنيابة العامة، وامام النيابة العامة الكثير لتفعله لتؤكد كونها خصما شريفا ومنفذا محايدا للقانون حتى ولو على الشرطة نفسها وعليها ان تؤكد بما لا لبس فيه انها جزء من السلطة القضائية وليست جزءا من السلطة التنفيذية تدور في فلكها. وما اعتقده، ان محاولات طمس الحقائق وتزييف الوعي تفاقمت بممارسات اعلامية غير مسئولة من بعض المحسوبين على جهات رسمية في الدولة ومنها الرئاسة للأسف، ووتفاقمت تلك المحاولات ايضا بسبب عدم امكانية الحصول على المعلومات بشكل قانوني

اتمنى ان يدرك صانع القرار ان المفكر قد يكون مصدر قلق وصداع في المجتمع. وان الكثير من شباب مصر يستقي معلوماته من اناس لا يلتقي بهم الرئيس ولا يستقي معلوماته منهم، وربما ينبغي ان يلتقي بهم الرئيس في اجتماعات مغلقة وبشرط السرية المطلقة ليفهم منهم وليفهموا منه لعل لديه ما لا يعلمونه ولعل لديهم ما لا يعلمه الرئيس. ادارة العقول في مصر مهمة وعلى صانع القرار اتاحة الفرصة للمعارض ليعترض وللمتظاهر ليتظاهر اذا كنا نريد فعلا بناء دولة ديمقراطية حقيقة كما اوضح السيسي. لو حدثت تظاهرات غدا، اتمنى ان تكون فرصة ذهبية يطبق صانع القرار فيها منهج "إن كبر أبنك خاويه" بمعنى اعتبره اخا لك تسمع له وليس ابنا لك يأتمر بأمرك، ولعلها فرصة لتراقب النيابة العامة اداء الداخلية وتراقب تطبيق روح القانون اكثر من مراقبتها تطبيق نصه وحرفه

والله اعلم