Thursday, June 26, 2014

المحكمة العليا الامريكية والتظاهر ضد الإجهاض

‎متابعة التطورات القانونية فى الولايات المتحدة الامريكية أمر ممتع خاصة للمهتمين بالشأن القانونى وعلم القانون المقارن. ليس كل قانون يصدر فى مجتمع ما يصلح كحل لمجتمع آخر. للثقافة وللعادات والتقاليد دور مهم فى صناعة القانون. لكن القانون كعلم تقنى لا يختلف كثيرا من مجتمع لآخر إذا ما نظرنا إليه كعلم له أدواته وطرقه لمعالجة المشكلات فلا ينبغى أن ننظر الى القانون كمجرد تشريع يحدد علاج لمشكلة ما بل ننظر الى القانون كعلم له منهج للبحث عن حل او علاج . القانون هو العلم والمنهج وما التشريع إلا جزء صغير من علم القانون


صدر اليوم حكم من المحكمة العليا الأمريكية قررت فيه عدم دستورية قانون اصدرته ولاية ماستشوستس لحماية عيادات الإجهاض والمترددين عليها من اى اعتداء يقع خلال التظاهر او من المتظاهرين. حدد القانون المذكور مساحه ٣٥ قدم كمنطقة معزولة حول مداخل العيادات لا يجوز التظاهر فيها. رغم ان قضاة المحكمة- وعددهم ثابت كتسعة قضاة- غالبا ما يختلفون فيما بينهم حول المسائل الشائكة مثل الإجهاض لكن حكمهم اليوم صدر بالإجماع فيما بينهم حيث انه يتعلق بالحق فى التعبير عن الرأى ومدى جواز تقييده خلال التظاهر

الإطلاع على الحكم ومتابعة تطوراته مهمة من ناحيتين. الأولى التعرف على اسلوب المحكمة فى موازنة الإعتبارات والاولويات والمصالح. بإختصار تستخدم المحكمة ثلاثة معايير بحسب مدى جوهرية المصلحة التى يمسها القانون الذى يعرض على المحكمة. وبناء على المعيار الذى تختاره المحكمة يتحدد موقفها من البدائل المتاحة لمن اصدر القانون. مثلا فى حكم اليوم قررت المحكمة انه كان على السلطات اختيار بديلا اقل مساسا بالحريات الشخصية للمتظاهرين حيث ان المشاكل التى اثيرت واستدعت اصدار القانون حدثت خارج عيادة إجهاض واحدة بمنطقة بوسطن وحدثت فقط خلال ايام السبت التى يغلب فيها وجود تجمعات كبيرة خارج العيادة. "علاج مشكلة تظهر مرة فى الاسبوع وفى مدينة  واحدة وفى موقع واحد بخلق منطقة عازلة ٣٥ قدم حول كل عيادة فى الولاية هو حل مصمم بشكل ضيق" كما قالت المحكمة فى حكمها. الاهمية الثانية لمتابعة تطورات الحكم تتمثل فى التعرف على رد فعل اعضاء الكونجرس والإعلام إزاء الحكم ومدى الإلتزام بالمهنية فى تناول حكم المحكمة. لاحظ مثلا قراءة إد ماركى السيناتور الديمقراطى عن ماستشوستس للبيان الذى أعده مكتبه عن حكم المحكمة. الخلاصة، اختلاف العادات بين المجتمعات قد يؤدى لإختلاف الحلول لكن طرق الوصول الى هذه الحلول لا يختلف بالضرورة من مجتمع لآخر