Thursday, June 26, 2014

المحكمة العليا الامريكية والتظاهر ضد الإجهاض

‎متابعة التطورات القانونية فى الولايات المتحدة الامريكية أمر ممتع خاصة للمهتمين بالشأن القانونى وعلم القانون المقارن. ليس كل قانون يصدر فى مجتمع ما يصلح كحل لمجتمع آخر. للثقافة وللعادات والتقاليد دور مهم فى صناعة القانون. لكن القانون كعلم تقنى لا يختلف كثيرا من مجتمع لآخر إذا ما نظرنا إليه كعلم له أدواته وطرقه لمعالجة المشكلات فلا ينبغى أن ننظر الى القانون كمجرد تشريع يحدد علاج لمشكلة ما بل ننظر الى القانون كعلم له منهج للبحث عن حل او علاج . القانون هو العلم والمنهج وما التشريع إلا جزء صغير من علم القانون


صدر اليوم حكم من المحكمة العليا الأمريكية قررت فيه عدم دستورية قانون اصدرته ولاية ماستشوستس لحماية عيادات الإجهاض والمترددين عليها من اى اعتداء يقع خلال التظاهر او من المتظاهرين. حدد القانون المذكور مساحه ٣٥ قدم كمنطقة معزولة حول مداخل العيادات لا يجوز التظاهر فيها. رغم ان قضاة المحكمة- وعددهم ثابت كتسعة قضاة- غالبا ما يختلفون فيما بينهم حول المسائل الشائكة مثل الإجهاض لكن حكمهم اليوم صدر بالإجماع فيما بينهم حيث انه يتعلق بالحق فى التعبير عن الرأى ومدى جواز تقييده خلال التظاهر

الإطلاع على الحكم ومتابعة تطوراته مهمة من ناحيتين. الأولى التعرف على اسلوب المحكمة فى موازنة الإعتبارات والاولويات والمصالح. بإختصار تستخدم المحكمة ثلاثة معايير بحسب مدى جوهرية المصلحة التى يمسها القانون الذى يعرض على المحكمة. وبناء على المعيار الذى تختاره المحكمة يتحدد موقفها من البدائل المتاحة لمن اصدر القانون. مثلا فى حكم اليوم قررت المحكمة انه كان على السلطات اختيار بديلا اقل مساسا بالحريات الشخصية للمتظاهرين حيث ان المشاكل التى اثيرت واستدعت اصدار القانون حدثت خارج عيادة إجهاض واحدة بمنطقة بوسطن وحدثت فقط خلال ايام السبت التى يغلب فيها وجود تجمعات كبيرة خارج العيادة. "علاج مشكلة تظهر مرة فى الاسبوع وفى مدينة  واحدة وفى موقع واحد بخلق منطقة عازلة ٣٥ قدم حول كل عيادة فى الولاية هو حل مصمم بشكل ضيق" كما قالت المحكمة فى حكمها. الاهمية الثانية لمتابعة تطورات الحكم تتمثل فى التعرف على رد فعل اعضاء الكونجرس والإعلام إزاء الحكم ومدى الإلتزام بالمهنية فى تناول حكم المحكمة. لاحظ مثلا قراءة إد ماركى السيناتور الديمقراطى عن ماستشوستس للبيان الذى أعده مكتبه عن حكم المحكمة. الخلاصة، اختلاف العادات بين المجتمعات قد يؤدى لإختلاف الحلول لكن طرق الوصول الى هذه الحلول لا يختلف بالضرورة من مجتمع لآخر


Wednesday, June 25, 2014

مطلوب كوماندوز قضائى

‎لتشخيص حالة او مرض ما لا مفر من الإلمام بكافة الأعراض. ورغم ان أهل مكة ادرى بشعابها إلا أنه احيانا من هو من خارج مكة أقدر على إدارك الصورة ككل. وفى الشأن المصرى -بتفاصيله المعقدة- أحيانا يكون الحوار مع من يهتم لأمر مصر ويعيش خارجها مهما لإدراك بعض الامور التى قد تساعد على حل بعض الأزمات المستعصية

‎كنت اتبادل الرأى مع صديق عربى وقانونى حول حاجة الجامعات المصرية لإصلاح جذرى وانتقل بنا الحوار الى مؤسسات مصرية اخرى بحاجة لإصلاح. وكانت له ملحوظة اراها وجيهة ومفيدة لمن أراد إدراك أزمة المؤسسات المصرية ككل. مصر -ومؤسساتها- وهى تحاول التحرك للأمام تتحرك ببطء شديد لأسباب عدة لكن من الأسباب الجوهرية ان بعض المؤسسات المصرية مثقلة بتاريخ طويل خلف عادات وتقاليد وثقافات منها الصالح ومنها الطالح . من حين لحين على كل مؤسسة أن تقف وقفة مع النفس لتميز الخبيث وتلفظه وتميز الطيب وتبنى عليه

‎  رغم أن الحكومة المصرية ككل بحاجة إلى إصلاح جذرى إلا أن إصلاح الذراع القضائية يجب أن يكون على رأس  الاولويات. لا ينبغى ان يأتى إصلاح المؤسسة القضائية المصرية من خارجها احتراما للفصل الواجب بين هذه سلطات الحكم الثلاثة-اى الأذرع الثلاثة للحكومة- لكن مبدأ فصل السلطات يستدعى تعاونها كيلا تكون جزر منعزلة عن بعضها. فالإصلاح القضائي بحاجة لموارد (او إعادة توزيع الموارد الموجودة بالفعل) وهو ما يحتاج لدعم تشريعي وتنفيذى من فرعى الحكومة البرلمانى والإدارى. نريد كوماندوز قضائى ليتولى المهمة الصعبة. المحكمة الدستورية العليا تتحلى بلياقة مهنية وحرفية ورأس مال مجتمعى خاصة بعض عودة الرئيس السابق عدلى منصور إليها. من المهم ان ينعقد مؤتمراَ دوريا للقضاة لإصلاح مؤسستهم (انظر المؤتمر الدورى لقضاة أمريكا مثلا). جزء كبير من ازمة المؤسسة يمكن حلها بالتواصل الصحى مع الإعلام الوطنى والأجنبى (انظر مقال الأستاذ فهمى هويدي فى جريدة الشروق بعنوان ازمة القضاء المصرى ومقال الأستاذ عماد الدين حسين بالشروق بعنوان كلام فى السياسة بعيدا عن القضاء) ومن المهم تبنى مبادرات من  قبيل إصدار دليل الصحفى الى المحاكم المصريه (انظر دليل الصحفى الى المحاكم الأمريكية مثلا) ومن اصدار تقرير شهرى عن عمل المحاكم والقضايا وتطورهما بصفة عامة (انظر التقرير القضائى الأمريكي مثلا) وتقارير خاصة ببعض القضايا وتطوراتها (قارن تقرير جريدة الشروق عن هافنجتون البريطانية: الخرفان والخيول و7 أدلة مضحكة تحبس صحفيي الجزيرة) . بقى أمر أخير وهو يتعلق بحوارى مع صديقى القانون العربي عن الإرث الثقيل الذى تتحرك به مؤسسات مصر والذى يحتاج إلى وقفة مع النفس. الولايات المتحدة -اى خمسون ولاية الواحدة منها كدولة وحدها- يدير امور محاكمها الإتحادية جهاز يسمى المكتب الإدارى  لمحاكم الولايات المتحدة وقوامه الف ومائتين موظف وميزانيته قرابه اربعه وخمسين مليون دولار ويقوم بمساعدة اثنين وثلاثين الف موظف قضائى فى ثمانمائة موقع ( انظر موقع هذا الجهاز- لاحظ ان الإدعاء العام الامريكي جهاز مستقل عن المحاكم بل يتبع الفرع التنفيذى للحكومة ورئيسه المحام العام ووزير العدل فى نفس الوقت ولاحظ ان لكل ولاية محاكمها المختلفة عن المحاكم الفيدرالية) نحن بحاجة لفهم اهم عناصر قوة النموذج الامريكي وهى الإدارة الفعالة بأقل كلفة وأعلى عائد وهى تسرى على العمل العام والخاص سواء
 

Monday, June 23, 2014

‎التحرش الجنسي مرض مزمن بحاجة لحل مؤسسي




‎فى نفس اليوم الذى أخذ فيه الرئيس السيسي اليمين الدستورية ليبدأ مهام إدارته الرئاسية شهد ميدان التحرير سلسلة من الإعتداءات الجسدية على بعض النساء. لا ينبغى ان يأتى الأمر وكأنه مفاجئة للحكومة والمجتمع ككل فعلى مدار العام الماضى زادت معدلات النشر فى الصحف عما يحدث من تجاوزات مماثلة وفى ظل عدم إتاحة تقرير الامن العام الذى ينبغى ان يصدر عن الشرطة المصريه فإن معدلات النشر فى الصحف عن الجرائم هو البديل لقياس حجم هذه المشكلة التى استفحلت لدرجة خطيرة استدعت ان تتضمن حزمة القرارات الرئاسية بقوانين التى أصدرها الرئيس السابق عدلى منصور فى آخر أيام إدارته قانونا بتشديد العقاب على جرائم التحرش الجنسي

‎تشديد العقاب كان خطوة جيدة لكن الامر يتجاوز تعديل القانون الساري او أصدار قانون جديد. المشكلة الحقيقة هى فى تنفيذ القانون وإبراز دوره فى الردع العام والخاص. والسؤال الآن  ما الذى قدمته الدولة المصرية كعلاج مؤسسي بعيد المدى إزاء هذه المشكلة. تحديد الإختصاصات مهم لمعرفة مسئولية كل مؤسسة على حدة. من الناحية العملية فإن الواجب يقع على الشرطة للقيام بدورها فى الامن الجنائي بشقيه (الوقاية من الجرائم قبل وقوعها او ضبط الامن بعد وقوعها) ومن الناحية الإشرافية  فإن الواجب يقع على النيابة العامة لمراقبة أداء الشرطة لمهامها بدون إفراط واعتداء على حقوق الافراد وبدون تفريط وإخلال بمسؤليات الشرطة

اين كانت الشرطة المصرية بأفرادها ومعداتها التقنية لضبط الامن فى الميدان لمنع وقوع هذه الحوادث او لضبط مرتكبيها بعد وقوعها. النائب العام -وهو مسئول عن تنفيذ القانون فى مصر على الجميع أفراد ومؤسسات-  بادر بمخاطبة وزارة الداخلية للحصول على تسجيلات الفيديو الخاصة بالميدان لتحديد المتحرشين وأيضا دفتر الخدمة لأسماء أفراد الأمن الذين تولوا تأمين التحرير. زيارة السيسي لضحية احدى الجرائم التى وقعت أمر محمود ولمسة إنسانية شخصية ينبغى الإشادة بها لكن لابد من توضيح رد فعل إدارته الرئاسية ككل إزاء هذا الامر على المستوى المؤسسي

للمهتمين ببحث الموضوع من زاويته القانونية، احد المقالات الاكاديمية الجيدة التى تتناول الموضوع هو مقال البروفيسورة سينثيا  بومان بمجلة هارفارد للقانون والمنشور عام  ١٩٩٣- متاح هنا

Tuesday, June 17, 2014

‎السيسي يقتبس من الامام محمد عبده ElSisi Quotes Imam Abdu





‎فى خطاب تنصيبه بقصر القبه، وبمناسبه حديثه عن تجديد الخطاب الديني، اقتبس الرئيس السيسي مقولة للإمام محمد عبده والتى قال فيها رأيت فى أوروبا اسلاما بلا مسلمين ورأيت فى بلادى مسلمين بلا اسلام. وأكد السيسي على خطأ من يحصر دور الدين فى الحياة على الطقوس والعبادات دون المعاملات فالدين المعاملة والعمل عبادة  

‎ثلاثة ملاحظات أراها مفيدة فى هذا المقام


‎اولا- الإسلام كالطاقة النووية- والمقولة مقتبسة من أحد عقلاء مصر- الملاحظ أنه يمكن إستخدام الفكر الديني فى السلم وفى الحرب- بل ويمكن إستخدامه فى الخير وفى الشر 


‎ ثانيا- الإسلام عامل مهم فى رسم سياسة الامن الوطنى المصرى لكن ليس من الحكمة أن يفرض الفكر الأمني نفسه مرة اخرى على الفكر الديني كما كان الامر قبل يناير ٢٠١١- الإسلام حجر أساسي لتنمية بشرية شاملة وعادلة. ولعل من المهم هنا الإشارة إلى دراسة عكف على إعدادها أثنين من أساتذة جامعة جورج واشنطن الامريكية تناقش مدى احترام دول العالم للدروس المستمدة من القرآن الكريم بغض النظر عن الدين الذى يعتقده اهل هذه الدول. الدراسة إذن تركز على العمل والجوهر لا القول والمظهر. المفاجأة ان ايرلندا تصدرت دول العالم فى تطبيق الدروس القرآنية وجاءت ماليزيا رقم ٣٣ والكويت رقم ٤٨ وإسرائيل رقم ٦١ المملكة العربية السعودية رقم ١٣١ ومصر رقم ١٥٣ من بين ٢٠٨ دولة بالعالم



‎ثالثا- الإسلام أصبح عامل بارز فى حسابات القوى الكبرى وفى سياساتها الداخية بل والخارجية- استغلال الفكر السنى/الشيعى وتحويره الى صراع سنى شيعى يؤكد أهمية الحاجة إلى الازهر كمؤسسة فاعلة فى منظومة الامن القومى والأقليمي


Saturday, June 14, 2014

نص كلمة السيسي في خطاب تنصيبه رئيسًا بقصر القبة



بسم الله الرحمن الرحيم

الحقيقة قبل ما أتكلم اسمحولى أن أطلب منكم الوقوف كى نوجه تحية لكل شهداء مصر، أنا مش هقول شهداء مصر مين الجيش ولا الشرطة ولا الشعب لكن هقول كل شهداء مصر بنقف عشان نقول لأهاليهم الأم اللى فقدت والزوجة اللى فقدت الابن والابنة اللى فقدت أباها، إحنا والله ما ناسينكم إحنا فاكرينكم كويس ومش هننساكم أبدا إحنا موجودين هنا بدم أبنائكم إحنا مش ناسيين ده (دى أول إشارة)، الإشارة التانية أنا عايز أوجه تحية لشعب مصر كله اسمحولى أوجهها لكل المصريين

‎بسم الله الرحمن الرحيم
‎السيد المستشار الجليل عدلى منصور رئيس جمهورية مصر العربية السابق الإخوة والأخوات أبناء الشعب المصرى العظيم اسمحوا لى فى البداية أن أتقدم بأسمى آيات التقدير والعرفان للسيد المستشار الجليل عدلى منصور على ما قدمه من عمل وطنى عظيم فلقد أنجزتم يا سيادة المستشار الاستحقاقين الأول والثانى من خارطة المستقبل، مستقبل شعب مصر على الوجه الأكمل وإننى بدورى أعاهدكم والشعب المصرى بأننى سأسهر على احترام السلطة التنفيذية بكل نصوص دستورنا هذا، كما أعاهدكم على إنجاز استحقاقنا الثالث بمشيئة الله وفقا للجدول الزمنى لخارطة المستقبل

‎الإخوة المواطنون أخاطبكم اليوم بعد أن أديت اليمين الدستورية رئيسا لجمهورية مصر العربية أقسمت أن أحافظ على النظام الجمهورى الذى أسست له ثورة يوليو المجيدة، إحقاقا للحق وإرساء للعدالة والمساواة وصيانة لكرامة المواطن المصرى وأن أحترم الدستور والقانون دستورنا الجديد دستور دولتنا المدنية وحكمنا المدنى دستور العمل والإرادة الذى يضم كل أطياف مجتمعنا المصرى وينظم العلاقة بين السلطات ويصون الحقوق والحريات للجميع

‎أقسمت أيضا أن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة كل الشعب فإننى رئيس لكل المصريين لا تفريق بين مواطن وآخر ولا إقصاء لأحد فلكل مصرى دوره الوطنى وأن أحافظ على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه، الوطن الذى تعرض لتهديد حقيقى كان سيطال وحدة شعبه وسلامة أرضه ولكن ثورتنا الشعبية فى 30 يونيو استعادت ثورة 25 يناير وصوبت المسار لتذود عن الوطن وتصون وحدته محافظة عليه بفضل من الله

‎الإخوة والأخوات أبناء الشعب المصرى العظيم، لا أجد من الكلمات ما يعبر عن سعادتى بكم وصدق ظنى فيكم، إن فرحتى الحقيقية اليوم هى بمدى وحدة وتماسك الشعب المصرى بقدر وعيكم السياسى ونضجكم الديمقراطى، لقد ضربتم للعالم أجمع مثالا فى التحضر وتحمل المسئولية، برهنتم أن قدرتكم لن تتوقف عن إسقاط أنظمة مستبدة أو فاشلة و ترجمتها عقولكم وأيديكم إلى إرادة ديمقراطية حقيقة تم التعبير عنها فى صناديق الاقتراع للمرة الثانية فى أقل من 5 أشهر

‎فى هذه اللحظة التاريخية الفارقة من عمر أمتنا ومصيرها أجد مشاعرى مختلطة ما بين السعادة بثقتكم والتطلع لمواجهة التحديات وإثبات أن تلك الثقة كانت فى محلها.. الخوف من الله عز وجل والرجاء فى رحمته ومعونته أدعوه فى كل صلاة متوكلا غير متواكل أن يوفقنى ويعيننى على أداء مهمتى على الوجه الذى يرضيه عنى ويساهم فى رفعه الوطن وتحقيق آمال شعبه، وأقول يا رب أكون عند حسن الظن- أعنى على ذلك

‎إن العقد الاجتماعى بين الدولة ممثلة فى رئيسها ومؤسساتها وبين الشعب لا يمكن أن يستقيم من طرف واحد وإنما يتعين أن يكون التزاما على الطرفين، فأنا إن لم أستجب لرغبتكم التى طالبتمونى بالترشح لمنصب رئيس الجمهورية لكى أقدم وعودا براقة ثم تفاجأون بعدها بواقع مخالف.. لا سوف نعتمد الحقيقة والمصارحة منهجا لتطبيق عقدنا الاجتماعى

‎إحنا اتفقنا نبقى واضحين وعلى تواصل مستمر وكما سنتقاسم الاطلاع على حقيقة الأوضاع ونتشارك فى الجهد والعرق سوف نجنى معا ثمار جهدنا وتعاوننا استقرارا سياسيا واستتبابا أمنيا ونموا اقتصاديا ثريا ومتنوعا وعدالة اجتماعية وحقوقا وحريات مكفولة للجميع

‎أبناء مصر الكرام، إن الثورتين المجيدتين الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو قد مهدتا الطريق لبداية عصر جديد فى تاريخ الدولة المصرية عصر يكرس للقوة وليس للعدوان، للسلام وليس للقمع، ولكن دفاعا عن دولة القانون والحق والعدل ويؤسس للقضاء على الإرهاب وبث الأمن فى ربوع والبلاد، ولكن مع صيانة الحقوق والحريات، يدعم اقتصادا عملاقا ومشروعات وطنية ضخمة للدولة والقطاع الخاص واستثمارات مباشرة ولكن مع الحفاظ على حقوق الفقراء ومحدودى الدخل

‎طبعا هيبقى فيه محافظة على حقوق الفقراء والغلابة والمساكين ومحدودى الدخل وتنمية المناطق المهشمة يصون منظومتنا القيمية والأخلاقية يعززها ويحميها ولكن يكفل للفنون والآداب حرية الفكر والإبداع، يؤمن ويرحب بالانفتاح ولكن يحافظ على الهوية المصرية وطبائعنا الثقافية

‎إن مصر ستعمل من اجل المستقبل متفاعلة مع متطلبات الحاضر ومستفيدة من تجارب الماضى، الإخوة المواطنون اننى لست من دعاة تكرار الماضى بهدف التوقف عند لحظات صعبة مضت ولن تعود ان شاء الله ولكننى من المؤمنين بضرورة الاعتبار من تجاربه دون تكرار السيئ منها وكما تعلمون فقد عاش وطننا فترة عصيبة قبل 30 يونيو شملت استقطاب حاد كان ينذر بحرب أهلية وتم استغلال الدين والتستر خلفه لارتكاب افعال تجافى صحيحه وتكون الشعوب والأوطان هى الخاسر الأكبر كما رأيتم، ويضاف إلى ذلك ظروف اقتصادية متردية ديون داخلية وخارجية متراكمة عجز ضخم فى موازنة الدولة وبطالة مستشرية بين أوساط الشباب سياحة متوقفة ونقص حاد فى موارد الدولة من العملات الصعبة ونزيف من الاحتياط النقدى أزمة نقص حادة فى موارد الطاقة وتهديد لأمننا القومى يطال موارد أساسية من موارد الدولة المصرية وواقع اجتماعى لا يقل كارثية عن نظيره السياسى والاقتصادى استقطاب دينى حاد ليس فقط بين المسلمين والمسيحيين ولكن بين أبناء الدين الواحد دعاوى تكفير تطلق هنا وهناك

‎وبدلا من أن يلتفت نظام الحكم القائم آنذاك إلى ما يحيط بالوطن من أخطار كان يساهم فيما يحاك من مخططات تنال من وحدة شعبه وسلامته الإقليمية لتحقيق رؤى مشوهة ومفاهيم مغلوطة تتنافى مع مفهوم الوطن ومصالحه فضلا عن تناقضها مع تعاليم ديننا الحديث

‎شعب مصر العظيم لقد تعرفتم إلى رجل من رجال القوات المسلحة وما عبرت منه من تقدير وثقة فيه بتكليفكم لى فى هذا المنصب لما يعود بالأساس لموقف تلك المؤسسة الوطنية العريقة من تطلعاتكم وآمالكم ففى اللحظة التى شرفت فيها بتولى رئاستها واسمحوا لى أن أشيد دون أن أتحيز بالدور لقواتنا المسلحة مصنع الرجال ورمز الالتزام والانضباط على مر العصور نؤمن جميعا أن الفضل لله ولكن الله سبحانه وتعالى خلق الأسباب ولقد شاء القدر أن يكون لهذه المؤسسة دور أساسى فى انتصار إرادة الشعب المصرى

‎ونجحت بإخلاص ووطنية ووطنية رجالها فى مواجهة ما دبر وما خطط لضرب استقرار وأمن الوطن فإذا تأملنا واقعنا الإقليمى سندرك تماما معنى ان يكون جيش الدولة وطنيا موحدا لا يؤمن بعقيدة سوى الوطن بعيداً عن أى انحيازات او توجهات وسيظل الجيش المصرى من الشعب وللشعب يؤمن بأن عطاءه ممتد حرباً وسلاماً وسيسجل التاريخ لقواتنا المسلحة دورها الوطنى العظيم فى الحفاظ على الوطن مصانا وعلى الشعب موحداً

‎إننى لم أسع يوماً وراء منصب سياسى فلقد بدأت حياتى المهنية فى مؤسسة القوات المسلحة تعلمت فيها معنى الوطن وقيمته وتحمل المسئولية كما تعلمت ايضا ان حياتنا وارواحنا هى فداءاً للوطن كما تعلمت فى تلك المؤسسه انه لا هروب من ميدان القتال فلقد استخرت الله متوكلاً عليه وحزمت أمرى منحازاً إلى إرادة الشعب فأقدمت على اعلان بيان الثالث من يوليو الذى صاغته القوى الوطنية بمباركة الشعب لتبدأ مرحلة جديدة من عمر امتنا مرحلة يتعين ان نخوضها بشرف وكرامة فنحن لسنا مدينين لأحد ولا ننتظر فضلاً من أحد فالدين لله والفضل من الله وسبنبى بإذا الله وطننا على أسس من العدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية تكفل لنا الحرية والعيش الكريم واعلموا انه اذا كانت مصر اثبتت مرة أخرى انها عصية عن الانكسار فإن ذلك بفضل الله يعود إلى وحدة الدولة شعبا ومؤسسات ولا اخفيكم سرا انك انتم الذين منحتم الدولة المصرية وحكومتها بوحدتكم خلف ثورتين واهدافهما ما يلزم من ثقة تأييد وتمكين لتكون بلادنا مستقلة القرار رافضة لتدخل كائن من كان فى شئننا الداخلى

‎الإخوة والأخوات إننى أعى واقدر تماما الإرث الثقيل من التجريف السياسى والتردى الاقتصادى والظلم الاجتماعى وغياب العدالة وتكافؤ الفرص التى عانى منها جميعا المواطن المصرى لسنوات ممتدة ولكنه ليس من الأمانة او الواقعية ان اعد المواطن المصرى البسيط التخلص من هذه التركة المثقلة بمجرد تقلدى مهام منصبى الرئاسى

‎لكنى اشهد الله تعالى اننى لن ادخر جهدا لتخفيف معاناته ما استطعت فلن أعارض مقترحا فى صالحه وسأواجه ما يمكن من إجراءات للبدء فى تحسين أوضاعه ولن اتوانى يوما عن أضمد جراح أى مصرى أو ان أساهم فى تخفيف ألامه او تبديد خوفه على أحد من أبناءه وفى سبيل تحقيق ذلك سنعمل معا جميعها من اجل أن ينعم كل مواطن مصرى بالسعادة والرفاهية فى ظل مصر الجديدة تنعم بالاستقرار والرخاء

‎ابناء مصر اتطلع إلى مصر جديدة تقوم على التصالح والتسامح من اجل الوطن تصالح مع الماضى وتسامح مع من اختلفوا من اجل الوطن وليسوا عليه تصالح ما بين ابناء وطننا باستثناء من اجرموا فى حقه او اتخذوا من العنف منهجا اتطلع إلى انضمام كافة ابناء الوطن كل من يرون فى مصر وطنا لنبنى سويا مستقبل لا اقصاء لمصري فى مسيرتنا لتحقيق العيش والعدالة الاجتماعية والكرامة واما من اراق دماء الابرياء وقتلوا المخلصين من ابناء مصر فلا مكان لهم فى تلك المسيرة واقولها واضحة جلية واما من اراق دماء الابرياء وقتلوا المخلصين من ابناء مصر فلا مكان لهم فى تلك المسيرة لاتهاون ولا مهادنة مع من يلجأ إلى العنف، لا تهاون ولا مهادنة لمن يريدون تعطيل مسيرتنا نحو المستقبل الذى نريده لابناءنا لا تهاون مع من يريدون دولة بلا هيبة

‎اعدكم بان المستقبل القريب سيشهد استعادة الدولة المصرية لهيبتها على التوازى مع جهودنا جميعا انتم وانا لتحقيق الآمال والتطلعات، ان تحقيق التنمية الشاملة فى مختلف صورها وشتى مناحيها يتطلب بيئة امنية مواتية تطمأن رأس المال وتجذب السياحة والاستثمار ومن ثم فان ضحر الارهاب وتحقيق الامن يعد على راس اولويات مرحلتنا المقبلة ولذا فاننا سنعمل على تطوير جهاز الشرطة ومضاعفة قدرته على تحقيق الأمن واقرار النظام واعادة الامن والاطمئنان النفسى للمواطن المصرى

‎إننا بحاجة إلى تحديث المنظومة الأمنية وقدرات العاملين بها واعادة نشر الامن والاستقرار فى الشارع المصرى، وارساء علاقة صحية بين اجهزة الامن والشعب تحكمنا مبادىء سيادة القانون، صون الكرامة واحترام الحرية ويتعين ان يتواكب مع ذلك اهتمام مكثف من النواحى الوظيفية والإنسانية لرجال الشرطة البواسل واسرهم، رعاية تتناسب مع حجم التضحيات التى قدموها والتى سيقدمونها من اجل سلامة هذا الوطن وامن مواطنيه كما ان المرحة المقبلة تطلب دورا وطنيا لرجال الاعمال الوطنين الشرفاء والذين ستعمل الدولة على توفير المناخ اللازم لازدهاء أعمالهم فنحن مقبلين إلى مرحلة التنمية الصناعية والزراعية، فهم جناج التنمية الاقتصادية ولاسيما فى بلادنا التى توفر مقومتها فرصا جيدة لنجاحهما معا دون تعارض بل ليكمل كل منهما الآخر وتنعكس تنمية كل قطاع ايجابيا على الآخر ويتعين النهوض بقطاع الصناعة عصب الاقتصاد المصرى والسبيل لخلق فرص العمل وتشغيل الشباب

‎كما سنعمل على اصلاح المنظومة التشريعية لتحفيز قطاع الصناعة وتيسير حصول المستثمرين على الاراضى والتراخيص لإقامة المشروعات الاستثمارية
‎وسنعمل تدريجيا على وقف تصدير المواد الخام التى تتعين ومعالجتها وتصنيعا لزيادة القيمة المضافة وتحقيق العائد المناسب إضافة إلى تدوير المخلفات واستخدامها لتوليد الطاقة الحيوية

‎وسنعمل من خلال محورين اساسين احدهما يدشن للمشروعات الوطنية العملاقة مثل مشروع تنمية محور قناة السويس وإنشاء محطة الضبعة للطاقة النووية وتعظيم الاستفادة من الطاقة الشمسية لإنتاج هائل من الكهرباء أما المحور الآخر يختص بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة التى يحقق انتشارا افقيا فى المناطق المحرومة وتوفر مدخلات وسيطة فى مختلف مراحل العملية التصنيعية بما يوفر العملات الصعبة وينهض بالمناطق المهمة والأكثر فقراً اما التنمية الزراعية فسيكون لها نصيب كبير من جهود التنمية فى المرحلة المقبلة

‎وذلك من خلال العمل على عدة محاور اهمها مشروع ممر التنمية وما سيوفره من أرض صالحه للزراعة، فضلا عن اعادة تقسم المحافظات المصرية وخلق ظهير زراعى لكل محافظة واستحداث نظام الصوب الرئيسية فى الزراعة مما سيضاعف من انتاجية الفدان ويوفر فرص عمل جديدة

‎واعتزم ان يتواكب مع النهوض بهذا القطاع نهوض بأوضاع الفلاح المصرى والتصدى لمشكلاته واهمها توفير الاسمدة والنظر فى بعض مديونيات صغار المزارعين لبنك التنمية والائتمان الزراعى الذى يتعين تطويره فى شكل شامل ليساهم فى مرحلة التنمية المقبلة وليكون اكثر عونا للفلاح المصرى

‎كما اعتزم ان يكون النهوض بقطاعى الصناعة والزراعة احد المحاور الرئيسية لرؤيتى لتحقيق التطوير والتنمية الشاملة فى مصر والتى تتضمن كافة القطاعات وفى القلب منها قطاع الصحة حيث سيتم تخصيص نسبة من الانفاق العام تتصاعد تدريجيا لصالح هذا القطاع الحيوى واضع هيكل عادل لاجور العامليبن فيه واضافة مرافق طبية جديدة والتركيز على توفير رعاية طبية متميزة لكبار السن ولذوى الاحتياجات الخاصة وذلك جنبا إلى جنب مع تطوير قطاع التعلم والذى يتعين ان يشمل كافة عناصر العلمية التعليمية الطالب والمعلم والمناهج والعملية التعليمية بما تحتاجه من معامل ومكتبات ومسارح وملاعب رياضية ويتعين ان تشهد منظومة التعليم الارتقاء بالتعليم الفنى ودعمه وربط التعليم باحتياجات سوق العمل كما سيكون لقطاع المحليات نصيب موفور من الاهتمام حيث يستم العمل على انشاء محافظات جديدة وتوسيع البعض الآخر وربط المحافظات بحدودها الجديدة بشبكة طرق جديدة فضلا عن انشاء شبكة طرق دولية كما سيتم انشاء عدة مطارات وموانئ

‎الاخوة والاخوات اننى اود فى هذا الصدد ان اشير إلى ان التنمية الاقتصادية لا يمكن ان تؤتى ثمارها المرجوة او تحقق نهوضا شاملا بالوطن دون ان تتواكب معها تنمية اجتماعية.. فعلينا ان نعمل لكى تصل ثمار تنميتنا الاقتصادية إلى جميع ابناء الشعب وفى مقدمتهم البسطاء ومن هم اكثر عوذا واحتياجا يجب ان نعمل على تحقيق طفرة حقيقة فيما تقدمه الدولة للمواطنين، الا ان الدولة لن تنجح فى ذلك بطبيعة الحال إلا إذا زاد عملنا وانتاجنا ويتعين ان يتواكب مع التنمية بشقيها الاقتصادى والاجتماعى تنمية ثقافية يساهم فى احداثها ونشرها مبدعى ومثقفو وإعلامى وفنانو مصر فإن عليهم دورا اساسيا يخاطب عقول الناس وارواحهم وصحح الفكر الخاطى ويرتقى باحساسهم ويعيد للآداب والفنون المصرية رونقها وينمى إسهامها فى التوثيق لهذه الحقبة من تاريخ امتنا و على قدر ما استحسنت الاسهام الفنى لتحفيز مشاعر المصريين الوطنية وتشجيعهم على المشاركة السياسة بقدر ما استشعرت غيابا لعمل وطنى ملحمى يؤرخ بثورتين ملحمتين ويعد بمثابة ايقونة فنية تطوف العالم وتخلد ذكرى شهدائنا على غرار اعمالنا الفنية الكبرى ذات الطابع العالمى

‎اما تجديد الخطاب الدينى فان اهميته التى تنطوى على تعزيز الجانب القيمى و الاخلاقى تشمل ايضا الحفاظ على الصورة المعتدلة لديننا الإسلامى الحنيف وتشكيل عقول ووجدان المسلمين سفراء هذا الدين الذين يقدمونه للعالم واذا كان الإمام المستنير محمد عبده قد قال "رأيت فى أوروبا اسلاما بلا مسلمين ورأيت فى بلادى مسلمين بلا اسلام" على الرغم من ان الحالة الاخلاقية العامة انذاك كانت افضل كثير مما نحن عليه الان فما عسانا ان نقول فى توصيف ما يحدث فى مجتمعنا هذه الايام..مخطىء من يحصر دور الدين فى الحياة على الطقوس والعبادات دون المعاملات فالدين المعاملة

‎اين انعكاس المعاملات فى حياتنا اليومية؟ العمل عبادة احترام الكبير الرحمة بالصغير التزام بالسلوك المتحضر واداء الامانات والحقوق هل هذه هى مصر التى نرغبها التى قمنا بثورتنى من اجل مستقبل شعبها

‎أوجه دعوة خالصة من القلب لكل اسرة مصرية ولكل مدرسة ومسجد وكنيسة..بثوا الأخلاق الحميدة والقيم النبيلة فى القلوب واغرسوها فى العقول اتخذوا منها اساسا لتربية النشأ وتهذيب النفوس

‎ولا يمكننا الحديث عن تجديد الخطاب الدينى دون التطرق إلى الأزهر الشريف منارة علوم الدين والتنوير ذات الـ 1000 عام التى نشرت الاسلام وبثت تعاليمه الصحيحة فى ربوع كافة الدول الاسلامية بما فيها الدول غير العربية فى اسيا وافريقيا، اننا فى حاجة ماسة إلى استقاء العلم من أهله وذويه وليس من كل مدع اراد اكتساب سلطة من خلال التستر من خلال الدين اقول لكم مصر غنية بعلمائها وفقائها ابتعدوا بانفسهم وارتقوا ان تأخذو العلم من غير أهله ممن يتجرأون على الافتاء وهم لا يفقهون فى صحيح الدين شيئاً إننا اتطلع ان يواصل الأزهر فى دوره وان يستمر فى نشر صورة الاسلام الحقيقة المعتدلة السمحة بعدما طا ديننا الحنيف من تشويه، ولا يمكن ان نغفل ايضا دور الكنيسة العريقة التى قامت بدور فعال فى نقل صورة حقيقة للنسيج الوطنى الواحد فى مواجهة الذين يروجون بنوايا بيثة للفتن والانقسام بين ابناء هذه الأمه لذلك فإن دور الأزهر والكنيسة بالانحياز لإرادة الشعب لابد ان يكون موصول بمشاركة إيجابية وتفعيل كامل لدور هاتين المؤسستين فى بناء الوطن وتقدمه

‎ان تنفيذ هذه الرؤية التنموية الشاملة بجوانبها الاقتصادية والاجتماعية يتطلب دورا اساسيا لمؤسسات الدولة المصرية فهى عقلها المفكر وساعدها المنفذ ويتعين ان نعمل معا بتنسيق تام وفكر منظم وتخطيط مستقبلى لا ترتبط بأفراد وانما تعمل وفقا لإدراك واضح لمعنى ومفهوم

‎دولة المؤسسات التى تنتقل من عهد إلى آخر تبنى على ما تم انجازه وتطور ذاتها دوريا وتلم بمقتديات الحاضر ومتطلبات المستقبل ان تلك المؤسسات يتطلب عليها ان تدرك ما هو دورها التى انشاءت من اجلها

‎لن اسمح بخلق قيادة موازية تنازع الدولة هيبتها وصلاحيتها بكل ما يعنيه ذلك من انعكاسات هدامة على الاثنين معا

‎اننى ادعو القائمين على مؤسسات الدولة المصرية إلى تطويرها واصلاحها ولتكن محاربة الفساد شعارها وشعارنا للمرحلة المقبلة واؤكد ان مواجهة الفساد ستكون شاملة ضد الفساد بكافة اشكاله لن اقول انه لن يكون هناك تهاون مع الفاسدين وإنما لن تكون هناك رحمة من أى ممن سيثبت تورطهم فى اى قضايا فساد أيا كان حجمها

‎إن مرحلتنا المقبلة تطلب جهد كل مخلص سابق يضع الحفاظ على المال العام نصب عينيه فلنتقى الله جميعا فى مال هذا الوطن والشعب

‎الاخوة المواطنون يقودنى الحديث عن الاصلاح والتطوير إلى الحديث أيضا عن التصويب والتصحيح، تصحيح المفاهيم وفى مقدمتها مفهوم المواطنية المبدأ الحاكم لحياتنا على أرض هذا الوطن فلا فرق بين مواطن وآخر فى الحقوق والواجبات لأى سبب ولا حتى قناعاته السياسة مادامت فى اطارها السلمى

‎ان تطبيق مفهوم المواطنة بمعناه السليم سيحقق العدل والمساواة بين ابناء هذا الوطن وسيكون التميز الكفاءة والإجادة هى المعاير الحاكمة للحصول على الفرص المناسبة لنعطى كل ذى حق حقه وفرصته المناسبة لخدمة الوطن، ذلك إن اردنا أن نبنى وطنا امنا مستقرا وطنا عادلا يربى فيه نفوس ابناءه قيمه العلم والعمل و الولاء والانتماء ويؤسس لديمقراطتنا التى لا تقتصر على حرية ممارسة الحقوق السياسية إنما تمتد لتشمل تكافؤ الفرص ورفع الظلم والعدالة فى توزيع الدخول ولا تتوقف عند احدود نتائج صناديق الاقتراع

‎وفى سياق تصويب المفاهيم اود ان اتطرف لمفهوم الحرية، ما هى الحرية؟ إن الحرية قرينة الالتزام وتظل مكفولة للجميع ولكنها تتوقف عند حدود حريات الآخرين لها اطارها المنظم بكل ما يحويه من قوانين وقواعد دينية ووضعيه واخلاقية، تتسم بالنقض ولكن بموضوعيه دون تجريخ بالصراحة وحرية التعبير ولكن دون ابتذال اما دون ذلك فهى اى شىء اخر إلا أن تكون حرية فهى فوضى وحق يراد به باطل

‎الاخوة والاخوات إن دوركم فى مرحلة البناء المقبلة لا يقل اهمية عن دور مؤسسات الدولة فنحن جميعا مطالبون بان نعلى قيمة الايثار وانكار الذات فلا صوت سيعلو فوق صوت الوطن وان تتضافر جهودنا جميعا، فالمرأة المصرية مدعوة اكثر من اى وقت مضى لتساهم مساهمة جادة وبناءة فى مرحلتنا المقبلة حتى وان لم تكن امراءة عاملة و ولمن يقللون من دور المرأة غير العاملة اقول انتم لم تدركوا شيئا لا من حكمه الخالق ولا من دور المرأة فى حياتنها فهى سر وجود المجتمع واستمراره ميلادا ونشأة وحياة ولقد برهنت المرأة على وعيها السياسى ووعيها فى المجتمع واستلهمت روح مشاركتها الفاعلة فى ثورة 1919 فشاركت فى ثورتين عظيمتين ثم نزلت فى كثافة سواء فى الاستفتاء أو الانتخابات الرئاسية المصرية

‎تحية تقدير وإعجاب بدورها وثقتى كاملة فى أنها ستصون دورها اما واختا وزوجه وابنه وستبذل جهودها مواطنة فاعية فى مرحلة البناء المقبلة واننى اعدها باننى عرفانا بدورها الفاعل فى المجتمع وانشغالها بهمومه وتقديرا لدورهنا النشط أيضا فى استحقاقتنا الوطنية سأبذل كل ما فى وسعى لتحصل على نصيب عادل من التمثيل فى المجلسين النيابين المقبل وفى المناصب التنفيذية المختلفة

‎ولشباب مصر ولشاباتها أمل المستقبل وحاملى مشاعل العلم والتنوير فاقول لهم هذا الوطن لكم وبكم انتم من سيعمره ويبنيه وسينهض بشتى مناحيه اعملو وساهموا بفاعلية دوركم مقدر وجهدكم محمود ولكنه لم يكتمل بعد فانتم من اشعلتم جذوة الثورة واكملتم مسيرتها بالتعاون مع كافة فئات الشعب ولكن الوطن مازال فى حاجة ماسة إلى عملكم واخلاصكم بروحكم الممتلئة بالأمل والحياة..روح الاستمرار والتجديد انتم مقبلون على مرحلة البناء والتمكين ساهموا عبر القنوات الشرعية فى إثراء الحياة السياسة والاقتصادية والاجتماعى لوطنكم واننى من موقفى هذا اقول يا شباب مصر انتم الامل وانتم المستقبل وانتم من ستبنوا مصر الجديدة بسواعدكم وعقولكم مصر الجديدة بدستورها الجديد وما به من حقوق وواجبات ـ، واما انا فساسعى بعونكم ومساندتكم لتحقيق غد افضل لكم ولابنائكم رئيسا لمصر ولكل المصريين شبابا وشيوخا نساء ورجالا

‎والى بسطاء هذا الوطن اقول تحملتم الكثير لعقود مضت وبدلاً من تحقيق أحلامكم فى العيش الكريم تضاعفت معانتكم خلال السنوات الأخيرة التى مرت ثقيلة صعبة، اعدكم جميعا اننى سأبذل كل ما فى وسعى ولن ادّخر جهداً سأعمل لساعات طويلة من أجلكم دون كلل أو ملل وكلى ثقه فى انكم ستعملون مثلى واكثر واعدكم واعد كل المصرين اننا سنجنى خلال هذه الفترة الرئاسية وان الدولة ومؤسساتها ستحرص على تحقيق معدلات انجاز غير مسبوقه مادمتم وراءها بسواعدكم

‎نعم بمشيئة الله تعالى اعد البسطاء ومحدودى الدخل من المصرين بحياة افضل خلال ال 4 سنوات المقبلة

‎ابناء الشعب المصرى الكريم لقد تمكنا بفضل الله الكريم ان ننجز الاستحقاقين الأول والثانى من خارطة المستقبل على الوجه الأكمل وسنعمل بذات الروح الوطنية باستكمالها واتمام الاستحقاق الرئيسى الثالث الانتخابات البرلمانية فاعلموا ان اصواتكم امانه وان اختياركم لنواب الشعب سيترتب عليه الكثير، اننا بحاجة ماسة إلى مجلس نواب جديد يساهم اسهاما جوهريا فى احاله نصوص دستورنا الجديد إلى قوانين ملزمة تترجم ما فيه من حقوق وحريات إلى معان وواقع انسانى نمارسه عملا لا قولا وخذوا دائما فى اعتباركم إن هذا المجلس تختلف صلاحياته بموجب الدستور الجديد عما سبقه من مجالس، لذا فان اصواتكم شهادة فلا تكتموها

‎احسنوا ودققو الاختيار من يمثلكم ويرعى مصالحكم ويتخذ من النزاهة والحيدة دستور عمل وحياة من يكون لكم عوناً ولوطنكم حافظا امينا

‎ابناء مصر ان مزايا الاوطان كما تكون نعيما لاهلها فإنها تفرض عليهم ايضا ان يبذلوا جهودا مضاعفة لصيانتها وتنميتها مصر الكنانة مهد الحضارة حباها الله بنعم عظيمة، فأضحت جغرافياتها تاريخا يتحرك وتاريخها جغرافيا ساكنه مصر الفرعوينة ميلادا وحضارة، العربية لغة وثقافة، الافريقية جذورا ووجودا المتوسيطة طابعا وروحا مزيج فريد قلما يتكرر بين بلاد الدنيا ويفرض علينا جميعاً أن نرتقى إلى حجم المهمة وقدر المسئولية الملقاه على عاتقنا للحفاظ على دور هذا الوطن الرائد فى مختلف دوائر السياسة الخارجية المصرية والذى لن يتأتى دون العمل والبناء فى الداخل فمصر هى التى ستوجه دفة سياستها الخارجية وهى التى ستحدد موقعنا على الصعيد الدولى فكلما كانت جبهتنا الداخلية موحدة كلما كان قرارنا مستقلا وصوتنا مسموعا وإرادتنا حرة، ان مصر العربية يتعين ان تستعيد دورها تدرك ان الأمن القومى خط أحمر، أما امن الخليج العربى فهو جزء لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى

‎اننا بحاجة إلى مراجعات شاملة لكافة اوجه واليات العمل العربى المشترك لا لنجتمع ونتحدث ولكن لنتخذ القرارت الكفيلة بتحقيق امننا العربى المهدد فى العديد من دوائره

‎وستظل القضية الفلسطينية قضية العرب الأولى وملف اساسى من ملفات السياسة الخارجية المصرية

‎فمصر تعلى مصالح الشعوب العربية على صغائر جماعات ضيقة ـ مصر التى اخذت على عاتقها الدفاع عن الشعب الفلسطينى الدقيق ستواصل مسيرتها ودعمها حتى يحصل الشعب الفلسطينى على حقوقه المشروعه ويحقق حلمه وحلمنا جميعا ويكون دولة مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية

‎إن مصر الإفريقية رائدة تحرر واستقلال القارة السمراء فاننى اقول لمن يحاول فصلها عن واقعها الافريقى لن تستطيع فصل الروح عن الجسد فمصر افريقية الوجود والحياة واقول لابناء الشعب المصرى الذى قامت حضارتها على ضفاف نهر النيل الخالد لن اسمح لموضوع سد النهضة ان يكون سببا لخلق أزمة أو مشكلة وان يكون عائقا امام تطوير العلاقات المصرية سواء مع افريقيا او مع اثيوبيا الشقيقة، فإن كان السد يمثل لاثيوبيا حقها فى التنمية فالنيل يمثل لنا حقنا فى الحياة، النيل الذى ظل رمزا لحياة المصرين منذ الاف السنين والى جانب استمراره كشريان حياة المصرين علينا ان نعمل ليصبح واحة للتنمية والتعاون فيما بين دول حوضه

‎وكما شهدت علاقات مصر الافريقية تطورا تاريخيا بدءا من مساندة حركات التحرر والاستقلال

‎ومرورا بدعم اشقائنا الافارقة من خلال التعاون الفنى لبناء الكوادر الفنى فى شتى المجالات فإن تلك العلاقات يتعين ان تتطور لتحقيق الشراكة فى التنمية فى شتى المجالات الصناعية والزراعية والتجارية فمصر بوابة العالم إلى افريقيا ونافذة افريقيا على العالم

‎أما عن علاقتنا الدولية فى المرحلة المقلبة فستكون علاقات ديمقراطية متوازنة ومتنوعة لا بديل فيها لطرف عن آخر فمصر تستطيع الآن ان ترى كافة جهات العالم، مصر الجديدة ستكون منفتحة على الجميع لن تنحصر فى اتجاه ولن نكتفى بتوجه إننا نتطلع لتفعيل وتنمية علاقتنا بكل من أيد او سيؤيد إرادة الشعب المصرى ونتعهد معهم على احياء تعاوننا فى شتى المجالات ذلك التعاون الذى لن يقتصر الاعتزاز به على الدوائر الرسمية وانما يمتد ليستقر فى وجدان شعوبنا وقاعدة للصناعات الثقيلة فمصر بما لديها من مقومات يجب ان تكون منفتحه فى علاقتها الدولية لقد مضى عهد التبعية فى تلك العلاقات

‎ان مصر بما لديها من مقومات يجب أن تكون منفتحة فى علاقتها الدولية، ولقد مضى عهد التبعية فى تلك العلاقات، التى ستحدد من الآن فصاعدًا طبقًا لمدى تعاون الأصدقاء للتعاون، وتحقيق مصالح الشعب المصرى

‎فمصر نقطة التوازن والاستقرار فى الشرق الأوسط، وهى ممر عبور تجارة العالم الدولية، ومركز الإشعاع الدينى للعالم الاسلامى بالأزهر الشريف، وعلمائه الأجلاء، وستعتمد الندية والالتزام والاحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية كمبادئ أساسية فى سياساتها الخارجية فى المرحلة المقبلة

‎وأجدد التزاماتنا بتعهداتنا الدولية التاريخية والحديثة المعاصرة، وما يكون من تعديل فيها يكون بالتوافق بين الأطراف المتعاقدة بما يحقق المصالح المشتركة

‎وكل التحية والإجلال لشهداء مصر ورجال الشرطة والقوات المسلحة، ونقدر المعاناة التى يعانيها أسر الشهداء ولكن أرواحهم الذكية تسكن الفردوس
‎أعينونى بقوة لبناء وطننا الذى نحلم به، واعلموا أن سفينة الوطن واحدة إن نجت نجونا جميعا وكلنا نتفاءل بمستقبل جيد

‎علينا العمل و التوكل على الله وندعوكم ان تكونوا على قلب رجل واحد وندعو الله انيحفظ مصر شعبها، وختاماً نذكركم بقول الله تعالى: "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين" صدق الله العظيم، تحيا مصر وشعبها

Tuesday, June 10, 2014

وصية القاضى للرئيس



الخطاب الذى ألقاه القاضى عدلى منصور الرئيس السادس لمصر بمناسبه انتهاء إدارته الرئاسيه لمصر يستحق المزيد من الدراسة والتحليل. قيمة الخطاب تتمثل فيما يمثله 
 الرجل من نواح ثلاثة
أولا هو قاضي ينتسب الى السلطة القضائية التى طالما تم الإفتئات عليها من قبل السلطتين التنفيذية والتشريعية فى عهد قريب
ثانيا هو رئيس للمحكمة الدستورية العليا انتخبته جمعيتها العمومية من بين اعضائها ليصدر قرار من الرئيس الخامس الدكتور محمد مرسي مصدقا على هذا التعيين (وفق المرسوم بقانون ٤٨ لسنه ٢٠١١ والذى ضمن للمحكمة المزيد من الاستقلال والذى صدر بعد فترة قصيرة من تخلى الرئيس الرابع مبارك عن الحكم)
ثالثا هو الرئيس السادس لمصر فتولى إدارتها بحكم منصبه خلال فترة محددة ليعود بعدها لممارسة وظيفته الأصلية رئيسا لأعلى محكمة مصرية

أهمية الخطاب كونه وصية قاضى يسلم إدارة مصر إلى رئيسها السابع المشير عبد الفتاح السيسي بعد ان تسلمها فى ظروف صعبة.  ورغم أنه- من باب نسبه الحق لأصحابه- اشاد بموقف رجال القوات المسلحة والشرطة بأعتبار ان التاريخ سيذكر لهم أنهم حالوا دون سقوط أقدم دولة مركزيه فى التاريخ- إلا أنه- إحقاقا للحق- فإن إدارته لمصر وبما يمثله من أعلى منصب قضائي يستدعى الإشادة بدور ما وفرته الذراع القضائية للحكومة. وجود قاضى على رأس الدولة حسم -الى حد ما- إشكالية (ثورة ام انقلاب) ومهد الطريق لتصحيح بوصلة نظام الحكم (تعديل الدستور) وإكتمال تشكيل الذراع التنفيذية (الإنتخابات الرئاسية) وسيساهم فى تشكيل الذراع التشريعية للحكومة قريبا

جوهر الخطاب يتمثل فى ثلاثة أركان ينبغى أن تضعها أى حكومة -بأذرعها الثلاثة- نصب عينها

اولا- لا إحتكار ولا مساومة
 لَنِ تَرَى مِصرُ احْتِكَاراً لِلوَطنِ أو الدِّينِ بَعدَ الْيَومِ .. واعْلَمُوا أَيضاً أنَّهُ لَنْ يُسَاوِمَ أَحَدٌ الشَّعبَ مَرَّةً أُخرَى عَلَى الْخُبزِ مُقَابِلَ الْكَرَامَةِ .. ولا عَلَى الْأَمْنِ مُقَابِلَ الْحُرِّيـَّةِ.. فَسَيَأتِي الْخُبزُ بِكَرامَةٍ مَا دُمْنَا اهْتَدَينَا بِالْعَمَلِ سَبِيلاً .. فِي وَطنٍ خَيرَاتُهُ بَاتَتْ لِأَبنَائِهِ.. وسَيَأتِي الْأَمْنُ مَا دَامَتْ الْحُرِّيـَّةُ الْمَسئولَةُ ضَامِنَةً لَهُ ولِبَقَائِهِ بِفَضلِ غِيرَةِ ووَطَنِيَّةِ الْمِصرِيين

ثانيا- الحذر من جماعات المصالح
الَّتِي تَوَدُّ أنْ تَستَغِلَّ الْمُناخَ السِّياسِيَّ الْجَديدَ لِطَمْسِ الْحَقائقِ.. وغَسْلِ السُّمعَةِ .. وخَلْقِ عَالَمٍ مِنَ الاِسْتِفادَةِ الْجَشِعَةِ.. يُمَكِّنُ هَذِه الْفِئاتِ مِنِ اسْتِعادَةِ أَيَّامٍ مَضَتْ.. يَوَدُّ الشَّعبُ الْمِصرِيُّ ألَّا تَعودَ أبدا

ثالثا- الوصية بخمس
بالمرأة المصرية
وبالقضاء المصري
وبحقوق الإنسان المصرى وتقدير من أبدع وضحى
وبتجديد الخطاب الدينى
وبقبط مصر
مِصرُ الدَّولَةُ الْمُسْلِمَةُ الَّتِي تَتَّخِذُ مِنْ قِيَمِ ومَبَادِئِ الشَّريعَةِ الْإِسْلامِيَّةِ السَّمْحَةِ الصَّحِيحَةِ أَساساً لِتَشرِيعَاتِهَا .. مِصرُ الَّتِي تَحفَظُ وَصِيَّةَ رَسُولِنَا الْكَرِيمِ (ص) .. "اسْتَوصُوا بِقِبْطِ مِصْرَ خَيراً؛ فَإنَّ لَكُمْ فِيهِمْ ذِمَّةً ورَحِمَاً".. مِصرُ الَّتِي تُؤمِنُ .. أَنَّنا سَنَظَلُّ دَوماً وإلَى انْقِضَاءِ الدَّهرِ .. أُمَّةً وَاحِدةً.. تَتَعَلَّمُ وتَعمَلُ .. تَبنِي وتُشَيِّدُ .. وتَدعُو إِلَهَهَا الْوَاحِد

Sunday, June 8, 2014

من منصور الى السيسي From Mansour to Sisi



لمصر رئيس جديد. ولديها تحديات جليلة سواء امنيه (فى الامن الوطنى والامن القومى) او اقتصاديه او تتعلق بالطاقة او التنمية بصفه عامة. غير واضح حتى الآن كيف ستتحرك إدارة الرئيس السيسي قدما فى ملفات عديدة. لكن هناك ملاحظات ثلاثة مهمة قد تساعد فى فهم كيف ستواجه هذه الإدارة الجديدة لمواجهة هذه التحديات

اولا- الاصوات التى حصل عليها السيسي فى انتخابات ٢٠١٤ تبلغ تقريبا مجموع الأصوات التى حصل عليها المرشحين المتنافسين فى الجولة الثانية من انتخابات ٢٠١٢. معنى هذا أن لدى السيسي فرصة افضل من تحقيق اجماع وطنى حول سياساته من الرئيس مرسي خلال فترة إدارته

ثانيا- حالة سيادة القانون فى مصر الآن هى افضل مما كانت عليه من عامين. حصار المحكمة الدستورية العليا وعزل النائب العام وتحصين قرارات من رقابة القضاء هى مجرد امثلة لاهدار اوليات سيادة القانون خلال ادارة الرئيس مرسي. وجود القاضى عدلى منصور -رئيس المحكمة الدستورية العليا- كرئيس مؤقت لمصر خلال الفترة الانتقالية اعاد لسيادة القانون بعضا من قيمتها لكن مازال هناك الكثير مما ينبغى فعله فى هذا الصدد

ثالثا- يبدو ان المحكمة الدستورة العليا مقبلة على ممارسة دور فعال فى منظومة حكم مصر اكثر من قبل. لم يعد القاضى عدلى منصور رئيسا مؤقتا لكنه مازال هو رئيس اعلى محكمة فى مصر. خطابه الوداعى الذى القاه يوم إعلان نتيجة الإنتخابات الرئاسية بحاجة الى المزيد من التحليل والدراسة. هديته الى الرئيس السيسي خلال مراسم تسليم السلطة كانت نسخة من دستور مصر الذى -بحسب كلامه- 
يمثل القانون الاسمى في البلاد ويرسى القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم- ومن جانبى فإننى ساسهر من موقعى الذى عدت اليه اليوم -كرئيس للمحكمة الدستورية العليا- على احترامه وتطبيق أحكامه



Egyptians have a new president: Abdel Fattah el-Sisi. He was former president Hosni Mubarak's choice as the Director of Military Intelligence (2010-2012). Then, he was former president Muhamed Mursi's choice as the Minister of Defense (2012-2013). Later on, he was former president Adli Mansour's choice as the First Deputy Prime Minister beside being the Minister of Defense (2013-2014). Finally, after resigning from his positions, he ran for the presidency, won a three-day elections and was sworn into office on 8 June 2014.

The country faces many challenges in terms of security (national and regional), the economy, energy and development in general. It is not clear yet how president El-Sisi's administration will move forward. But, it seems that the following three observations might help understand how this new administration will face these challenges.

First, the votes El-Sisi got in 2014 are close the votes that the two candidates got combined in 2012. He is more likely to achieve consensus on his policies than Mursi.

From 53.5 m registered voters, 25.5 m participated in the 2014 elections.
23.4 m voted for El-Sisi,
740,304 (less than a million) voted to his opponent
1.03 are invalid votes
(Source: https://www.elections.eg/presidential-elections-2014-results)


compare this to the 2012 presidential elections

In the first round:
from 50.4 m registered voters, 23.2 m participated
5.7 m voted for Mursi,
5.5 m voted for his opponent Ahmed Shafik
(source: http://pres2012.elections.eg/index.php/round1-results)

In the second round:
13.2 m voted for Mursi,
12.3 m voted for his opponent Shafik
(source: http://pres2012.elections.eg/index.php/round2-results)


Second, the state of the "rule of law" in Egypt is not as weak as it was two years ago. The siege of the Supreme Constitutional Court, the dismissal of the Public Prosecutor, and the immunization of governmental decisions from judicial review were some aspects of this weakness during Mursi's administration. Having Justice Adly Mansour, the head of the highest court, as the interim president during the last year, restored some respect to the rule of law. Yet, there are many steps that have to be taken in this regard to restore confidence in the institutions upholding the rule of law.

Third, the Supreme Constitutional Court seems more willing to actively participate in the dynamics of governance than before. Justice Adly Mansour is not the interim president any more, but he is still the head of the highest court in Egypt as he clarified in his farewell speech. His gift to President El-Sisi was a copy of the 2014 Constitution that is "the highest law of the land that sets the rules upon which the system of governance is designed." "From my side, as I returned today to my position as the head of Supreme Constitutional Court, I will observe the respect to the Constitution and the enforcement of its rules." 

Friday, June 6, 2014

النص الكامل لكلمة الرئيس المؤقت عدلي منصور، بمناسبة اختتام الفترة الرئاسية الانتقالية




النص الكامل لكلمة الرئيس المؤقت عدلي منصور، بمناسبة اختتام الفترة الرئاسية الانتقالية، وانتخاب الشعب المصري المشير عبدالفتاح السيسي رئيسا للجمهورية


‎وفيما يلي نص الكلمة: 

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ" -الأعراف:43


‎ــ الْإِخْــوَةُ والْأَخَــوَات ..


‎ــ شَعبَ مِصرَ الْعَظِــيم ..


‎اِسْمَحُوا لِي فِي الْبِدَايَةِ .. أَنْ أُهَنِّئَكُمْ عَلَى وَعْيِكُم السِّياسِي .. وحِسِّكُم الْوَطَنِي .. وشُعُورِكُم الرَّفِيعِ بِالْمَسئولِيَّةِ .. لَقَدْ أَثبَتُّمْ أَنَّكُمْ أَهْلٌ لِهَذَا الْوَطنِ الْعَظيمِ .. كَمَا بَرْهَنْتُمْ أَنَّكُمْ تُدْرِكُونَ قَدْرَ وخُطُورَةَ مَا يُوَاجِهُهُ مِنْ تَحَدِّيَاتٍ .. تَعلَمُونَ مَتَى تَتَّحِدُونَ .. وتَتَّحِدُ كَلِمَتُكُمْ .. مَرَّةً أُخرَى .. تُبهِرُونَ الْجَمِيعَ .. شَعْبَاً ودَولَةً .. لَقَدْ أَنجَزْتُمْ الاِنتِخَابَاتِ الرِّئاسِيَّةَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكمَلِ.. ويَقِينِي أَنَّكُمْ سَتُنجِزُونَ مَا تَبقَّى مِن اسْتِحقَاقَاتِ خَارِطَةِ مُستَقبَلِنَا عَلَى ذَاتِ النَّحوِ الْمُشَرِّفِ.. لِتَبدَأوا مَرحَلةَ الْبِناءِ الْمُقبِلَة.


‎إنَّنِي كَمُواطِنٍ مِصريٍّ فَخُورٌ بِهَذَا الْإِنجَازِ الْكَبيرِ الَّذِي قُمْتُمْ بِهِ .. فَخُورٌ بِوَعي وتَصمِيمِ وصَلابَةِ هَذَا الْوَطنِ وشَعبِهِ .. شُكرَاً لَكُمْ .. نَحنُ جَدِيرُونَ بِهَذَا الْوَطنِ وحَضَارَتِهِ .. وإنَّنِي لَعَلَى ثِقَةٍ فِي أنَّنَا سَنَسْتَعِيدُ مَكانَتَنَا ودَورَنَا الرَّائِدَ فِي مُستَقبَلٍ قَريبٍ جِدَّاً.. شُكرَاً لِشَعبِ مِصرَ الْعَظيمِ .. عَلَى هَذِه الْمُشَارَكَةِ الْوَاسِعَةِ .. عَلَى الرَّغمِ مِن ارْتِفَاعِ دَرجَاتِ الْحَرارَةِ وصِيَامِ الْكَثِيرِينَ مِنَّا.. وعَلَى الرَّغمِ مِنْ أَنَّ هَذَا الاِسْتِحقَاقَ الاِنتِخَابِيَّ هُوَ السَّابِعُ فِي سِلسِلَةٍ طَوِيلَةٍ مِنَ الاِسْتِحقاقَاتِ الاِنتِخَابِيَّةِ .. مُنذُ ثَورَةِ الْخَامِسِ والْعِشرِينَ مِنْ يَناير.


‎وشُكرَاً لِلدَولَةِ الْمِصرِيَّةِ ومُؤسَّسَاتِهَا الَّتِي حَافَظَتْ عَلَى عَهْدِهَا بِالْحِيَادِيَّةِ والْبَقاءِ عَلَى مَسَافَاتٍ مُتَسَاوِيَةٍ مِنَ الْمُرشَّحَيْنِ .. شُكرَاً لِكُلِّ مَنْ أَسْهَمَ فِي إِنجَاحِ هَذَا الْحَدَثِ الْوَطَنِي .. شُكرَاً لِلحُكومَةِ الَّتِي أَسْهَمَتْ فِي خُروجِ هَذَا الْإنجَازِ الْهَامِّ بِهَذَا الشَّكْلِ الرَّائِعِ .. سَوَاءٌ عَلَى الْمُستَوَى التَّنظِيمِي أو الْأَمنِي. ـ


‎ـ الْإخْــوَةُ وَالْأَخَــوَات ..


‎أُوَجِّهُ حَدِيثِي إِلَيكُم الْيَومَ مُوَدِّعَاً .. بَعدَ أنْ شَرُفْتُ بِرِئاسَةِ جُمْهُورِيَّةِ مِصْرَ الْعَربِيَّةِ مَا يُناهِزُ الْعَامَ .. عَامٌ مِنَ الْمَسْئولِيَّةِ الْجَسِيمَةِ.. والْأمَانَةِ الْكَبيرَةِ.. لَمْ أَكُنْ أَتصَوَّرُ يَومَاً .. وأنَا فِي صُفُوفِ الْجَمَاهِير ِ.. وَطْأةَ الْعِبءِ.. وحَجْمَ التَّحَدِّياتِ .. وصُعُوبةَ الْـمُهمَّةِ .. أنْ تَكونَ مَسئُولاً عَنْ بَلَدٍ بِحَجمِ مِصْرَ.. الَّتِي كَمَا تَتَطلَّبُ أَداءً رِئاسِيَّاً .. يَتَنَاغَمُ مَعَ عَظمَةِ تَاريِخِهَا .. ويَتَفَاعَلُ مَعَ وَاقِعِ حَاضِرِهَا .. ويُخَطِّطُ لِقَادِمِ مُستَقبَلِهَا .. فَإنَّها تَفْرِضُ أَيضَاً أَنْ يَكُونَ .. جَادَّاً ودَؤوبَاً .. مُخلِصَاً وأمِينَاً.. يُواجِهُ مُشْكِلَاتِ الْوَاقِعِ السِّيَاسِي والْاِقتِصَادِي والْاِجتِمَاعِي .. ويُدَبِّرُ الْمَوارِدَ اللازِمَةَ لِلتَّغَلُّبِ عَلَيهَا .. ويَحْشُدُ الطَّاقَاتِ .. الَّتِي تَعمَلُ عَلَى تَأمِينِ مُستَقبَلِ هَذَا الْوَطَنِ وأَبنَائِه.


‎إنَّ تَوَلِّيَ رِئاسَةِ مِصْرَ .. وحَتَّى بِدُونِ الظَّرْفِ التَّارِيخِي الرَّاهِنِ .. مُهمَّةٌ عَظِيمَةٌ.. تَسْتَمِدُ عَظَمَتَهَا .. مِنْ عَظَمَةِ هَذَا الْبَلَدِ .. الرَّائِدِ فِي مُحيطِهِ الْإقلِيمِي عَلَى مَرِّ الْعُصُورِ .. مُلتَقَى الْأَديَانِ السَّمَاوِيَّةِ .. مَعبَرِ الْأَنبِيَاءِ .. مَهْدِ الْحَضَارَةِ .. مَنبَعِ الْفُنونِ .. وبَهَاءِ الْعِمَارَةِ .. عَبقرِيَّةِ الْمَكَانِ .. مَركَزِ الْعَالَمِ.. وهَمزَةِ الْوَصْلِ بَينَ قَارَّاتِهِ الْقَدِيمَةِ .. مَشعَلِ الْحُرِّيَّةِ فِي إفرِيقيَا .. بَلَدِ النِّيلِ .. وأَرضِ الْفَيرُوزِ .. وقَناةِ السُّوَيسِ.. مِصْرَ الْأَزهَرِ والْكَنِيسَةِ .. مِصْرَ الْعَرَبيَّةِ والْإفرِيقِيَّةِ والْإسْلَامِيَّةِ والْمُتوَسِّطِيَّةِ .. دُرَّةِ الْعَالَمِ .. ومَحَطِّ أَنظَارِ الْجَمِيع.


‎لَقَدْ قَبِلْتُ بتِلكَ الْمُهمَّةَ أَداءً لِلوَاجِبِ، ولَعَلَّكُمْ تَعلَمُونَ أنَّنِي لَمْ أَكُنْ أَوَدُّ الْقِيامَ بِهَا .. إلَّا أنَّهُ مِنْ مُنطَلَقِ الْمَسْئولِيَّةِ الْوَطَنِيَّةِ .. ووَفَاءً لِمَا أُدِينُ بِهِ مِنْ أَفضَالٍ لا تُعَدُّ لِهَذَا الْوَطَنِ الْغَالِي .. لَبَّيتُ النِّدَاءَ.. وقَدْ تَحمَّلْتُ .. مَسْئولِيَّاتٍ صَعبَةً والْتِزامَاتٍ جَسِيمَةً .. وحَمَّلْتُ أُسرَتِي .. مَخَاوِفَ أَمْنيَّةً .. وقُيودَاً اِجْتمَاعِيَّةً .. وقَدْ حَرَصْتُ عَلَى أنْ أَكونَ أمِينَاً فِي أدَائِي لِلتَّكلِيفِ .. رَئِيسَاً لِمِصْرَ ولِلمِصرِيينَ .. كُلِّ الْمِصرِيينَ .. لا أَقبَلُ تَدَخُّلاً أو وصَايةً مِنْ أَحَدٍ مِنْ دَاخِلِهَا أو خَارِجِهَا .. أَسْتَمِعُ لِلجَميعِ .. وأُقِيمُ الشُّورَى.. ثُـــمَّ اَتَّخِذُ الْقَرَاراتِ الْمُناسِبَةَ .. وأَتحمَّلُ مَسْئوليَّتَهَا أَمامَ اللَّـهِ والْوَطنِ .. فَلَقَدْ حَرَصْتُ فِي كَافَّةِ هَذِه الْخُطُواتِ .. أنْ أُطَبِّقَ وأُعْلِيَ مَبْدَأَ الشُّورَى .. ودِيمُقراطِيَّةَ اتِّخَاذِ الْقَرارِ.. فَدَعَوتُ إِلَى الْحِوَارِ الْمُجتمَعِي ..مَعَ كَافَّةِ قِطاعَاتِ الشَّعبِ .. وفِي مُقدِّمَتِهِمْ الشَّبابُ.. مُستَقبَلُ الْأُمَّةِ .. قَلبُهَا النَّابِضُ .. ووَعْيُهَا الْمُتفَتِّحُ .. ورُوحُهَا الْوَثَّابَةُ .. وذَلكَ سَواءٌ فِيمَا يَتَعلَّقُ بِأولَوِيَّاتِ إجْـــراءِ اسْتِحقاقَاتِ خَارِطَـةِ الْمُستَقبَلِ .. أو فِيمَا يَرتَبِطُ بِهَا مِنْ قَوَانِينَ ذَاتِ صِلَةٍ .. تَشْهدُ مُسَوَّدَاتُها الْأُولَى .. أَنَّهَا تَغيَّرَتْ وَفقَاً لإرَادةِ الشَّعبِ .. ونُزُولاً عَلَى مُقتَرحَاتِهِ .. ولَيسَ فَرضَاً لِرَأيٍ..أو احْتِكَاراً لِسُلْطَةٍ.


‎واسْمَحُوا لِي أنْ أَنسِبَ الْحَقَّ لِأَصْحَابِهِ .. فَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ أنَّ الثلاثين من يُونيو تُمَثِّلُ الْإرَادةَ الشَّعبِيَّةَ الْمِصرِيَّةَ، إلَّا أنَّنَا مَا كُنَّا لِنَنْجَحَ فِي تَحقِيقِ هَذِه الْإرَادةِ دُونَمَا الدَّورِ الْوَطَنِي لِرِجَالِ الْقُوَّاتِ الْمُسَلَّحَةِ الْبَواسِلِ .. ورِجَالِ الشُّرطَةِ الْأبطَال.


‎فَبِاِسْمِ الشَّعبِ الْمِصرِي الَّذِي أَتَى بِي عَلَى رَأسِ الْوَطنِ فِي هَذِه الْمَرحَلَةِ .. أَقولُ لَهُمْ إنَّ التَّارِيخَ الَّذِي عَرَفَ مِصرَ مُوَحَّدَةً مُنذُ مِينَا مُوَحِّدِ الْقُطْرَينِ .. سَيَذْكُرُ لَهُمْ أنَّهُمْ حَالُوا دُونَ سُقوطِ أَقدَمِ دَولةٍ مَركَزِيَّةٍ فِي التَّارِيخ.


‎ــ السَّيدَاتُ والسَّادَة ..


‎أَوَدُّ بَعدَ أنْ أنْهَيتُ مُهمَّتِي .. أنْ أُلْقِيَ الضَّوءَ عَلَى مُجْمَلِ الْأوضَاعِ الَّتِي قَبِلْتُ فِيهَا تَوَلِّيَ مَهَامِّ مَنصِبِي الرِّئاسِي .. وَطنٌ يُواجِهُ تَحدِّيَاتٍ لا تُهدِّدُ هُوِيَّتَهُ فَقَطْ .. بَلْ وِحدةَ شَعبِهِ وأرَاضِيهِ .. وَطنٌ مَرِضَ جَسَدُهُ عَلَى مَدارِ عُقودٍ مَاضِيَةٍ .. وأُرِيدَ لِلجَسَدِ الْمُنهَكِ أنْ يُسْتَباحَ فِيمَا تَبقَّى لَهُ مِنْ حَياةٍ .. حَالةٌ مِنَ الاِرتِبَاكِ السِّياسِي .. شَعبٌ ثَارَ عَلَى نِظَامَيْ حُكْمٍ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلاثَةِ أَعوَامٍ .. اِحْتِكَارٌ لِلدِينِ والْوَطنِ .. مُنَاخٌ عَامٌّ مِنَ الاِحتِقَانِ السِّياسِي .. ظُرُوفٌ اِقتِصَاديَّةٌ مُرتَبِكَةٌ .. ثُمَّ تَلا ذَلكَ إرهَابٌ أَعْمًى ..لا دِينَ لَهُ ولا وَطنَ.. يُرِيدُ فَرْضَ رُؤاهُ الْمُخالِفَةِ لِحَقيقةِ الدِّينِ .. أُنَاسٌ شَوَّهُوا تَعالِيمَ دِينِنا السَّمْحَةَ .. وقَدَّمُوا لِلعَالَمِ بِأسْرِهِ صُورَةً مَغلُوطَةً عَنِ الْإسْلَامِ الْحَنِيف.


‎ولِاسْتِكمَالِ الصُّورَةِ .. يُضَافُ إِلَى تَردِّي الْأَوضَاعِ الدَّاخِليَّةِ .. مَوقِفٌ دُوَلِيٌ مُنقَسِمٌ .. مَا بَينَ دُوَلٍ رَبَطَتْ مَصالِحَهَا بِالنِّظامِ السَّابقِ .. واسْتَثمرَتْ فِيهِ .. واتَّخذَتْ إِزَاءَ مِصرَ وثَورَتِهَا الشَّعبِيَّةِ مَوقِفاً سَلبِيَّاً .. فَانْهارَتْ مُخطَّطَاتُهَا عَلَى أَيدِي الْمُخلصِينَ مِنْ أَبناءِ هَذَا الْوَطَنِ .. ودُوَلٍ كَانَتْ تُؤْثِرُ الصَّمْتَ .. ولا تَمُدُّ يَدَ الْعَونِ .. وإنَّمَا تُراقِبُ الْمَوقِفَ .. اِنتِظَاراً لِوضُوحِ مَعالِمِ الْمَشهَدِ السِّياسِي أَكثَرَ فَأَكثَر.. ولا يُخفَى عَلَيكُمْ .. أنَّ ثَورةَ الثَّلاثِينَ مِنْ يُونيو كَانَتْ لَهَا طَبِيعَةٌ كَاشِفةٌ .. أَظهَرَتْ مَعادِنَ الرِّجالِ .. ومَواقِفَ الشُّرفَـــاء.


‎فَتَحِيَّةَ تَقديرٍ وامْتِنانٍ لِأشِقَّائنَا الَّذِينَ دَعَمُونَا مُنذُ الْيَومِ الْأَولِ .. الَّذِينَ طَالَمَا تَبادَلَتْ مِصرُ مَعَ دُولِهِمْ الشَّقِيقةِ.. أَدوارَ الْمُسَاندةِ والتَّأييدِ فِي الشَّدَائدِ.. تَحيَّةً إلَى الْمَملكَةِ الْعَربيَّةِ السُّعودِيَّةِ.. ودَولةِ الْإمَاراتِ الْعَربيَّةِ الْمُتَّحِدَةِ .. ودَولةِ الْكُوَيتِ .. ومَملكَةِ الْبَحرَينِ .. والْمَملكَةِ الْأُردُنيَّةِ الْهَاشِميَّةِ .. ودَولةِ فَلَسطِين.


‎أمَّا لِلمُعَسْكَرِ الآخَرِ.. فَأقُولُ.. إنَّ مِصرَ قَدِيمَةٌ قِدَمَ التَّارِيخِ.. كَانَتْ وسَتَظلُّ بِإذْنِ اللهِ تَعَالَى .. بَاقِيَةً خَالِدَةً .. بِكُمْ أو بِدُونِكُمْ .. سَواءٌ كُنتُمْ مَعَهَا أو عَلَيهَا .. واعْلَمُوا أنَّهَا عَائِدةٌ لَا مَحَالَة لِدَورِهَا ومَكانتِها فِي الْمِنْطَقَةِ .. شِئتُمْ أَمْ أَبَيتُمْ .. فَهَذَا قَدرُهَا .. وهَذِه رِسَالتُهَا .. رِسَالةٌ تَفرِضُهَا مُقوِّمَاتُها التَّارِيخيَّةُ والْجُغرافِيَّةُ والْبَشرِيَّةُ .. وأمَّا اسْتمرَارُكُمْ فِي مَواقِفِكُم الْخَاطِئةِ .. فَأثرُهُ الْوَحيدُ زِيادَةُ كُلْفَةِ تَصوِيبِ تِلكَ الْمَواقِفِ فِي الْمُستَقبَل.


‎ــ الْإخْــوَةُ والْأَخَــوَات ..


‎وعَلَى الرَّغْمِ مِنْ إدرَاكِي لِطَبيعَةِ الْمُهمَّةِ .. الَّتِي اخْتَرْتُ ــ تَوافُقاً مَعَهَا ــ أنْ أُدِيرَ الْبِلادَ.. ولا أَحكُمَهَا .. فَقَدْ آلَيتُ عَلَى نَفسِي ألَّا أُخَالِفَ رَغبَةَ الشَّعبِ .. مَا دَامَتْ مُتَوافِقَةً مَعَ صَالِحِ الْوَطنِ .. ولا تَتَنَاقَضُ مَعَ مَا أَتَاحَهُ لِي الْمَنصِبُ الرِّئاسِيُّ مِنِ اطِّلاعٍ عَلَى مَعلُومَاتٍ لَيسَتْ مُتَاحَةً .. فَقَد اِسْتَجَبْتُ لِنَبضِ الشَّعبِ.. حِرصاً عَلَى إنجَازِ الْمَرحلَةِ الاِنتِقالِيَّة.


‎لَمْ أَتعصَّبْ أَبداً لِرَأيٍ .. أو أُصِرْ عَلَى وِجهَةِ نَظَرٍ .. وكُنتُ مُدرِكاً تَماماً .. عَلَى قِصَرِ الْمُهمَّةِ.. الَّتِي لَمْ تَتجَاوَزْ عَاماً وَاحِداً .. أنَّ لِكُلِّ مَرحَلَةٍ مِنْهَا .. رِجَالَهَا الْقَادِرِينَ عَلَى إدَارَتِها .. وإنجَازِ ما تَوافَقَتْ عَلَيهِ الْقُوَى الْوَطَنِيَّةُ فِي خَارِطَةِ الْمُستَقبَلِ .. ورَغْمَ التَّحَدِّياتِ الْأَمنِيَّةِ .. والظُّروفِ الْمُحتَقِنَةِ .. نَجحْنَا فِي إِقرَارِ دُستُورِ مِصرَ الْجَديدِ .. بِنِسبَتَي مُشارَكَةٍ ومُوافَقَةٍ.. غَيرِ مَسبُوقَتَين.


‎وهَا نَحْنُ قَدْ أَنْجَزْنَا الاِسْتِحقَاقَ الرَّئيسِيَّ الثَّانِيَ.. وهُو الاِنْتِخابَاتُ الرِّئاسِيَّةُ.. لِأُسَلِّمَ رَايةَ الْوَطنِ للرَئيسِ المُنتَخَبِ.. لِيُكْمِلَ الْمَسيرَةَ.. ويَقُودَ هَذِه الْأُمَّةَ.. نَحوَ آفَاقِ التَّقدُّمِ والاِزْدِهَـــار.


‎ــ شَعبَ مِصرَ الْعَظِيم ..


‎لَقَدْ أَولَيتُمُونِي أَمانَةَ الْعُبورِ بِوَطنِنَا فِي ذَلكَ الظَّرفِ الدَّقيقِ .. عُبورٌ كَانَ مِنَ اللادَولَةِ إلَى الدَّولَةِ .. ومِنَ الْوَطنِ الْمُستَبَاحِ .. إلَى الْوَطنِ المُصَانِ .. أُسَلِّمُ مِصرَ الْيَومَ .. لِلرَئيسِ الَّذِي اِئتَمَنَهُ الشَّعبُ عَلَى المَسئولِيَّةِ .. بِوَاقعٍ جَديدٍ .. لَنْ أَدَّعِيَ أنَّهُ الْمَنشُودُ .. ولَكِنَّنِي أَستَطِيعُ أنْ أَقولَ وبِكُلِّ ثِقةٍ .. إِنَّهَا أَفضلُ كَثِيراً مِمَّا كَانَتْ عَلَيهِ لَدَى تَسَلُّمِي مُهمَّتِي فِي يُوليو 2013.


‎دَولَةٌ لَهَا دُستُورُهَا.. وَرَئِيسُهَا المُنْتَخَبُ.. وسَنُكْمِلُ بِإذْنِ اللَّـهِ فِي قَريبٍ عَاجلٍ .. اِنتِخَابَ بَرلمَانِنَا .. وعَلَى الصَّعيدِ الدُّوَلِي تَستَعِيدُ مَكانَتَهَا اللائِقةَ والْمُناسِبةَ .. سِياسِيَّاً واقْتِصَادِيَّاً .. فَكُلُّ يَومٍ نَكْسِبُ أو نَستَعِيدُ أَصدِقاءَ لَنَا .. ونَشهَدُ تَعدِيلاتٍ إِيجَابيَّةً فِي مَواقِفِ كَثيرٍ مِنَ الْأَطرَافِ الَّتِي لَمْ تُدرِكْ مَاهِيةَ الثَّلاثِينَ مِنْ يُونيو .. وتَحَسُّنَاً فِي تَصنِيفِ مِصرَ الاِئتِمَانِـي .. وحِـزَمَ تَحفِـيزٍ اِقتِصاديٍ .. تُشَجِّعُ عَلَى الاِسْتِثمَارِ .. وتَخطِيطاً لِمَشرُوعَاتٍ اِقتِصَادِيَّةٍ عِملَاقَةٍ .. وقَبلَ هَذَا وذَاكَ .. إِرهَاصَاتِ تَحقِيقِ آمَالِ وطُمُوحَاتِ أَبنَاءِ الشَّعبِ الْمِصرِي الْعَظِيمِ .. الَّتِي سَتَتَحقَّقُ .. بِإِرادَةِ نُفُوسِهِمْ .. وأَفكَارِ عُقولِهِمْ .. وقُوَّةِ سَوَاعِدِهِمْ .. وعَرَقِ جِبَاهِهِمْ.


‎واعْلَمُوا يَا أَبناءَ مِصرَ أنَّهُ لا يَضُرُّنَا مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَينَا .. وأنَّهُ بِفَضلِ وَعْيِكُمْ وعَزِيمَتِكُمْ الْقَويَّةِ .. لَنِ تَرَى مِصرُ احْتِكَاراً لِلوَطنِ أو الدِّينِ بَعدَ الْيَومِ .. واعْلَمُوا أَيضاً أنَّهُ لَنْ يُسَاوِمَ أَحَدٌ الشَّعبَ مَرَّةً أُخرَى عَلَى الْخُبزِ مُقَابِلَ الْكَرَامَةِ .. ولا عَلَى الْأَمْنِ مُقَابِلَ الْحُرِّيـَّةِ.. فَسَيَأتِي الْخُبزُ بِكَرامَةٍ مَا دُمْنَا اهْتَدَينَا بِالْعَمَلِ سَبِيلاً .. فِي وَطنٍ خَيرَاتُهُ بَاتَتْ لِأَبنَائِهِ.. وسَيَأتِي الْأَمْنُ مَا دَامَتْ الْحُرِّيـَّةُ الْمَسئولَةُ ضَامِنَةً لَهُ ولِبَقَائِهِ بِفَضلِ غِيرَةِ ووَطَنِيَّةِ الْمِصرِيين.


‎ــ الْإِخْوَةُ والْأَخَوَات ..


‎إنَّنِي لَعَلَى ثِقةٍ فِي أنَّ رَئيسَ مِصرَ، سَيتَّقِي اللَّـهَ فِي هَذَا الْبَلدِ الْعَظيمِ .. وفِي شَعبِهِ الْكَريمِ .. فَيَكُونُ لَهُمْ قَائِداً عَظِيمَاً .. وأَبَاً رَحِيمَاً .. وأَقولُ لَهُ أَحْسِنْ اِخْتِيارَ مُعَاونِيكَ.. فَهُمْ سَنَدُكَ ومُعِينُوكَ عَلَى مَا سَيُواجِهُكَ مِنْ مُشكِلاتٍ دَاخِليَّةٍ صَعبَةٍ .. ووَضعٍ إقلِيمِيٍ مُضطَــرِبٍ .. ووَاقِعٍ دُوَلِيٍ لا يَعرِفُ سِوَى لُغَةِ الْقُوَّةِ والْمَصالِحِ..


‎وتَقتَضِي الْأَمانَةُ أنْ أُحَذِّرَ مِنْ جَمَاعَاتِ الْمَصالِحِ.. الَّتِي تَوَدُّ أنْ تَستَغِلَّ الْمُناخَ السِّياسِيَّ الْجَديدَ لِطَمْسِ الْحَقائقِ.. وغَسْلِ السُّمعَةِ .. وخَلْقِ عَالَمٍ مِنَ الاِسْتِفادَةِ الْجَشِعَةِ.. يُمَكِّنُ هَذِه الْفِئاتِ مِنِ اسْتِعادَةِ أَيَّامٍ مَضَتْ.. يَوَدُّ الشَّعبُ الْمِصرِيُّ ألَّا تَعودَ أبداً.


‎وأُوصِيكَ يَا سِيادَةَ الرَّئيسِ بِالْمَرأةِ الْمِصرِيَّةِ خَيراً .. فَلَقَدْ أَثبَتَتْ عَبرَ تَجارِبَ دِيمُقرَاطِيَّةٍ مُتوَالِيَةٍ.. أَنَّ مُشارَكَتَهَا نَشِطَةٌ فَاعِلَةٌ .. ووَعْيَهَا نَاضِجٌ مُتَحَضِّرٌ .. ويَتَعيَّنُ أَنْ تَشهَدَ مَرحَلَةُ الْبِنَاءِ الْمُقبِلَةُ .. طَفرَةً حَقيقِيَّةً لِتَمكِينِ الْمَرأةِ .. سَواءٌ فِي الْمَناصِبِ السِّياسِيَّةِ والتَّنفِيذِيَّةِ .. أو عُضوِيَّةِ بَرلَمَانِنَا الْمُقبِلِ .. وثِقَتِي كَامِلَةٌ فِي أنَّكُمْ سَتَمنَحُونَ الْمَرأةَ الْمِصرِيَّةَ كَافَّةَ حُقوقِهَا .. الَّتِي تَتَنَاسَبُ مَعَ حِرْصِهَا عَلَى التَّفَاعُلِ مَعَ تَحَدِّيَاتِ الْوَطنِ والْإِسهَامِ فِي بِنَاءِ مُستَقبَلِهِ.


‎وأَقولُ لَكَ يَا سِيادَةَ الرَّئيسِ .. إنَّ الْقَضاءَ الْمِصرِيَّ الشَّامِخَ هُوَ الْحِصْنُ الْمَنِيعُ .. الَّذِي يُحقِّقُ مُحاسَبةً عَادِلةً .. ويَضَعُ كُلَّاً فِي نِصَابِهِ الصَّحِيحِ .. فَإنْ كُفِلَ لِلقَضَاءِ الْمِصرِي اِسْتِقلالُهُ.. إِعْمَالاً لِنُصُوصِ الدُّستُورِ .. ضُمِنَ إِحقَاقُ الْحَقِّ .. وإِقرَارُ الْعَدَالَةِ .. فَالْعَدلُ أَساسُ الْمُلْكِ ..


‎كَمَا أُوصِيكَ يَا سِيادَةَ الرَّئيسِ بِهَذَا الشَّعبِ الصَّابِرِ خَــيرَاً .. فَحُقوقُ الْإِنسَانِ لا تَقتَصِرُ عَلَى الْحُقوقِ السِّياسِيَّةِ والْحُرِّيـَّاتِ الْمَدَنِيَّةِ .. الَّتِي يَجِبُ أنْ تُعَظَّمَ وتَزدَهِرَ.. وإنَّمَا تَمتَدُّ لِتَشمَلَ نِطَاقاً أَوسَعَ .. ومَفهُوماً أَعمَقَ .. يَرتَبِطُ ارْتِباطاً مُباشِراً بِالتَّنمِيَةِ .. والْحُقوقِ الاِقتِصَادِيَّةِ والاِجتِمَاعِيَّةِ.. ولِذَا أَقولُ اِجْعَلْ تَنمِيةَ الْمَناطِقِ الْمَحرُومَةِ نُصْبَ عَينَيكَ.. الْعَشْوَائِيَّاتُ ومَا تُمَثِّلُهُ مِنْ تَحَدٍّ كَبِيرٍ .. والصَّعيدُ.. وسَيناءُ.. الصَّحراءُ الْغَربيَّةُ .. ومَرسَى مَطرُوح .. ومُثلَّثُ حَلايبَ وشَلاتِـين. وأَخِيراً أَتَمنَّى لَكَ.. كُلَّ التَّوفِيقِ والنَّجاحِ فِي إِنجَازِ مَهامِّكَ الثَّقِيلَةِ وأَعبَائِكَ الْجَسِيمَةِ .. أَعانَكَ اللَّـهُ عَلَيهَا .. ولِيُوفِّقْكَ .. بِمُسَاعدةِ شَعبِ مِصرَ الْعَظيمِ .. لِسُلوكِ طَريقِ الْحَقِّ والرَّشَاد.


‎ــ شَعبَ مِصرَ الْعَظِيم ..


‎إنَّ سِجِلَّ وَفَاءِ الْمِصرِيينَ لِوَطَنِهِمِ سِجِلٌّ حَافِلٌ .. قِيَمٌ وقَامَاتٌ لا تُحْصَى .. وفِي شَتَّى الْمَجَالاتِ .. قَصَّرَ الْوَطنُ فِي حَقِّ الْبَعضِ مِنْهُمْ ومَازَال .. ولَقَدْ حَرَصْتُ مَا اسْتَطَعْتُ عَلَى رَدِّ بَعضِ الْحُقوقِ لِأَصحَابِهَا .. حَتَّى وإنْ جَاءَتْ الْحُقوقُ مُتَأخِّرَةً وغَابَ أَصحَابُهَا .. فَمِصرُ لا تُنكِرُ عَلَى أَبنَائِهَا فَضْلَهُمْ، ولا تَبْخَسُ مَا قَدَّمُوهُ مِنْ إِبدَاعَاتٍ أو تَضْحِيَاتٍ .. أو خَدَمَاتٍ جَليلَةٍ قَدْرَهَا وحَقَّهَا .. فَمِصرُ وأَديانُهَا السَّمَاوِيَّةُ عَلَّمَتْنَا دَومَاً قِيَمَاً نَبِيلَةً .. عَلَى رَأسِها الْوَفاءُ والْعِرفانُ والتَّقدِيرُ .. لِكُلِّ مَنْ قَدَّمَ لِهَذَا الْوَطنِ عَملاً صَالِحاً ونَبِيلاً.


‎ــ شَعبَ مِصرَ الْعَظِيم ..


‎إنَّ التَّارِيخَ سَيَكْشِفُ يَوماً الْحَقِيقةَ .. وسَتَعلَمُونَ حِينَها.. حَجْمَ مَا خُطِّطَ ودُبِّرَ لِمِصرَ.. صُعُوبَةَ الْمَرحَلَةِ .. ودِقَّةَ الظَّرفِ التَّارِيخِي .. والْمَسئولِيَّةَ الْمُلقَاةَ عَلَى عَاتِقِ مِصرَ .. لَيسَ فَقَطْ لِلحِفَاظِ عَلَى وِحدَتِهَا وسَلَامَةِ أَرَاضِيهَا .. وإنَّمَا أَيضاً لِلدِفَاعِ عَنِ الْعَالَمِ الْعَرَبِي بِأَسْرِه. واعْلَمُوا أنَّ عَودَةَ مِصرَ إلَى مَكانِهَا الرَّائِدِ إقلِيمِيَّاً .. واللائِقِ دُوَلِيَّاً .. لَنْ تَتَأَتَى إلَّا بِإصْلاحِ الدَّاخِلِ أَولاً .. بِدَولَةٍ تَسْتَرِدُّ قُوَّتَهَا مِنْ خِلَالِ إِعْلاءِ الْمَصَالِحِ الْوَطَنِيَّةِ .. والاِبْتِعَادِ عَنْ ضِيقِ الْأُفُقِ.. ونَبْذِ التَّركيزِ عَلَى الْمَصالِحِ الشَّخصِيَّةِ .. أو الْمَطَالِبِ الْفِئوِيَّةِ .. أو التَّوَجُّهاتِ الْحِزبِيَّةِ .. فَكَافَّةُ دَوائرِ أَمنِنَا الْقَومِــي مُهَــدَّدَةٌ.


‎ورُبَّمَا تَكونُ هَذِه الْمَرَّةُ الْأُولَى فِي تَارِيخِنا .. الَّتِي يَشتَعِلُ فِيهَا مُحيطُنَا الْإِقلِيمِيُّ بِكَافَّةِ جِهَاتِهِ.. فَاعْتَصِمُوا بِحَبلِ اللَّـهِ جَمِيعاً .. ولا تَفَرَّقُوا .. وكُونُوا عَلَى قَدْرِ الْمَسئولِيَّةِ .. ولا يَغُرَّنَّكُمْ دَعَوَاتٌ لا تَستَهدِفُ سِوَى إِضرَارِ هَذَا الْوَطنِ .. واعْتَبِرُوا مِنْ تَجَارِبِ الآخَرِينَ حَولَكُمْ .. فَكَمْ مِنْ دَولَةٍ شَقِيقَةٍ تَفكَّكَتْ .. وكَمْ مِنْ أَروَاحٍ عَربِيَّةٍ أُزهِقَتْ خِلَالَ السَّنواتِ الْأَخيرَةِ.. حَتَّى بَاتَ مِنَ الصَّعبِ إِحصَاؤُهَا.


‎ــ الْإِخْوَةُ والْأَخَوَات ..


‎وإذَا كَانَ حَديثِي إلَيكُم الْيَومَ .. حَدِيثَ وَداعٍ .. فَلا أُخفِيكُمْ أنَّهُ تَحْزُنُنِي حَالَةٌ مِنَ الاِنْفِلاتِ الْأَخْلاقِي والْقِيَمِي .. بَدَأَتْ إِرهَاصَاتُهَا تَلُوحُ فِي مُجتَمعِنَا الْمِصرِي .. بِالْمُخالَفَةِ لِتَعالِيمِ الْإِسْلامِ والْمَسِيحِيَّةِ .. وبِمُجَافَاةٍ لِمَنظُومَتِنا الْقِيَمِيَّةِ.. ومِنْ هَذَا الْمُنطَلَقِ فَإنَّ مُجتَمعَنَا الْيَومَ فِي أَحْوَجَ مَا يَكُونُ إلَى تَجدِيدِ الْخِطابِ الدِّينِي .. تَجدِيداً وَاعِياً مَسئولاً .. تَجدِيداً يَلِيقُ بِمَكانَةِ مِصرَ الْإِسْلامِيَّةِ .. بَلَدِ الْأَزهَرِ الشَّرِيفِ .. مَنَارَةِ الْعِلْمِ .. الَّتِي صَّدَّرَتْ عَبْرَ عُلمَائِهَا الْأَجِلَّاءِ عُلُومَ الْإِسْلامِ إلَى الدُّنيَا كُلِّهَا .. وسَاهَمَتْ بِفَعَالِيَةٍ فِي نَشْرِ تَعَالِيمِهِ السَّمْحَة. إنَّنَا بِحَاجَةٍ إلَى خِطابٍ دِينيٍ يَحْفَظُ قِيَمَ الْإِسْلامِ وثَوابِتَهِ .. ويُعِيدُ إِحياءَ رُوحِهِ الْحَقِيقيَّةِ..يَسمُو بِالنُّفوسِ.. ويُهَذِّبُ الْأَخلاقَ.. ويُحِيلُ تَعالِيمَهُ إلَى وَاقعٍ عَملِيٍ مُطبَّقٍ فِي حَياتِنَا الْيَومِيَّةِ.. نَنشُرُ مِنْ خِلَالِهِ مَعَانِيَ الرَّحمَةِ والْإِنسَانيَّةِ .. الصِّدقَ والْأَمَانَةَ .. وكَافَّةَ مَكارِمِ الْأَخلَاقِ .. الَّتِي بُعِثَ نَبيُّنَا الْكَرِيمُ لِيُتَمِّمَهَا .. وذَلكَ بَعيداً عَنِ التَّعَصُّبِ أو التَّحَزُّب.


‎ــ شَعبَ مِصرَ الْعَظِيم ..


‎إنَّ تَجدِيدَ الْخِطابِ الدِّينِي يَتَعيَّنُ أنْ يَكونَ جُزءَاً مِنْ حَركَةٍ تَنوِيرِيَّةٍ شَامِلَةٍ .. لا تَقتَصِرُ فَقَطْ عَلَى الْجَانبِ الْأَخلاقِي والْقِيَمِي .. وإنَّمَا تَستَهدِفُ الاِرتِقَاءَ بِالذَّوقِ الْمِصرِي الْعَامِّ .. وتُشارِكُ فِيهَا كَافَّةُ الْمَرافِقِ الثَّقافِيَّةِ .. سَواءٌ الْقَومِيَّةُ أو الْخَاصَّةُ .. فَكُتَّابُ مِصرَ وأُدبَاؤهَا .. وشُعرَاؤهَا وصَحفِيُّوهَا وإِعلامِيُّوهَا .. وفَنَّانُوهَا ومُبدِعُوهَا .. مَدعُوونَ جَميعاً .. لِلمُساهَمةِ الْفَاعِلَةِ .. الْجَادَّةِ والمَوضُوعِيَّةِ .. فِي هَذِه الْحَركةِ التَّنوِيريَّةِ .. لِإعَادةِ إِحيَاءِ الْهُوِيَّةِ الثَّقَافِيَّةِ الْمِصرِيَّةِ .. بِرَفْضِهَا الْفِطرِي لِلتَعَصُّبِ .. وكُرهِهَا الطَّبِيعِي لِلإِرهَابِ .. بِحُبِّهَا لِلتَسامُحِ .. وبِقُبُولِهَا لِلآخَرِ .. أَعِيدُوا لِلشَّعبِ الْمِصرِي قُدرَتَهُ عَلَى تَذَوقِ الْفُنونِ الرَّاقِيَةِ .. واسْتِلهَامِ مَعَانِيهَا .. وتَحقيقِ أَهدَافِهَا.


‎ــ إِخْوَتِي فِي الْوَطنِ .. مَسِيحِيي مِصر .. كَمَا كَانَتْ مِصرُ رَائِدةً سَبَّاقةً لِنَشرِ الدَّعوَةِ الْإِسْلامِيَّةِ .. وإِيصَالِ صُورَةِ الْإِسْلامِ الْحَقِيقِيَّةِ .. فَإنَّ مِصرَ الْقِبطِيَّةَ جُزءٌ لا يَتَجزَّأُ مِنْ نَسيجِ هَذَا الْبَلدِ الطَّيبِ الْمُبارَكِ .. ومُكَوِّنٌ أَصِيلٌ مِنْ تَارِيخِ مِصرَ الثَّرِي. فَأَقُولُ لِأقبَاطِ مِصرَ لَقَدْ أَسْهَمْتُمْ إِسْهَاماً كَبِيراً فِي نَسيجِ هَذِه الْأُمَّةِ الْمِصرِيَّةِ .. اِرتَوَتْ سَيناءُ الْمُبارَكَةُ بِدِمَائِكُم الَّتِي اِختَلَطَتْ بِدِمَاءِ إِخوَتِكُم الْمُسلِمِــينَ فِـي مَلحَمَـةِ نِضَـالٍ وَطنِـيٍّ.. ضَرَبَتْ لِلعَالَمِ أَجمَعَ .. أَسمَى مَعَانِي الْوِحدَةِ .. والاِنْدِمَاجِ فِي حُبِّ الْوَطنِ..وقَدْ ظَلَّتْ مِصرُ بِمُكَوِّنِهَا الْمَسِيحِي وَلَّادَةً مِعطَاءَةً .. فَجَادَتْ بِخِيرَةِ أَبنائِهَا مِنَ الْمَسِيحِيينَ .. الَّذِينَ سَاهَمُوا إسْهَامَا جَلِيلاً فِي كِتابَةِ تَارِيخِ هَذِه الْأُمَّةِ .. وصِنَاعَةِ حَاضِرِهَا .. واسْتِشرَافِ مُستَقبَلِهَا .. الْحَكِيمُ الرَّاحِلُ الْبَابَا شِنُودَة الثَّالِث .. مَكرَم عِبيد.. فُؤاد عَزيز غَالِي .. بُطرُس بُطرُس غَالِي.. كَمَال الْمَلَّاخ.. د. لوِيس عَوَض.. د. يُونَان لَبِيب رِزق.. د. مَجدِي يَعقُوب .. وغَـيرُهُمْ كَثِيرُونَ .. شَخصِيَّاتٌ وَطنيَّةٌ.. لا يُنكَرُ لَهَا فَضْلٌ.. ولَمْ تَتَقاعَسْ عَنْ أَداءِ وَاجِبٍ .. مُوقِنٌ أنَّ عَطَاءَكُمْ سَيَستَمِرُّ .. وأنَّ مُسَاهَمَاتِكُمْ فِي بِناءِ هَذَا الْوَطنِ سَتَظَلُّ ثَرِيَّةً .. مُتَعَدِّدَةً وسَخِيَّةً.. فَقَدْ شَارَكْتُمْ فِي ثَورَتَينِ مَجِيدَتَينِ جَنباً إلَى جَنبٍ مَعَ إِخوَتِكُمْ الْمُسلِمِينَ.. أَعَدْتُمْ إلَى أَذهَانِنَا صُورَةً حَيَّةً لِرُوحِ ثَورَةِ 1919 الَّتِي اتَّحَدَ فِيهَا الْهِلالُ مَعَ الصَّلِيبِ..حَقِيقةً مُؤكَّدَةً .. ووَاقِعاً مَلمُوساً .. لا شِعَارَاتٍ رَنَّانَةً.. أو مَقُولاتٍ جَوفَاءَ.


‎وكَمَا تَعلَمُونَ .. يَتَعرَّضُ بَلدُنَا الْآمِنُ .. الْمُبارَكُ شَعبُهُ .. إلَى مُحَاولاتٍ آثِمَةٍ لِزَعزَعَةِ أَمْنِهِ واسْتِقرَارِهِ .. وبَثِّ رُوحِ الْفُرقَةِ والشِّقاقِ بَينَ أَبنَائِهِ .. إنَّ قَدَمَ الْإِرهَابِ حَمقَاءُ الْخُطَى .. لَمْ تُفرِّقْ بَينَ مُسلِمٍ ومَسِيحِيٍ .. بَينَ مَسْجِدٍ أو كَنِيسَةٍ .. حَصَدَتْ فِي طَرِيقِهَا أَروَاحاً بَرِيئةً .. ونُفوسَاً حَالِمَةً بِمُستَقبَلٍ مُشرِقٍ .. طَالَتْ يَدُ الْإِرهَابِ الْخَبِيثَةُ ذَوِينَا وأَحبَّاءَنَا .. فَأدْمَتْ قُلُوبَنَا جَميعاً وآلَمَتْ الْوَطن. وأُخَاطِبُكُم الْيَومَ بِرُوحِ الْإِسْلامِ الْحَقِيقيَّةِ .. بِرُوحِهِ الَّتِي تّجَلَّتْ قِيَمُهَا ظَاهِرَةً فِي الْعُهْدَةِ الْعُمَرِيَّةِ الَّتِي قَطَعَهَا الْخَلِيفَةُ الرَّاشِدُ عُمَرُ بنُ الْخَطَّابِ ــ رَضِيَ اللَّـهُ عَنْه ــ لِمَسِيحِيي الْقُدْسِ، حِينَمَا فَتحَ الْمَدينَةَ عَامَ 638 مِيلَادِيَّة .. الْعُهْدَةِ الَّتِي أَمَّنَتْ الْمَسِيحِيينَ عَلَى كَنَائِسِهِمْ وصَوَامِعِهِمْ وصُلبَانِهِمْ.. عَلَى دِينِهِم وأَموَالِهِمْ. لَقَدْ جَدَّدَتْ مِصرُ مَعَكُمْ رُوحَ هَذِه الْعُهْدَةِ ومَبَادِئهَا .. مِصرُ الدَّولَةُ الْمُسْلِمَةُ الَّتِي تَتَّخِذُ مِنْ قِيَمِ ومَبَادِئِ الشَّريعَةِ الْإِسْلامِيَّةِ السَّمْحَةِ الصَّحِيحَةِ أَساساً لِتَشرِيعَاتِهَا .. مِصرُ الَّتِي تَحفَظُ وَصِيَّةَ رَسُولِنَا الْكَرِيمِ (ص) .. "اسْتَوصُوا بِقِبْطِ مِصْرَ خَيراً؛ فَإنَّ لَكُمْ فِيهِمْ ذِمَّةً ورَحِمَاً".. مِصرُ الَّتِي تُؤمِنُ .. أَنَّنا سَنَظَلُّ دَوماً وإلَى انْقِضَاءِ الدَّهرِ .. أُمَّةً وَاحِدةً.. تَتَعَلَّمُ وتَعمَلُ .. تَبنِي وتُشَيِّدُ .. وتَدعُو إِلَهَهَا الْوَاحِد.


‎ــ الْإِخْـوَةُ والْأَخَــوَات ..


‎بِكُلِّ الْإِجْلَالِ والتَّقدِيرِ.. أَنْعِي أَروَاحَ شُهَدائِنَا الْأَبرارِ .. الَّذِينَ جَادُوا بِأَروَاحِهِمْ رَخِيصةً.. مِنْ أَجلِ أنْ يَحيَا الْوَطنُ.. كُلَّ الشُّهَداءِ.. شُهَداءُ ثَورَتَي 25 يَناير و 30 يُونيو.. وشُهَداءُ قُوَّاتِنَا الْمُسلَّحَةِ وجِهازِ الشُّرطَةِ .. شُهَداءُ مِصرَ. واسْمَحُوا لِي أنْ أُشَارِكَكُمْ أَصْعَبَ مَا وَاجَهْتُ فِي هَذَا الْعَامِ الَّذِي مَضَى .. ومَنَعَتْـنِي ضَوَابِطُ الْمَنصبِ الرِّئاسِي مِنَ الْحَدِيثِ عَنْهُ فِي حِينِهِ .. فَلا أُخْفِيكُمْ .. أَنَّ تَكرِيمَ أَروَاحِ شُهدَاءِ الْقُوَّاتِ الْمُسَلَّحَةِ والشُّرطَةِ .. وتَسلِيمَ ذَوِيهِمْ الْأَنوَاطَ والْأَوسِمَةَ .. كَانَ مِنْ أَصْعَبِ الْمَواقِفِ الْإِنسَانِيَّةِ الَّتِي عَايَشْتُهَا فِي حَياتِي .. فَقَدْ تَنَازَعَتْنِي مَشَاعِرُ قَويَّةٌ .. وخَوَاطِرُ مُتدَفِّقَةٌ.. طَالَمَا جَاهَدْتُهَا لِأَتَمَاسَكَ .. فَمَاذَا عَسَاي أَنْ أَقُولَ .. لِأُمٍ ثَكْلَى.. أو لِزَوجَةٍ مُترَمِّلَةٍ .. أو لاِبنٍ أو اِبنَةٍ.. فَقَدَا الْأَبَ الْعَائِلَ .. مَصْدَرَ الْحِمايَةِ والسَّنَدِ .. هَلْ سَتُعَوِّضُ كَلِمَاتُ الْعَزاءِ والْمَواسَاةِ .. أو أيُّ تَكرِيمٍ مَادِيٍّ أو مَعنَوِيٍّ .. لَحظَةً وَاحِدَةً لِتَواجُدِ أيٍّ مِنْ هَؤلَاءِ الشُّهَداءِ بَينِ مُحبِّيهِ وذَوِيهِ.. رَاعِياً لِأُسرَتِهِ وحَاضِنَاً لِأَبنَائِهِ.. فَمَنْ أَحَبَّ وأَوْفَى .. لا يَنسَى ولا يُنسَى.. إنَّهُ فِرَاقٌ ألِيمٌ.. وحِرمَانٌ أَبَدِيٌّ .. أَدعُو اللهَ لَهُمْ دَائِماً .. أنْ يُخفِّفَ عَنهُمْ .. وأنْ يَتلَطَّفَ عَلَيهِمْ بِرفْقِهِ .. وأنْ يَجمَعَنَا وإيَّاهُمْ بِأحِبَّائِنَا فِي مُستَقرِّ الرَّحمَةِ والرِّضوَانِ.. وأَدعُو مِصرَ دَولةً وشَعباً أنْ تَجتَهِدَ فِي أنْ تُعَوِّضَ مَا لا يُعوَّضُ دَعمَاً ومُسانَدةً .. تَقدِيراً وعِرفَاناً لِتَضحِيَاتِ أَعزِّ الرِّجَال.


‎ــ الإِخْوَةُ والأَخَوَات ..


‎شَعْبَ مِصْرَ النَبِيل .. أَتوَجَّهُ إليكم مِنْ مَقَامِي هَذَا .. بِكُلِّ الشُّكرِ والتَّقدِيرِ.. لِمَا غَمَرْتُمُونِي بِهِ.. فِي خِتَامِ مُهِمَتِي.. مِنْ مَشَاعِرَ إِنْسَانِيَّةٍ رَفِيعَةٍ.. عَبَّرْتُمْ فِيهَا عَنْ تَقدِيرِكُمْ لِمَا أَدَّيتُهُ مِنْ وَاجِبٍ وَطنِيٍّ .. شُكراً لِكُلِّ رَجُلٍ وامْرَأةٍ مِنكُمْ .. عَلَى هَذَا التَّقدِيرِ وتِلكَ الْمَشاعِرِ النَّبِيلَةِ .. الَّتِي تَوَّجْتُمْ بِهَا مُهمَّتِي .. سَعَادَتِي غَامِرَةٌ بِمَشاعِرِكُمْ تِلكَ .. الَّتِي هِي أَسْمَى مَا فِي تَجرِبَتِي هَذِهِ .. ومَا كُنْتُ أَطْمَعُ فِي أَكثَرَ مِنهَا مَغنَمَاً..


‎كما أتوجه بالشكر لِكُلٍّ مِنْ مَعَالِي الدُّكتُور/ حَازِم الْبِبلاوِي .. ومَعَالِي الْمُهندِس/ إِبراهِيم مَحلَب.. وحُكومَتَيِهِمَا اللتَينِ عَمَلَتَا مَعِي بِكُلِّ جِدٍ وإِخْلاصٍ.. مِنْ أَجلِ عُبورِ هَذِه الْمَرحَلةِ الدَّقِيقَةِ مِنْ تَارِيخِنَا الْمُعاصِرِ.. وفِي ظُروفٍ بِالِغَةِ الدِّقـَّةِ والصُّعوبَةِ.. لِتَحقِيقِ تَماسُكِ الْأَوضَاعِ فِي الدَّاخِلِ .. وإِيضِاحِ حِقيقَةِ الْمَشهَدِ فِي الْخَارِجِ .. وأُقَدِّرُ بِكُلِّ صِدقٍ .. كُلَّ جَهدٍ مُخلِصٍ .. بَذَلَتْهُ الْأَجهِزةُ الْمُعاوِنةُ فِي الدَّولةِ .. أو بَذَلَهُ أَيُّ مُواطِنٍ مِصرِيٍّ .. لِإعْلاءِ مَصلَحةِ هَذَا الْوَطَن.


‎كَمَا أَتوَجَّهُ بِكُلِّ الشُّكرِ والتَّقديرِ .. إلَى كُلِّ مَنْ قَدَّمَ لِي عَوناً أو مَشُورَةً مِنْ مُستَشَارِيَّ .. الَّذِينَ لَمْ يَبخَلُوا بِعِلمِهِمْ وخِبرَتِهِمْ وجَهدِهِم.. الْأَمرُ الَّذِي انْعَكَسَ عَلَى قَرارَاتِي الَّتِي اِتَّخذْتُهَا خِلالَ فَترةِ إدَارَتِي لِلبِلاد.. والشُّكرُ مَوصُولٌ لِلعَامِلِينَ فِي مُؤسَّسَةِ الرِّئاسَةِ .. لِمَا أَبْدُوه مِنْ أَداءٍ طَيبٍ .. ورُوحٍ بَنَّاءَةٍ مُتجَرِّدَةٍ .. مِمِّا سَاهَمَ إيجَابِيَّاً فِي خَلْقِ بِيئةِ عَمَلٍ مُوَاتِيَةٍ فِي تِلكَ الْمُؤسَّسَةِ الْوَطَنِيَّةِ .. صَاحِبَةِ التَّقَالِيدِ الْعَرِيقَة. وبِكُلِّ صِدْقٍ وتَجَرُّدٍ .. وبِنِيَّةٍ خَالِصَةٍ صَافِيَةٍ .. خَالِيَةٍ مِنْ أَيَّةِ مَصالِحَ شَخصِيَّةٍ..


‎فَأَنَا أُوَدِّعُكُمْ الْيَومَ .. أَقُولُ لَكُمْ .. اسْتَوصُوا بِمِصرَ خَيراً .. أَحِبُّوهَا عَمَلاً .. لا قَولاً. هَذَا الْوَطنُ.. طَالَمَا كَانَ .. وسَيَظَلُّ بِإذْنِ اللَّـهِ .. مُتَّسِعَاً لَنَا جَميعاً.. نَعيشُ عَلَى أَرضِهِ .. ونَستَظِلُّ بِسَمَائِهِ .. لِيَرحَمْ بَعضُكُمْ بَعضاً .. ولِيَترفَّقْ قَويُّكُمْ بِضَعيفِكُمْ.. ولِيُوقِّرْ صَغيرُكُمْ كَبيرَكُمْ .. اعْمَلُوا كَثِيراً .. وتَحدَّثُوا قَلِيلاً .. كُونُوا عَلَى ثِقةٍ فِي أنَّ غَرْسَكُم الطَّيبَ .. سَيَخرُجُ نَبَاتُهُ طَيبَاً بِإذْنِ اللهِ .. وتَعرَّفُوا إلَى اللَّـهِ فِي الرَّخاءِ .. يَتعرَّفُ إلَيكُمْ فِي الشِّدَّة. صَفُّوا نُفوسَكُمْ .. واغْسِلُوا قُلوبَكُمْ بِالمَحبَّةِ والْوَفاءِ .. لِوَطنِكُمْ .. ولِبَعضِكُم الْبَعض .. فَإنَّ اللَّـهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَومٍ .. حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ .. وأَحسِنُوا الظَّنَ بِاللَّـهِ .. فَهُوَ الْقَائلُ جَلَّ وعَلا فِي حَدِيثِه الْقُدسِي : "أَنَــا عِنــدَ ظَــنِ عَبــدِي بِــي".


‎ــ الْإِخْـــوَةُ والْأَخَـــوَات .. أبناء مصر الكرام ..


‎كَانَ عَهدُنَا لَكُمْ أنْ تَبقَى الدَّولةُ.. وأنْ تَظلَّ رَايتُهَا مَرفُوعَةً خَفَّاقَةً.. وبِتَوفِيقٍ ونَصرٍ مِنَ اللهِ .. أُرِيدَ لَنَا أنْ نُوفِيَ بِالْعَهدِ .. وإنَّنِي لَعَلَى ثِقةٍ بِأنَّ الْمُستَقبَلَ يَحمِلُ لِهَذَا الْوَطنِ غَداً مُشرِقاً.. وإنْ كَانَتْ أَرضُهُ مُخَضَّبَةً بِدِماءِ الْأَبرِياءِ .. وسَمَاؤهُ تَشوبُهَا بَعضُ الْغُيومِ .. لَكِنَّ أَرضَ بِلادِي سَتَعودُ .. سَمراءَ بِلَونِ النِّيلِ .. خَضــراءَ بِلَــونِ أَغصَــانِ الزَّيتُـونِ .. سَمَاؤهَا صَافِيَةً .. تَبعَثُ بِرياحِ النَّجَاحِ والْأَملِ.. دَومَاً كَمَا كَانَتْ.. وشَعبُ بِلادِي .. شَعبٌ أَصيلٌ.. حَضارِيٌّ عَريقٌ.. عَلَّمَ الدُّنيَا .. مَعَانِيَ الْإِنسَانِيَّةِ والْمُروءَةِ .. وأَنَا فِي انتِظَارِ الْعَودةِ .. عَمَّا قَرِيبٍ.. عَودَةٌ إلَى هُوِيَّتِنَا الْمِصريَّةِ.. إلَى قِيَمِنَا النَّبيلَةِ .. وحَضارَتِنا الْفِطريَّةِ.. أَرضٌ تَطرَحُ أَمنَاً .. وسَماءٌ تُمْطِرُ مَحبَّةً .. وشَعبٌ مِعطَاءٌ كَريمٌ .. لِنَعُدْ جَميعاً كَمَا كُنَّا دَومَاً.. فِي الْوَطنِ.. ولِلوَطنِ.. وبِالوَطنِ نَحيَا .. بَلْدَةٌ طَيَّبَةٌ .. ورَبٌّ غَفُورٌ. فَاللَّهُمَّ أَلِّفْ بَينَ قُلوبِنَا.. وأَصْلِحْ ذَاتَ بَينِـنَا .. واهْدِنَا سُبُلَ السَّلامِ .. واحْفَظْ لَنَا مِصرَنَا .. ومَتِّعْنَا فِيهَا بِالْأَمْنِ والرَّخَاءِ .. واجْعَلْنَا شَاكِرِينَ لِأَنْعُمِكَ .. مُثْنِينَ بِهَا عَلَيكَ وأَتِمَّهَا عَلَينَا.


‎والسَّلامُ عَلَيكُمْ ورَحمَةُ اللهِ وبَركَاتُه،،،