Sunday, February 12, 2012

وطنية المجتمع الاهلى المصري


تحت عنوان "هل يمكن لمصر ان تتجنب مصير باكستان؟" نشرت مؤخرا جريدة نيويورك تايمز مقالا لمايكل دان وشجاع نواز. خلاصة المقال ان بعد عام على اندلاع الثورة المصرية، تقوم العسكرية المصرية بتضييق الخناق على منظمات المجتمع المدني وتحاول التلاعب بعملية كتابة الدستور لحماية مصالحها الخاصة في الوقت نفسه الذي تشهد العسكرية الباكستانية توترا في العلاقات العسكرية المدنية. قطعا هناك اوجه شبه واوجه اختلاف بين الحالتين. تخصص الولايات المتحدة تمويلا سنويا للمؤسستين لكن لدى باكستان مبدأ دستوري واضح في شأن سمو العمل المدني على العمل العسكري وما يستتبعه ذلك من الاشراف عليه وتوجيهه. كما يوضح المقال، خصص الكونجرس مبلغ 1,3 مليار دولار للمؤسسة العسكرية المصريه كما يحدث كل عام، لكنه اشترط ان تتأكد ادارة اوباما من احترام الحكومة العسكرية لامور ثلاثة: السلام مع اسرائيل، والسماح لانتقال السلطة لحكم مدني واحترام الحريات الاساسية، مع السماح لاداراة اوباما بالتنازل عن هذه الشروط مراعاة للامن القومي اذا قدرت ذلك. تزامن ذلك مع سعي الحكومة المصرية لتقصي تمويل اجنبي تدفق على منظمات اهلية عقب الثورة، وهو ما طال مجموعة من الاجانب تعمل بعدة منظمات تمارس نشاطها على الاراضي المصرية قبل اندلاع الثورة، فاصدرت تلك المنظمات مناشداتها الي الكونجرس والادارة الامريكية بقطع التمويل الامريكي عن المؤسسة العسكرية المصرية.

تعقيبا على ذلك، هناك عدة ملاحظات قد تكون مفيدة..

اولا- مفهوم العمل الاهلى ليس غريبا عن النظام القانوني العربي، وله جذوره التي تعود الي نظام الوقف في الفقه الاسلامي، والذي ازدهرت من خلاله مؤسسات علمية استمرت تشع نورها لقرون عديدة مثل الازهر الشريف.

ثانيا- تطور دور العمل الاهلي في مصر عبر مراحل عديدة. ففي فترات التبعية الاجنبية مثلا، اقترب مفهوم العمل الاهلي من مفهوم العمل الوطني الي حد كبير. فقامت مجموعات اهلية بدور علمي، فجمعت المال اللازم لتأسيس جامعات وطنية، وقامت بدور سياسي، فاحتضنت نقابة مهنية (المحامين) قضية الاستقلال الوطني، بل وسعت مجموعات اهلية في ظل الاحتلال الي القيام بعمل عسكري بأن تولت الهجوم على معسكرات الاحتلال. كما هو واضح، لم يلتزم العمل الاهلي دوما الحدود التي يضعها له اهل العمل الرسمى او الحكومي، ولم يحترم دوما القانون المفروض حينها.

ثالثا- الفترة القادمة ستشهد صراع افكار حول شكل المجتمع الاهلي المصري وقوته. قبل الثورة، شهد مؤتمر الامم الامتحدة لمكافحة الفساد في نوفمبر 2009 ارهاص لهذا الصراع حينما برزت وجهتي نظر اهلية وحكومية حول دور العمل الاهلي في مكافحة الفساد في مصر. بالتأكيد، القواعد المنظمة لعمل المجتمع الاهلي عقب الثورة ستختلف عما قبلها، وقطعا سيحاول البعض استثمار الصراع سياسيا لصالحه، سواء كان لمصلحة سياسية وطنية او اجنبية، لذا من المهم ان يتولى المجتمع الاهلي المصري-قبل الحكومة المصرية- مراقبة نزاهة ووطنية منظماته وافراده.