Thursday, October 25, 2018

أحمد أبو الغيط: اللحوم الاثيوبية والمافيا المصرية والكوميسا





من مطالعة مذكرات السيد أحمد أبو الغيط وزير الخارجية الأسبق (شهادتى.. السياسة الخارجية المصرية 2004 - 2011)، ثار في ذهني تساؤل: كيف عرقلت مافيا استيراد اللحوم مصالح الدولة المصرية فيما يتعلق بمفاوضات سد النهضة؟ وكيف ساهم رجال الأعمال المصريين في فشل هذه المفاوضات؟ أتمنى أن  تهتم الصحافة الإستقصائية بهذا الموضوع، وأتمنى أن يهتم به الباحثون القانونيون أيضا

نشوى الحوفي
اقتبس هنا من مقال نشوى الحوفي عن المذكرات
 يشير أبوالغيط إلى جزئية مهمة بعد ذلك، ألا وهى عدم ترحيب الدبلوماسيين المصريين -على اختلاف درجاتهم- بالعمل فى سفارات مصر فى دول شرق أفريقيا، لنقص إمكانيات تلك الدول، والصعوبات المعيشية فيها، رغم حاجة تلك المنطقة إلى كفاءات عالية فى السلك الدبلوماسى. أترك مذكرات وزير الخارجية الأسبق، وأتذكر حديثى مع رجل المخابرات والصناعة الراحل محمد غانم، الذى كان ذراع مصر فى تلك المنطقة عبر شركة «النصر» للتصدير والاستيراد، وكيف حكى الرجل لى يوم لقائى به أن مصر كانت ذات يد طُولى فى بلاد أفريقيا كلها، ورغم ضعف إمكانياتنا فى الاهتمام بتعليم أبناء القارة وتنميتهم والمشاركة فى كل قضاياهم حتى اختيار الرؤساء، دون أن يسأل أىٌّ من المسئولين عن هذا الملف وقتها، عن أى امتيازات أو تسهيلات يمكنه الحصول عليها فى تلك الدول الأفريقية. تجدك مضطراً إلى الربط بين رجل كمحمد غانم باع كل شىء لأفريقيا واستورد منها كل ما يمكن أخذه، وبين فشل مصر فى تحقيق ذلك فى عهد حكومة أحمد نظيف، رغم ما يشير إليه أبوالغيط فى حديثه عن أن استيراد اللحوم من دول حوض النيل كان يمكنه حل الكثير من المشكلات معهم. وهو ما يُعبِّر عنه بالقول: «كانت مسائل استيراد مصر للحوم والمواشى من هذه الدول مسيطرة على المناقشات معهم.. كان الإثيوبى يعطى أولوية لهذا الأمر، وكان الكينيون يتحدثون عن الثروة الحيوانية المتاحة لديهم، ويرغبون فى تصديرها إلينا، أما تنزانيا فقد أخذ رئيسها يعرض مناطق شاسعة فى بلاده لكى نستخدمها لتنمية الثروة الحيوانية المطلوبة من جانبنا، وأننا يمكننا أن نقوم ببناء المجازر الخاصة بنا فى موانيهم وإقامة بعثات طبية بيطرية لنا فيها للتأكد من كل شىء. وعرضتُ الأمر على مجلس الوزراء المصرى واتُخذتْ قرارات للنظر فى العروض وكُلفتْ وزارات وأجهزة بالمتابعة، ومع ذلك يزعجنى أننا لم نحقق الكثير فى هذا المجال، إذ قاومت دوائر فى مصر هذه التوجهات للانفتاح على أفريقيا فى مجال استيراد اللحوم، وأخذت مافيا استيراد اللحوم بمصر تقاوم لمصالح تحكمها. وأدى هذا الفشل فى عدم تحقيق انفراجة مطلوبة فى العلاقات مع هذه الدول (إثيوبيا/ أوغندا/ كينيا/ تنزانيا/ جنوب السودان)».

الخلاصة: لماذا فشلنا؟ ولكن لم يستمر الأمر رغم المحاولات التى قامت بها مصر وقامت بوروندى بتوقيع الاتفاقية فى أواخر فبراير 2011. وتقرأ تحليل أبوالغيط قائلاً: «كان تقديرى دائماً أن المساعدات المصرية، مهما كان حجمها وتأثيرها، وكذلك الرشاوى، لن تحقق مصالحنا بشكل كامل، وأن تأثيرها سيبقى لفترة زمنية محدّدة، ثم يعود الموقف إلى وضعه السابق. وأن البديل الحقيقى يكون فى إقامة مصالح مستمرة بين مصر وهذه المجتمعات، عبر التجارة لربط هذه الدول بمصالح تجارية واقتصادية تُحقِّق مزايا مباشرة على الأرض لشعوب هذه الدول وتحقق مصالحنا مع مكاسب نجنيها. كانت هذه الدول، وهى: «إثيوبيا/ تنزانيا/ كينيا/ أوغندا/ جنوب السودان»، تعرض لحومها ومواشيها أمام السوق المصرية والعربية.. وكنا -وما زلنا- تحت تأثير مصالح ضيقة فى بلداننا. وعرضوا علينا الأراضى الشاسعة لزراعة احتياجاتنا وتنمية الثروة الحيوانية بها والاستفادة بها فى أسواقنا.. ولم نُظهر سوى «حماس الكلام» دون حسم المواقف. وقام رجال أعمالنا بغزوات قصيرة الأجل لم تحقق المطلوب، بل كثيراً ما وعدوا وأخلفوا».



أنظر من نفس الرأي، السيد عمرو موسي في مذكراته
أدهم حشيش، عمرو موسى: اللحوم الاثيوبية والمافيا المصرية والكوميسا، مدونة أدهم حشيش، ٣٠ اغسطس ٢٠٢٠