Monday, August 14, 2017

سكك حديد مصر والحاجة الي اللامركزية والقطاع الخاص والقانون الرادع


خالص العزاء لأهل المتوفين في حادث قطار الإسكندرية يوم الجمعة الماضي 11 اغسطس 2017 ، وادعو الله ان نتعظ ونتعلم من أخطائنا، وان نمتلك الشجاعة لنصارح انفسنا بعيوبنا، خاصة جهلنا بعلم إدارة المرافق العامة. إدارة المرافق العامة علم يتم تدريسه في جامعات العالم (وله مراكز متخصصة في جامعة فلوريدا وجامعة نيو مكسيكو)، وله جوانب وأبعاد عدة، منها القانوني ومنها الإداري ومنها المالي. أبسط مبادئ هذا العلم لا نعرفه في مصر، لا من الناحية العملية ولا من الناحية النظرية 

هذا الجهل له أسباب. قالها لي صديق عزيز مخلص في النصح: مشكلة مصر أنها حبيسة تجربتها وإرثها، رغم أن فيه الجيد وفيه السئ. فكرة المركزية كانت ومازالت مصدر من مصادر قوة مصر، لكن الإفراط في المركزية كان ومازال مصدر من مصادر تخلف مصر 

أخيراً بدأنا نفكر بطريقة مختلفة، وكانت فكرة العاصمة الإدارية الجديدة تطبيق لفكر جديد. وآن الأوان أن يمتد هذا الفكر إلي تطبيقات عديدة أخرى. مرفق السكك الحديدية مرفق عريق وبحاجة إلي تطوير جذري من خلال قرارات حكومية جرئية تفتح المجال لشراكة بين العام والخاص بدون أن يصل الأمر إلي خصخصة المرفق الحيوي 

رغم محاولات جادة للتطوير، هناك أخطاء قاتلة تحدث ولا تصل لعلم متخذي القرار. هناك مثلا قطار فاخر تم تسييره منذ عدة سنوات يصل بين الأسكندرية والقاهرة وأسوان. السمة الاساسية للقطار هو انه قطار مباشر من الاسكندرية الي القاهرة اي لا يتوقف لا فى المحطات الرئيسية (الا قطار وحيد يقف في طنطا) ولا في المحطات الفرعية. اذا المفروض ان القطار لا يتوقف بين القاهرة والاسكندرية (إلا لعطل او ما يشبه ذلك). من الناحية العملية، الامر مختلف. اعكف على ركوب هذا القطار بإنتظام خاصة في رحلاته المسائية، ولا اتذكر مرة واحدة لم يتوقف فيها القطار في محطة فرعية (منها مثلا قويسنا و بركة السبع). الوقوف يكون لبضع ثواني فقط مما يؤكد أنه ليس لعطل ويرجح ان احدهم يغادر القطار خلال هذه الثواني. وفي الحادثة الأخيرة في الاسكندرية، هل كان فعلا توقف القطار لعطل ام غير ذلك كما صرح مصدر لجريدة الاهرام

قطار بورسعيد الذى توقف على القضبان لم يكن معطلا و هو ما يثير علامات استفهام كبيرة يتم حاليا إجراء تحقيقات داخل السكة الحديد لكشف هذا الغموض

 خلاصة ما سبق، لن يستمر أي تطوير وإصلاح بدون رقابة قوية فعالة تستخدم قوة القانون إلي آخر مدى ممكن. ولن تتحقق هذه الرقابة الا في ظل لامركزية فعالة وشراكة مع القطاع الخاص بما يملكه من إمكانيات في التوظيف والرقابة وانفاذ فعلا للجزاءات القانونية في حالة وقوع مخالفات، لأن تغاضيه عن ذلك يعني ببساطة انه عرضه لخسارة وتعويضات قد تؤدي إلي إفلاسه. أما استمرار الحال كما هو فلا يعني سوى استمرار التنصل من المسئولية على حساب المستهلك ودافع الضرائب كما كتبت من قبل. وخطورة الأمر أنه نموذج يتكرر في مرافق عامة عديدة بل ومؤسسات حكومية، لكن لا تظهر أخطاءها إلا للمتفحص، واستمرار احوالها كما هي يُنذر بكارثة بل ربما نكبة إدارية واقتصادية بحجم نكبة 67. والله اعلم



متابعة تطورات لاحقة
عرفات :ضرورة مشاركة القطاع الخاص فى تطوير السكك الحديدية
وزير النقل: دخول القطاع الخاص منظومة السكك الحديدية ضرورة مهمة