Thursday, December 8, 2016

Mohamed Ali & Social Engineering محمد على والهندسة الإجتماعية لمصر


مقولة "محمد على مؤسس مصر الحديثة" الشائعة في الأدبيات المصرية لم تأتي من فراغ. محمد علي لم يولد في مصر ولم ينشأ فيها ولم تكن له أي صلة بها قبل قدومه إليها. جاء إلي مصر عام 1801 وتولى حكمها عام 1805 وتوفى عام 1848. ويردد البعض أن هذه المقولة اطلقها ورددها محمد علي بنفسه رغم عدم إجادته للغة العربية 

وأياً كان الأمر، المهم أن محمد علي في فترة قصيرة أستطاع بناء "دولة" من خلال بناء "مؤسسات" تعتمد على "أفراد من أهل الخبرة". ولم يقتصر الأمر على بناء دولة وإنما أسس دولة قوية في الداخل بقوة النظام (القانون) الذي وضعه  -بمساعدة اهل الخبرة من المصريين والأجانب- ودولة قوية في الخارج بقوة الجيش الذي أنشأه -بمساعدة أهل الخبرة من المصريين والأجانب

 وقد وصلت قوة هذا الجيش إلي حد تهديد مصالح الدولة العثمانية حينها، وقد وصلت قوة النظام (القانون) الذي وضعه محمد علي إلي حد محاولة الدولة العثمانية تقليده فيما بعد خلال محاولاتها للإصلاح. ولعل قانون السياستنامه (1937) مثالاً يعبر عما قام به محمد علي لبناء نظام (قانون) في مجتمع عانى من الفوضى لفترة طويلة 

واعتمد محمد علي على فكرة الجزاء بصورة رئيسية لبناء هذا النظام. ورغم أن البعض يردد أنه اعتمد على الجزاء بإفراط، إلا أنني أعتقد أنه اهتم ببناء نظام، ولا نظام بلا جزاء، ومن أعتاد الفوضى يرى النظام (والجزاء) إفراطاً. وللمهتمين بهذا الموضوع، أرشح لهم كتاب "الفساد في عصر محمد على" للكاتب رزق نوري الصادر عن المجلس الأعلى للثقافة عام 2010

الخلاصة: محمد علي أجنبي جاء إلي مصر وهي في حالة فوضى، ورأى أن هناك جدوى ونفع يمكن تحقيقه من خلال تنظيم أمور المصريين، فنفض التراب عن النوابغ فيهم، وأتاح لهم المجال لينظموا أمور بلدهم عبر الهندسة الإجتماعية، فأقاموا نظاماً أحال مجتمعاً فوضوياً إلي قوة ذات شأن. هذه هي المعادلة لبناء مجتمع مصري قوي. سبق أن أثبتت نجاحها في الماضي، وإن شاء الله ستنجح إن آمنا بها في القول والعمل