Thursday, December 24, 2015

برلمان الجمهورية الثالثة

سيشهد عام ٢٠١٦ ان شاء الله بداية عمل الحكومة المصرية وقد اكتمل شكلها وفقا للدستور فاصبح لها ذراعها البرلمانى بجانب الذراع القضائى والذراع التنفيذى. واملنا جميعا ان تعمل فى وفاق وتناسق لصالح مصر وان تحترم مبدأ فصل السلطات فلا تطغى سلطة على أخرى ولا تطغى سلطة او اكثر على افراد الشعب. واملنا ايضا الا تطغى سلطة او اكثر على جماعات الشعب بإعتبارها قوام المجتمع المدنى المصرى طالما كانت هذه الجماعات تعمل فى العلن وفق برنامج وطنى معروف وتفتح ابوابها للجميع. 

نأمل ان يستوعب برلمان الجمهورية الثالثة اخطاء الجمهورية الاولى والثانية. البرلمان ليس مكلمة ولا مصطبة بل هو نموذج مصغر لما يمكن ان تكون عليه القدرات المصرية فى التخطيط والتنفيذ وتقييم والتصحيح. المهم هو النوايا. اتمنى ان تتحد نوايا اغلب نواب الشعب على الارتقاء بالمستوى العمل البرلمانى الى مستويات غير مسبوقة من الفاعلية والتنظيم والوطنية. 

للائحة الداخلية دور كبير فى الارتقاء بالعمل البرلمانى. البرلمان اساسه افراد بإهتمامات وطباع مختلفة. اللائحة تضبط ايقاع عمل الجميع ليخرج منتج برلمانى عال المستوى سواء كان تشريع او تقرير لجنة او غيرهما. فى الكونجرس الامريكي، لكل عضو فريق عمل (٢٠ فرد واحيانا يصل الى ٤٠) منهم المدفوع الاجر ومنهم المهنى المتطوع ومنهم الطالب المتدرب. ولكل لجنة جهاز ادارى يعمل جنبا الى جنب مع اعضاء اللجنة. وتتشابك وتتقاطع اعمال اللجان ولكن فى النهاية ما يبدو لنا على الشاشات هو قمة صغيرة لجبل الثلج الضخم. اللائحة الداخلية تعكس نوايا من يضعها. قد يريدها البعض وثيقة اجرائية بحتة وقد يريدها البعض وثيقة تخدم البرلمانى اكثر من خدمتها للمنتج البرلمانى النهائى. 

هناك نماذج عديدة لتنظيم اي اجتماع كيلا يصبح عقيما لا طائل من وراءه لكن اشهرها هو (قواعد روبرتس للإجتماعات) (Robert's Rules of Order). وهى من اشهر القواعد التى يعتمد عليها العمل المجتمعى الامريكي سواء فى الشركات او المنظمات الخيرية لتنظيم اي اجتماع اجرائيا ليحقق مبتغاه موضوعيا. ووضع هذه القواعد جنرال امريكي متقاعد لاحظ من حضوره عدة اجتماعات انها تحيد تماما عن الهدف منها، فجاءته فكرة وضع هذه القواعد. هذا نموذج ساهم فيه شخص ذو خلفية عسكرية فى اثراء اجتماعات ذات طابع مدنى، وهو ما يستدعى الى الذهن موضوع مرتبط هو وجود عدد معتبر من اعضاء البرلمان ذوى خلفية عسكرية.

قد يكون لأعضاء البرلمان ذوى الخلفية العسكرية دور بارز فى الارتقاء بالعمل البرلمانى المصرى. ليس المقصود قطعا هو عسكرة العمل البرلمانى فهو امر غير محمود لا يقل فى خطورته عن تطبيع الطوارئ الذى ساهمت فيه الشرطة المصرية فى عهد وانتهى. المقصود هنا هو اسهامات من قبيل ما قدمه الجنرال المتقاعد هنرى مارتن روبرت لمساعدة مدنيين فى تحقيق افضل النتائج من اجتماعاتهم. ليس الامر هينا، فلابد اولا من تحديد جوهر المشكلة وثانيا تقديم حل يلائم طبيعة العمل المدنى فلا يأنفه احد لسبب او لآخر. اتمنى ان يستوعب ذلك اعضاء برلماننا. قد يريد البعض مدخلا لإثارة الحساسية فى العلاقات المدنية العسكرية، فنأمل ان يكون العمل البرلمانى بوتقة لصقل هذه العلاقات والارتقاء بالعمل البرلمانى والوطنى عموما. والله اعلم