Thursday, July 4, 2013

لنفهم قبل ان نحكم/1/ الديمقراطيه ليست مجرد انتخابات

من يسعى بصدق لفهم ما يجري في مصر منذ 30 يونيو 2013 عليه بقراءة مجموعه المقالات الأخيره لأثنين من اصحاب الرأي المستقل عن اطراف النزاع الجاري: فهمي هويدي ومعتز بالله عبد الفتاح. المقال التالي لفهمي هويدي يعبر عن ازمه تتصل بسيادة القانون ومقال معتز بالله عبد الفتاح يعبر عن ازمة تتصل بالأمن القومي المصري

في مقاله (إهانة للقانون والقضاء) يلخص فهمي هويدي موقفه من بيان اعلنه قاضي محكمة إستئناف جنح الإسماعيليه في 23 يونيو 2013، يخص عمليه اقتحام سجن وادي النطرون خلال احداث ثوره يناير 2011 وهروب النزلاء ومنهم الدكتور محمد مرسي. المقال يرى ان المحكمة تجاهلت تماما الموضوع الاصلي للدعوى المرفوعه امامها (تظلم مواطن من القبض عليه وصدور حكم عليه  في تهمة الهروب من سجن) وتحولت الي التحقيق في مسأله الهروب من سجن وادي النطرون.  انتهى المقال الي ان هناك اخطاء قانونية جسيمة وقعت بحاجه الي وقفه من التفتيش القضائي والا ظلت نقطة سوداء في سجل القضاء المصري

لا يهم الاتفاق او الاختلاف مع ما انتهى اليه المقال. لكن المهم هو دلالته على ازمة سيادة القانون التي تشهدها مصر وتتابعت مظاهرها الي درجه مختلفة بدأت من تعطيل دستور 1971 (الذي انتهت نتيجه الاستفتاء الشعبي الي تعديل بعض مواده مع الابقاء عليه) مرورا بالإعلانات الدستوريه الصادره من القوات المسلحه  ومن رئاسة الجمهوريه (بغير استفتاء شعبي عليها) وهروب المتهمين في قضية التمويل الاجنبي وحصار المحكمه الدستورية العليا ومحاولات الالتفاف حول احكامها وتحصين قرارات رئيس الجمهوريه. لكن تأتي أزمه إقالة النائب العام بمثابه نقطه تحول في ازمه سيادة القانون. النيابه العامه هي بمثابه حلقة الوصل بين سلطة وضع القانون (البرلمان) وسلطة تنفيذه (الإدارة وما يتفرع عنها من اجهزه تدير العدالة الجنائية) وسلطه مراجعه صحة تنفيذه (القضاء). فلما اهتزت شرعية النائب العام وطال النزاع القانوني بشأنه، فقدت النيابة العامة الكثير من فاعليتها. الآن وبعد الحكم النهائي الصادر من محكمة النقض بشأن عدم صحة قرار رئيس الحمهوريه لابد من تحقيق محايد مستقل لمعرفة كيف تدار الشئون القانونية لدى رئاسة الجمهوريه لتجنب اتخاذ قرارات بغير سند قانوني صحيح في المستقبل. هذا عن ازمة سيادة القانون

في مقاله (لمن يتحدث "السيسي؟") يتناول معتز بالله عبد الفتاح قلق اجهزة الدولة السيادية من غضب قائم (وقت كتابه المقال حينها) لا يسعى احد الي تهدئته مما سيؤدي الي عنف يصعب على الشرطة والجيش معا احتوائه. وبالتالي فإن حديث الفريق "السيسي" عن اسبوع لتهدئه الاجواء من اجل "ان يتوقف الجميع عن التصعيد، وأن تكون المطالب منطقية ومقنعه وأن يكون الطرف القابض على السلطه مستعدا لأن يمنع القطارين من الإصطدام." وينصح فيه الرئيس مرسي أن الكرة لا تزال في ملعبه و"يستطيع ان يفعل ما كان عليه ان يفعله من شهور، سواء بشأن حكومة جديدة او النائب العام او تعديل مواد الدستور الخلافية او الاعتذار عن اخطاء الفترة الماضية وطلب بداية جديدة... كلام السيسي ينبغى ان يؤخذ بمأخذ الجد
، مصر على المحك، والانقسام تحول الي استقطاب، والاستقطاب تحول الي احتقان، وها هو الاحتقان يتحول الي غليان، وربنا لطيف بعباده

مره اخرى، لا يهم اتفاقك او اختلافك مع ما انتهى اليه المقال. المهم هو إدراك دلالته على وجود ازمة تمس الامن القومي لمصر وعدم التعاطى معها على نحو مسؤول. كان الامر قد تجاوز كونه نزاعاً سياسياً وتطور لحد خشية عنف لا يمكن لمستودع القوة في مصر (الشرطة والجيش) السيطرة عليه. كون البلد منقسم ومحتقن و يعاني اقتصاديا هو مدعاة لاهتمام إضافي من الرئيس. التجاهل او التقليل من الاهمية او الاكتفاء بسياسة رد الفعل لا المبادرة ليست الاساليب المثلى لادارة ازمات الامن القومي. ازمات مياه النيل والمؤتمر الرئاسي مع الساسة المصريين وازمه مقتل الجنود وازمة اختطاف الجنود وازمه مؤتمر سوريا كلها لم تدلل على حسن ادارة ملفات الامن القومي. الخلاصة، نعم هناك ازمه في سيادة القانون وازمة في ادارة ملفات الامن القومي. هل يستدعى هذا تدخل الجيش في العملية السياسية؟ سأحاول فهم هذا في المقال التالي إن شاء الله