Friday, October 23, 2009

ندوة بمعهد السياسة العامة: التأمين الصحي


-->
معهد روبرت دول للسياسة العامة هو احد مراكز البحث التي تحتضنها جامعة كنساس الامريكية. المعهد اسسه السيناتور روبرت دول ممثل ولاية كنساس في الكونجرس لاكثر من 25 عاماً و المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية امام بيل كلينتون عام 1996 و التي انتهت بفوز الاخير. يسعي المعهد الي بحث موضوعات السياسة العامة بأسلوب علمي رصين بدون اي تحيزات حزبية، بإستضافة متحدثين من الحزبين الديموقراطي و الجمهوري لتحليل الموضوعات المثارة علي الساحة السياسية الامريكية. استضاف المعهد مؤخراً احد مساعدي اوباما المسئولين عن ادارة ملف اصلاح نظام الرعاية الصحية لعرض ما تدعو اليه الادارة الامريكية الحالية بشأن هذا الملف.

في البداية، سعي الضيف الي تحييد مسألة اصلاح نظام الرعاية الصحية سياسياً بأن نفض عنها ما تثيره المعارك السياسية من نقاط شخصية اكثر منها موضوعية. فبدأ بتوضيح الفارق بين الخدمات الطبية (التي تتميز بها امريكا عالمياً) و بين الرعاية الصحية (وهي نظام توفير الخدمات الطبية الي الراغبين فيها والتي تحتل امريكا المرتبة السابعة و الثلاثين عالمياً). و تعرض لمسائل اخري مثل توفير الرعاية الصحية للمهاجرين غير الشرعيين، واستخدام الاموال الحكومية في موضوعات طبية شائكة مثل الاجهاض، والتأثير المحتمل علي الاموال المخصصة لرعاية كبار السن، ومعاناة شركات التأمين الطبي في تحصيل مستحقاتها، وتقليل فرص اجراء الاستشارات الطبية، ومدي دستورية اجبار الافراد علي شراء سلعة اوخدمة، ومدي تأثر الميزانية الأمريكية بكلفة النظام المقترح. وطالب الضيف الحضور مراجعة دقة المعلومات التي استند اليها في تفنيده لهذه المسائل عبر الموقع الالكتروني الحكومي factcheck.org

ثم تعرض الي جوهر المشكلة مذكراً الحضور ان اكثر من 45 مليون امريكي لا يتمتعون بغطاء تأميني صحي. وان كلفة النظام التاميني الحالي يشمل عناصر اخري اضافية غير كلفة العلاج الطبي. ومثل عليها بنفقات الخدمات القانونية و اقساط التامين ضد المسئولية الطبية و غيرهما. اكثر من هذا، فإن كلفة العلاج الطبي لا تمثل ما تستدعيه حالة المريض فقط بل هناك ايضا ما يري الطبيب اجراءه من فحوصات طبية ضرورية لتأمين موقف الطبيب قانونياً ضد اي دعوي مسئولية محتملة. في ظل فاتورة طبية مرتفعة وهامش ربح لشركات التأمين الطبي فإنه من المتصور ان يصادف عدد ضخم من الامريكيين صعوبة هائلة في الحصول علي غطاء تأميني طبي.

يسعي اوباما تحو خلق مناخ تنافسي بين هذه الشركات لتتجه نحو حفض تكاليف منتجاتها (الخدمات التامينية الطبية) من خلال تدخل حكومي مباشر بتنظيم شركة حكومية تدار كالتعاونيات و تتولي تقديم هذه المنتجات بأسعار معقولة تجتذب من هو بحاجة الي فرص غطاء تأميني لا توفره الشركات الموجودة حالياً وتجبر هذه الشركات علي استخدام جزء من ارباحها للمنافسة في السوق بتحسين منتجها و تقليل سعره. ورداً علي مخاوف ان يكلف التدخل الحكومي المباشر الميزانية الامريكية ما لا تطيقه، يري اوباما ان النظام الجديد لن يكلف الحكومة اكثر مما تدفعه مقابل علاج من لا يشملهم الغطاء التأميني علي نفقتها، وأن اعتماد النظام الجديد علي الاستثمار الحالي في الصحة الوقائية يمثل ادخارا مستقبلياً في الصحة العلاجية. كل ما سبق يمثل فقط ما يظهر من جبل الثلج فوق سطح الماء:اي قمته. الاخذ بالنظام الجديد سيكون له اصداء عديدة في الهيكل القانوني الامريكي خاصة ما يتعلق بالمسئولية عن اخطاء المهنة الطبية. هذه الاصداء، مثل معايير المسئولية الطبية و غيرها تتولي المحكمة العليا حسمها تدريجياً بعد تطبيق النظام الجديد حال ان واجهتها عقبات كي تمر عبر الكونجرس.