Thursday, April 2, 2020

تفسير المادة ٦١ من قانون العمل الكويتي وأزمة كورونا



بسبب ما ترتب من صعوبات إقتصادية على قطاع العمل الأهلي في الكويت بمناسبة الجهود الحكومية المبذولة لمكافحة فيروس كورونا، ثار جدل بين أهل القانون في الكويت حول تفسير المادة ٦١ من قانون العمل، وذهب البعض إلي أن هذه المادة تسمح لرب العمل بإنهاء علاقة العمل

ورغم أن المادة ٦١ تتناول مسألة أجر العمال خلال فترة الإغلاق وفترة التعطيل، إلا أن جملة وردت بالشق الثاني منها المتعلق بفترة التعطيل أثارت الجدل حول مدى أحقية رب العمل في إنهاء عقد العمل

تنص المادة ٦١ على ما يلي

 ﻳﻠﺰﻡ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺪﻓﻊ ﺃﺟﻮﺭ ﻋﻤﺎﻟﻪ ﺧﻼﻝ ﻓﺘﺮﺓ اﻹﻏﻼﻕ ﺇﺫا ﺗﻌﻤﺪ ﻏﻠﻖ اﻟﻤﻨﺸﺄﺓ ﻹﺟﺒﺎﺭ اﻟﻌﻤﺎﻝ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺿﻮﺥ ﻭاﻹﺫﻋﺎﻥ ﻟﻤﻄﺎﻟﺒﻪ، ﻛﻤﺎ ﻳﻠﺘﺰﻡ ﺑﺪﻓﻊ ﺃﺟﻮﺭ ﻋﻤﺎﻟﻪ ﻃﻮاﻝ ﻓﺘﺮﺓ ﺗﻌﻄﻴﻞ اﻟﻤﻨﺸﺄﺓ ﻛﻠﻴﺎ ﺃﻭ ﺟﺰﺋﻴﺎ ﻷﻱ ﺳﺒﺐ ﺁﺧﺮ ﻻ ﺩﺧﻞ ﻟﻠﻌﻤﺎﻝ ﻓﻴﻪ، ﻃﺎﻟﻤﺎ ﺭﻏﺐ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﺳﺘﻤﺮاﺭ ﻋﻤﻠﻬﻢ ﻟﺪﻳﻪ




وقد نشر الأستاذ الدكتور سامي الدريعي- أستاذ القانون الخاص بجامعة الكويت - بحثاً قيماً عنوانه
الأثر القانوني لفيرس الكرونا على أجر العامل في القانون الكويتي
(متاح هنا)
 كما أنه له مؤلف نشرته جامعة الكويت عام ٢٠٠٢ 

Image





كما أنه تناقش مع الأستاذ سعد محمد العصفور المحامي بشأن ما أنتهى إليه في بحثه وذلك عبر حسابه في تويتر - موقع التواصل الإجتماعي- وجاء في هذا النقاش ما يلي

دكتور سامي يسأل
هل صدفة تم ادراج نص المادة ٦١ من قانون العمل الجديد على خلاف جميع القوانين التي تنص على وقف عقد العمل مع عدم استحقاق العامل للأجر خلال توقف المنشأة ، ام انه مقصود من جماعة الضغط التي تمثل العمال ، بحيث اصبح للعامل الحق في الاجر خلال الإغلاق برغم عدم قيامه باي عمل

الأستاذ سعد استشهد بجزء من مقال دكتور سامي جاء فيه
Image
وتساءل
دكتور أعتقد هذا التفسير يفرغ النص من محتواه، فالفرض أن المنشأة مغلقة أصلا، أي أن هناك استحالة في استمرار العمل في فترة الإغلاق، وما أسهل أن يعبر رب العمل عن أن هذه الاستحالة تتوافق مع رغبته، فيتحرر دوما -وفقا هذا التفسير- من صرف الأجر، ويغدو صدر النص الذي ألزمه بالأجر حروفا ميتة

وأجاب دكتور سامي
الفرض محل النقاش هو الإغلاق المؤقت وليس الدائم وان المذكرة التفسيرية بينت بوضوح ان المشرع استحدث نصا من شأنه ان يوقف العقد لا ينهيه . وهو امر متعمد بقصد توفير حماية فاعلة للعامل خلال الالغاء

ورد الأستاذ سعد
نحن نتحدث عن الإغلاق المؤقت وصرف الأجر خلاله، وفقا لتفسيركم يمكن لرب العمل أن يخطر العامل برغبته بعدم العمل خلال هذه الفترة -وهي فترة يستحيل فيها العمل أصلا!- فيتحرر من صرف الأجر خلالها. لو كان هذا صحيحا، فكل رب عمل سيفعله -إذ لافائدة من المطالبة بعمل يستحيل- فمتى إذن يدفع الأجر؟

ورد الدكتور سامي
ان نص المادة ٦١ يتحدث عن اغلاق المنشأة ولم يتحدث عن انهاء العقد المحكوم بالمواد الاخرى . وبالتالي فلا يستقيم القول بان نص ٦١ يسمح بانهاء عقد العمل، والا فما الفائدة من استحداث هذا النص الذي لا مثيل له في القانون القديم ولا القانون المقارن مطلقا على حد قول المذكرة الايضاحية 

ورد الأستاذ سعد

بل تحدث عنها دكتور، فعبارة "طالما رغب باستمرار عملهم لديه"، تتكلم عن استمرار العلاقة العمالية، وليس عن "الاستمرار في العمل خلال فترة الإغلاق" إذ يستحيل فيها الاستمرار في العمل أصلا!  فالمشرع - للأسف - خالف القواعد العامة بشأن وقف العقد إثر القوة القاهرة، وذلك من وجهين
الوجه الأول: أنه ألزم رب العمل بصرف الأجر، رغم الاستحالة المؤقتة لتنفيذ الالتزام المقابل وهو العمل، وهو ما كان ينبغي معه تحرير رب العمل من صرف الأجر وفقا للقواعد العامة.  
 الوجه الثاني: أنه أراد موازنة خروجه في الوجه الأول، فأعطى رب العمل الحق في التحرر من العلاقة العمالية بمجرد حلول القوة القاهرة المؤقتة وهي الإغلاق المؤقت، وذلك خروجا على القواعد العامة التي كانت تقضي بوقف العقد فقط مع التزام طرفيه باستئناف تنفيذه وقت زوال القوة القاهرة المؤقتة. 
فالنص للأسف أفاد العامل من جهة، ولكنه أضر به أكثر من جهة أخرى وجعل القوة المؤقتة مبررا للتخلص من عقد العمل

حلول القوة القاهرة المؤقتة وهي الإغلاق المؤقت، وذلك خروجا على القواعد العامة التي كانت تقضي بوقف العقد فقط مع التزام طرفيه باستئناف تنفيذه وقت زوال القوة القاهرة المؤقتة. فالنص للأسف أفاد العامل من جهة، ولكنه أضر به أكثر من جهة أخرى وجعل القوة المؤقتة مبررا للتخلص من عقد العمل

ورد الدكتور سامي
النص أوجد حكما فريدًا ، فهو قبل بوقف العمل والزم رب العمل بدفع الاجر للعامل بالرغم انه لا يعمل فترة الإغلاق !! ولا يوجد مبرر لهذا الحكم الغريب الا حماية لأجر العامل! لذلك كان غير واضح بفتح المجال لرب العمل للتخلص من دفع الاجر ، بمجرد ابداء رغبته بعدم استمرار العامل معه خلال الوقف

وهذا الذي عناه المشرع ، فإنه خرج بشكل واضح عن القاعدة التي بمقتضاها لا أجر بلا عمل والتي كانت  الدافع لظهور فكرة وقف عقد العمل

وان هذا الامر الغريب الذي مال فيه المشرع بلا مسوغ مع العامل ضد رب العمل يدعوني  للتساؤل ، هل كان ذلك مدبرا ام انه إغفال غير متعمد ؟

العلاقة العمالية مستمرة بالرغم من اغلاق المنشأة ، لانه يترتب على اغلاق المنشأة وقف عقد العمل ، اي وقف اهم التزاماته القيام بالعمل من قبل العامل ، ودفع الاجر من قبل رب العمل . ولكن المشرع الكويتي خرق هذه القاعدة وقرر وقف العقد مع دفع الاجر  ! وهنا المشكلة 

اذا تخلص رب العمل من عماله خلال وقف العقد نتيجة اغلاق المنشآت لاي سبب خارج عن ارادة العمال يكون قد أنهى العقد في غير الحالات المنصوص عليها

كان النص واضحا باغلاق المنشأة لاي سبب اخر لا يرجع لارادة العمال ! هل نحتاج الى اكثر وضوحا من ذلك !، بحيث تشمل القوة القاهرة او اي سبب آخر

ورد الأستاذ سعد
أظنه أستاذي لا مدبر ولا متعمد، قانون العمل الكويتي هو ببساطة تشريع سيء وعمل غير صالح، ولا أجدني أبالغ إذا قلت أنه أسوأ عمل تشريعي في تاريخ الكويت من حيث الشمولية والصياغة والتناسق. تقبل تحياتي

ورد الدكتور سامي
صدقت اخي العزيز لانه صيغ بعيد عن المهنية


انتهى النقاش عبر تويتر بخصوص هذه المسألة





وأردت من جانبي -عبر حسابي في تويتر- توضيح نقاط أعتقد أنها مهمة لأن القانون يُفسر بعضه البعض في ضوء فلسفة قائمة هي حماية الطرف - الأضعف في علاقة العمل- وهو ما يلاحظه القارئ للمواد من ٤١ الي ٥٤ من قانون العمل والتي عنونها المشرع (في انتهاء عقد العمل و مكافأة نهاية الخدمة) ويتضح أنه ليس من بينها المادة ٦١، بل جاءت المادة ٦١ تحت عنوان آخر هو: نظام وظروف العمل، وواضح أن الموضوعين مختلفين تمام الإختلاف

لذا من المهم الاستشهاد هنا بالمادة ٥٠ التي تنص على ما يلي
 ﻳﻨﺘﻬﻲ ﻋﻘﺪ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻷﺣﻮاﻝ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ:  ﺃ- ﺻﺪﻭﺭ ﺣﻜﻢ ﻧﻬﺎﺋﻲ ﺑﺈﺷﻬﺎﺭ ﺇﻓﻼﺱ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻌﻤﻞ. ﺏ- ﺇﻏﻼﻕ اﻟﻤﻨﺸﺄﺓ ﻧﻬﺎﺋﻴﺎ.  
ﺃﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺑﻴﻊ اﻟﻤﻨﺸﺄﺓ ﺃﻭ ﺇﺩﻣﺎﺟﻬﺎ ﻓﻲ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﺃﻭ اﻧﺘﻘﺎﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﻤﻴﺮاﺙ ﺃﻭ اﻟﻬﺒﺔ ﺃﻭ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﺘﺼﺮﻓﺎﺕ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ، ﻓﺈﻥ ﻋﻘﺪ اﻟﻌﻤﻞ ﻳﺴﺮﻱ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺨﻠﻒ ﺑﺎﻟﺸﺮﻭﻁ ﺫاﺗﻬﺎ اﻟﻮاﺭﺩﺓ ﻓﻴﻪ، ﻭﺗﻨﺘﻘﻞ اﻟﺘﺰاﻣﺎﺕ ﻭﺣﻘﻮﻕ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﺗﺠﺎﻩ اﻟﻌﻤﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺬﻱ ﺣﻞ ﻣﺤﻠﻪ. 

وما يلي هي ملاحظاتي

أولا
لا يمكن تفسير م٦١ من قانون العمل في الكويت بمعزل عن م ٥٠ (ﻳﻨﺘﻬﻲ ﻋﻘﺪ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻷﺣﻮاﻝ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ: ﺃ- ﺻﺪﻭﺭ ﺣﻜﻢ ﻧﻬﺎﺋﻲ ﺑﺈﺷﻬﺎﺭ ﺇﻓﻼﺱ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻌﻤﻞ. ﺏ- ﺇﻏﻼﻕ اﻟﻤﻨﺸﺄﺓ ﻧﻬﺎﺋﻴﺎ.) مع أهمية ملاحظة أن المادة ٦١ جاءت بكلمة عمال جمع وليس مفرد
ثانيا
م٦١ قانون العمل في الكويت تلزم رب العمل بدفع اجور عماله ﻃﻮاﻝ ﻓﺘﺮﺓ ﺗﻌﻄﻴﻞ اﻟﻤﻨﺸﺄﺓ ... ﻃﺎﻟﻤﺎ ﺭﻏﺐ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﺳﺘﻤﺮاﺭ ﻋﻤﻠﻬﻢ ﻟﺪﻳﻪ اي(طالما رغب في استمرارنشاطه لااغلاق المنشأة نهائياً وانهاء عقود العمال وفقاً للمادة ٥٠)
ثالثا
تفسير م٦١  في ضوء م٥٠ يتفق والمبدأ الفقهي الإسلامي الغرم بالغنم- أي إن مَن ينال نفع شيء (اي المنشأة) يجب أن يتحمل ضررَه- فلا يُعقل أن يسمح القانون بوقف دفع أجر وإنهاء عقدعمل في الظروف الحالية التي لا يتصور معها أن 
يجد العامل فرصة عمل أخرى-والله أعلم