Wednesday, July 3, 2019

الامتداد الاقليمي لقانون الاتجار بالبشر المصري The Extraterritorial Reach of the Egyptian Law for Combating Human Trafficking



هل يسري القانون المصري لمكافحة الاتجار بالبشر (رقم ٦٤ لسنة ٢٠١٠) على الجرائم الواقعة في مصر فقط أم يمتد إلي الجرائم التي تقع خارجها أيضاً؟ الإجابة هي أن القانون يمتد ليسري على بعض الجرائم التي تقع خارجها، وهو ما يعرف في فقه القانون بالامتداد الاقليمي (او الامتداد خارج الاقليم الوطني) للقانون المحلي. وتفصيل ذلك على ما يلي

هذا السؤال يتعلق بموضوع تطبييق القاعدة القانونية (العقابية) من حيث المكان

والأصل أو المبدأ الأول الذي يحكم هذا الموضوع هو ما يعرف بمبدأ الاقليمية- ويقصد به أن القاعدة القانونية تسري في الاقليم الذي صدر فيه القانون المتضمن لهذه القاعدة. وبالتالي، يسري قانون العقوبات المصري على كل من يرتكب جريمة في الاقليم المصري. هذا هو المبدأ، مع أهمية ملاحظة أن هناك شرح تفصيلي ضروري للكلمات التالية: يرتكب وجريمة والاقليم المصري. هذا المبدأ يتطلب فقط أن تقع الجريمة (كلها أو بعضها) على الاقليم المصري، بعض النظر عن جنسية أي شخص سواء الجاني أو المجني عليه

ويكمل هذا المبدأ مبدأ ثاني هو مبدأ الشخصية. فبالنظر لوجود حالات لا تقع فيها الجريمة في  الاقليم المصري، ولمنع إفلات الجاني من العقاب، فإن مبدأ الشخصية يسمح بإمتداد سريان القاعدة القانونية على الجرائم التي تقع خارج الاقليم المصري وذلك إذا كان الجاني مصري الجنسية (الشق الإيجابي لمبدأ الشخصية) أو المجني عليه مصري الجنسية (الشق السلبي لمبدأ الشخصية). ومن المهم ملاحظة أن جنسية الجاني أو المجني عليه المصرية لا تكفي وحدها لسريان القانون المصري على الجرائم التي ترتكب خارج مصر، بل لابد من توافر شروط وحالات محددة، ولابد من تعاون السلطات الأجنبية لملاحقة الجناة

واستكمالاً لما سبق، هناك مبدأ ثالث هو مبدأ العينية. فهناك حالات لا تقع فيها الجريمة في الاقليم المصري، وفيها لا تتوافر الجنسية المصرية سواء في الجاني أو المجني عليه أو لا تتوافر باقي شروط تطبيق مبدأ الشخصية، فيمكن أن يمتد نطاق تطبيق القانون المصري إلي هذه الجرائم التي تقع خارج مصر إذا ما توافرت شروط وحالات تطبيق مبدأ العينية. والمقصود به أن الجريمة تشكل تهديد مباشر للمصالح الجوهرية للدولة المصرية. وبالتالي، لابد من توافر شروط وحالات تطبيق مبدأ العينية، ولابد من تعاون السلطات الأجنبية لملاحقة الجناة

أما المبدأ الرابع هو مبدأ العالمية. والمقصود بمبدأ عالمية النص الجنائي هو سريان القانون الوطني على جرائم مرتكبة خارج إقليم الدولة، بواسطة جناة لا يحملون جنسية هذه الدولة، ضد مجني عليهم لا يحملون جنسية هذه الدولة، ولا تشكل الجريمة التي وقعت تهديداً مباشراً للمصالح الجوهرية لهذه الدولة

وبتطبيق ما سبق على قانون مكافحة الاتجار بالبشر المصري، نجد أن المشرع قد قرر أحكاماً  تتعلق بمبدأ الإقليمية وبمبدأ الشخصية (في شقه السلبي) ومبدأ العينية و مبدأ العالمية. فتنص المادة ١٦ منه على ما يلي
مع مراعاة حكم المادة (٤) من قانون العقوبات، تسري أحكام هذا القانون على كل من ارتكب خارج جمهورية مصر العربية من غير المصريين جريمة الاتجار بالبشر المنصوص عليها في المادتين ٥ و ٦ منه ، متى كان الفعل معاقباً عليه في الدولة التي وقع فيها تحت أي وصف قانوني، وذلك في أي من الأحوال الآتية ١) إذا إذا ارتكبت الجريمة علي متن وسيلة من وسائل النقل الجوي أو البري أو المائي وكانت مسجلة لدى جمهورية مصر العربية أو تحمل علمها ٢) إذا كان المجني عليهم أو أحدهم مصرياً ٣) إذا تم الإعداد للجريمة أو التخطيط أو التوجيه أو الإشراف عليها أو تمويلها في جمهورية مصر العربية ٤) إذا ارتكبت الجريمة بواسطة جماعة إجرامية منظمة تمارس أنشطة إجرامية في أكثر من دولة من بينها جمهورية مصر العربية  ٥) إذا كان من شأن الجريمة إلحاق ضرر بأي من مواطني جمهورية مصر العربية أو المقيمين فيها أو بأمنها أو بأي من مصالحها في الداخل أو الخارج ٦) إذا وجد مرتكب الجريمة في جمهورية مصر العربية، بعد ارتكابها ولم يتم تسليمه

والبند (١) يشكل تطبيقاً لمبدأ الأقليمية، بينما البند (٢) يشكل تطبيقاً لمبدأ الشخصية- في شقه السلبي-، والبند (٣) تطبيقاً لمبدأ الأقليمية، والبند (٤) تطبيقاً لمبدأ العينية (حيث أن الجريمة نفسها لم تقع في الاقليم المصري، ولكن وجود جماعة إجرامية منظمة يشكل تهديداً مباشراً حتى ولو كان نشاطها الإجرامي موجه خارج مصر)، والبند (٥) مزيجاً من الشخصية والعينية، والبند (٦) تطبيقاً لمبدأ العالمية