Saturday, July 20, 2019

حسين الشافعي والانقلاب الصامت ٦٢



هل صرح حسين الشافعي النائب الأسبق لرئيس الجمهورية جمال عبد الناصر بأن ما حدث عام ١٩٦٢ هو انقلاب صامت انتقل فيه جزء خفي من السلطة إلي المؤسسة العسكرية؟ نعم صرح به فعلاً في مقابلته مع أحمد منصور في برنامج شاهد علي العصر عام ١٩٩٩، والذي زاد من وعي كثير من المصريين بتاريخ بلادهم، وما يلي هي كلمات الشافعي رحمه الله

١
بعد الانفصال عن سوريا، أراد عبد الناصر أن يضع عبد الحكيم في حجمه بحيث لا يتجاوز حدوده داخل القوات المسلحة، وألا يتجاوز السلطة في مسائل الانتدابات والانتقالات خاصة في الرتب العسكرية الرئيسية مثل قائد كتيبة فأعلى ومثل رتبة عقيد فأعلى. المؤسسة العسكرية كانت تريد إبعاد الجميع خاصة أعضاء مجلس الثورة قدر الاستطاعة 
٢
بعد الانفصال، تم تشكيل مجلس الرئاسة، وكان الهدف من تشكيله عام ١٩٦١ هو احتواء عملية الانفصال ووضع عبد الحكيم في حجمه ووضعه كعضو في مجلس الرئاسة شأنه شأن باقي الأعضاء فيه. وكان أعضاء مجلس الرئاسة هم نفسهم أعضاء مجلس الثورة القدامى، ومعهم اثنين مدنيين وأثنين عسكريين 
...
٣
وفي جلسة تمت مناقشة مشروع بقانون بالخدمة والترقي داخل القوات المسلحة تقدم به عبد الناصر، وكان هدفه الأساسي هو الحد من سلطان عبد الحكيم داخل القوات المسلحة، وجاء فيه تعديل إجرائي شكلي من كلمة القائد العام إلي نائب القائد العام (وهو أمر لن يغير شيئاً طالما عبد الحكيم متخندق داخل القوات المسلحة)، ومعه تعديل موضوعي يجعل مسئولية تعيين القيادات العليا بواسطة مجلس الرئاسة... وكانت هذه الجلسة مهمة جداً 
٤
وشعر عبد الحكيم بحماسة المدافعين عن المصلحة العامة للدولة، فتأثر وتصور أن أعضاء المجلس يريدون التقليل من سلطاته رغم أن الأمر كان لأجل المصلحة العامة، لأن اختيار القيادات مسألة مهمة جداً... فأقترح تأجيل النظر في الموضوع وتم التصويت على إقتراحه، وجاءت الأصوات ٧ ضد التأجيل و٥ مع التأجيل، فسقط اقتراحه بالتأجيل، مما اعتبره عبد الحكيم طعنة موجهة لشخصه، فقام وترك الجلسة واعتصم في بيته، وكانت أزمة شديدة جداً، وتأثر جمال عبد الناصر منها
...
٥
عبد الحكيم أراد مزيد من السلطات بعد ٦٢وبعد هذه المواجهة 
رغم أننا ذهبنا لعبد الناصر وشرحنا له...لكن للأسف الشديد بعدها بيوم اتصل بنا عبد الناصر وأراد منا الذهاب الي عبد
 الحكيم في بيته لأنه يريد تفويت الأزمة كيلا تتفاقم، فذهبنا
٦
في هذا الحدث جرى انقلاب صامت انتقلت فيه السلطة إلي المؤسسة العسكرية، أو جزء كبير من السلطة، أو الجزء الخفي من السلطة، وهو موضوع خطير جدا
...
٧
المهم أني أوضحت الحقيقة لتصل للمواطن، لأن المواطن يوم أن يعرف الحقيقة سيكون ملتزم ومرتبط بدلاً من حالة اللامبالاة وحالة الاحباط الي تعيش فيها الناس، لأن الناس لا تعلم الحقيقة. المهم أن يعرف الشعب والمواطن الحقيقة كي يحس بالانتباه، ويحس أن هذه البلد بلده، ويحس أنه فعلاً (موضع اعتبار)، لأننا طالما بنخفي عنه الحقائق، عمره ما سيكون بنى آدم أو يكون على مستوى المسئولية
...

انتهى الاقتباس من حديث حسين الشافعي رحمه الله
الدروس المستفادة ثلاثة
اولاً- عام ١٩٥٤ تعالت الأصوات المنادية بعودة الجيش إلي ثكناته وترك المدنيين لحكم البلاد ديمقراطياً، وجاء مشروع الدستور وقتها معززاً هذا الاتجاه، فتم الاعتداء على السنهوري وصدر قانون بمنعه من تولى وظائف عامة، ووضع اللواء محمد نجيب تحت الاقامة الجبرية، وصدرت عدة قوانين في ١٩٥٥ أسقطت الحصانة القضائية لقضاة مجلس الدولة، وأخرجت نحو ١٥ قاضياً منه. كان ذلك انقلاب على سيادة القانون أساس الحكم، وأراد عبد الناصر أن يظل حكم مصر في يد الجيش وبقوة السلاح ولا مانع من تغليف قوة السلاح بسيادة صورية لقانون صوري، ولم يتردد أحد أتباعه من التصريح بأن القانون في أجازة، وفعلاً كان القانون -كعلم  له أصوله ومبادئه- في أجازة، حتى وإن بقيت التشريعات كمظهر لقانون شكلي مستمرة
ثانياً- عام ١٩٦٢، لم يمنع تزييف عبد الناصر لقوة القانون من حدوث انقلاب صامت انتقل الجزء الخفي من السلطة إلي المؤسسة العسكرية، كما أوضح حسين الشافعي. فما كان في يد عبد الناصر ليس قوة القانون، بل غلاف قانون مزيف
ثالثاً: عام ١٩٦٧، أنتهى تحكم عبد الحكيم عامر في المؤسسة العسكرية بوفاته، وأصبحت تحت سيطرة عبد الناصر، لكن هذا لم يمنعه من ارتكاب مذبحة القضاة عام ١٩٦٩، عندما رفضوا تسخير قوة حقيقية للقانون لخدمته


 يحكي المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق أنه عين عام 1953 موظف بمجلس الدولة؛ حيث حضر الحادثة الخاصة بالاعتداء علي السنهوري باشا عام 1954، قائلا''كنت في حجرة السنهوري رحمه الله وقت الحادث  وشهدت دماءه علي مكتبه الخاص، كما شاهدت تحطيم المحبرة التي كانت موجودة علي رأسه''.   يضيف ''الجمل'' في شهادته علي الواقعة ''وقد أتي الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إلي المجلس في سيارة جيب ومعه حراسة من البوليس الحربي وقابل في هذا الوقت السيد علي السيد وكان المستشارون وأنا بينهم يتظاهرون ويهتفون ضد الاعتداء علي رئيسهم وقد زار عبد الناصر وكيل المجلس فترة قصيرة، ثم خرج من حجرته وغادر المجلس وهو ينظر بغضب إلي المستشارين الذين كانوا يهتفون بتأييد السنهوري وسيادة القانون''.   ''الجمل'' أضاف ''اتضح أنه تم تدبير هذه المظاهرة الغوغائية من عمال النقل العام بزعامة واحد اسمه صاوي احمد صاوي، وتم دفع 3 ألاف جنيه كما علم في هذا الوقت إلي هذا الرجل الذي قاد عدد من العمال يتجاوز ألف و500 عامل إلي مكتب السنهوري واقتحموه واعتدوا عليه وقد اخذ إلي المستشفي واتهم السنهوري في تحقيق النيابة جمال عبد الناصر وكان الذي نفذ تجميع العمال كل من أتنين من الضباط الأحرار



Image



No photo description available.

Image may contain: text

Image may contain: text