Sunday, July 9, 2017

التجريم الاقتصادي مدخل للعدالة الاجتماعية

لماذا يتشكك بعض المواطنين في سعى الحكومة بجد نحو تحقيق عدالة اجتماعية حقيقية تعوضهم عما يعانوه الآن من ضغوط اقتصادية؟ 

هناك نصوص دستورية وقانونية ذات صلة وثيقة بالعدالة الاقتصادية والاجتماعية وعلى الحكومة (بسلطاتها الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية) اظهار الجدية في وضع هذه النصوص موضع التطبيق. منها مثلا النص الدستوري المتعلق بالضريبة التصاعدية ونص قانون الشركات المتعلق بتوزيع الارباح على عمال الشركات ونصوص قانون حماية المنافسة 

اما بالنسبة لقانون الشركات، فمثلا في اخر عهد مبارك حققت مصر معدل نمو يصل الي ٧٪ ولكن الارباح لم تصل الي المواطنين الذين ساهموا في تحقيق هذه الارباح بعرقهم وبجهدهم وصبرهم. وهناك شركات ظلت لما يقرب من عشر سنوات بدون توزيع ارباح العمال ومن العمال من غادر الي عمل اخر خلال هذه المدة ويغلب ان يضيع حقه 

واما بالنسبة لقانون المنافسة، وما تعانيه مصر الان من احتكارات، يستدعي الي ذهني اول قضية احتكار شهدتها مصر ضد عشرين مسئولا في تسع شركات اسمنت عام ٢٠٠٩. القضية وقتها انتهت الي تغريم كل منهم اقصى حد للغرامة (عشرة مليون لكل منهم) اي اجمالي ٢٠٠ مليون جنيه مصري. رغم ان المبلغ يبدو كبيرا الا ان الحقيقة ان هذه الغرامة تمثل قيمة ضئيلة مقابل الضرر الذي الحقوه بالاقتصاد الوطني وبالمواطنين. وهو ما يفسر المحاولات العديدة التي تبناها وزير التجارة والصناعة السابق المهندس رشيد محمد رشيد لتعديل نصوص قانون المنافسة بما تضمنته من غرامة هزيلة. انظر مثلا تصريحه بجريدة الوطني اليوم بتاريخ ٤ اغسطس ٢٠٠٩ والذي قال فيه 
لو أخذت الحكومة بتعديل قانون الإحتكار لغرمت شركات الاسمنت 6 مليار لا 200 مليون 
تخيل الفارق الضخم بين المبلغين. ولعل من المهم ايضا قراءة حكم جنح النقض الذي ناشد المشرع جعل هذه المخالفة جناية لخطورتها. وفوق هذه الغرامة الجنائية التي تؤول لخزانة الدولة اي الي المواطنين عامة، هناك اليات قانونية تسمح لمن تضرر بصفة خاصة من هذه الجرائم ان يقاضي المتسبب ويطالبه بتعويض مدني 

لو استمرت الحكومة فيما تفعله من الضغط على الموارد المحدودة للمواطن، وناشدته الصبر وبالفعل صبر، وتحسن الاقتصاد وزاد معدل النمو،  كيف يضمن المواطن انه سينال نصيبه من العائد؟ اخشى ان عدم اهتمام الحكومة بالجرائم الاقتصادية، سيفتح المجال لتكرار سيناريو ما حدث ايام مبارك، فهناك ارباح تتحقق للوطن لكنها لا تصل للمواطن العادي، لانها تجمعت في يد قلة قليلة تستفيد من ركوبة مجانية على ظهر الوطن والمواطن ومن اهتمام الحكومة بالاصلاح المالي رغم ان المشكلة هي الاصلاح الاقتصادي كما كتب الدكتور زياد بهاء الدين في الشروق. والله اعلم