Thursday, May 14, 2015

محامى الشعب الامريكي ٣

انجازات ايريك هولدر عديدة وتركت بصمة فى عدة ولايات. ميزة هولدر انه رتب اولوياته واحسن استغلال موارده البشرية والمالية فى تحقيق هذه الاولويات بدون التحرك عشوائيا والإنشغال بالأعمال الروتينية اليومية فى وزارة العدل. على قمة اولويات هولدر كان هناك ملفين أثنين مهمين.

الملف الاول كان دعم وزارته للحقوق المدنية التى يحميها الدستور الفيدرالى خاصة من افتئات الولايات عليها او الحكومة الفيدرالية نفسها. على سبيل المثال، خصصت وزارة العدل تحت ادارة هولدر قدرا لا بأس به من مواردها لمقاضاة حكومات الولايات والطعن فى بعض القوانين المقيدة للحق فى التصويت. من الولايات التى اصدرت مثل هذه القوانين وخاصمتها وزارة العدل الفيدرالية اما ابتداءا او انضماما لاطراف اخرى ولاية تكساس وكارولينا الشمالية والجنوبية واوهايو وويسكنسون. تحت هذا الملف ايضا، يحسب لهولدر ان وزارته اجبرت مكتب التحقيقات الفيدرالية على تسجيل تحقيقاتهم صوت وصورة ليضبط ممارسات المكتب تحت رقابة وزارة العدل

الملف الثانى كان ملاحقة المسؤولين عن الازمة المالية التى ضربت الإقتصاد الأمريكي عام ٢٠٠٨ وما بعده. هذا الملف من التعقيد بحيث انه مزيج من ايجابيات إدارة هولدر وسلبياتها فى نفس الوقت. على سبيل المثال، نجحت وزارة عدل هولدر فى عقد تسويات قضائية ضمت غرامات مالية هى الأضخم فى التاريخ الأمريكي. بلغت التسوية مع بنك اوف اميركا ١٦ مليار دولار ومع جيه بى مورجان  ١٣ مليار دولار. التسوية ضمت ايضا بنود رقابية وبرامج امتثال ومحاسبة لضمان عدم تكرار ما حدث. اما من الناحية السلبية، فيؤخذ عليه ان وزارته لم تقاضى اشخاص جنائيا رغم تورطهم فى تضليل المستثمرين بشأن ما اطلق عليه فيما بعد الاصول المسمومة toxic assets فى ادبيات التقاضى المرتبطة بالأزمة المالية

فى جميع الاحوال، وبمناسبة مغادرة ايريك هولدر للوزارة، تم اعداد كشف حساب عن نشاط الوزارة على جميع المستويات سواء تعلقت بالامن القومى والارهاب او جرائم العنف او الغش المالى او حماية الفئات الضعيفة بالمجتمع او جرائم البيئة والصحة والسلامة.

منذ ايام تقدم وزير العدل المصرى بإستقالته إستجابه لضغط الرأى العام بعدما صرح فى حوار صحفى برأيه فيمن يجوز ان ينضم لمهنة القضاء. تحديدا صرح الوزير انه لا يمكن لابن عامل النظافة ان يصبح قاضيا بالنظر للهيبة التى يحتاجها المنصب. حسنا فعل الوزير بالإستقالة. قبل تعيين وزيرا جديدا للعدل نتمنى ان نرى كشف حساب تصدره الوزاره عن انجازاتها خلال ادارة الوزير السابق. نتمنى ان نرى ميزانية الوزارة لتقييمها وفق معايير الإدارة الرشيدة. اتمنى وزيرا له مهمة وحيدة وهى قيادة الوزارة خلال مرحلة انتقالية تنتقل فيها ملفاتها تدريجيا اما الى احدى المحاكم العليا الثلاثة (لو ان للملف طبيعة قضائية غالبة مثلما حدث مع ملف التفتيش القضائى منذ فترة قصيرة) واما الى النيابة العامة (لو ان للملف طبيعة تنفيذية غالبة مثلما هو الحال الان فى ملف الرقابة على السجون مثلا)