Friday, July 11, 2014

‎الحس الإقتصادى والعدالة الجنائية

‎الحس الإقتصادى والعدالة الجنائية

‎الأزمة الإقتصادية  الحالية التى تشهدها مصر تلقى بظلالها على قطاعات عديدة ولعلها فرصة جيدة لإعادة النظر فى العديد من الممارسات المؤسسية التى تأصلت فى حياتنا والتى تستهلك من مواردنا قدر ليس بالقليل وهناك مجال لترشيد الإنفاق بشأنها. ولعل منظومة العدالة الجنائية من ابرز هذه القطاعات. إقتصاديات العدالة الجنائية من المسائل التى تحتاج إلى دراسات جادة التى اتمنى أن أراها فى المستقبل لكن الوضع الحالى يستدعى المبادرة وتنمية الحس الإقتصادى لصناع القرار فى هذه المنظومة لتكون قراراتهم رائدة وتصبح هى محل تقييم اى دراسات مستقبلية فى هذا المجال

‎منظومة العدالة الجنائية فى مصر تضم مؤسسات عدة. قد يبدو للوهلة الاولى انها مستقلة عن بعضها لكن من الناحية العملية ونظرا لإنشغالها بأمور مشتركة فإن أعمالها تتقاطع ويصبح التنسيق فيما بينها امر محمود بل ومطلوب إذا كان هذا التنسيق يؤدى إلى توفير موارد المجتمع. فى مصر، هناك عدة مؤسسات تساهم فى منظومة العدالة الجنائية، بعضها يمارس أدوار رئيسية وأخرى تمارس أدوار فرعية ومن المهم التركيز على إقتصاديات المؤسسات الرئيسية والتى ينعكس أدائها المالى-بمرور الوقت- على المؤسسات الفرعية. بصفة عامة فإن تحقيق العدالة- جنائية أو غيرها- يستدعى تواجد عناصر أربعة أساسية: قاضى ومحكمة وشهود وتشريع. ومن هذه المهام الاساسية يتفرع مهام أخرى معاونة فاللقاضى مثلا أعوانه مثلا الخبراء والأطباء الشرعيين وغيرهم. إذن، ينبغى التركيز على اوجه وكيفية الإنفاق فى المؤسسات القائمة على هذه المهام الأربعة وهو ما سينعكس بالتدريج على المؤسسات القائمة على باقى المهام المتصلة بها

مصر تشهد الآن العديد من المحاكمات القانونية وهو أمر محمود طالما توافرت اقصى الضمانات المقررة لتحقيق عدالة ناجزة. السؤال هو كم ننفق لتحقيق هذه العدالة وهل يمكن تقليص إنفاقنا لتحقيق نفس المستوى من العدالة؟ لا اعلم كم ننفق مثلا على تنقلات المتهمين بين محبسهم ومقار المحاكمات لكن ما أعرفه أن العديد من الدول- ومنها الولايات المتحدة- تجاوزت هذا الامر بأن أقرت التشريعات اللازمة وأقامت التقنيات المطلوبة ليتواصل القاضى من جلسته مع المتهم فى محبسه عبر الفيديوكونفرانس مع كفالة كل ضمانات التقاضى. هذا مجرد مثال على تحقيق نفس المستوى من العدالة بأقصى ضماناتها وبأقل كلفة ممكنة. منظومة العدالة الجنائية مليئة بالعديد من الممارسات التى يمكن ترشيدها بإستمرار مما يستدعى ان توكل هذه المهمة الى جهة ما ضمن مهام اخرى مثلما هو الحال مع اللجنة القضائية بمجلس النواب الأمريكي والذى عقد مؤخرا جلسات إستماع لإجراء تغييرات على التشريع الجنائي واستمعت فيها لممثلي عدة جهات- وهو ما سأتناوله ان شاء الله فى مقالة أخرى