Friday, April 4, 2014

بنغازي ودروس الامن القومى الأمريكي


 



رغم مرور سنة ونصف على احداث بنغازي (١١ سبتمبر ٢٠١٢) والتى راح ضحيتها اربعة أمريكيين منهم السفير الأمريكي بليبيا وقتها (كريس ستيفنز)، إلا أن دوائر الإعلام والسياسة الامريكية مازالت مهتمة بها لإستيعاب ما جرى والتعلم من الاخطاء. للوهلة الاولى، بدا الهجوم على القنصلية الامريكية ببنغازي احد مظاهر الغضب الذى شهدته دول مسلمة عديدة والهجود على ثمانية مقار دبلوماسية امريكية فى ثمانية منها كرد فعل على الفيلم المسئ للرسول محمد -ص-. أتضح فيما بعد أن الهجوم على القنصلية ببنغازي لم يكن تظاهراً وغضباً تلقائياً وإنما كان هجوماً مخططا

هذا الخطأ فى توصيف الحدث وعدم إعتباره هجوما منذ البداية ادى إلى فتح عدة تحقيقات منفصله فى عدة أجهزة ولجان منفصلة، منها تحقيق فى وزارة الخارجية، وفى عدة لجان برلمانية (الشئون الخارجية- الشئون القضائية- الإستخبارات- تطوير الحكومة والرقابة عليها). استدعاء ممثلى الاجهزة التى تقوم على شئون الأمن القومى اتاح الفرصة للمتابعين لمعرفة كيف تعمل هذه الاجهزة وكيف تصلح من اخطائها. أحد من تم استدعاءه للشهادة هو مايكل موريل نائب مدير الإستخبارات الامريكية المركزية فى الوقت الذى وقت فيه الاحداث. موريل - ذو الخلفيى المدنية لا العسكرية حاصل عى درجتين جامعيتين فى الإقتصاد- انضم للجهاز عام ١٩٨٠ وترقى حتى وصل لمنصب نائب المدير بل وشغل بصفة مؤقتة منصب المدير عدة مرات

بحسب شهادة موريل فإن للجهاز جناحين: الأول مهمته جمع المعلومات والثانى مهمته تحليلها وإصدار حكمه او تقييمه. ممثل الجهاز بليبيا مثلا وظيفته جمع المعلومات ليقوم آخر (المحلل) بتحليلها فى مقر الجهاز بفرجينيا. ليست مهمة مدير الجهاز او نائبه إصدار الحكم او تقييم الموقف وإنما نقل رأى المحلل كما هو إلى الرئيس الامريكي وفريقه للأمن القومى. يحدث فى الغالب أن يبدي المدير أو نائبه الإتفاق أو الإختلاف مع رأى المحلل. وفى النهاية، يساعد الجهاز فى مراجعة نقاط الحديث/البيان الذى ستتبناه الإدارة الحاكمة

من اسباب اللبس وتضارب البيانات التى صدرت عقب الحادث -من وجهة نظر موريل- انه -رغم التنسيق بين مختلف الأجهزة فى إعداد هذا البيانات- لم تتح فرصة كافية لهذه الاجهزة لهضم واستيعاب كافة المعلومات التى لديها. الفيديو الذى تم تصويره قبل الحادث بواسطة ممثلى وزارة الخارجية لم يكن متاحاً لمن قام بتحليل المعلومات وتقييم الموقف خلال الساعات الاولى من الحادث ولذلك أصر فريق التحليل عى نظريته بأن الحادث رد فعل تلقائى وليس هجوم مخطط له. كمبدأ، لا يفضل الجهاز ان يقوم من يتولى التحليل بجمع المعلومات بنفسه أو الإتصال مباشرة بمن هم على الارض فى موقع الحادث. لاحقاً، عندما تم تحليل الفيديو، قام فريق التحليل بتغيير نظريته وتفسير ما جرى بأنه هجوم مخطط له وليس حادث عارض خلال مظاهرة غاضبة. بالطبع، هذا التباين فى المواقف أتاح المجال للجمهوريين لإنتقاد إدارة أوباما التى دافعت عن نفسها بأن اجهزة الأمن القومى قامت بدورها كما ينبغى وانه لا ينبغى للجمهوريين ممارسة العابهم السياسية على حساب مسائل السياسة العامة وخاصة الامن القومى