Monday, December 14, 2009

العمل الاهلي: من الطوارئ لأمن القانون

دور العمل الاهلي في مصر لم يكن ثابتاً علي مدار تاريخ مصر الحديثة. في فترات التبعية، أقترب العمل الاهلي في مصر من العمل الوطني بدرجة كبيرة -بلغت احياناً حد التطابق- فقامت مجموعات اهلية بدور علمي مثل تأسيس جامعات وطنية، كما قامت بعضها كذلك بدور سياسي، فأحتضنت نقابة مهنية هي نقابة المحامين قضية الإستقلال الوطني. واحياناً، قامت بعضها بدور عسكري، بالهجوم علي معسكرات المحتل الاجنبي. اختلف الامر عقب الاستقلال الوطني، فقد أصبح مستقبل العمل الاهلي في حرفيته المهنية.


هناك عدة مؤسسات تسعي الي ترسيخ مفهوم الدولة القانونية، لكنها بحاجة الي اعتناء ورعاية مجتمعية كي تصقل الوطنية والحرفية المهنية التي تتمتع بها تلك المؤسسات التي تشكل جوهر استمرار واستقرار الدولة بإعتبارها اساس البيروقراطية المصرية. ولأن أولي مقومات الدولة هي امنها الخارجي والداخلي، كانت أولي مؤسسات البيروقراطية المصرية، هي الجيش. وبعد ان ساهم جيش مصر بحصته في العمل الوطني- بإعلانه قيام الجمهورية- عكف علي التخصص في العمل العسكري. بذلك، تأكدت هوية طليعة مؤسسات البيروقراطية المصرية: جيش وطني ومهني محترف، وأولي سمات إحترافه أن خص نفسه بمهام الامن الخارجي، وترك مهام الامن الداخلي لمن يختص بها.


وحملت المؤسسات السيادية في مصر علي عاتقها مهمة الأمن الداخلي، و علي رأسهما مؤسسات العدالة والشرطة، تتولي الاولي تحقيق الأمن "بقوة القانون" كقاعدة عامة، وتتولي الثانية تحقيق الأمن "بقوة السلاح" لطارئ او لضرورة. وفي الوقت الراهن- ونحن علي أعتاب إلغاء حالة الطوارئ الممتدة علي مدار اكثر من ثلاثين عاماً، والإنتقال من مرحلة أمن السلاح إلي مرحلة امن القانون- جاز لنا ان نحتفي بمؤسستي الامن القانوني والامن الشرطي وهما علي أعتاب مرحلة جديدة من الوطنية والحرفية المهنية. ولعل أبرز سمات الإحتراف، هو تمييز الامن العلاجي عن الامن الوقائي.


فإن صدق ما سبق، حملت أجنحة المجتمع الرئيسية (المجتمع الرسمي والمجتمع الاهلي ومجتمع الاعمال) الحفاظ علي الوفاق الوطني في سعيها للإستمرار وللإستقرار والازدهار عبر مؤسسات تنمية رسمية وأهلية وأقتصادية، تنجز العمل المطلوب، وتحسن من ادائها، وتتم محاسبتها علي مدي نجاحها. كل هذا لا يتم إلا عبر ولاء وطني وحرفية مهنية عالية ينبغي ان تتحلي بها مؤسسات المجتمع الرسمي والاهلي والاعمال.