Saturday, November 14, 2009

ورشة عمل: القانون مرآة الديمقراطية

استضافت كلية القانون بجامعة كنساس الأستاذ إيريك بوزنر أستاذ القانون بجامعة شيكاجو لعرض بحثه الأخير عن الخوف من الدكتاتورية. البحث عمل مشترك له مع ادريان فيرميولا أستاذ القانون بجامعة هارفارد ويتولي الضيف عرضه في ورشة عمل تضم هيئة التدريس وباحثي الدكتوراه بالكلية. فكرة المقال الرئيسية هي بحث العوامل التي تحول عمليا دون قيام ادارة دكتاتورية في الولايات المتحدة الامريكية من خلال دراسة مقارنة بين الحالة الامريكية واحوال اخري في فترات زمنية مختلفة وعلي درجات مختلفة لإحتكار القرار السياسي وإنعكاس ذلك علي التنظيم القانوني للدولة.


سعي البحث الي مقارنة العوامل المانعة من قيام ادارة دكتاتورية بالدولة للتوصل الي العامل الأكثر إحتمالا في هذا الصدد. فبدأ بتناول العنصر النفسي للوقاية من الدكتاتورية، ومؤداه ان خشيه المحكومين سواء العامة او الخاصة من ان تؤول إدارة امورهم من ممارسة جماعية الي مسالة إحتكارية تمثل صمام امان يحول دون نمو مظاهر الديكتاتورية في ادارة الدولة. ودلل أصحاب هذا الرأي علي موقفهم، بأن الكونجرس الامريكي غالباً ما يمرر عدة قوانين تمثل رد فعل تشريعي عقب مغادرة اي رئيس –تثير ممارساته لصلاحياته شبهه مدي التزامه بالديمقراطيه- لمنصبه. من ذلك مثلاً، التعديل الدستوري الثاني والعشرين الذي تبني العرف الدستوري المانع من تولي الرئاسة اكثر من فترتين والذي تبناه الكونجرس عقب انتهاء ولاية روزفلت. يذكر ان العرف الدستوري السابق استقر لمدة طويلة الي ان جاء روزفلت مخالفاً إياه فتولي الرئاسة لثلاثة فترات متواصلة. من ذلك أيضاً، مجموعة التشريعات التي تبناها الكونجرس عقب إستقالة نيكسون من منصبه، ومنها قانون ممارسة سلطات الحرب، وقانون الطوارئ الوطنية، وقانون السلطات الإقتصادية في اوقات الطوارئ الدولية.


ثم انتقل الي العنصر المؤسسي للوقاية من الدكتاتورية، متعرضاً لأهمية توزيع السلطات الذي يقيمه التصميم الدستوري للدولة مثل وجود رقابة تشريعية علي شرعية الاعمال التنفيذية، ووجود مراجعة قضائية علي دستورية الأعمال التشريعية. ثم تعرض للعنصر السياسي للوقاية من خلال تناوله لنشاط مجموعات الأفراد غير الرسمية او المركزية، والتي تقدم للدولة تنظيمات هيكلية (كالأحزاب السياسية) وقيم مجتمعية (كالأعراف الدستورية).


الدراسة شيقة من نواح عدة، فهي لاتتناول فقط تدرج تأثير العناصر السابقة علي التنظيم القانوني للدولة الأمريكية بتدرج مراحل نموها السياسي. بل تتناول أيضاً، جانباً مقارناً لدول أخري يعتمد علي دراسة إحصائية لمجموعة أخري من الدول المتقدمة والنامية تمزج عناصر عدة معاً مثل نصيب الموطن من الدخل القومي، ونسبة المواطنين التي تفضل قائداً قوياً علي قائد معتدل وسلطة تنفيذية أكثر قوة من غيرها، ونسبة السلع العامة التي تقدمها الدولة الي باقي السلع. الأرقام التي تقدمها الدراسة مفيدة لفهم العديد من الديمقراطيات الراسخة النامية، الا ان الحذر واجب. كأغلب الدراسات الإحصائية، القراءة الأولي لها تختلف عن القراءة الثانية، حيث تبرز أهمية الخلفيات الثقافية والحضارية لتفسر ما قد يستعصي علي الفهم من خلال الأرقام وحدها.