Monday, January 18, 2021

تقرير /١/ القضاء العسكري

 

 

أدى الحراك السياسي الذي بدأ في مصر في يناير ٢٠١١ إلي نوع من الحوار المجتمعي حول عدة قضايا لم تنل حقها من الأهمية منها مسألة القضاء العسكري ومحاكمة المدنيين أمامه

ويبدو أن هذه المسألة لها عدة أبعاد غير واضحة أدت مثلاً بالمحكمة الدستورية العليا إلي التباطئ في نظر دعوى أمامها تتعلق بهذه المسألة ولفترة طويلة، مما جعلها عرضة للنقد بزعم أن المحكمة مسيسة او انها تلقي تأخذ في اعتبارها مسائل أخرى غير القانون الذي يجب عليها تقييمه بميزان الدستور. لكن البعض الآخر رأى في موقف المحكمة منطق حيث أنها تعرضت لضغط سياسي وقت حكم مبارك وكانت تحمي وجودها وذاتها التي قد يتم العصف بها، مثل الاقتراح بقانون الذي قدمه نائب بورسعيد وعلق عليه القاضي عوض المر في مقدمة مجلد للأحكام أصدرته المحكمة

وتعرضت الجمعية التأسيسية لدستور ٢٠١١ لهذه المسألة ودار حوار ثري بين رئيس الجمعية القاضي الغرياني شيخ القضاة ورئيس محكمة النقض الذي انضم للجمعية بعد انتهاء خدمته بالقضاء، وعددم من ممثلي القوات المسلحة منهم اللواء شاهين واللواء محمد مجد الدين. وهو  ما يعد حواراً مهماً لأنه كشف عن نقاط الاتفاق ونقاط الاختلاف بصراحة وفي ضوء مجال سياسي مفتوح إلي حد ما لتيارات سياسية عديدة

وتعرضت جمعية الخمسين اثناء اعدادها لدستور ٢٠١٢ لهذه المسألة في ضوء مجال سياسي مختلف تماماً عما سبقه

ولعل شهادة الدكتور محمد ابو الغار عن اللغط الذى جرى بعد الاطلاع على النسخة النهائية لمشروع الدستور التي تم توزيعها في حفل عشاء احتفالا بإنتهاء عمل اللجنة اعدته القوات المسلحة بعد اعداد دستور ٢٠١٢ . وقبل الاستفتاء عليه تكشف بعض جوانب اللبس التي شابت الحياة السياسية . وقتها. وكان ذلك يتعلق بجملة (نحن - الآن - نكتب دستوراً يستكمل بناء دولة ديمقراطية حديثة، حكومتها مدنية) التي وردت في ديباجة الدستور والتي تختلف عن جملة (حكمها مدني) والجملتين ذكرهما بطريقة مبهمة رئيس اللجنة السيد عمرو موسى عند التصويت

وفي الحوار الذي جرى بالجمعية التأسيسية أشار اللواء مجد الدين إلي الدستور الألماني والبرازيلي كمثالين لدساتير لدول متقدمة ورد بها . ذكر القضاء العسكري. ومن الملاحظ أن كلا الدوتين نظامهما فيدرالي، ولكل من الاتحاد والولايات سلطات منفصلة.

والدستور البرازيلي الصادر ١٩٨٨ المعدل ٢٠١٤ بالفعل قد اورد في القسم السابع منه في المواد من ١٢٢ الي ١٢٤ ما يتعلق بالقضاء العسكري تحت عنوان المحاكم . العسكرية والقضاة العسكريون. ومن الملاحظ وجود مدنيين في تشكيل هذه المحاكم. وايضاً ان المادة ١٢٤ حددت معيار الاختصاص وقصرته على الجرائم العسكرية، وتركت للقانون تفصيل ذلك. والحقيقة أن البرازيل ليست المثال النموذجي للدول المتقدمة مقارنة مثلاً بألمانيا

وفي الدستور الألماني الصادر ١٩٤٩ المعدل ٢٠١٢ بالفعل في الفصل التاسع بعنوان السلطة القضائية في المواد من ٩٢ الي ١٠٤ تناول في بند من خمس بنود منصوص عليها في المادة ٩٦ ما يخص القضاء العسكري بقوله 

 المادة ٩٦ بعنوان (المحاكم الاتحادية الأخرى) والتي جاءت كما يلي(١. يجوز للاتحاد أن ينشى محكمة اتحادية تختص بشؤون حقوق الملكية الصناعية. ٢. يجوز للإتحاد إنشاء محاكم جنائية عسكرية اتحادية لشؤون القوات المسلحة. ولا يجوز...لشغل مناصب القضاء.٣. وتكون محكمة العدل الاتحادية.. أمن الدولة). ومن الملاحظ مثلاً أن سياق ذكر القضاء العسكري في الدستور الألماني يختلف عن سياق ذكره في الدستور المصري، بل وكذلك إعطاء الدستور الألماني لمحكمة العدل الاتحادية سلطة إعادة النظر في الأحكام التي اقرتها المحاكم الاتحادية التي أجاز الدستور للإتحاد إنشائها، أي ان وجودها جوازي وليس الزامي. ومن الملاحظ أنه الجرائم المذكورة في البند  ٥ تختص بها المحاكم العادية

وكانت الجمعية المصرية للقانون الجنائي قد عقدت مؤتمراً تناول مشروع قانون يتعلق بمسائل تخص القضاء العسكري، واثار فيه السيد رئيس هيئة القضاء العسكري سابقاً نقاطاً هامة

ونحتاج لبحث دساتير دول أخرى مثل فرنسا أو انجلترا حيث أن قانون القضاء المصري يمزج بين هذين النظامين كما جاء في مؤتمر الجمعية المصرية للقانون الجنائي