Tuesday, September 12, 2017

الاجراءات الجنائية والأدلة الرقمية




بمناسبة النقاش الجاري بشأن تعديل قانون الإجراءات الجنائية المصري، أتمنى أن يهتم البرلمان بموضوع الأدلة الرقمية أو الإلكترونية اهتماما بالغاً. القانون الحالي يعود الي عام 1950 أي إلي العهد الملكي. والأدلة الرقمية او الإلكترونية اصبحت ضرورة لا غنى عنها في عالم القانون، وهي لا تقتصر على المستند الإلكتروني بل تشمل كل البيانات والمعلومات التي يتم تخزينها ونقلها عبر وسائط رقمية او الكترونية. وقد قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتعديل في قانون الاجراءات المدنية عام 2006 لتتبنى قواعد محددة تحكم الأدلة الرقمية في ضوء أهميتها المتزايدة 

وفي مصر، هناك طفرة في استخدام الوسائل الإلكترونية في الكشف عن الجرائم، وهناك اهتمام رسمي بإلزام المحال العامة بإستخدام كاميرات مراقبة داخل وخارج المحال. ولذلك، لابد لقانون الاجراءات الجنائية ان يضع قواعد محددة تتعلق بإستخدام الدليل الإلكتروني في الإثبات الجنائي، ولابد من إتاحة الحصول على هذه الأدلة بطرق مرنة وسريعة وفعالة تراعي خصوصية هذه الأدلة 

ولا يقتصر الأمر على الجرائم التقليدية كالقتل والضرب والسرقة، بل يمتد أيضا إلي الجرائم المستحدثة مثل الجرائم المتعلقة بالمنافسة. وعلى سبيل المثال، اصبح هناك نوع عال من التنسيق من خلال وسائل التواصل الاجتماعي بين التجار واصحاب المحال لتثبيت الاسعار فيما بينهم في مخالفة صريحة وقاطعة للمادة (6- أ) من قانون المنافسة رقم 3 لسنة 2005، بل وصل الأمر إلي تجارة قطع غيار السيارات ومحال تصوير الأوراق وبيع مستلزمات المكاتب والمدارس إلخ. هذه الأدلة الإلكترونية قد تساعد في إدانة متهم كما قد تساعد في تبرئة متهم آخر 

وهناك العديد من الحالات الواقعية التي يطلب فيها المتهم السماح له بالحصول على تسجيل كاميرات المراقبة في مكان عام او خاص لإثبات تواجده هناك وقت ارتكاب جريمة تمت في مكان آخر. لكن للأسف، لطول الإجراءات، ومع وجود خاصية المسح الآلي للذاكرة الإلكترونية، قد يستحيل على هذا الشخص إثبات براءته من خلال الدفع بعدم وجوده في مكان الجريمة وقت ارتكابها