Thursday, September 17, 2015

خد ضميرك للتوكيل

هل تتفق معى ان معضلة مصر خلاصتها أزمة إدارة أصلها أزمة ضمير؟ اتفقنا او أختلفنا حول جوهر معضلة مصر، لا أعتقد أننا سنختلف أن لدينا أزمة ضمير. قد نختلف حول تأثيرها وهل تؤثر على الإقتصاد أم لا، وكذلك التعليم وكذلك السياسة، لكن دعنا نتفق أن الضمير بصفه عامه فيه مشكله. فى حياتك اليومية نقاشات لا تنتهى حول مشكلاتنا وأصلها وفصلها وغالبا ما ينتهى النقاش بجمله (كل واحد بقى وضميره). ازمة الضمير إذن حاضرة وبلا لبس.

السؤال الآن: وما الحل لأزمة الضمير؟ الحل ببساطة هو عنوان المقال: خد ضميرك للتوكيل. سيارتك لو أصابها عطل وتخشى عليها من الفنيين الهواة، لن تتردد فى أخذها الى من يفهم خشية عليها ممن يفتى ويهرى ويضيع الوقت والجهد والمال. ضميرك لو فيه مشكله، ارجع للتوكيل بدون عناد او مكابرة. على المستوى الشخصى والأسرى والمهنى، كل منا يحتاج الى وقفه مع ضميره. على مستوى المجتمع، مؤسساتنا الرسمية وغير الرسمية هى نتاج تجمع هرمى من الأفراد إن صلحت ضمائرهم صلحت تلك المؤسسات.


وقفتى مع ضميرى لا تعنى سوى رجوعى الى خالقى سبحانه وتعالى. كلمه ضمير لم ترد بالقرآن لكنها لا تعنى سوى النفس المشار اليها فى قوله تعالى
(وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا*فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا*قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا*وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا). 
وتزكية النفس المشار إليها فى الآية الكريمة هو الإرتقاء بها من درجة إلى درجة. ودرجات النفس كما أوردها القرآن ثلاثة: النفس الأمارة بالسوء والنفس اللوامة والنفس المطمئنة. وتزكية النفس لا يعنى فقط الإرتقاء بها بل أيضا الحفاظ على هذا الإرتقاء بإستمرار أيا كانت الصعوبات التى يمتحننا الله بها. وفى الصلاة -التى هى عماد الدين- نحن نعرض أنفسنا على خالقنا ونذكر أنفسنا مرارا وتكرارا أن الله أكبر. نردد الله أكبر خمس مرات فى كل ركعة فى صلاتنا لكن تزكية النفس أن يتطابق القول مع العمل بأن نثبت أن الله أكبر من كل صعوبة تواجهنا فى حياتنا. جوهر التزكية إذن هو يربى الشخص "نفسه" على أن الله أكبر -قولا وعملا- من رغبات ونزوات ووسوسات "نفسه".

 وكلمه توكيل التى نرددها بالعامية لا تعنى سوى وكيل اى مشرف وقيم. ورغم انها أتت بمواضع عدة بالقرآن إلا انها أتت مطلقة ومعرفة بالألف واللام فى موضع وحيد يصف فيه الله تعالى المؤمنين بقوله 
(الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل).   

أن تأخذ ضميرك للتوكيل معناه أن تعرض "نفسك" على خالقها الذى ألهمها فجورها وتقواها وأوضح لك أن طاعته وتقواه تزكية للنفس ومنهجا للفلاح. إن أفلحنا فى هذه التزكية، خرجنا من طائفة الى طائفة أخرى كما توضح الآية الكريمة: 
(قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)