Monday, September 21, 2015

ضمير مصر فى دستورها


حياة الدول مثل حياة الافراد. وضمير الدول مثل ضمير الافراد أيضا. القرآن لم يذكر الضمير وأنواعه لكنه ذكر النفس الأمارة بالسوء والنفس اللوامة والنفس المطمئنة. ضمير مصر هو حاصل جمع ضمائرنا كلنا أفراد ومؤسسات رسمية وغير رسمية. والأصل أن ضمير مصر مبناه مبادئ وقيم يحتضنها دستور مصر مكتوبا كان أوغير مكتوب ويحميها قضاء مصر الدستورى بأحكام ملزمة لكافة مؤسسات الدولة. هذه الحماية ضرورية لأن التجربة أثبتت أن بعض مؤسسات الدولة تشط وتبنى ضميرا لنفسها يشذ عن الضمير العام لمصر ووزارة الداخلية فى عهد مبارك خير مثال. رغم أننى لمست تغيرا طفيفا فى تعامل الشرطة الحالى مع المواطن فى الشارع وهو أمر محمود، إلا أن المقطع الصوتى المسجل لمحمد إبراهيم وزير الداخلية السابق (وأشتهر بمقطع عرباوى) يثير القلق. ما جاء بالمقطع فيما يخص التعيينات بالشرطة يخالف مبدأ المساواة فى اى دستور مكتوب او غير مكتوب. الضرر من مثل هذه السياسات لا يقتصر على من تعداه التعيين رغم كفاءته ولكن الضرر يمتد الى كفاءة الوزارة نفسها فى القيام بدورها بحرفية ومهنية. مثل هذه السياسات هى نتاج نفوس أمارة بالسوء سواء أدركت ذلك أو لم تدرك بعد. خير دليل على ذلك، أن مثل هذه السياسات لا تدون، وإن دونت فإنها لا تنشر رسميا، فكيف يتظلم منها المتضرر وهى غير موجودة رسميا؟ نحن بحاجة لوزارة للداخلية نفسها لوامة تعترف بأخطاءها وتعتذر عنها وليست نفس أمارة بالسوء تعاند وتكابر وتفجر فى الخصومه. نحن بحاجة لمؤسسات تعتبر الدستور ضميرها وضمير مصر نفسها. الخلاصة، تهميش الدستور ما هو إلا تغييب للضمير وإطلاق العنان لنفوس أماره بالسوء

Thursday, September 17, 2015

خد ضميرك للتوكيل

هل تتفق معى ان معضلة مصر خلاصتها أزمة إدارة أصلها أزمة ضمير؟ اتفقنا او أختلفنا حول جوهر معضلة مصر، لا أعتقد أننا سنختلف أن لدينا أزمة ضمير. قد نختلف حول تأثيرها وهل تؤثر على الإقتصاد أم لا، وكذلك التعليم وكذلك السياسة، لكن دعنا نتفق أن الضمير بصفه عامه فيه مشكله. فى حياتك اليومية نقاشات لا تنتهى حول مشكلاتنا وأصلها وفصلها وغالبا ما ينتهى النقاش بجمله (كل واحد بقى وضميره). ازمة الضمير إذن حاضرة وبلا لبس.

السؤال الآن: وما الحل لأزمة الضمير؟ الحل ببساطة هو عنوان المقال: خد ضميرك للتوكيل. سيارتك لو أصابها عطل وتخشى عليها من الفنيين الهواة، لن تتردد فى أخذها الى من يفهم خشية عليها ممن يفتى ويهرى ويضيع الوقت والجهد والمال. ضميرك لو فيه مشكله، ارجع للتوكيل بدون عناد او مكابرة. على المستوى الشخصى والأسرى والمهنى، كل منا يحتاج الى وقفه مع ضميره. على مستوى المجتمع، مؤسساتنا الرسمية وغير الرسمية هى نتاج تجمع هرمى من الأفراد إن صلحت ضمائرهم صلحت تلك المؤسسات.


وقفتى مع ضميرى لا تعنى سوى رجوعى الى خالقى سبحانه وتعالى. كلمه ضمير لم ترد بالقرآن لكنها لا تعنى سوى النفس المشار اليها فى قوله تعالى
(وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا*فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا*قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا*وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا). 
وتزكية النفس المشار إليها فى الآية الكريمة هو الإرتقاء بها من درجة إلى درجة. ودرجات النفس كما أوردها القرآن ثلاثة: النفس الأمارة بالسوء والنفس اللوامة والنفس المطمئنة. وتزكية النفس لا يعنى فقط الإرتقاء بها بل أيضا الحفاظ على هذا الإرتقاء بإستمرار أيا كانت الصعوبات التى يمتحننا الله بها. وفى الصلاة -التى هى عماد الدين- نحن نعرض أنفسنا على خالقنا ونذكر أنفسنا مرارا وتكرارا أن الله أكبر. نردد الله أكبر خمس مرات فى كل ركعة فى صلاتنا لكن تزكية النفس أن يتطابق القول مع العمل بأن نثبت أن الله أكبر من كل صعوبة تواجهنا فى حياتنا. جوهر التزكية إذن هو يربى الشخص "نفسه" على أن الله أكبر -قولا وعملا- من رغبات ونزوات ووسوسات "نفسه".

 وكلمه توكيل التى نرددها بالعامية لا تعنى سوى وكيل اى مشرف وقيم. ورغم انها أتت بمواضع عدة بالقرآن إلا انها أتت مطلقة ومعرفة بالألف واللام فى موضع وحيد يصف فيه الله تعالى المؤمنين بقوله 
(الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل).   

أن تأخذ ضميرك للتوكيل معناه أن تعرض "نفسك" على خالقها الذى ألهمها فجورها وتقواها وأوضح لك أن طاعته وتقواه تزكية للنفس ومنهجا للفلاح. إن أفلحنا فى هذه التزكية، خرجنا من طائفة الى طائفة أخرى كما توضح الآية الكريمة: 
(قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)

Wednesday, September 16, 2015

الإدارة والضمير

معضلة مصر هذه الأيام هى نفس معضلة مصر من عشر سنوات. احتشدت أعداد شعبية كبيرة مرتين وتبدل الرئيس مرتين وشهدنا أحداث لا تعد ولا تحصى لكن نفس المعضلة: أزمة إدارة أساسها أزمة ضمير. لم يغب العلم عن مصر ولم يختفى العلماء رغم هجرة العديد منهم سواء بالسفر للخارج أو الإنزواء والإنطواء فى الداخل. لم يغب العلم ولا العلماء بصفة عامة لكن غاب التفكير العلمى وترك الساحة لأنواع أخرى من التفكير. المعضلة ليس سببها التآمر على العلم والعلماء ولكن لأسباب عديدة ولنوايا كثيرة منها الحسن ومنها السئ وصلنا الى ما نحن فيه. حتى داخل دور العلم نفسها تجد التفكير العلمى اما مهمشا عمدا او منزويا طواعية. الجامعات التى يفترض أنها قاطرة التنمية تحولت فى بعض أحوالها الى عبء على التنمية. برامج تطوير الجودة والإعتماد تحولت الى عملية تستيف أوراق وسبوبة للبعض. دورات تنمية قدرات هيئة التدريس تحولت الى عملية تعارف إجتماعى وعبء على أعضاء هيئة التدريس الراغبين قولا وفعلا فى تنمية قدراتهم. مرة أخرى، معضلة مصر هى أزمة إدارة أساسها أزمة ضمير ولن تصلح الإدارة ما لم ينصلح الضمير
 

Thursday, September 3, 2015

المدونة وسنينها

منذ اكثر من ست سنوات، بدأت الكتابة بهذه المدونة. وكان الهدف منها واضح ومباشر وخصصت اول تدوينة لتوضيحه. قلت فيها

باختصار الافكار تتدفق و تنقطع فجأة بلا إنذار ادركت ذلك كحقيقة منذ زمن لكني ادركت خطورتها مؤخراً عندما شرعت أصك رسالتي للدكتوراه لذا أردت متنفساً أدون فيه أفكاري و أفكر فيما دونته بعيداً عن كهنوت المتن و الحاشية
اليوم، وبعد الحصول على الدكتوراه بحمد الله، اجدنى اكتب التدوينة الخمسين بعد المائة. مائة وخمسين مرة، وجدت فيها متنفسا لادون فيه افكارى وافكر فيما دونته بعيدا عن كهنوت المتن والحاشية. اليوم، ، ومن بر مصر، مازلت متحمسا للكتابة فيها، لعلها تكون متنفسا لادون فيه افكارى وافكر فيما دونته بعيدا عن اى كهنوت. إن أريد إلا الإصلاح ما أستطعت