Friday, June 15, 2012

انقلاب قضائي على ترزيه القانون




اصدرت المحكمة الدستورية حكمين مازال الجدل بشأنهما دائرا. الاول تعلق بقانون الانتخابات البرلمانية وكشف "بطلان" مجلس الشعب وخلاصته ان الاحزاب السياسية لم يكن يحق لها منافسة المستقلين على مقاعدهم. والثاني تعلق بقانون الحقوق السياسية ورفض حرمان شخص من الترشح للرئاسة وخلاصته ان الحرمان عقوبة تسري بحكم قضائي بعد محاكمة عادلة بدون اثر رجعي

الاختلاف في الرأي بشأن الحكمين طبيعي. هناك جدول زمني للانتخابات وكتابة الدستور وتسليم السلطة. هناك خطط عمل حزبية وانتخابات رئاسية واعباء وطنية بحاجة لمن يعتني بها. هناك اقتصاد يعاني، ونفقات انتخابية رسمية وغير رسمية سيتحملها الجميع مرة اخرى. لكن الاختلاف لا ينبغي ابدا ان يفسد للود قضية

يردد البعض –ومنهم للاسف اهل قانون- ان ما يحدث هو انقلاب. وقرائنه تهديد مبطن - لا نعرف سياقه- من رئيس الوزراء لرئيس البرلمان بحكم دستوري وقرار وزير العدل –لا نعلم اسبابه- بمنح الضبطية القضائية لرتب عسكرية ودعوى قضائية –غير واضح اساسها القانوني- تطالب بحل جماعة الاخوان المسلمين. الواقع ان القانون سلاح في متناول الجميع، يلعنه البعض ان لم يتحقق مراده. وللشاعر احمد مطر قول: من يملك القانون فى أوطاننا يملك حق عزفه. في عهد مضى شهدنا نشاذ قانوني عزفه ترزيه قوانين حزب الاغلبيه

قد نلعن دقة القانون، لكن لنقبل ابجدياته ونجتهد لتغييره وفقا لها. قيل ان الطبيب المبتدئ ان ارهقه تشخيص مرض اعتبره حساسية. وان السياسي المبتدئ ان ارهقه تشخيص مشكلة اعتبرها مؤامرة. لنصدق مع انفسنا ونعترف ان الحكمين الاخيرين خيرهما اكثر من شرهما وان المحكمة الدستورية كشفت عورات صناعة القانون بدون فكر تآمري او انقلابي. من تسعه اشهر حذر قانونيون من عدم دستورية البرلمان لانتهاك تكافؤ الفرص والمساواة . وسبق ان حكمت الدستوريه ببطلان البرلمان مرتين في عهد مبارك- عام 1987- وعام 1990

 لكن لا يصح ان نلعن سياده القانون اونهدر احكام القضاء او نسيس القضاه. لابد للعبة السياسية من قواعد -اي قانون- وإلا كانت سباقا نحو قاع السياسة لا قمتها. المهندس انور صبح درويش تظلم من منافسة احزاب سياسية له على مقعد المستقلين. تظلمه الي مجلس الدولة ثم الدستورية كشف مخالفة النظام الانتخابي لمبدأ دستوري. التظلم من قانون العزل لم يكشف فقط عدة مخالفات دستورية بل ايضا "عدم خفاء امرها على اعضاء المجلس التشريعي-على ما كشفت عنه مضابط مجلس الشعب ذات الصلة- واتجاه المجلس في غالبيته لتجاهلها" كما اوضحت المحكمةالدستورية في حكمها


 

 

Friday, June 8, 2012

القضاء المصري: متى عودة الروح؟






الأيام العشرة الأخيرة هى أكثر من غيرها توضيحا لما يحتاجه القضاء المصري من اصلاح. صدر حكم إدانة مبارك (ووزير داخليته) في الاتهام بالقتل (وبراءة باقي المتهمين كبار ضباط وزارة الداخلية) وبراءة مبارك ونجليه في الاتهام بجرائم مالية تتعلق ببيع الغاز المصري. لم يتم الإفراج عن نجلي مبارك، فقبل صدور الحكم بأيام قليلة، تمت إحالة قرار اتهام نجلي مبارك بجرائم مالية تتعلق ببيع البنك الوطني المصري الي محكمة الجنايات. ايضا، بعض التقارير الصحفية –غير واضح مدى صحتها- اشارت الي عدم الافراج عن بعض كبار مساعدي وزير الداخلية، بسبب تحقيقات متصلة بجرائم إتلاف ادلة. بعدها علق المتحدث الرسمي للمحكمة الدستورية العليا على التقارير الإخبارية المتعلقة بإصدار المحكمة لحكمها فيما يتعلق بدستورية قانون العزل السياسي (واثره على الإنتخابات الرئاسية الجارية) وفيما يتعلق بدستورية قانون الانتخابات البرلمانية (واثره على تشكيل البرلمان القائم حاليا) فنفى مره استعداد المحكمة للبت في الامرين قبل الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة (16-17 يونيو 2012) نظرا لضيق الوقت، ثم عاد بعدها بيومين واعلن ان المحكمة ستعقد جلستها يوم 14 يونيو لتبت في الامرين. اخيرا، تناولت الوسائل الإعلامية تقرير هيئة مفوضي المحكمة (وهي جهة تعد رأيا إستشاريا للمحكمة) والخاص بالطعن في دستورية قانون العزل السياسي. اخيرا، تناولت تقارير اعلامية تقدم نجلي مبارك بطلب للتصالح في الاتهام بإرتكاب جرائم مالية خلال عملية بيع البنك، وغير واضح حاليا مدى صحة هذه التقارير. اخيرا، ادلى رئيس نادي القضاة برأيه فيما ابداه بعض نواب الشعب من رأي –خلال عملهم البرلماني- في الحكم القضائي المتعلق بمبارك وفيما يتعلق ايضا بمشروع قانون السلطة القضائية المعروض على البرلمان، وأدت التصريحات الي موجه مضادة من التصريحات من قضاة ونواب برلمانين على السواء. رئيس مجلس الشعب (الكتاتني) طالب رئيس مجلس القضاء الاعلى (الغرياني) بتوضيح موقفه. القاضي الغرياني –في تصريح مبكر عقب الحكم في قضية مبارك- اوضح ان تطهير القضاء يتم بواسطة القضاة انفسهم من داخل المؤسسة القضائية

ملفات اصلاح المؤسسة القضائية عديدة، لكن ازمة التواصل مع المواطن العادي ومع باقي المؤسسات، بل وفي داخل المؤسسة القضائية نفسها، لا يبدو انها تلقى العناية الكافية، بل انها تشتد في بعض الاحيان لتصبح ازمة ثقة حادة تهدد باقي الملفات الإصلاحية. هل تهتم المؤسسة برفع وعى المواطن العادي بشأن نظام العدالة الجنائية ودور الادلة واثر الشك فيه؟ هل ستشير حيثيات الاحكام الصادرة الجنائية او الدستورية –ولو حتى على سبيل الرأي- الي ما ترى المحكمة ضرورة احترامه وضرورة اصلاحه في الوقت نفسه؟ هل يهتم القضاء بمذكرات اعوانه -غير المحاميين- كي تتواصل حيثيات احكامه مع ذوي المصالح المرتبطه –مثل البرلمان او اللجنة العليا للإنتخابات الرئاسية؟  

ازمة الثقة التي نشهدها حادة، وهى تهدد بناء اي ديموقراطية حقيقية، وهي لا تقتصر فقط على حق التقاضي، بل تظهر بصورة اوضح في ممارسة الحق في التصويت. اي وطني مخلص لا يريد لمصر ديمقراطية هشة مختزله في عملية تصويت اجرائية ستؤدي في النهاية الي إنهيار دستوري توجد فيه مؤسسات او شبه مؤسسات لكنها عاجزة عن التواصل والإجتهاد  لتطويع قدراتها تلبية للإحتياجات العامة المتغيرة بسرعة. جوهر الديمقراطية الحقيقية هو الحق في المعلومة التي تنفي اي جهالة عند ممارسه الحق في التصويت. كلما زادت المعلومة في قيمتها وفي نطاق تداولها، كلما زادت امامنا الخيارات المتاحة كما وكيفا، وكلما ازدادت عملية صنع القرار سرعة وكفاءة، وكلما توازنت اعباء الديمقراطية مع فوائدها، او كما نقول بالعامية: "تجيب همها." القول بغير ذلك، يجعلنا كمن اعتلى سفينة /الديمقراطية معتقدا ان قوته في التجديف /التصويت ستوصله الي ما ينشده، بلا حاجة الي بوصلة /المعلومة

الحق في التقاضي لا يقل اهمية، ولكي يكون الحكم عنوانا لحقيقة، لابد ان يخاطب كافة جوانبها نافيا اي جهالة عنها. مصر مليئة بكفاءات قانونية على مستويات راقية، وقضاء مصر زاخر بهم، لكن المشكلة في قدرة المؤسسة القضائية المصرية على الإجتهاد الجمعى ليرتقي أداء العقل القانوني المصري في مجمله. القضاء يطهر نفسه بنفسه، ليس فقط من انحراف اشخاص، بل ايضا من اعوجاج سياسات قضائية عفا عليها الزمن. قد يكون القضاء للقضاة "فريضة محكمة وسنة متبعة" بالمعنى الوظيفي، لكنه للمواطن البسيط اقرب لسلعة عامة هي الثقة او اليقين، فإن اختلت الثقة العامة في الحق في التقاضي، قام الحق في التظاهر ليسد الفراغ. ليس المطلوب من المؤسسة القضائية ان تتطابق بوصلتها مع توجهات الرأي العام- بفرض امكان قياسه. المطلوب هو ان تحسن قراءة بوصلتها اولا، بما يعنيه ذلك من الإرتقاء بالأداء المتواضع للعقل القانوني المصري الذي يقدس ما هو غير مقدس، والعكس. والمطلوب ثانيا، ان توفي الرأي العام حقه في المعلومة الذي ينبغي ان تنفي اي جهالة عند ممارسته –عبر نائبه العام اوغيره- حقه





 


ما يشمله الحكم القضائي من مجرد رأي عابر Dicta
الانهيار الدستوري Constitutional Breakdown
مذكرات قانونية من اعوان القضاء -اصدقاء المحكمه Amicus Brief
عضو اللجنه العليا للإنتخابات الرئاسيه: أتمنى أن تقول لنا المحكمة (الدستوريه) كيف نطبق حكمها